الرئيسة \  تقارير  \  2022 وجه آخر للحرب.. هل علينا أن نثق في تغطية الإعلام الغربي لحرب أوكرانيا؟

2022 وجه آخر للحرب.. هل علينا أن نثق في تغطية الإعلام الغربي لحرب أوكرانيا؟

17.04.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
السبت 16/4/2022
منذ بدء الحرب في أوكرانيا، أو “العملية العسكرية” كما تسميها موسكو، والملاحظ أن الإعلام الغربي ينقل رواية موحدة عن الحرب ومجرياتها، لا تكاد تجد فيها اختلافًا، أو نقلًا لأي شيء يمكن أن يُقوضها، وهو ما يفرض تساؤولات ضرورية حول تلك الصورة، خصوصًا أن الحديث عن الخسارة العسكرية الروسية في أوكرانيا مفيد للغاية بالنسبة للغرب الذي جرب سابقًا إغراق الجيش الأحمر السوفيتي في حرب طويلة الأمد بأفغانستان، ساهمت في إفقاده هيبته في العالم، وهيبة الاتحاد السوفيتي بأكمله أيضًا، ومهدت الطريق نحو انهيار الاتحاد.
فالحرب في أوكرانيا ليست تخاض على الأرض فقط، بل حربًا هجينة تجمع بين القوة العسكرية والرواية الإعلامية، والمعلومات. وبالتالي علينا النظر بشكل أكثر واقعية لهذه الحرب وعدم الاكتفاء بالرواية الغربية عن سير العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ولو لم يتوافر لدينا ما يكفي للوصول إلى رواية أخرى، فلا نزال نستطيع تقديم افتراضات وتساؤولات أخرى، خصوصًا بعد علمنا بأن الولايات المتحدة تتعمد نشر تقارير استخبارية غير مؤكدة عن أمور متعلقة بالحرب لأسباب مختلفة، بينها “إفقاد بوتين لتوازنه”، أو “ردع روسيا” عن استخدام أسلحة نوعية، مثل الترسانة الكيميائية.
آثار الحرب في أوكرانيا
لكن ذلك لا يعني الوثوق بالرواية الروسية، رغم أننا لا نكاد نعرف تفاصيل هذه الرواية؛ فالسلطات الروسية شديدة التكتم في الحديث عن تفاصيل العملية العسكرية، أو مناقشة المعلومات المنشورة عنها، لذا يحاول هذا التقرير تقديم نظرة تساؤلية لما ينشره الإعلام الغربي فقط، دون السقوط في فخ تبني الرواية الروسية.
يتضمن التقرير مناقشة العمليات العسكرية وسيرها على الأرض بتقييم عام لهذه العمليات والتقدم الروسي في المحاور المختلفة، خصوصًا في الفترة الأخيرة، مع التقييم العام للمقاومة الأوكرانية ومدى نجاحها، والصمود الأوكراني بما في ذلك الصمود الشعبي أمام الهجوم الروسي.
الانسحاب الروسي من الشمال.. تعثر روسي أم تكتيك عسكري؟
يطغى خبر الانسحاب الروسي من مناطق استطاع التقدم فيها سابقًا بالشمال الأوكراني على التغطية الإعلامية الغربية لـ”العملية العسكرية” الروسية، وكذلك الإعلان الروسي عن انتهاء المرحلة الأولى من عمليتها العسكرية، والبدء بمرحلة جديدة تتركز فيها الجهود على “تحرير كامل للدونباس”، بعد أن “استطاعت القوات الروسية من تنفيذ أهداف المرحلة الأولى”، والمتمثلة في ضرب البنية التحتية الأوكرانية، وإضعاف ما أسمته “القوات النازية” فيها.
لكن تفسير هذا الانسحاب متباين بين الطرفين؛ فبينما تقول الرواية الغربية إن الانسحاب يعكس الخسائر الكبيرة التي تلقتها روسيا، والفشل في تحقيق السيطرة على مدن الشمال الأوكراني، رغم بقاء الخوف من تكرار الهجوم الروسي على العاصمة الأوكرانية، تؤكد روسيا أن “تخفيض عملياتها العسكرية” هو بادرة حسن نية فيما يخص مفاوضات إسطنبول منذ 29 مارس (آذار) 2022.
