الرئيسة \  واحة اللقاء  \  4 كتاب روس ل"المدن":سوريا مسلسل لا ينتهي 

4 كتاب روس ل"المدن":سوريا مسلسل لا ينتهي 

14.03.2021
بسام مقداد



المدن 
السبت 13/3/2021 
عشية السنوية الحادية عشرة للأزمة السورية ، تواصلت "المدن" مع عدد من الكتاب الروس المتابعين لشؤون سوريا والمنطقة ، وطرحت عليهم ثلاثة أسئلة : كيف ترى تطور الأزمة السورية ؛ ما رأيك بالإنتخابات الرئاسية القادمة في سوريا ؛ ما هو مستقبل مشاركة روسيا في الحرب السورية . وحرصت "المدن" على تنوع الأراء بشأن سوريا ، وتنوع الاهتمامات المهنية للكتاب ، بين المؤرخ ونائب رئيس حزب "الحرية الشعبية" الليبرالي (بارناس) المعارض أندريه زوبوف ، ومدير قسم الأبحاث في مركز "حوار الحضارات" ألكسي مالاشنكو ، والمعلق في وكالة نوفوستي الرسمية بيتر أكوبوف ، الذي كان إلى وقت غير بعيد نائب رئيس تحرير صحيفة الكرملين ""vz (الرأي Vizglyad) ، والمعلق في صحيفة "NG" شبه المحايدة (الصحيفة المستقلة Nezavisimaya Gazeta) إيغور سوبوتين ، الذي سبق للسفير السوري في موسكو رياض حداد أن إعترض على أكثر من مقالة له وعلى صحيفته ، بما فيها تلك ، التي إستشهد فيها سوبوتين ب "المدن" وبموقع إعلامي آخر .  
المؤرخ أندريه زوبوف ، الذي كانت له غير إطلالة في"المدن" ، لم يأتي على ذكر الإنتخابات الرئاسية في سوريا ، لكنه تحدث في نصه عن روسيا الأخرى ، روسيا ما بعد بوتين ، التي تقف إلى جانب الشعب السوري وتدين له بالإعتذار عن ما إرتكبته سلطة بوتين بحقه . ولذا عنون نصه بالقول "روسيا في النضال من أجل حرية شعب سوريا" ، وقال ، بأنه استبشر خيراً بإنطلاقة الربيع العربي خاصة في سوريا ، حيث "بدا واعداً للغاية الطموح للتحرر من النظام الأسدي الإستبدادي" . 
يقول المؤرخ ، أن المساعدة الروسية"الهائلة لنظام الأسد وإيران" ، هي التي حولت مجرى الحرب وجعلت الأسد ينتصر ويستعيد معظم سوريا . لكن ثمن هذا الإنتصار "كان فظيعاً"وموت مئات آلاف السوريين ، وتهجير الملايين ، والتدمير الكامل لبلد كان غنياً يوماً من الأيام ، "يرزح ، إلى حد كبير، على ضمير بوتين وروسيا ، التي يعمل نيابة عنها" .   
يؤكد زوبوف ، أن المعارضة الروسية "لنظام بوتين" ، بما فيها حزبه بارناس، لم تتوقف عن إدانة التدخل الروسي في الحرب السورية منذ البداية . ويقول ، بأن حزبه يطالب بالإنسحاب الكامل للقوات الروسية ، بما فيها التشكيلات العسكرية الخاصة ، من سوريا وإخلاء القواعد العسكرية .  ويعتقد ، أن على روسيا (بعد بوتين)مع الدول الديموقراطية الأخرى ، أن تضمن ، بالوسائل الدبلوماسية ، إستعادة السلام والأمن للشعب السوري . ويرى ، أنه إذا كان من الضروري لهذه الغاية تشكيل وحدة عسكرية لحفظ السلام من الأمم المتحدة وأوروبا ، فلن تشارك فيها روسيا "لأسباب أخلاقية"، وعليها توفير "ما أمكنها من موارد" لإستعادة الإقتصاد الوطني السوري بعد الحرب .  
