التقرير
السنوي للعام 2004
ويشمل
الفترة من 1/7/2003 وحتى 20/6/2004
مقدمة:
تفاعلت
الأوضاع الإنسانية في سورية في
هذا العام نحو الأسوأ، فلم
يستطع النظام أن يتقدم خطوة
جادة باتجاه الإصلاح الموعود
الذي طال انتظاره على مدى أربع سنوات منذ تولي بشار الأسد
رئاسة الجمهورية. وسجلت
العديد من حالات الاعتقال العشوائية التي
لا مبرر لها، وتعقدت المسألة
الكردية في ظل الاعتقالات
المستمرة الأحادية والجماعية وتفجرت
الأحداث في 13 آذار/ مارس الماضي، ونجم عنها عشرات القتلى والجرحى
ومئات المعتقلين، ويتوقع أن يبدأ فصل
جديد من القمع في ظل حظر الأحزاب
الكردية، المسكوت عن نشاطها على الساحة
السورية.
وتعتبر
أحداث 13 آذار/ مارس 2004 أبرز تطور عنيف تمارسه السلطة في سورية
بعد مجزرة حماة 1982 التي ذهب
ضحيتها آلاف المدنيين.
ولم تفرج السلطة عن المعتقلين
العائدين من العراق، بينما لا
يزال ملف الاعتقال المزمن يراوح
في مكانه، إذ لم يطلق سراح سوى
مائة معتقل في أواخر شهر كانون
الثاني/ يناير الماضي. ولا تزال
السلطة تتكتم على مصير آلاف
المختفين في السجون منذ حوالي
ربع قرن، في الوقت الذي زادت فيه محنة طلاب الجامعات
فتكررت عمليات الاعتقال والفصل
من الجامعة والسكن.
وتواترت
هذا العام أخبار التعذيب الشديد
والممنهج على يد السلطات
الأمنية، ووردت أخبار مؤكدة عن وفاة بعض الموقوفين تحت التعذيب أو
بسببه، بل وردت أخبار عن
التمثيل بضحايا التعذيب في عدد من السجون السورية.
وتابعت
السلطات تعاونها مع جهات أجنبية
في اعتقال مواطنين سوريين أو تلقيهم إثر ترحيل هذه الجهات لعدد منهم، وزجهم في
المعتقلات وتعريضهم لتعذيب
شديد.
ولا
تزال الحريات العامة وحرية
التعبير عن الرأي والاجتماع
السلمي والتظاهر، تعاني من الحظر والتضييق الشديد
على كل من يعتزم
القيام بمثل هذه الأنشطة، في ظل
تزايد أحكام الاعتقال على نشطاء
المجتمع المدني والمدافعين عن
الحريات وحقوق الإنسان وتكرار
استدعائهم للمثول أمام القضاء
العسكري الاستثنائي. ولم يسجل
خلال هذا العام سوى إطلاق سراح
ناشط بعد انتهاء مدة حكمه،
والسماح لمدافع عن حقوق الإنسان
بزيارة بلده بعد حوالي 23 عاماً
أمضاها في المنفى.
وفيما
سمح للحزب القومي السوري
الاجتماعي ببعض الحضور، فقد أبلغت الأحزاب الكردية
المسكوت عن بعض أنشطتها،
عن التوقف وتحويل أنشطتها
السياسية إلى جمعيات ثقافية،
ولا يزال الإسلاميون خطاً أحمر
بالنسبة للسلطات الأمنية السورية.
وشهدت
الحريات الصحفية والإعلامية
خلال هذا العام مزيداً من
التراجع عبر سحب ترخيص الصحيفة
المستقلة الوحيدة، وعدم منح تراخيص
لبعض الإعلاميين واحتكار
الصحافة والإعلام بصورة عامة
كدعاية للسلطات المسيطرة على
مقاليد الحكم في البلد، وشهد
عالم الإنترنت مزيداً من
التضييق عن طريق تقييد الاشتراك
في الخدمة وحجب مواقع جديدة
ومعاقبة متصفحي شبكة الإنترنت
خارج نطاق الجمعية المعلوماتية
والمديرية العامة للاتصالات.
وشهدت
الساحة السورية حادث تفجير فريداً من نوعه في نيسان/
إبريل الماضي، لكن غياب
الشفافية وقلة المعلومات تركت
الشكوك تحوم حول حقيقة ما حصل في
ذلك اليوم.
وقمعت
حرية التجمع والاعتصام بعنف في
عدة مناسبات لعل أبرزها : في
الثامن من آذار/مارس بمناسبة
المطالبة بإنهاء حالة الطوارئ
وفي الحادي والعشرين من حزيران/يونيو
بمناسبة التضامن من السجناء
السياسيين والمطالبة بالإفراج
عنهم.
أولاً
: ملفات الاعتقال في السجون
السورية
أ-
ملف الاعتقال العشوائي:
تجيز
الفقرة (أ) من المادة الرابعة من
حالة الطوارئ توقيف المشتبه فيهم، أو الخطيرين على الأمن والنظام
العام توقيفاً احتياطياً، والإجازة في
تحري الأشخاص والأماكن في أي
وقت. وتتوسع أجهزة الأمن في
توقيف واعتقال المواطنين
السوريين بسبب أو بدون سبب، متناقضة مع أحكام
الدستور الدائم، الذي ينص في الفقرة الأولى من
المادة الخامسة والعشرين منه
على أن "الحرية حق مقدس، وتكفل الدولة
للمواطنين حريتهم الشخصية
وتحافظ على كرامتهم وأمنهم".
بينما
تنص الفقرة الثانية من المادة
الثامنة والعشرين على أنه "لا
يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا
وفقاً للقانون". وتنص الفقرة الأولى من نفس
المادة على أن "كل متهم بريء
حتى يدان بحكم قضائي مبرم". ولا تعير أجهزة الأمن المتعددة
عادة اهتماماً لكل هذه القوانين، لأنها ترتكن إلى لوائحها السرية
التي تجيز اعتقال وتعذيب
المواطن لأي سبب، أو لمجرد الشبهة أو الوشاية،
والتي تخليها من مسؤوليتها
عن أفعالها والجرائم التي يمكن
أن ترتكبها أثناء أدائها
لعملها.
وقد
اعتقل
في أواسط عام 2003 الضابط
المتقاعد "عدنان عساف" لدى
مراجعته إحدى الجهات الأمنية، إثر تقديمه طلباً للحصول على جواز سفر من أجل
العلاج في الخارج، والمذكور
معتقل سابق لمدة 12 سنة. واعتقلت
المخابرات العسكرية المواطن
"تاج الدين نواف الأحمد" في
النصف الأول من شهر تموز/ يوليو
2003 بتهمة نيله من مقام رئيس
الجمهورية.
ولا
يزال في السجن أربعة من معتقلي
بلدة داريا الذين اعتقلوا في
أيار/ مايو 2003 وهم: (هيثم الحموي،
يحيى الشوربجي، معتز مراد، محمد
شحادة). وكانت
السلطات الأمنية السورية اعتقلت حوالي 24 مواطناً من بلدة
داريا قاموا باعتصام سلمي من
أجل وقف الرشوة وتنظيف بلدتهم
ومنع التدخين، وقد أخلي سبيل
الآخرين على دفعات كان آخرها في
أوائل نيسان/ إبريل الماضي، حيث أفرج عن سبعة منهم. واعتقلت
السلطات الأمنية في أواخر تشرين
الثاني/ نوفمبر 2003 إمام وخطيب
المسجد الكبير في بلدة سلقين
الشيخ "محمد أديب قاسم"
بسبب آرائه الصريحة في الشؤون
العامة، ولم يفرج عنه إلا في 10/2/2004.