فلنتتبع مسار العمليات العسكرية الروسية في كييف وما حولها، منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022 وحتى الانسحاب، بالاعتماد على موقع “مؤسسة دراسة الحرب – Institute for the Study of War”، والذي تعتمده BBC في تغطيتها للحرب، وفي رسم خرائط تقدم الطرفين المتقاتلين على الأرض، والموقع ينشر تقديرًا يوميًا للعمليات العسكرية.
لكن مع عدة ملاحظات يجب أخذها بعين الاعتبار؛ أهمها أن معرفة ما تريده روسيا على الأرض قائمة على النقل من المصادر الغربية وما تتوقعه من سير العمليات في الميدان، لا ما تقوله موسكو نفسها، حتى أن أنباء تولي جنرال جديد لمهام إدارة المسرح الأوكراني لم تصدر عن روسيا نفسها، بل من تقديرات ينقلها الإعلام الغربي، وكذلك الأمر مع كل التوقعات بانتهاء الحرب قريبًا، ولا يعني هذا أن التقديرات الغربية خاطئة بالمطلق، ولكنه يعني أنها غير مؤكدة في نفس الوقت، وتحتاج تدقيقًا، خاصة أنها تقريبًا السردية الوحيدة التي يمكن الوصول إليها.
أولًا: مختصر للأحداث العسكرية حول العاصمة
تبدأ تغطية الحرب منذ يومها الأول بأنباء اختراق الجيش الروسي للحدود الأوكرانية من ثلاثة محاور: شمال، وشرق، وجنوب البلاد، والتقدم نحو الأراضي الأوكرانية بشكل عام، مع التأكيد الغربي منذ الساعات الأولى على تأخر القوات الروسية الغازية لأوكرانيا في المحاور الثلاثة.
كما قالت التغطية الإعلامية الغربية إن المحاولات الروسية الأولى في أوكرانيا بدأت بإنزال جوي لمظليين روس في مطار هوستوميل الحربي شمال كييف، على بعد 20 كيلو مترًا منها، لكن هذا الهجوم فشل في تحقيق هدفه، وكذلك فشلت القوات الروسية في السيطرة على مطار بوريسبيل.
ويبعد مطار هوستوميل 110 كيلو مترات عن بلدة تشيرنوبيل، والتي شهدت أوائل السيطرة العسكرية الروسية على الأرض في أوكرانيا، وهي مسافة غير قليلة نسبيًا، بينما يبعد المطار الآخر 170 كيلو مترًا عن تشيرنوبيل.
أما تشيرنوبيل نفسها فقد سقطت بيد الروس خلال ساعات من بدء الهجوم العسكري، وهي تبعد 22 كيلو مترًا عن أقرب بلدة بيلاروسية عنها بالقرب من الخط السريع، رغم أن جزءًا كبيرًا من تشكيلات الجيش الروسي لم تكن قد دخلت أوكرانيا بعد من جهة الشمال.
لكن موقع “مؤسسة دراسة الحرب” لم يبدأ بنشر خريطة التقدم العسكري الروسي إلا في اليوم التالي، 25 فبراير 2022، وما يظهر من هذه الخريطة هو التقدم الكبير – نسبيًا – للقوات الروسية في الشمال، دون دخول المدن الأوكرانية الكبرى، بل بتجاوزها والسير بعدها، من كييف إلى تشرنيجوف، ورغم ذلك يقول الموقع إن القوات الأوكرانية نجحت في إبطاء القوات الروسية المتقدمة، لذلك لم تستطع هذه القوات دخول المدن الروسية.
وتقوم الفرضية النقيضة على أن الجيش الروسي لا يريد دخول معارك كبرى داخل هذه المدن، بل يرغب في تطويقها، وحصار القوات الأوكرانية داخلها؛ ما يسهل من إمكانية استسلام هذه القوات لاحقًا، وتقليل خسائر الطرفين في هذه العملية، ما سيفيد روسيا كثيرًا، ويمنحها نصرًا بتكلفة أقل، وإن بمدة أطول.
وعلى محور الشمال تحديدًا لا يمكننا أن نقول إن هذه الفرضية أثبتت صحتها بشكل تام؛ فالقوات الروسية لم تتقدم لتطويق كييف بشكل كامل، وأعلنت في النهاية الانسحاب من محيطها، دون أن تتقدم بشكل كبير عما حققته في الأيام الأولى للحرب، وإن تقدمت لاحقًا في محيط كييف، وسيطرت على محيطها من ثلاثة محاور: شمالية، وشرقية، وغربية، دون تطويق جنوبها.