يرى المؤرخ ، أن المسؤولين عن إرتكاب حرائم في سوريا ، بما فيها الجرائم العسكرية ، يجب أن يمثلوا أمام المحاكم الروسية ، إذا كانوا مواطنين روس . بل يجب تقديم المواطنين الروس المشتبه في ارتكابهم جرائم ضد المواطنين السوريين إلى المحاكم الدولية ، إذا ما طلبت ذلك الحكومة الديموقراطية الجديدة في "الجمهورية السورية".  
ألكسي مالاشنكو مدير قسم الأبحاث في المركز المذكور والعضو السابق في مجلس خبراء نوفوستي ، والذي كانت له أكثر من إطلالة أيضاً في "المدن" ، قال في إتصال هاتفي معه ، بأن الصراع  في سوريا سيستمر ، ولا يتصور كيف يمكن أن يجد حلاً له، "لأن البلد مجزأ ومنقسم على نفسه سياسياً وإجتماعياً ودينيا"ً ، ولا يعتقد أن سوريا ستتوحد ، "سواء جرت إنتخابات رئاسية أم لم تجر" . ويعتبر ، أن الصراع السوري هو الصراع الثاني في الشرق الأوسط بعد الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ العام 1947 ، وذلك لتأثير الوضع في سوريا على المنطقة .  ويقول ، بان البلد ، الذي شهد حرباً أهلية مستمرة منذ عشر سنوات ، من الصعب إيجاد حل لأزمته "يناسب جميع الأطراف" . ثمة آمال معقودة على الإنتخابات التي ستجري، لكنه يتساءل مشككاً بمشاركة الأسد فيها ، لكن إن شارك فيها  واستخدم موارد الدولة وانتصر ، كما في روسيا وبيلوروسيا ، "فسوف تبقى جميع التناقضات موجودة" .  
أما كيف سيتطور الوضع بعد ذلك ، فهو لا يعرف ، "ولا أحد يعرف" ، برأيه . والمطلوب توفر "توافق ما على هيئة إنتقالية ما لقيادة البلاد" تضم مختلف القوى السياسية السورية، وهذا ما لايمكن تصوره ، و"تلك هي مأساة سوريا" . ووضع سوريا ، برأيه ، لن يكون أفضل من دون بشار، وإن كان سيئاً بوجوده . وإضافة إلى إستعصاء مسألة قيادة سوريا ، يتطرق مالاشنكو إلى قضية ملايين السوريين النازحين والمهجرين ، الذين لا بد من توفير إمكانية عودتهم إلى حيث غادروا ، وتلك مسألة في غاية الصعوبة على ما يعرفه من تاريخ الحرب الأهلية الروسية . 
تتواجد في سوريا روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران وسواها ، ولكل دولة مصلحتها الخاصة بالبقاء في سوريا . لكن بالنسبة لروسيا ، فإن وجود بشار الأسد هو "المسألة الرئيسية الأهم" ، لأن وجوده يعني وجود روسيا في سوريا ، ووجودها في سوريا يعني وجودها في الشرق الأوسط ، وبالتالي وجودها كدولة عظمى . لكنه يرى ، بأنه من الخطورة بمكان ، أن تتمحور السياسة في بلد أو منطقة ما حول شخص واحد ، وذكّر بالإتحاد السوفياتي ورهانه في مصر والمنطقة على عبد الناصر وحده ، و"كيف إنهار كل ما قدمه السوفيات في لحظة" . ويؤكد بأن روسيا في كل الأحوال لن تفقد سوريا تحت اي ظرف من الظروف ، لأن ذلك سوف يعني ضربة للسياسة الروسية في الشرق الأوسط ، وضربة قاتلة للهيبة الروسية ولبوتين شخصياً ، لأن سوريا هي رمز نفوذ روسيا ، إن فقدتها لن تبقى دولة عظمى. 
ويتساءل مالاشنكو ماذا سيحل بحرس الثورة الإيراني في سوريا إذا ترك بشار الأسد السلطة ، وسقوطه هو ضربة لإيران , و"للتوجه الروسي في السياسة الإيرانية" ، ويعتبر إيران "دولة ضعيفة" لا تستطيع إمساك الوضع في سوريا دون روسيا . 