وفي
تعدٍ على حقوق اللاجئين
والمقيمين، اعتقل في أوائل شباط/
فبراير 2004 المواطن الإيراني "شاريل
بطرس" الذي حضر إلى سورية
لمقابلة مكتب المفوضية العامة
للاجئين في دمشق.
واعتقل
لعدة أيام الكاتب "محمد غانم"
بسبب كتاباته ومواقفه المعارضة.
واعتقلت السلطات آلاف الأكراد
بعد 13 آذار/ مارس الماضي لمجرد
كونهم أكراداً، كما أنها اعتقلت
أحد المواطنين لمجرد اتصاله
بالهاتف الجوال بصديقه الموقوف
الذي لم يكن على علم باعتقاله.
وتحدثت
التقارير عن حملة اعتقالات شملت
مجموعة سلفية من منطقة العتيبة
في ريف دمشق، وقد عرف منهم: (أسامة أحمد الشيخ-
خالد جمعة عبد العال- أحمد علي
حرانية- محمد علي حرانية- خالد
فرحان عبد القادر- محمد عبد
المجيد عبد الرحمن- محمد عز
الدين ذياب- أحمد عمر عينين- عبد الرزاق أحمد كيلاني- نعيم قاسم مروة-
محمد عبد الحفيظ كيلاني- محمد
أحمد أسعد- مروان زهير كيلاني-
حسين جمعة عثمان – بسام جمعة
عثمان – سامر مصطفى أبو الخير-
إسماعيل أبو الخير- محمد أحمد
ذياب – قاسم محمد قشيشة – محمد
أحمد كيلاني- خالد أحمد كيلاني).
وألقي
القبض في 27/5/2004 على المواطن "حنيف
محمد الشيخ" بواسطة
المخابرات العسكرية بسبب وشاية
من سائق تاكسي لمجرد انتقاده
الفساد المستشري، ونقل من الرقة إلى فرع فلسطين للتحقيق العسكري في دمشق. ولم توفر الاعتقالات
عشرات العائدين من العراق وطلاب
الجامعات والمدافعين عن حقوق
الإنسان أو نشطاء المجتمع
المدني.
ب-
ملف الاعتقال المزمن:
ما
تزال السلطات السورية تحتفظ
بمئات المعتقلين منذ فترة
الثمانينيات، إثر الحملة التي
قامت بها على جماعة الإخوان
المسلمين، فقد اعتقلت في تلك
الفترة آلاف الأعضاء والأنصار
والمتعاطفين والأقارب، غالبيتهم
أخذوا كرهائن، حيث أعدم كثيرون منهم في ظروف غامضة،
وأطلق سراح قسم آخر، بينما تحتفظ السلطات بقسم ثالث
في سجن صيدنايا.
وقد
أحصت اللجنة السورية لحقوق
الإنسان أسماء 360 معتقلاً من
معتقلي الإخوان المسلمين، لا
يزالون في سجن صيدنايا شمال
العاصمة السورية دمشق، بعضهم مصاب بأمراض مزمنة، والبعض
الآخر مصاب بأمراض نفسية وعقلية
خطيرة، ومعظمهم انقضت فترة محكوميته منذ سنوات
طويلة ولم يفرج عنه.
ويوجد
أيضاً قرابة 50 معتقلاً من حزب
التحرير اعتقلوا عام 1999، حكم
على أكثرهم أمام محكمة أمن
الدولة العليا مدداً متفاوتة تتراوح بين
أربع وست سنوات.
وهناك حوالي 180
معتقلاً في سجن صيدنايا، متهمون بتهم مختلفة، منها الانتماء إلى
حزب البعث (القيادة القومية)، أو حزب العمل الشيوعي، أو المنظمة الشيوعية العربية،
ويوجد فلسطينيون من حركة "فتح" وجبهة التحرير الفلسطينية،
وثمة معتقلون بتهم الانتماء إلى
مجموعة "التكفير
والهجرة" أو على صلة مزعومة بتنظيم
"القاعدة" أو مجموعات سلفية أو ضباط في
الجيش، أو رهائن عن ذويهم المطلوبين، أو لأنهم أكراد ناشطون، أو مرحلون من بلدان أخرى، أو من جنسيات عربية أخرى.
ويوجد
في سجن "عدرا" العديد من المعتقلين، منهم سبعة من معتقلي ربيع دمشق، تتراوح أحكامهم بين
خمس وعشر سنوات، وبعض الأكراد
الذي شاركوا في مسيرة الأطفال، والذين لا يزالون يحاكمون أمام
محكمة أمن الدولة العليا منذ
أكثر من عام.
وتحدثت
بعض المصادر عن اعتقال الضابط
فرحان يوسف شحادة الزعبي عام 1970
(34 سنة في المعتقل)، وما يزال
محتجزاً في زنزانة في أحد
الفروع الأمنية منذ عام 1974.
بينما تسجل الحالة الموثقة
اعتقال عماد شيحة من المنظمة
الشيوعية العربية عام 1974 (30 سنة
في المعتقل) وحالة سبيع السباعي
عضو جماعة الإخوان المسلمين عام
1978 (26 سنة في المعتقل).
وتحدثت
أنباء مؤكدة عن انتهاء محكومية
ثلاثة ضباط طيارين بعد مرور
عشرين عاماً على اعتقالهم، ولدى الإفراج المفترض عنهم، حضرت دورية من مخابرات القوى
الجوية، وألقت القبض عليهم من
سجن صيدنايا ونقلتهم إلى سجن
مطار المزة العسكري، حيث يلقون
معاملة سيئة على يد مخابرات
القوى الجوية هناك، وهم: (محمد بشار العشي ومحمد
رفيق عمر الحمامي ومحمد أحمد
حيدر كيكي).
هذا
وقد أفرجت السلطات السورية عن
عدد من معتقلي جماعة الإخوان
المسلمين وحزب التحرير وحزب
البعث (القيادة القومية)
والفلسطينيين وبعض المجموعات
اليسارية وسواها في 30 /1/2004 وقد
وثقت اللجنة السورية لحقوق
الإنسان أسماء 88 من المفرج عنهم
في هذه الدفعة من كافة
الاتجاهات، علماً بأن الأنباء
تحدثت عن إطلاق سراح قائمة من
المعتقلين تصل إلى 120 معتقلاً
شملت ثلاثة معتقلين برتبة عميد (تيسير
لطفي، صلاح حلاوة، نذير السقا)
اعتقلوا منذ واحد وعشرين عاماً،
لكن الأخبار المؤكدة تحدثت عن
إعادة بعض هؤلاء المعتقلين إلى
السجن بأوامر من فروع الأمن،
وهذا ما حصل لبعضهم أكثر من مرة.
ويطلب عادة من المطلق
سراحهم مراجعة الجهات الأمنية
كل أسبوعين وتقديم تقرير مفصل
عن مشاهداتهم واتصالاتهم خلال
تلك الفترة. وعلمت اللجنة
السورية بخبر الإفراج عن عبد
الخالق شبارق من حلب في 10/6/2004
بعد سبعة عشر عاماً من الاعتقال
إثر حضوره لزيارة أسرته من مقر
عمله في الكويت. وفي خطوة مخيبة
للآمال اعتقلت السلطات الأمنية
خالد مصطفى حجازي من مدينة جبلة
في تشرين الأول/أكتوبر 2003 وصدر
أمر عرفي باعتقاله لمدة عام
لأنه أخبر آخرين عن المعاملة
السيئة التي لقيها خلال سجنه
السابق الذي دام خمسة عشر عاماً.