ثانيًا: فرضية أخرى حول جبهة الشمال
عند البحث عن تفاصيل ما وصف بـ”فشل الجيش الروسي”، نجد أن غالبية الأدلة التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية متعلقة بالجبهة الشمالية من العمليات العسكرية الروسية، وخصوصًا الرتل العسكري الضخم قرب كييف، مع بعض الأدلة من الجبهة الشرقية قرب خاركيف.
إذ تعتبر هذه الرواية القافلة العسكرية الضخمة قرب كييف رمزًا لفشل روسي فادح على المستوى اللوجستي، ودليلًا على عدم الإعداد الكافي للحرب قبل دخولها، وتُرجع الرواية هذا “الفشل” إلى عدم وجود خطة روسية أو إلى الفساد في الجيش الروسي؛ أو إلى كلا الأمرين، فضلًا عن “المقاومة الأوكرانية” غير المتوقعة، وهذه الثيمة هي نفسها المتكررة في مصادر غربية كثيرة جدًا (Yahoo News ،Associated  Press  Financial Times ،The Guardian ،BBC… إلخ).
لكن ماذا لو كانت روسيا لم تنو دخول كييف أو على الأقل لم يكن ذلك ضمن أهداف الأيام الأولى من الحرب؟ ماذا لو كانت موسكو أرسلت بقوات أقل تجهيزًا في الشمال إلى كييف متعمدة؛ بهدف منع كييف من إرسال جزء مهم من قواتها إلى جبهات أخرى أكثر أهمية لروسيا؟
بحسب الإعلان الروسي الرسمي فأكثر ما يهم روسيا الآن هو السيطرة على أراضي الدونباس كاملة، وهو أقصى ما نستطيع معرفته من المصادر الروسية نفسها، فلو لم تكن هذه القوات تهدد كييف، لما اضطر الجيش الأوكراني لإبقاء قوات كبيرة في العاصمة وحولها، لحمايتها من خطر السيطرة عليها من طرف الروس، والجيش الأوكراني أصغر من الجيش الروسي بمراحل، وقدرته على القتال في عدة جبهات بالضرورة أقل من قدرة الجيش الروسي، بناء على العدد فقط.
وحتى الآن لم تسحب روسيا كامل قواتها في الشمال الأوكراني؛ ما يعني أن انسحاب جزء ضخم من القوات الأوكرانية من العاصمة يعني تركها تحت التهديد مرة أخرى؛ خصوصًا أن رئيس الشيشان رمضان قاديروف، قال إن القوات الروسية لن تتراجع خطوة واحدة، وستعيد الهجوم على العاصمة وتأخذها لاحقًا، مع غيرها من المدن والبلدات الأوكرانية.
وبالتالي فبينما تستطيع روسيا حشد مزيد من القوات في الجبهة الشرقية والدونباس تحديدًا، تظل أوكرانيا مضطرة على إبقاء جزء كبير من قواتها لحماية الجبهة الشمالية عمومًا، بما في ذلك العاصمة كييف، وكذلك تشرنيغوف وسيومي.
بينما تستطيع القوات الروسية – فرضًا – العودة إلى مهاجمة الشمال الأوكراني، بعد تحقيق أهدافها في الجنوب والشرق، بعد أن تتحرر كثير من القوات الروسية من عبء المعارك في تلك المناطق، ويصبح من السهل تفريغها لمهام في مناطق أخرى لاحقًا.
وقد يكون حديث قاديروف مجرد استكمال “للخديعة” الروسية، لجعل المعارك في مناطق أخرى من أوكرانيا أسهل، فمقابل كل الأنباء الغربية عن الفشل الروسي في الشمال؛ تستطيع روسيا أن تكسب على الأرض أكثر، وفي جبهات قد تعنيها أكثر من غيرها. بالطبع ليس بالضرورة أن يكون هذا السيناريو هو السيناريو الحقيقي لكنه سيناريو محتمل.
