الرئيسة \  واحة اللقاء  \  13 مليون طفل عربي بلا مدارس

13 مليون طفل عربي بلا مدارس

14.09.2015
أيمن الصفدي



الغد
الاحد 13/9/2015
كشف تقريرٌ أصدرته منظمة "اليونيسف" أخيراً، كارثيّة الأثر الذي تتركه الصراعات الدموية في العالم العربي على الأطفال. جيلٌ كاملٌ ينشأ خارج المدارس. ما يزيد على ثلاثة عشر مليون طفلٍ عربيٍ محرومين من حقّهم في التعليم بسبب صراعاتٍ دمّرت مدارسهم وشرّدت أعداداً كبيرةً منهم لاجئين.
بينَ أجيال المستقبل سيكون هناك 2.4 مليون طفل سوري، 3 ملايين طفل عراقي، 2 مليون طفل ليبي، 3 ملايين طفل سوداني وحوالي 3 ملايين من أقرانهم اليمنيين، لم يلتحقوا بمدارسَ ولم يقرؤوا كتاباً. سيكبر كثيرٌ من هؤلاء تحت وقع القنابل ومشاهد القتل وفي عوز مخيمات اللجوء.
إضافة إلى هؤلاء، تلتحق أعدادٌ كبيرةٌ بمدارس لا تمتلك المقوّمات الدنيا من الإمكانات، وفي بيئات خطرة لا تُوفّر الاستقرار والأمن اللذين تحتاجهما أيّ عمليةٍ تعليميةٍ ناجعة. وتدفع ملايين أخرى من أطفال العرب ثمن تلكّؤ حكوماتهم في إدخال الإصلاحات التي تضمن تعليماً حديثاً يُنتج أجيالاً قادرةً على التمييز بين الغثّ والسمين وسط ما يواجهون من طروحات، و"تُنظّف" المناهج الدراسية من العفن الفكري الذي اخترقها في غير بلدٍ عربي.
يُدرك الكثيرون في العالم العربي اليوم أنّ العدوّ الأكبر هو الجهل الذي يتمكّن من مجتمعاتهم، فيفكّكها ويتركها صيداً سهلاً لدعاة التخلّف والانقسام والإقصائية الثقافية والسياسية. ويُقرّ الجميع بأنّ الحرب ضدّ الإرهاب هي في الأساس فكريةٌ ثقافية تُخاض في المدارس والإعلام والمنابر العامة.
بيد أنّه في ذُروةِ هذه الحرب الثقافية الضرورة لدحر الفكر الظلامي وهزم عبثيّته، يُترك الملايين من أطفال العرب بلا تعليمٍ يُثقّفهم ويُحصّنهم ضدّ الجهل وتمثّلاته الداعشية والقاعدية.
تستمرُّ الحروب في تدمير بلدانٍ عربيةٍ عجز الإقليم والمجتمع الدولي أو تقاعسا عن إيجاد حلولٍ توقفها. ويُسهم العرب في تدمير مستقبل المنطقة العربية برمّتها إذ لا يتّخذون ما هم قادرون عليه من خطواتٍ لإنقاذ أجيالٍ كاملةٍ سقطت ضحيّةً لهذه الويلات.
يُنفق العرب والمجتمع الدولي مليارات الدولارات على حروب المنطقة، لكنّهم يعجزون عن توفير مئاتٍ من الملايين الكفيلة بتلبية حقّ ضحايا الصراعات من الأطفال في تعليمٍ يُنقذهم من مخالب الجهل ويؤهّلهم لأن يكبروا شباباً قادرين على الإسهام في إعادة بناء بلادهم وإقليمهم عندما تتوقّف الحروب وتنتهي الصراعات.
كارثةٌ حقيقيّةٌ أن ينشأ ثلاثة عشر مليون طفلٍ عربيٍ بلا تعليم. والأنكى أنّها كارثةٌ لا يحتاج تخفيفها ما يتطلّبه وقف الحروب التي سبّبتها وتُفاقمها، من توافقاتٍ دوليةٍ وصفقاتٍ عصيّة، وما يستدعيه وقف نشر الجهل في بعض وسائل الإعلام والمناهج من مواقف وقراراتٍ سياسيةٍ يراها البعض مُكلفةً أو خلافيّة.
كلّ ما يتطلّبه إنقاذ نسبةٍ كبيرةٍ من بين ثلاثة عشر مليونا من شباب الغد العربي هو تخصيص أقلّ من واحدٍ بالمئة مما يُنفق على تمويل الحروب التي سرقت طفولتهم لصندوقٍ إقليمي يبني المدارس في مناطق لجوئهم.