ج
- ملف المختفين في السجون
السورية:
بعد
إغلاق القسم السياسي في سجن
تدمر الصحراوي ونقل المعتقلين
إلى سجن صيدنايا في خريف 2001 بدأت
خارطة المعتقلين الذين اختفوا
في السجون السورية تتوضح إلى
درجة كبيرة، وغالبيتهم الساحقة
من المحسوبين على جماعة الإخوان
المسلمين.
وقد
دأبت
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
منذ سنوات على جمع المعلومات والشهادات عن
المجازر وحالات الإعدام
والوفاة تحت التعذيب أو بسبب المرض
والإهمال الصحي والشيخوخة في
السجون السورية، وعلى الأخص في
سجن تدمر.
وذكر
عدد من السجناء، الذين أفرج عنهم على فترات
متعاقبة، معلومات تعين على تحديد عدد
الذين اختفوا في السجون
السورية، وتعتقد اللجنة
السورية لحقوق الإنسان أن
عدد الذين ماتوا في سجن تدمر
يبلغ اثني عشر ألف معتقل بما في
ذلك الذين قضوا في المجزرة التي
نفذها رفعت الأسد في حزيران/
يونيو عام 1980 والمجازر المتوالية التي
نفذت خلال فترة الثمانينيات ولا سيما عام 1984 في
وقت الخلاف الذي نشب بين حافظ
الأسد وأخيه رفعت، إثر مرض الأول، واستعداد الثاني
للانقضاض على الحكم. ويبلغ عدد
الذين ماتوا في سجن المزة ألفا معتقل، بينما يبلغ عدد الذين
ماتوا في فروع المخابرات والأمن
والسجون الأخرى في المحافظات
حوالي ثلاثة آلاف معتقل. وهكذا
يبلغ الرقم الإجمالي التقريبي
للذين اختفوا في السجون السورية
زهاء سبعة عشر ألف معتقل، جلّهم
من الإسلاميين وخصوصاً جماعة الإخوان
المسلمين.
ومن
الجدير بالذكر أن السلطات لم تقم بعد مضي عشرات
السنين على اختفاء هذا العدد
الضخم، بأي خطوة لتسوية هذا الملف
الشائك. فلم تخبر ذوي المختفين
بمصائرهم، ولا بحيثيات وأسباب
وفاتهم، ولا بمكان دفنهم، ولم
تقم بأي عملية تحقيق في هذه
الممارسات.
ويعتقد
كثير من المراقبين للشأن السوري
أن هذا الملف البالغ التعقيد هو
أحد الأسباب الرئيسة العالقة
التي تخشى أجهزة الأمن
والمخابرات تسويته، لأن فتحه سيحرك المواجع والآلام من جديد
لدى قسم كبير من الشعب السوري، ولن تكون هذه الجهات مستفيدة من
هكذا تسوية بأي حال.
د-
ملف المرحلين قسرياً إلى سورية:
أفرج
عن المهندس ماهر عرار، السوري الذي يحمل
الجنسية الكندية بتاريخ 5/10/2003
بعد المطالب الحثيثة للسلطات
الكندية بإطلاق سراحه، وكان
عرار اعتقل من قبل السلطات الأمريكية لدى مروره في
صالة الترانزيت في أحد مطارات
نيويورك بتاريخ 26/9/2002 ثم رحلته
إلى سورية ضمن نطاق التعاون
الأمني بين البلدين، للاشتباه بأنه سافر وتدرب في
أفغانستان. ولم يسمح لماهر عرار
بالبقاء في سورية إثر الإفراج
عنه، بل سلم إلى السلطات
الكندية التي نقلته فوراً إلى
كندا.
وفي
هذا السياق أفرجت السلطات
السورية في منتصف آذار/ مارس
الماضي عن المواطن السوري الذي
يحمل الجنسية الكندية عبد الله
المالكي الذي يشوب اعتقاله
الغموض بسبب قلة المعلومات،
فليس واضحاً إن كان اعتُقل
ورُحل مثل عرار أو اعتُقل في
مطار دمشق حين عودته إلى سورية ،
لكنه بعد إطلاق سراحه بسبب
الضغط الكندي لم يسمح له
بمغادرة البلد، بل طلب إليه
المثول أمام القضاء العادي في
السادس من حزيران/ يونيو
الجاري وفقاً للمادة 278 من قانون
العقوبات العام التي تجرّم
من يقوم بإذاعة أنباء كاذبة في
الخارج من شأنها الإضرار بهيبة
الدولة. ومن شأن ذلك أن يحكم
عليه بالسجن، إذا لم تبرأ ساحته، لأعوام عديدة.
وأطلق
سراح محمد سعيد الصخري في 13/10/2003
والذي رحلته السلطات الإيطالية في (28/11/2002) إثر لجوئه إلى إيطاليا
مع زوجته وأولاده الأربعة في
23/11/2002 بعد الضغط الإيطالي
الرسمي على السلطات السورية، إثر إقدام أقاربه على رفع دعوى ضد الحكومة
الإيطالية أمام محكمة حقوق
الإنسان التابعة للبرلمان
الأوروبي. والصخري عضو في جماعة
الإخوان المسلمين، ويعيش خارج سورية منذ عام 1982. إلا أنه طلب من الصخري المثول أمام
محكمة أمن الدولة العليا في
30/5/2004 بدون إبداء أسباب، وقد
علمت اللجنة بخبر تأجيل هذه
المحاكمة إلى شهر أيلول/ سبتمبر 2004.
ولم
تطلق السلطات سراح آخرين رحلوا
من بلدان عديدة، مثل الباكستان وإيران والعراق
وبلغاريا....
وما
يزال براء أسعد عبد اللطيف (4/2002)
الطالب السوري الذي يدرس في
باكستان، وبهاء مصطفى جغل (5/2002)
الذي كان يقطن مع أخته في
باكستان، وياسر سنكري (2002)
وغيرهم معتقلين في سجن صيدنايا
بعد تسليم السلطات الباكستانية
إياهم للاشتباه بعلاقة محتملة
لهم مع تنظيم "القاعدة".
ويقيم
في نفس السجن معتقلون رحلوا من
العراق عام 2002، منهم مصعب ناصيف
وأسامة العمر لأسباب غير معروفة.
وكانت
السلطات اللبنانية رحلت العديد
من السوريين المقيمين في لبنان،
ولا سيما الأكراد وسلمتهم
للسلطات الأمنية، حيث يقبع هؤلاء في زنازين
السجون السورية، مثل فرحان علي
عبد الرحمن (2002).
وقامت
السلطات الإيرانية خلال العام
الماضي بترحيل العديد من
السوريين والفلسطينيين
واللبنانيين وسلمتهم للسلطات
السورية التي اعتقلتهم وتحفظت
عليهم.
هـ
- ملف العائدين إلى الوطن:
حاول
العديد من المواطنين المهجرين
والمنفيين تسوية أوضاعهم
والعودة إلى الوطن على أمل أن
يعيشوا حياة طبيعية هناك. وقد
تشجع هؤلاء إثر وعود تلقوها من
السفارات السورية، وتشجعهم
لخطابات رئيس الجمهورية، وإثر
وساطات من هنا وهناك حسم بعضها
بمبالغ مالية كبيرة، لكنهم لدى
عودتهم تعرضوا جميعاً للاعتقال
لعدة أسابيع وبعضهم لا يزال
معتقلاً حتى لحظة إصدار هذا
التقرير.
