الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد: الحديث عن السيادة الوطنية

الأسد: الحديث عن السيادة الوطنية

30.07.2015
ميسرة بكور



القدس العربي
الاربعاء 29/7/2015
أضحى مفهوم السيادة الوطنية لدى نظام الصمود والتصدي، وحليفه المقاوم الممانع، وراعيهم الرسمي صاحب شعار "الشيطان الأكبر" يشبه إلى حد بعيد، كوميديا سوداء على مسرح تراجيديا يوميات السوريين النازفة منذ أربع سنوات.
الأول "نظام الأسد"لا يكاد قائد نظامه يستطيع التجول إلا في بعض أحياء من عاصمته، والثاني "حزب الله" يرسل مرتزقته للقتال خارج حدود بلده دون أذن حكومته ذات السيادة على كل مواطنيها، والثالث "ايران" صاحبة شعار "الموت لأمريكا " جعلت أبواب منشآتها النووية مشرعة للتفتيش من قبل المجموعة السداسية من خلال عمليات التفتيش المفاجئة للمفاعلات النووية مرغماً، وفي حال اعتراضها عوقبت كما يعاقب الأبن الضال.
ويحدثونك بمزيد من سذاجة وإستغفال لعقول العامة عن السيادة الوطنية.
بينما ينشغل نظام الأسد وجيشه العربي السوري في تدمير الزبداني على بعد كيلو مترات قليلة من دمشق، ويُنهك قضاؤه العسكري في اصدار أحكام الإعدام بحق إعلاميين ونشطاء سياسين وكتاب رأي في بلد لم يعرف غير رأي الحاكم، وتكتفي قوات أمنه المركزي والجوي والعسكري، بملاحقة النشطاء والمعارضين للنظام القومي.
وفي هذا الوقت كانت مجنزرات الكيان الصهيوني، الجسم السرطاني الذي زرعته الأمبريالية العالمية ودول الاستعمار الأوروبي، لتمزيق أمتنا العربية وأستنزاف مقدراتها ولمنع نهضتها وأتحادها، حسب ما تم تلقيننا اياه في مدارس البعث الأسدية على مدى اربعين عاماً، ينتهك حرمة الوطن ويدوس مقررات الأمم المتحده ومجلس الأمن الدولي وأتفاقية فصل القوات لعام 1974.
هكذا… علناً جهاراً نهاراً على مرأى ومسمع نظام الصمود والتصدي وحليفه حامل راية الممانعة والمقاومة،وثالوثهم "الموت لأمريكا الموت لأسرائيل " نظام ملالي ايران الراعي الرسمي لجوقة البغاء العلني.
للمرة الثانية خلال أقل من شهر يعاود جيش الاحتلال الصهيوني دخول الأراضي السورية ويدمر مخيماً للاجئين السوريين، ويقيم نفق ويضع الأسلاك الشائكة معيداً رسم الحدود بكل أريحية وكأنهم يتجولون في قرية من قرى فلسطين المحتلة التي اصبح أسمها "اسرائيل ".
في هذه الأوقات كان اعلام النظام البعثي الأسدي، يبث الأناشيد الوطنية ويزف للأمة أنتصارات جيشه الباسل على أشلاء أطفال حلب وريف دمشق.
ويحدثونك بمزيد من الثقة بالنفس عن السيادة الوطنية. تعلمون ويعلم الجميع أن أبسط مفهوم للسيادة الوطنية، أن يستطيع نظام الحكم في أي بلد، من السيطرة على حدود بلاده البرية والبحرية ويكون حراً في إدارة البلد ويسيطرعلى مقدراته وثرواته التحتية والفوقية، ويكون حراً في قراراته الوطنية.
في ظل هذا المفهوم المختصر للسيادة الوطنية، نتساءل ويتساءل معنا الجميع ماذا بقي لكم من سيادة.
عندما تعربد الطائرات الاسرائيلية فوق قصر السيد الرئيس وتنتهك أجواء البلد، وتقوم ضفادع بشرية من اختراق سواحله البحرية وقتل أبرز قادتك العسكريين ومهندس مشروعه النووي، حق لنا ولغيرنا أن نسأل ونتساءل ماذا بقي لكم من سيادة؟
عندما يفقد نظام حكم السيطرة على 75% من اراضي بلده ويفقد السيطرة على المنافذ الحدودية مع دول الجوار، ويستجلب المرتزقة والقتلة المأجورين لحماية كرسي حكمه،ويصبح بلده مستباحا امام كل من هب ودب.ماذا بقي له من سيادة؟.
لم يترك ممثلو نظام الأسد الحاكم في دمشق فرصة تتاح لهم في الاعلام أو المحافل الدولية إلا وتحدثوا فيها عن السيادة الوطنية وضرورة احترامها، وأن من يحكم دمشق رئيس منتخب من قبل الشعب ويعمل على حماية وسيادة الوطن. بينما كل الوقائع والشواهد تشير إلى أن نظام الأسد، لم يكن يوماً معنياً بالسيادة الوطنية،بل كان همه الرئيسي أن يحافظ على مملكته "جمهورية العبيد "حتى لو تنازل عن اجزاء من ارض الوطن.
السياده الوطنية لا تعني أن يجلس الحاكم على كرسيه في قصر محاط بسور من الدبابات والجنود، السياده تعني السيطرة على الأقليم براً وبحراً وجواُ، وأن يشعر الإنسان في هذا البلد أنه مواطن وينعم بكافة حقوقه.
