حالة
الطوارئ حالة مؤقتة أم مؤبدة
حالة الطوارئ قد تستدعيها ظروف
أضطرارية و أستثنائية و هي
نظرية تعارف
العالم عليها و قد منح دستور عام
1973 الصلاحيات للرئيس لاعلانها
في المادة (101) وكذلك أجازت له
المادة (113) تجاوز المؤسسات (المعطلة
منذ صدور قانون الطوارئ)
الدستوريه لأتخاذ اجراءات
سريعة أذا دعت الضرورة .
لقد فرض قانون الطوارئ بالبلاغ
رقم (2) لعام 1963 لحماية أنقلاب 8
آذار و لازال مستمراً حتى الأن ،
رغم التطورات و المتغيرات
الأقليمية و الدولية و
المطالبات من الأحزاب و الحركات
و مؤسسات المجتمع المدني
الوطنية ، و نواقيس الخطر التي
تقرع من كل الأتجاهات ، لم يتحرك
النظام لأتخاذ الأجراءات
الكفيلة بأحداث تغييرات جذرية
لأعداد البلاد سياسياً و
أقتصادياً و أجتماعياً و
ثقافياً لمواجهة الأخطار و
التحديات ، فحبل النجاة يكون
بأطلاق طاقات و قدرات الشعب
المعطلة و ليس بالتنازلات و
المساومات و الأستسلام .
أن الهيئة السياسية للجنة
السورية للعمل الديموقراطي
التي طالبت مرات عديدة بأنهاء
حالة الطوارئ ، تؤكد مجدداً بأن
ذلك يمثل خط الشروع لأطلاق
الحريات العامة و الأنتقال الى
الحياة العادية و التحول من
أحتكار السلطة و مصادرة حقوق
الشعب الى نظام ديموقراطي
برلماني و سيادة القانون و
أستقلال القضاء ، و التخلي عن
أساليب المناورة و أستخدام
مساحيق التجميل التي لا تغير
وجهاً قبيحاً ، و الجرعات
المسكنة التي لا تشفي مريضاً
بمرض عضال .
أن العالم يتحرك و تتسارع خطاه
إلا النظام السوري يعيش حياة
الثبات و الركود حياة أهل الكهف
و خارج أطار العصر ، منغلقاً على
نفسه و جموده و تحجره الذاتي و
بكلمة أخرى أنه يعاني موتاً
سريرياً ، و إلا ماذا يعني
أصراره على مصادرة الحريات و
تقديم الهاجس الأمني على الوطني
و سلب كرامة المواطن و حرمان
الشعب من حقوقه الأنسانية و
أقصائه عن المساهمة في قضاياه
الوطنية و القومية و رعاية
مصالحة رغم خطورة الموقف ، و
التمسك بالأحكام العرفية التي
فرضت في ظل ظروف و معطيات تختلف
جذرياً عن عالم اليوم و بدايات
القرن الواحد و العشرين .
هذه السياسات المتخلفة ولدت حالة
أنفصام مع الشعب تزداد يوماً
بعد يوم ، سياسات القمع و
الأرهاب و سجن الألاف ممن قضى نحبه ، أو أقضى عشرات
السنين في السجون قضت على ريعان
شبابه دون محاكمات ، وكم من
المحاكمات الصورية جرت و نفذ
حكم الأعدام جماعياً بأعداد لا
تحصى أمام المحاكم الأستثنائية
الميدانية في حلب و أدلب و جسر
الشغور و سرمدا و تدمر و مأساة
العصر مجزرة حماة التي راح
ضحيتها أكثر من ثلاثين ألف ، ولا
يزال آلاف المفقودين ممن تعاني
أسرهم أقسى الحالات الأنسانية
بسبب مصيرهم المجهول ، يضاف الى
ذلك عشرات الألوف من المحكومين
والملاحقين و المنفيين في
الخارج مضى على وجودهم من ثلاثة
الى أربعة عقود .
أن المآسي والجرائم التي أرتكبت
من مصادرة الحريات الى القتل
والتعذيب و أنتهاك الحرمات
والمقدسات كان بأسم قانون
الطوارئ مما ألحق أفدح الخسائر
و الأذى بالفرد والمجتمع و بما
أصاب المواطنه وحقوق الأنسان .
و من المذهل حقاً أن يمر
أكثر من سنتين على أحتلال
العراق و سقوط بغداد دون أن يقوم
النظام بمراجعة جديه لمواجهة
كافة الأحتمالات. إن شعبنا
بكافة شرائحه لا يرى مبرراً
وطنياً واحداً لأستمرار حالة
الطورائ إلا الحفاظ على السلطة
و التسلط باستخدام أساليب كم
الأفواه و الأرهاب وخلق حالات
التسيب عن طريق القمع و الأجهزة
ألأمنية ، و يرى ان المصالح
الوطنية و أحترام حقوق الأنسان
تقضي بضرورة إلغائه فوراً و دون
تأجيل او تسويف ، لا السير وراء
أوهام و سراب خادع .
ان التذرع بحالة الحرب قد أنتهت
عملياً من قبل النظام بخيار
الأستراتيجي (الحل السلمي) ، كما
أن المرسوم (109) تاريخ 7/8/1968 قد
حدد زمن الحرب في الفقرة ( أ )
والعمليات العسكرية في الفقرة (
ب ) و هذا ليس موجوداً على أرض
الواقع . و أدعاء النظام بأنه
يحظى بتأييد الرأي العام و
ألتفافه حوله ينفي الحاجه
للأحكام العرفيه .
أما الأدعاء بالتطورات و الضغوط
الخارجية فإن القانون المذكور
سابق عليها ، و هذه التبريرات هي
نفسها توجب الأسراع لوقف حالة
التداعي و سد الذرائع أمام كافة
المشاريع و المخططات ليمارس
الشعب حقوقه و يقوم بواجباته .
و أنطلاقا ً من مسؤولياتنا الوطنية و القومية و ممارسة
لحقوقنا ، نؤكد الدعوة مجدداً
لألغاء حالة الطوارئ و أصدار
عفو عام شامل و أطلاق الحريات
المغتصبة و الأعلان عن مصير
المفقودين و أقرار التعويضات
للمتضررين ، كبداية للمصالحة و
المصارحة لأجراء التعديلات
التي تهيأ البلاد لمرحلة
أنتقالية في ظروف من الحرية
تؤسس لبناء نظام ديموقراطي
تعددي ، و أنتخاب جمعية تأسيسية
تضع دستوراً دائماً للبلاد يصون
وحدتها و يضمن المساواة و فصل
السلطات لبناء دولة حديثة تشمل
كافة نواحي الحياة ، لأنه الحل
الوحيد الذي يجنب سوريه الزلازل
و الهزات و الويلات ، نقول أذا
كانت حالة الطوارئ في العالم
حالة عابرة تزول بزوال الظروف
ففي سورية مضى عليها 42 سنه
مستبيحة العباد و البلاد ، وقد
أقرها العالم لحالة مؤقته فهل
في سوريه حالة مؤبدة ؟
و هل يقدم الرئيس بشار الأسد على
ألغائها أستجابة لنداء الشعب
والوطن و يعيد الحياة الطبيعية
الى سوريه بأحترم حقوق الأنسان .
اللجنة السورية للعمل
الديموقراطي
20/4/2005
المحامي محمد أحمد بكور
|