وتقول
مصادر مطلعة وشهادات من ذوي
الموقوفين إن كثيراً منهم تعرض للضرب والشتم
وسوء المعاملة والضغط النفسي
والجسدي. فقد ألقي القبض على "عبد
الرزاق شلار"، وهو رجل مسن يبلغ من العمر واحداً وثمانين عاماً، ويعاني من أمراض جسمية
واضطرابات أخرى، اضطر لمغادرة البلاد عام 1981
لكونه والد معارضين مطلوبين من جماعة الإخوان المسلمين، وعلى الرغم
من شيخوخته وأمراضه التي لا
تؤهله لخدمة نفسه، فقد احتجز
أكثر من ستة أسابيع حتى أفرج عنه
في 29/7/2003 على الرغم من كل الوعود
والتطمينات التي قطعتها
القنصلية السورية في جدة بأنه
لن يحتجز لحظة واحدة.
وفي
14/7/2003 ألقي القبض على المواطن
"مصطفى محمد الدغيم" (ليس
له انتماء سياسي ولا يمارس نشاطاً معارضاً)
المقيم في السويد، لدى
وصوله إلى مطار دمشق برفقة
زوجته وطفليه، على الرغم من
تقدمه للسفارة السورية بطلب
للسماح له بزيارة سورية، واستلامه رداً رسمياً بالسماح
له بذلك، لكنه مكث في فرع
التحقيق أسبوعاً قبل الإفراج
عنه.
واعتقلت
السلطات الأمنية المواطنة سوسن
يوسف الطيباني (زوجة معارض من
الإخوان المسلمين) في أوائل شهر
تشرين الأول/ أكتوبر 2003 إثر
حصولها على جواز سفر وإذن
بزيارة سورية بعد 23 سنة من
الإقامة القسرية في المنفى، ولم
يفرج عنها إلا في أواخر الشهر
المذكور.
وعلمت
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
أن المواطن "أرود عزت البوشي"
(حاصل على الجنسية الكندية) الذي
سوّى وضعه وعاد بترتيب
مع القنصلية السورية في جدة،
مكان إقامته، اعتقل إثر عودته
إلى سورية قد نقل إلى سجن
صيدنايا، مما يوحي بأن فترة
إقامته في السجن ستطول، ومن
الجدير بالذكر أنه مضى على
عودته إلى سورية سنتان حتى هذا
التاريخ (معتقل منذ 2/7/2002). ولا
يزال مصير الشاب "ياسر الشيخ
عبود" الذي عاد برفقة عمه في
ربيع 1999 مجهولاً (ليس له انتماء
سياسي - ابن معارض سياسي من
الإخوان). واعتقلت المواطنة "معينة
محمد يوسف سعدو" (ليس لها انتماء- زوجة معارض
سياسي من الإخوان) في 14/1/2004 لدى
وصولها الحدود السورية قادمة من
الأردن بعد حصولها على جواز سفر
من السفارة السورية، والسماح لها بزيارة البلاد بعد
24 عاماً من التهجير القسري، ولم
يفرج عنها إلا بعد مضي عدة
أسابيع.
و
- العائدون من العراق:
لا
تزال السلطات الأمنية في سورية
تعتقل بمعزل عن العالم الخارجي، عشرات المواطنين السوريين
المقيمين في العراق، الذين اضطروا للعودة إلى سورية
بسبب ظروف الحرب. وكانت السلطات
أفرجت عن بعض النساء، وعدد قليل
جداً من الرجال، لكن معظم
العائدين من الرجال والشبان اعتقلوا، ولا يزال مصيرهم
غامضاً، وأماكن احتجازهم مجهولة،
ويتجاوز عدد المحتجزين على ذمة
هذه القضية مائة وعشرين
معتقلاً، وتقول الأخبار إن السلطات تساهلت قليلاً مع بعض
البعثيين المعارضين، وسمحت لبعضهم بالعودة إلى سورية
بعد وساطات من رؤساء دول عربية، كما حصل مع الرئيس السوري
الأسبق "محمد أمين الحافظ"
الذي سمح له بالعودة في شهر
تشرين الثاني/ نوفمبر 2003، لكن هذه
السلطات كانت في غاية التشدد مع
الإخوان المسلمين وأسرهم،
ويعتقد بأن حوالي 120 مواطناً
سورياً لا يزالون معتقلين بعد
مرور أكثر من عام على عودتهم من
العراق أو اختطافهم من المنطقة
الحدودية. وقد مات بعضهم بسبب
التعذيب كما هي حالة "عبد
الله قدور الثامر"، الذي
اعتقل مع شقيقيه "معاذ ومحمد"
المولودين خارج سورية. والقائمة
طويلة وتحوي بالإضافة إلى ما
سبق ذكره حالات
أخرى، منها حالة (عمر درويش، رضوان
درويش، محمود علي النبهان، جمال
محمود الوفائي، محمد أحمد
أفندي، سعد الدين مروان عليوي،
أحمد قاشوش، عدنان نصيف، أنس
عقيلي، محمد نور مروان عليوي،
عبد العزيز عمر الزلف، عبد الله
عمر الزلف، محمد عبد الرزاق
عبيد). واعتقلت السلطات مؤخراً
"محمد فيصل علي حاج سعيد"
بعد عودته إلى حلب في أواخر آذار/ مارس الماضي. وتشكك السلطات السورية بكل
مواطن ذهب إلى العراق لأي سبب، وتضعه تحت طائلة المحاسبة،
ولذلك فقد اعتقلت العديد من
الخريجين الجامعيين حتى بعد
سنوات من انتهاء دراستهم
الجامعية النظامية في جامعات
العراق.
ومن
الجدير بالذكر أن المعارض "رياض
محمد خالد الشقفة" تعرض
لمحاولة اغتيال بتاريخ 23/7/2003
لكنه نجا من الموت بعد إصابته
بخمس طلقات نارية استقرت في
رجليه وحوضه حين أُطلقت النار
على سيارته، ولم يعرف الجناة
على وجه الدقة، لكن مصادر مطلعة
أكدت للجنة السورية لحقوق
الإنسان أن الشقفة كان موضع
اهتمام ومتابعة دقيقة من قبل
المسؤول
الأمني في السفارة السورية في
بغداد، ومن قبل رئيس الاستخبارات
العسكرية السورية شخصياً. وإذا
صحت هذه المعلومات، فإنها تثير
القلق بسبب ماضي الأجهزة
الاستخبارية السورية المسؤولة
عن اغتيالات الثمانينات التي
طالت معارضين سوريين في الخارج
بسبب انتماءاتهم السياسية.
ثانياً
: التعذيب في المعتقلات ومراكز
التحقيق السورية:
تنص
الفقرة 3، المادة 28 من الدستور
السوري الدائم على أنه "لا
يجوز تعذيب أحد جسدياً أو
معنوياً أو معاملته معاملة
مهينة ويحدد القانون عقاب من
يفعل ذلك"، وتنص المادة 5 من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان على أنه "لا يعرض أي إنسان للتعذيب أو
للعقوبات أو المعاملات القاسية
أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة"، لكن السلطات الأمنية والجنائية
في سورية لا تعير كبير اهتمام
للدستور أو المواثيق الدولية، وتمارس
التعذيب بكثرة في مراكز التحقيق
والمعتقلات السورية.
وبينما
لاحظت اللجنة السورية لحقوق
الإنسان تراجعاً في معدلات اللجوء لعمليات التعذيب في "سجن
صيدنايا"، نجد أنها سجلت
ارتفاعاً في استخدامه في "فرع
فلسطين للتحقيق العسكري"
ومراكز التحقيق الأخرى، بقصد انتزاع
الاعترافات أو إخضاع وإهانة
وتحطيم شخصيات المعتقلين
والانتقام منهم والحط من
كرامتهم.