عندما يعلن قائد فيلق القدس الايراني "قاسم سليماني " من سوريا أنه سيرسل 7000 مقاتل لحماية دمشق ومن ثم استعادة جسر الشغور "ماذا تبقى من السيادة". إذا صح هذا الخبر وما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن وصول سبعة آلاف مقاتل إيراني إلى دمشق.
مع بداية الحراك السلمي في سوريا ضد حكم بشار الأسد، سارع ذراعه الإعلامي ومسؤولي النظام السياسيين خاصة في الشؤون الخارجيه إلى اتهام دول عربية واجنبية بدعم الارهابيين "هو لفظ يطلقه النظام على الثوار السوريين"، ويعتبرون هذا الدعم هو تدخل في الشؤون الداخلية السورية، وتعدي على السيادة الوطنية. مع تحول الثورة السورية إلى العسكرة وتراجع جيش نظام الأسد، سرعان ما تدخلت ايران بذراعها العسكري اللبناني"حزب الله" بشكل مباشرفي عمليات قمع الشعب السوري بطلب من حكومة بشارالأسد التي نظرت إلى هذا التدخل على أنه رد الدين بعدما قدمه لهم نظام الأسد من دعم، وكأن بشار الأسد، كان يدعمهم من جيبه وليس الشعب السوري.
ثم كيف يمكن لدولة ذات سيادة ان تتحالف مع حزب في دولة ما؟وكيف تسمح لميليشيات هذا الحزب بقمع من هم المفترض شعبه، بل لم يوفر نظام الأسد احد من مرتزقة الحرس الثوري الايراني ومن يدورفي فلكه من كتائب أبوالفضل ومليشيات الصدر وذوالفقار، وعصائب اهل الحق، إلا انه اتى بهم لمقاتلة الشعب السوري،فعن أي سياده تتحدثون؟.
وتحت أي مبرر من مبررات السيادة، يقبل النظام السوري الذي طالما أكد أنه نظام وطني وسيادي ويدين التدخلات،أن يبادل مواطنيه على معتقلين اجانب "ايرانيين"،لم يكن بينهم أي سوري حتى من ضباط النظام المعتقلين لدى المعارضة المسلحة، ربما يعتقد البعض أن ما حدث يمثل فضيحة كبرى للنظام تضاف إلى جملة الفضائح وتكشف مزيد من زيف النظام،الذي يرفع شعار السياده الوطنية، هذا في حال كان النظام وطني ومنتخب من شعب حر.
عندما أعلن التحالف الدولي الذي تقوده امريكا ضد تنظيم الدولة، وبدأت طائراته باستباحة سماء سوريا طولاً وعرضاً، سارع نظام الأسد ومن خلفه وزيرخارجيته إلى الترحيب بقصف طيران التحالف للأراضي السورية، وحاول نظام الأسد أن يعرض نفسه كشريك للتحالف، رغم تجاهل الأمريكيين له، وما زال يلهث وراء ذلك حتى الآن.
بالعودة إلى الخلف قليلاً. نجد أن نظم الأسد الأب والأبن لم يكن يعني لهم مفهوم السيادة الوطنية شيئ غير استمرار سلطتهم بغض النظر عن أي من مقومات السيادة.
لا جديد على نظام يشعر بأن الجغرافية السورية ثقيلة عليه، وكأنها ملك خاص للعائلة، إذا" لا مشكلة في التنازل عن لواء اسكندرونة، ولا التنازل عن الجولان،طالما أن النظام الوطني التقدمي الممانع العروبي صامد في كرسيه.
عندما وقعت الأزمة بين سوريا وتركيا التي كادت تفجّر صراعاً عسكرياً، تمّ التوصل إلى تسوية سياسية في اتفاقية أضنة تخلت بموجبها سوريا "الأسد" عن دعمها لحزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى تخليها عن المطالبة بأراضي اللواء.
طبعاً نفت الجهات الرسمية في سوريا تخلّي النظام عن اللواء، إنما أعلنت أنّ المصلحة السورية تقضي بتأجيل القضايا الخلافية والتطلع إلى التعاون الاقتصادي والسياسي مع تركيا. مع إنسحاب قوات الإحتلال الصهيوني من ارض لبنان، لم يعد هناك مبرر لوجود سلاح مع المليشيات"المقاومة" فما كان من نظام الأسد إلا وتنازل عن منطقة مزارع "شبعا " السورية على الأقل مختلف عليها حسب خرائط الأمم المتحدة، تنازل عنها للبنان من اجل المحافظة على سلاح مليشيا حزب الله.
فعن أي سياده يتحدث نظام الأسد وابواقه الاعلامية.
السيادة تأتي بعد إستقلال الوطن والشعب وهي مرتبطة بحرية. "الإنسان والوطن".
فهل نظام الأسد حر في قراراته وإدارة معركته مع من يسميهم العصابات الأرهابية، وقد أصبح أمراً جلياً أن من يدير العمليات في سوريا الحرس الثوري الأيراني، وغرفة عمليات الحرب على "الزبداني" تدار من حسينية في البقاع اللبناني.
ويحدثونك بفائض من الثقة بالنفس عن السيادة.
 
ميسرة بكور – كاتب وباحث سياسي سوري