جبهة الجنوب والشرق.. التقدم الروسي الأقل تغطية غربيًا
في اليوم الأول للحرب في أوكرانيا؛ استطاع الجيش الروسي التقدم 60 كيلو مترًا في الجنوب، مسيطرًا على مدينة خيرسون بعد تقدمه من شبه جزيرة القرم، وتظهر خارطة اليوم الثاني للحرب بدء التوجه نحو الشمال والغرب والشرق من شبه جزيرة القرم.
لكن هذا التقدم من الجنوب لم يرافقه تقدم كبير في الدونباس، والذي يحتوي على جزء كبير من الجيش الأوكراني والقوات اليمينية الموالية له، والمتركزة هناك بسبب الحرب الدائرة منذ عام 2014 في المنطقة الشرقية، والتي يقطنها عدد كبير من الناطقين بالروسية.
لكن ومع اليوم الأول من مارس 2022، استطاعت القوات الروسية المتقدمة من الجبهتين الالتحام في ماريوبول، وبدء إطباق الحصار عليها، أي بعد خمسة أيام من المعارك فقط، لتبدأ القوات الروسية بتحقيق ربط شبه جزيرة القرم بالدونباس؛ وبالتالي بالأراضي الروسية نفسها.
لكن الخرائط الغربية بقيت متشككة في صحة ذلك، واكتفت بنقل التصريحات الروسية حول السيطرة العسكرية على الأرض، دون تأكيد ذلك حتى اليوم التالي، لتتسع الأراضي المُسيطر عليها من طرف الروس بشكل مستمر في الأيام القادمة في اليوم الثالث من مارس، واليوم الخامس، واليوم التاسع، وإن بصورة بطيئة.
في اليوم الحادي عشر من أبريل (نيسان) 2022، بدأت القوات الروسية بالتقدم لتطويق مناطق تسيطر عليها القوات الأوكرانية في الجنوب، شمالي مدينة ماريوبول، واستطاعت بالفعل الالتحام والتطويق، ثم تمكنت في 13 أبريل من السيطرة على كامل الأراضي المطوقة بحسب الخرائط نفسها.
وجرت الحرب في أوكرانيا الخميس 14 أبريل 2022، لتتوج سيطرة روسيا على كامل الأراضي المحاذية لحدودها وشبه جزيرة القرم في الشرق والجنوب، من محيط خاركيف وحتى أطراف ميكولايف، والمسافة بينهما بأقصر الطرق البرية 670 كيلو مترًا.
كل ذلك دون السيطرة على أي مدينة كبرى في أوكرانيا؛ ربما باستثناء ماريوبول، والتي بقيت فيها جيوب مقاومة صغيرة للأوكرانيين، محاصرة وسط محيط ضخم من القوات الروسية، والتي لم تستطع إنهاء المعركة بشكل نهائي بعد، رغم تأكيد القوات الروسية لاستسلام ألف جندي أوكراني بعد انتهاء ذخائرهم بسبب الحصار.
وإذا كان التركيز الروسي في الفترة القادمة منصبًا على الجبهة الشرقية من أوكرانيا؛ فذلك يعني أن المعارك الضخمة القادمة قد تكون حول خاركيف، وبالتحديد في المنطقة الواقعة جنوب خاركيف، وأقرب للأراضي المسيطر عليها من “جمهوريتي دونتسك ولوهانسك”، وإمكانية تقدم القوات الروسية والتحامها بين “إزيوم” و “بوبسانا”.
وإذا استطاعت روسيا التقدم والالتحام بين قواتها في هاتين المنطقتين؛ فهذا يعني عزل مزيد من القوات الأوكرانية في الشرق، وربما تحييد هذه القوات بشكل مريح، ودون الحاجة إلى معارك كبرى، بل ربما حصار طويل نسبيا، مع استمرار التقدم والتطويق، حتى السيطرة على كامل الأرض.
أما خاركيف فهي على موعد مع قافلة عسكرية أخرى، طولها 13 كيلو مترًا متوجهة نحو المدينة من الشرق، ويمكننا تتبع مسار هذه القافلة، وعموم التقدم العسكري الروسي حول خاركيف في الأيام القادمة، ومقارنة ذلك بما حصل حول كييف مثلًا، فإن لم يحدث ما حدث مع قافلة كييف، فذلك قد يعني أن الروس تعمدوا عدم دخول العاصمة، وقد يعني أيضًا أن الروس تعلموا من أخطائهم خلال الخمسين يومًا الماضية.