ويمارس
التعذيب بشكل منهجي وروتيني
وبدون قيود، وتستخدم وسائل
مختلفة بدءاً بالضرب بالعصي
والأسواط والكابلات ومروراً
باستخدام وسائل أكثر شناعة
وتعقيداً مثل استخدام الكهرباء
والدولاب والشبح والكرسي
الألماني، والتعرية والحرمان
من النوم، والتهديد بالاغتصاب
والإخضاع لعوامل بيئية قاهرة
وقسرية.
وكانت
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
وثقت في 9/1/2004 ما يتعرض له
المواطنون الموقوفون على ذمة
التحقيق من تعذيب من سجلات
النيابة والقضاء، فقد ورد في
محضر التحقيق بأن "أحمد صالح
الحمود" قاضي ناحية معدان
التابعة لمحافظة الرقة أشرف
بنفسه وفي مقر المحكمة، على تعذيب المواطنة "آمنة
المحمد العلوش" المتهمة بجرم
جنائي، إذ أحضرت المتهمة إلى
مكتب القاضي خارج وقت الدوام
الرسمي، وأخضعت للتعذيب الشديد
باستخدام أدوات التعذيب:
الدولاب والكبل الرباعي وبعد
أيام من واقعة التعذيب "...
شوهد ازرقاق كبير في أسفل
القدمين وفقاعة كبيرة بأسفل
راحة القدم اليمنى وفقاعة صغيرة
بأسفل راحة القدم اليسرى وكدمات
تحيط بعينها اليسرى..." حدث كل
ذلك بعلم مدير الناحية وبممارسة
مباشرة من القاضي وسلطة الناحية.
وتعرض
"نجدت البري" في (8/1/2004) من
اللاذقية للتعذيب الشديد
لأربعة أيام متوالية بسبب خلاف
سير مع شخص يحظى بدعم من
بعض المسؤولين.
وتعرض للتعذيب الشديد "أرود
عزت البوشي" الذي اعتقل منذ
حوالي سنتين بعد تسوية وضعه
وعودته إلى البلاد (يراجع فقرة:
العائدون إلى الوطن)
ولقد
ورد في إفادة "قانع محمد
رمضان" (17 سنة) الذي اعتقل
لمدة تسعة أيام في آذار/ مارس إثر أحداث القامشلي (آذار/ مارس 2004) - دون أن تكون له أي مشاركة في
هذه الأحداث -
بأنه تعرض للتعذيب بواسطة
الصعقات الكهربائية حتى غاب عن
وعيه، وشوهد في إبهام يده
اليمنى تورم تحت الظفر وازرقاق،
وكذلك بالنسبة لقدمه الأيسر،
وشوهد كتفه متورماً من آثار
التعذيب. قال: "كنا 71 معتقلاً
في نظارة قسم شرطة المدينة لمدة
24 ساعة، كدنا نختنق من الزحام،
خاصة الأطفال الذين لا تتجاوز
أعمارهم 14 سنة، وبعد 24 ساعة نقل
نصف العدد، وبقينا 36 معتقلاً
لمدة تسعة أيام، أفرج بعدها عن 25
كنت من بينهم".
وتعرض
للضرب المبرح حتى فقد وعيه
المواطن الكردي "حنيف حنان
محمد" في أوائل شهر نيسان/ إبريل
2004 إثر أحداث آذار/ مارس في
مدينة القامشلي.
ثالثاً
: الموت تحت التعذيب أو بسببه:
ورد
في هذا العام أخبار عديدة مؤكدة
عن حدوث الوفاة تحت التعذيب أو
بسببه أو نتيجة الإهمال الصحي
الذي يمارس بشكل روتيني على
المعتقلين في فترة التحقيق أو
المعتقلين الذين يحتفظ بهم في
فروع التحقيق.
وقد
أفادت مصادر مطلعة أن المواطن
السوري الكردي "خليل مصطفى بن
محمد شريف" مات تحت التعذيب
بعد يومين من إلقاء القبض عليه
لأسباب لم تعرف، وشوهدت جروح
بليغة في أنحاء جسده، وتحدثت
أخبار أخرى عن حصول تمثيل شنيع
في جسده، إذ قطعت أوصاله وقلعت
إحدى عينيه، وكسرت رجله.
وتوفي
"عبد الله قدور الثامر"
المصاب بشلل الأطفال وعاهات
أخرى مستديمة إثر عودته من
العراق واعتقاله وإخضاعه
للتعذيب حتى ساءت صحته، وعندما
أصبحت حالته ميؤوسا منها تركته
السلطة ليموت في المستشفى.
واطلعت
اللجنة على خبر مصرع "فراس
محمود عبد الله" الذي مات تحت
التعذيب أثناء محاولة انتزاع
اعتراف منه في فرع الأمن
الجنائي باللاذقية بتاريخ 7/1/2004،
ومنع ذووه والقاضي والطبيب
الشرعي من معاينة جثته.
ومات
في سجن صيدنايا المعتقل "ثابت
الدخيل" (بعث – قيادة قومية)
في شهر أيار/ مايو
2004 بسبب الإهمال الصحي الذي أدى
إلى تردي حالته الصحية ولم توفر
له إدارة السجن العناية الطبية
اللازمة. كما توفي في أوائل هذا
العام 2004 في نفس الظروف في سجن
صيدنايا المعتقل "سليمان
خشان عبد الحميد" (إخوان
مسلمون). وكلا المعتقلين
محتجزان في السجن منذ عشرات
السنين. وكشفت الأنباء في وقت
سابق في أواخر حزيران/ يونيو 2003 عن وفاة
المواطن اللبناني "جوزيف
حواس" المعتقل في السجون
السورية، وتحدثت وقتها بأن
الوفاة كانت بسبب ظروف التعذيب
والمعاملة المهينة والإهمال
الغذائي والصحي.
ومات
تحت التعذيب الشديد في 6/4/2004
المواطن الكردي "حسين حمو
نعيسو" من منطقة عفرين شمال
سورية بعد يومين على اعتقاله،
بينما مات بعد يومين من وفاة
الأول (8/4/2004) المواطن الكردي "فرهاد
محمد" الذي تعرض للتعذيب
الشديد على الرغم من إصابته
بطلق ناري، وبعدما ساءت حالته
إلى درجة لا يرجى شفاؤه نقل إلى
مستشفى الحسكة، لكنه ما لبث أن قضى نحبه.
رابعاً
: ملف المنفيين والمبعدين
قسرياً:
قال
وزير الخارجية السوري فاروق
الشرع، أمام المؤتمر الثالث لفروع
الجبهة الوطنية التقدمية في
أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2003
بأنه لا يوجد منفيون سوريون، وأضاف "يجب أن لا يتذرع مواطن سوري
في الخارج أو يزعم أو يدعي أنه
منفي، فنحن لا ننفي مواطنينا".