بيتر أكوبوف المعلق في وكالة نوفوستي يقول في النص ، الذي أرسله ، بأن الوضع في سوريا ، على الرغم من أنه يبدو معلقاً ، إلا أن "آفاق تحسنه لا تزال متوفرة" ، وبالتأكيد ليس من آفاق لتجدد حرب واسعة النطاق ، وذلك لوجود "سلطة قوبة موحدة" . 
ويرى ، أن الإنتخابات الرئاسية في هذه السنة لن تؤدي إلى إعتراف المعارضة بشرعية الأسد ، لكنها سوف تؤكد ما أصبح مؤكداً منذ زمن بعيد ، بأن الأسد سوف يبقى في مكانه ، وسيواصل (بمساعدة إيران وروسيا) إستعادة السيطرة تدريجياً على البلاد ، ويمسك بالبلاد نفسها. 
ويؤكد أكوبوف ، أن الغرب وبلدان الخليج ، سوف تتوقف عن وضع شروط غير قابلة للتنفيذ من أجل تمويل إعادة البناء . ويرى ، أن تقارب روسيا والسعودية والإمارات قادر أيضاً على المساعدة في فك الحصار المالي عن برامج إعادة إعمار سوريا.  
ويرى ، أن آفاق إتفاق سلام مع المعارضة "تبدو بعيدة" ، إلا أن تأثير المعارضة على الوضع في سوريا سوف يستمر في الإنخفاض ، وروسيا وإيران لن تتخليا عن دعم الأسد تحت أي ظرف من الظروف. 
ويقول ، بأن ما سيساعد سوريا بصورة غير مباشرة ، "هو تدهور الوضع في لبنان ، الذي يهدد بالإنهيار الكامل للبنى الوطنية اللبنانية" . لكنه يؤكد ، بأن إعادة إعمار سوريا سوف تكون عبر المصارف اللبنانية إذا ما وجد المجتمع الدولي نفسه ملزماً بإيلاء لبنان إهتماماً جدياً ، وحينها ستنطلق أخيراً عملية التمويل الخارجي لإعادة الإعمار السورية .  
ويؤكد أكوبوف ، أن روسيا لم تلعب بعد "الورقة السورية"، وهي تسعي في سوريا لتحقيق أهداف  إستراتيجية ، وليس فقط على مستوى سوريا ، وحتى ليس فقط على مستوى الشرق الأوسط ، وهي "لن تخرج من سوريا إلى اي مكان" .  
إيغور سوبوتين يرى ، أن  الإنتخابات الرئاسية في سوريا هذه السنة ، قد تكون مناسبة تستفيد منها دمشق للإعلان ، على خلفية نتائجها المشكوك فيها ، عن حل المشكلات ، التي أدت إلى إندلاع الحرب الأهلية ، ولا ينتظر منهاً جديداً ، "غير محاولة أخرى لتزيين عوارض الأزمة" . ويقول ، بأن المؤشر على الوضع الراهن في سوريا ، يبقى الوضع في المحافظات الجنوبية ، الذي يشير ، ليس فقط إلى إستمرار وجود إمكانات جدية للإستياء الشعبي ، بل وإلى عجز النظام البعثي الإلتزام بالإلتزامات ، التي تعهد بها .  
ويقول ، بأن روسيا تدرك الطبيعة الإشكالية لشخصية الأسد ، إلا أنها ليست مستعدة للعمل جذرياً ضده . كما أنها لا تستطيع أيضاً العمل جذرياً ضد شريكها التكتيكي طهران ، "التي ضربت جذوراً في الكثير من مجالات الحياة السورية" . ويرى ، أن محفز التغيير الوحيد ، قد يكون تنامي الصراعات داخل النخبة السورية ، التي تثبت  ، أن قدرة الأسد على تقديم شيئ ما مقابل الولاء له ، أخذت تتراجع . وربما سيؤدي هذا ، جزئياً ، إلى تشجيع منتقديه . ومع ذلك ، لا يستحق الأمر المراهنة على النهاية الوشيكة لمستقبل الأسد السياسي. فهذا مسلسل بعدد لانهائي من المواسم .