لكن التغطية الغربية لهذه الجبهة أضعف بكثير من تغطية جبهة كييف، على الأقل قبل إعلان الانسحاب من محيطها، والمقصود هو التغطية التفصيلية طبعًا، فكل الإعلام العالمي يتحدث ولو بالعموم عمّا يحصل في كل منطقة في أوكرانيا.
كيف نقيم الحرب؟
حتى لو انتصرت روسيا في أوكرانيا بشكل لا يمكن إنكاره؛ لن يكون هذا الانتصار مشابهًا للانتصار الأمريكي في العراق في فترته الأول – مثلًا، وقبل بدء المقاومة العراقية التي كبدت أمريكا خسائر كبرى في العراق، فالجيش الروسي ليس مقاربًا للجيش الأمريكي، والذي كان إلى جانبه تحالف غربي شبه كامل في العراق، واختلاف موازين القوى بين أطراف الحربين.
ولكن كيف يمكننا أن نقيم حربًا ما؟ كيف يمكن أن نقول إن طرفًا ما هو المنتصر أو الآخر هو الخاسر في هذه الحرب أو تلك؟ إذ يختلف الأمر باختلاف معايير التقييم؛ فالأوكرانيون والغرب من ورائهم يعتبرون ما حصل حتى الآن انتصارًا لأوكرانيا، فهم يقارنون بين الفرق الهائل في القوة بين الطرفين، وبين تقديراتهم عن الخسائر الروسية في أوكرانيا.
لكن عدد هذه الخسائر متباين بشدة بين الأطراف المختلفة؛ فروسيا قالت في 25 مارس 2022 إنها خسرت 1350 جنديًا تقريبًا، بينما قالت أوكرانيا في ذلك اليوم إنها قتلت 19 ألف جندي روسي، وفي وقت مقارب لذلك قال مسؤول في “حلف شمال الأطلسي (الناتو)” إن تقديراتهم للخسائر الروسية بين 7 – 15 ألف جندي.
فضلًا عن الفرق الكبير بين الحد الأعلى والأقصى لتقديرات الناتو؛ فإن المسؤول في الحلف قال إن المصادر التي اعتمدت لهذه التقديرات هي المصادر الأوكرانية نفسها، وكذلك المصادر الروسية أيضًا، وعلى “مصادر مفتوحة Open Sources” غير معلنة، ومن المنطقي افتراض أن التقديرات الأوكرانية مبالغ فيها، كما أن من المنطقي افتراض أن العدد المعلن من طرف روسيا مبالغ في تقليل شأنه من قبل السلطات.
وتشبه حالة القوات الأوكرانية حالة القوات الروسية من ناحية إعلان عدد القتلى، فأوكرانيا أيضًا لا تعلن بشكل دائم عدد قتلى جنودها، ولكنها أعلنت عن مقتل 1300 جندي في 13 مارس 2022، وأيضًا من الطبيعي الافتراض أن أوكرانيا تبالغ في تقليل عدد خسائرها، تمامًا مثل روسيا.
ويمكن أيضًا قياس مدى النجاح أو الفشل بمدى تطابق ما تحقق على الأرض مع الأهداف المعلنة، لكن روسيا لا تعلن أهدافها بشكل واضح ويمكن قياسه، وقد يكون ذلك مؤشرًا على انعدام الشفافية، لكن يمكن لروسيا أن تدافع عن عدم إعلان أهدافها تفصيليًا بأنه ضرورة عسكرية، تقضي بالحفاظ على هذه الأمور سرًا.
ولكن إذا أردنا قياس نجاح العملية العسكرية بناء على النجاح في السيطرة على أراضٍ أكثر؛ فالأمر واضح ولصالح روسيا، وإن كانت تتقدم ببطء، فمنطق الدول عدم التخلي عن شبر من أراضيها، ومجرد فقدانها خسارة كبيرة في أية حرب، ولكن كل هذه الأمور ستبدأ بالاتضاح أكثر بعد نهاية الحرب، وقد تنتهي الحرب بإعلان الطرفين الانتصار على الآخر، كل بحسب المعيار الذي يرتضيه، وبحسب إعلاناته عن نفسه، وما حققه في الحرب، ليبدأ المحللون بعد ذلك في تقييم مصداقية إعلان كل طرف تحقيق أهدافه.