لكن
الواقع الذي لم يعترف به وزير
الخارجية، على الرغم من الاطلاع الجيد
للسفارات السورية التابعة
مباشرة لوزارة الخارجية التي
يرأسها بأن آلاف المواطنين
السوريين لا يستطيعون العودة
إلى بلادهم ولا تمنحهم هذه
السفارات وثائق تثبت شخصيتهم، أو جوازات سفر، بل تمنع تسجيل
الولادات والوفيات، وتمتنع عن
إصدار توكيلات ليقوم موكلوهم في
سورية بإجراء معاملات بالنيابة
عنهم. وهذا الأمر ينطبق على
ثلاثة أجيال متوالية، الجيل
الأول الذي اضطر لمغادرة سورية
قبل إلقاء القبض عليه وإعدامه
بموجب القانون 49 لعام 1980 الذي
يحكم بالإعدام على مجرد عضويته
في جماعة الإخوان المسلمين،
والجيل الثاني - هم أولادهم
الذين خرجوا معهم أو ولدوا خارج
سورية، والجيل الثالث - هم
أحفادهم. ويلجأ بعض القادرين من
هؤلاء إلى دفع مبالغ نقدية
كبيرة بالعملة الصعبة للحصول
على جوازات سفر عبر موظفين
فاسدين وعناصر أمن مرتشين في
السفارات السورية أو متنفذين في
إدارات الدولة، وقد استطاعت
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
أن تجمع عشرات الشهادات عن
مواطنين لم يتمكنوا من الحصول
على جوازات سفر لهم أو لأولادهم
إلا بدفع مبالغ كبيرة لعناصر
أمن وموظفين تحتفظ اللجنة
بأسمائهم.
وتفيد
دراسة أولية قامت بها اللجنة
السورية لحقوق الإنسان بأن كبار
موظفي الدولة وضباط الأمن
ضالعون في هذه العمليات
الابتزازية التي تدر عليهم
مبالغ خيالية، ولذلك يعمد كثير
منهم إلى إحباط كل محاولة لمنح
هؤلاء المبعدين جوازات سفر بشكل
قانوني. وتشير الدراسة إلى أنّ عدد هؤلاء المبعدين يتجاوز 150 ألف مواطن سوري، لم ينفوا من وطنهم
فحسب بل - منعوا من التمتع بأي حق
من حقوقهم الطبيعية والمدنية،
ومارست السلطات الرسمية كل
أنواع الضغط عليهم وعلى ذويهم
داخل سورية وعلى البلدان التي
لجأوا إليها لإعادتهم إلى
السجون والمعتقلات.
ولم
يختلف
الحال كثيراً بعد ربع قرن من
بدئها، حيث حرم خلالها هؤلاء المواطنون
السوريون من حقوقهم في وطنهم،
واضطر معظمهم للعيش في ظروف
الفقر وقلة التعليم وانعدام
الأمن تبعاً لهذه المعاملة
القاسية. بل عندما فكر بعض
المواطنين أن يسووا أوضاعهم،
واتصلوا بالسفارات السورية في
مناطق إقامتهم، وقبلوا أن يسووا
أوضاعهم عبر بوابة الأجهزة
الأمنية، ومنحت بعض السفارات
الأمان لهم وأخبرتهم أنه يمكنهم
العودة إلى بلدهم بسلام،
اعتقلوا فور وصولهم إلى البلاد،
وأخضعوا للتحقيق، وكثير منهم أخضع للتعذيب وإساءة
المعاملة والابتزاز، وأقاموا
أسابيع وشهوراً في السجن قبل أن
يطلق سراحهم، بل إن بعضهم احتجز لفترات
طويلة،
وما يزال قسم منه معتقلاً منذ سنين عديدة في
السجون السورية (تراجع فقرة: "العائدون
إلى الوطن" للمزيد من الأمثلة)
ويوجد
خارج سورية معارضون آخرون لا
يستطيعون العودة إلى بلادهم من
اليساريين والعلمانيين
والبعثيين المعارضين
والمستقلين والأكراد، ويعدون بالآلاف،
وكلهم مهددون في حال عودتهم
بالتعرض للاعتقال والمثول أمام
محكمة أمن الدولة أو المحاكم
العسكرية الاستثنائية واحتمال
صدور أحكام عليهم بالسجن لمدد
طويلة والتعرض للتعذيب وسوء
المعاملة. فلقد اعتقل المواطن
الكردي "حسين داوود" عام 2000
فور ترحيله من ألمانيا التي
رحلته إلى سورية حيث بقي في
السجن لمدة سنتين.
خامساً
: المدافعون عن حقوق الإنسان
ونشطاء المجتمع المدني:
لا
تزال الحملة الأمنية ضد نشطاء
المجتمع المدني والمدافعين عن
حقوق الإنسان مستمرة، فسبعة
منهم (رياض سيف، محمد مأمون
الحمصي، عارف دليلة، وليد
البني، كمال اللبواني، حبيب
عيسى، فواز تللو) من أصل عشرة
اعتقلوا عام 2001 يقضون فترات سجن
يصل بعضها إلى عشر سنوات في سجن
عدرا شمال العاصمة السورية.
وقد
وردت تقارير عن تدهور صحة "عارف
دليلة" و"محمد مأمون
الحمصي" في السجن الانفرادي
خلال العام الفائت بدون توفير
الرعاية الطبية اللازمة لهما.
وكانت السلطات السورية أفرجت عن
أحد معتقلي "ربيع دمشق" "حسن
سعدون" في التاسع من أيلول/ سبتمبر
بعدما أمضى فترة سنتين قضت بهما
محكمة أمن الدولة العليا بحقه.
وتفاقمت
الحملة ضد نشطاء المجتمع المدني
فألقي القبض على أكثر من عشرين
ناشطاً مدنياً في مدينة حلب في
22/8/2003، بسبب عزمهم على حضور
محاضرة في منتدى الكواكبي (مكتب
المحامي سمير النشار) ثم أخلي
سبيلهم، لكن أحيل أربعة عشر
شخصاً منهم إلى القضاء العسكري (نجيب
ددم، صفوان عكاش، فاتح الجاموس،
سمير النشار، فؤاد بوادقجي،
زرادشت محمد، عبد الغني بكري،
محمد أديب كور، عبد الجواد
صالح، هاشم هاشم، محمد حازم
عجاج أقرعي، غازي مصطفى، يسار
قدور، أحمد الناصر)، وبعد جلسات
عدة أصدرت محكمة عسكرية
استثنائية أحكاماً ضد ثلاثة عشر
منهم بالسجن لمدة ثلاثة شهور
بينما حكمت على الرابع عشر
بالسجن لمدة عام، ولا يزال
الاستئناف جارياً ضد هذه
الأحكام.
وفي
25/7/2004 حصل اعتداء بالضرب من قبل
عناصر أمنية على والدة ناشط في
حقوق الإنسان على خلفية
تصريحاته لبعض القنوات
الإخبارية عن واقع حقوق الإنسان
في سورية. ثم توالت المضايقات له
ولزملائه في "لجان
الدفاع عن الحريات الديمقراطية
وحقوق الإنسان في سورية"، فاعتقل أحمد الخازم وحسن وطفه
على خلفية المشاركة باعتصام
لإنهاء حالة الطوارئ في 8/3/2004
ولم يفرج عنهما إلا في التاسع
من أيار/ مايو، لكنهما منعا من
العودة إلى عملهما، ثم ألقي
القبض على "أكثم نعيسة"
رئيس لجان الدفاع عن الحريات
الديمقراطية في 13/4/2004 بعد يومين
من إصدار اللجان لتقريرها
السنوي عن حالة حقوق الإنسان في
سورية. ويحاكم أكثم نعيسة أمام
محكمة أمن الدولة بتهم "تلفيق
ونشر معلومات كاذبة" - من
شأنها أن تحكم عليه بالسجن
لأعوام عديدة في حال إدانته. ومن
الجدير بالذكر أنّ أكثم نعيسة
اعتقل سابقاً ويعاني من أمراض
عديدة، ولقد وردت أنباء عن منعه من تناول
العلاج وتعرضه لسوء المعاملة.
والمعايير التي تحكم بها محكمة
أمن الدولة قاصرة جداً عن تحقيق
العدالة، بحيث لا يمكن اعتبارها
محكمة مؤهلة للنظر في أي قضية،
ولا يسمح فيها للمتهم بالدفاع
عن نفسه، ولا يحق لمحاميه
بالدفاع العادل (علماً أن
السماح بتوكيل محامين عن الذين
تنظر المحكمة في قضاياهم أمر
حديث العهد، ولم يكن معمولاً به
في الماضي حين كان المعتقلون
يُحرمون حتى من هذا الحق)،
وأحكامها قطعية ولا يجوز
استئنافها، وقد تعرضت أسرة ناشط آخر
للمضايقات المستمرة على خلفية
نشاطه الإنساني. وكان الناشط في
لجان الدفاع عن الحريات
الديمقراطية "سالار داوود
حسن" قد اختفى من الشارع في
حلب في 17 أيار / مايو الماضي ، ثم
اكتشف مؤخراً أنه معتقل لدى
الأجهزة الأمنية.
وأقدمت
السلطات الأمنية على منع العديد
من الناشطين المدنيين
والمدافعين عن حقوق الإنسان من
السفر، فقد منعت "هيثم المالح"
رئيس جمعية حقوق الإنسان في
سورية بسبب أنشطته الحقوقية
والمدنية، ومنعت الناشطين "عبد
المجيد منجونة" و"أنور
البني" لنفس الأسباب. ومنع
"فاتح جاموس" من السفر إلى
أوروبا في 24/5/2004، وأبلغ في
المطار بأن هناك أمراً بمنعه من
السفر بناء على مذكرة من شعبة
الأمن السياسي. وقائمة
الممنوعين من السفر لأسباب
سياسية أو بسبب النشاط المدني
طويلة ويزداد عدد الممنوعين من
السفر بشكل مستمر، وتحتفظ
اللجنة السورية بقائمة يصل عدده
عدد الأسماء فيها إلى مائتي ممنوع
من السفر.
من
ناحية أخرى سمحت السلطات
السورية للناشط في حقوق الإنسان
"هيثم مناع" بالعودة إلى
سورية بعد 23 سنة من النفي، وقد
تمكن من الحصول على جواز سفر من
السفارة السورية في باريس ومن
زيارة بلده لمدة 13 يوماً من نهاية آب/ أغسطس
2003.
وطلب
من الناشط المدني والكاتب "عبد
الرزاق عيد"
والمترجم "بكر صدقي"
المثول أمام القضاء العسكري
الاستثنائي بسبب كتاب أصدره
الأول عن تجربة المجتمع المدني
في سورية ومقالات كتبها الاثنان
وبسبب شهادتهما في قضية النشطاء
الأربعة عشر، لكن المحكمة أبدت
عدم اختصاصها في هذه القضية
وطلبت تحويلهما إلى محكمة
جزائية أو مدنية.
سادساً
: محنة طلاب الجامعات:
يعاني
الطلاب الجامعيون من التمييز في
القبول على أساس المفاضلة في
الدرجات، إذ يمنح الطلاب
الناشطون في "اتحاد
شبيبة الثورة" درجات إضافية تصل
إلى عشرين درجة من المجموع
العام تمكنهم من احتلال أماكن
زملائهم الذين اجتهدوا طول
العام حتى يحصلوا على درجات
مماثلة، كما يعاني طلاب
الجامعات من هيمنة وقمع "الاتحاد
الوطني لطلبة سورية" و"مكتب
التعليم العالي" التابع للقيادة
القطرية لحزب البعث الحاكم.
ولا يسمح للطلاب بالقيام بأنشطة
أخرى، وحتى التعبير الحر عن
الرأي يقابل بقمع شديد داخل حرم
الجامعات السورية الرئيسية في
دمشق وحلب وحمص واللاذقية، بل
إن الطلاب الذين يحاولون القيام
بأي نشاط يتعرضون مباشرة لسلسلة
من الإجراءات الانتقامية
والعقابية مثل الفصل أو الحرمان
من السكن الجامعي والمنحة
الدراسية.
-في
أواخر شهر كانون الثاني/ يناير
2004 صدر المرسوم رقم 6 الذي ينهي
التزام الدولة تجاه توظيف
المهندسين بعد تخرجهم، ورأى فيه
بعض الطلاب ظلماً، فمارسوا حقهم
في الاحتجاج والتظاهر في حرم جامعة حلب وخارج
أسوارها، لكنهم لقوا هجوماً
وقمعاً شديدين من منظمة اتحاد
الطلاب المساندة للسلطة وأجهزة
الأمن، واعتدي على الطلاب
بالضرب، ونتج عن ذلك اعتقال عدد
من الطلاب،
منهم (محمد عرب، حسن قاسم، شيفان رشك،
أحمد عبد الله، هاشم أسعد، راني
إلياس، وأحمد
بشار) ثم أفرج عنهم واحتفظ
بالطالب "محمد عرب" الذي
أفرج عنه فيما بعد. ثم ما لبث أن أصدرت جامعة
حلب في أوائل شهر آذار/ مارس 2004
قراراً بفصل خمسة طلاب بصورة
نهائية من جامعة حلب بناءً على
احتجاجاتهم واعتصاماتهم
السالفة (محمد عرب، باسل ديوب،
براءة الراضي، هاشم لسع، لينا
رزوق).
وتعرض
طلاب أكراد من جامعتي دمشق وحلب
للفصل النهائي أو المؤقت، أو الفصل من السكن الجامعي بعد
أحداث 13 آذار/
مارس إثر المواجهة بين فريقي كرة
القدم في مدينة القامشلي في
أقصى شمال شرق سورية، وما تلاها من احتجاجات على
التعامل القاسي الذي تعرض له
المواطنون الأكراد على أيدي
رجال الأمن والمخابرات، ففصل
عدد من الطلاب (جاويدان الحسن،
إلهام عبد الرحمن، ميديا محمود،
محمود حمو، عبد الوهاب رشا
موسى، جوان بطال، محمود محمد
بشار، عاصم سليمان الأحمد، حمزة
أحمد عنتر، دلكش سلوم، بيريفان
عيسى، إبراهيم قاسم، محمد
إبراهيم، مروان بشار، سياهور
أسعد... وغيرهم)، بينما ألقي
القبض على عدد كبير من طلاب
جامعتي دمشق وحلب من المواطنين
لمجرد كونهم أكراداً.
وفي
24/6/2004 اعتقلت السلطات الأمنية
من استراحة جامعة دمشق أحد عشر
طالباً (باسل ديوب، خالد
العسراوي، شادي أبو فخر، ظهير
أبو لطف، عمر عبد الله، محمد
بشير عرب، مصطفى اليوسف، مهند
الدبس، مهيار حشروم، ناصر
نابلسي، وائل عزوز) من
جامعتي دمشق وحلب كانوا
يتشاورون لمراجعة رئاسة وزارة
التعليم العالي بشأن القرار
العشوائي بفصل بعضهم من
التعليم، وبعد ثلاثة أيام على
الاعتقال أخلي سبيل الطلاب
المذكورين باستثناء "محمد
عرب" و"مهند الدبس"، حيث ذكرت الأخبار بأن السلطات
عازمة على تقديمهما للمحاكمة
أمام القضاء الاستثنائي.
وتعدى
الأمر إلى إيقاع عقوبة الفصل
على طلاب المرحلتين الثانوية
والإعدادية، فقد ورد في أوائل
شهر حزيران / يونيو الجاري أن
الطالبة "إيفا إبراهيم داوود"
وهي طالبة في الصف الثاني
الثانوي في محافظة الحسكة قد
فصلت بعد وشاية زميلتها في
الدراسة وهي بنت
أحد المسؤولين الأمنيين في
المحافظة، كما أوقعت عقوبة
الفصل بحق طالبة ثانية في الصف
الأول الإعدادي.
سابعاً
: الملف الكردي:
تشير الاحصاءات إلى أن الأكراد الذين
يعيشون في سورية ويتمتعون
بمواطنتها قد يتجاوز عددهم
مليونا ونصف المليون. وبينما
تصر السلطات على أن تحرمهم من كثير من حقوقهم
الطبيعية والثقافية وتنهج ضدهم
سياسة التعريب القسري، يزداد
الأكراد تمسكاً ومطالبة بهذه
الحقوق، وتزداد السلطات قمعاً
وكبتاً لهم، فقد اعتقلت السلطات سبعة آباء (
خالد محمد، شريف فرمان، عامر
مراد، سالار صالح، هوزان محمد،
حسين رمضان، ومحمد
مصطفى) أثناء مشاركتهم أبناءهم
في تظاهرة أمام مبنى اليونسيف
التابع للأمم المتحدة في يوم
الطفل العالخمي لعام 2003 للتعبير
عن حرمان الطفل الكردي من حقوقه
الطبيعية والثقافية. ولا يزال
الآباء معتقلين بعد حوالي عام
على إلقاء القبض عليهم في سجن
عدرا شمال العاصمة السورية، وقد
مثلوا مؤخراً في 23/5/2004 أمام
محكمة أمن الدولة العليا والتي
أجلت النظر في القضية إلى التاسع
والعشرين من حزيران/ يونيو الجاري.
حدثت خلال العام المنصرم حالات
اعتقال كثيرة لأكراد على خلفية أنشطتهم
الحزبية المطالبة بمنح الكرد
حقوقهم الطبيعية والثقافية...
فاعتقل الطالب الجامعي "مسعود
حامد" الناشط في حزب يكيتي من
قاعة الامتحانات في جامعة دمشق
في 24/7/2003، ومات "خليل مصطفى"
من قرية مكتلة تحت التعذيب في
8/8/2003، وقد مثل بجثته شرّ تمثيل. واعتقلت مخابرات القوى
الجوية "على خليل سليمان"
من مقر عمله في مصلحة الزراعة في
جبل سمعان، واعتقل في 2/5/2004 "أحمد
سليمان" عضو الحزب
الديمقراطي التقدمي الكردي،
وغيرهم كثير... وفي 9/3/2004 اقتحمت
قوة أمنية مقر احتفال كانت فرقة
نسائية كردية تعد له بمناسبة
"يوم المرأة العالمي"
وفرقت الناس بالقوة واعتقلت
المشرف على الفرقة "الفنان
أكرم محمد مراد" ثم اعتقلت
شقيقيه "حسن مراد" و"حسين
مراد" بالإضافة إلى" فهيم
يوسف" وابنه "جومرد يوسف"
والشقيقين "كادار نواف منجه"
و"سيراج نواف منجه". واغتيل
الرقيب "قاسم حامد" (22
عاماً - من محافظة الحسكة) أثناء
أداء الخدمة العسكرية
الإلزامية قرب منطقة الكسوة
برصاص قوات الأمن السورية في
أوائل شهر حزيران / يونيو
الجاري، وتقول مصادر كردية بأن
أربعة عساكر أكراد تم اغتيالهم
على أيد آمريهم المباشرين.
لكن
أحداث مدينة القامشلي في 13/3/2004
وما تلاها من احتجاجات كردية
وقمع رسمي، كانت الحدث الأبرز الذي لم يحدث
له مثيل في سورية منذ مجزرة حماة
عام 1982، حيث لجأت قوات الأمن
والميليشيات
الحزبية إلى التعامل مع
المواطنين الأكراد بسياسة
العصا الغليظة والبطش، فقتل حسب
الرواية الرسمية 25 مواطناً كردياً، بينما
تقول المصادر الكردية إن العدد تجاوز المائة، وجرحت
أعداد كبيرة، واعتقلت هذه
السلطات عشوائياً - حسب
المصادر الكردية -
حوالي 6000 مواطن كردي، حيث ألقي
القبض عليهم بدون تمييز، وكثير
منهم ألقي عليه القبض من منزله
أو من سكنه الجامعي أو من مكان
عمله فقط لكونه كردياً، ورفعت
أجهزة الأمن إثر ذلك وتيرة
التمييز ضد المواطنين الأكراد،
مما أعاد إلى الأذهان ذكريات
ممارساتها وقمعها أثناء أحداث
الثمانينيات الأليمة.
وزعمت
السلطات بأن أياد خارجية كانت
وراء هذه الأحداث، وأنها تندرج ضمن "مؤامرة على سورية"،
لكنها تراجعت عن هذه الادعاءات
على لسان رئيس الجمهورية في
تصريحات لاحقة لإحدى المحطات
الفضائية، مما يضع الأمر في
نصابه ضمن الأداء السيئ للسلطة
تجاه الأكراد السوريين في مجال
حقوق الإنسان والحريات العامة
والخاصة.
وقد
سجلت اللجنة السورية لحقوق
الإنسان أسماء بعض الذين أصيبوا
أو قتلوا في هذه الأحداث
المؤسفة. وقد أفرجت السلطات عن
دفعات من الأكراد في الأسابيع
الماضية، وتتراوح تقديرات من
تبقوا رهن الاعتقال بما بين 400 و500
كردي، أُحيل العشرات منهم إلى
القضاء العسكري، والآخرون لم
توجه إليهم تهمة.
ويعتقد
حسب آخر التقارير بأن عدد الذين
ما يزالون قيد الاعتقال قد
يناهز 500 معتقل وقد أحيل في 8/6/2004
ثمانية أحداث أكراد إلى قاضي
التحقيق بمنطقة رأس العين وهم: (أحمد
شكري سعدون – بهزاد جميل – خضر
سعيد "دون 15 عاماً" خليل بن
أحمد – سيامند آل رشي "دون 15
عاماً" - علي سعيد – كانيوار
محمد – محمد علي مجو "دون 15
عاماً" ).
وفي
خطوة تصعيدية لافتة للانتباه
استدعي إلى "فرع فلسطين
للتحقيق العسكري" ستة من
زعماء الأحزاب الكردية داخل
سورية، حيث طلبت منهم جهات نافذة في
الاستخبارات العسكرية وقف
الأنشطة الحزبية والانصراف إلى
أنشطة ثقافية، وتسجيل أحزابهم
باعتبارها جمعيات لا علاقة لها
بالعمل السياسي لدى وزارة الشؤون
الاجتماعية والعمل. وفي هذا
إشارة جلية على عزم السلطات منع
هذه الأحزاب من ممارسة نشاطها
السياسي، الأمر الذي قد يحولها
إلى تنظيمات سرية، ومن شأن هذا
الإجراء أن يُحدث صراعاً
سياسياً بينها وبين السلطة
يُخشى أن تكون له تبعات إنسانية
وحقوقية خطيرة.. وهو ما يعد تراجعا عن إقرار رئيس الجمهورية بالقومية
الكردية باعتبارها ثاني أكبر
قومية في سورية في حديثه مع محطة فضائية عربية.
ثامناً
: مواجهات دامية وهجمات إرهابية
وقع
هجوم "إرهابي" على أحد المباني الخالية التي
كانت تشغلها مكاتب للأمم
المتحدة في ضاحية المزة بدمشق
في 27 نيسان/ أبريل
2004 حسب الرواية الرسمية، وقالت
السلطات التي تغيرت روايتها إنها
قتلت ثلاثة من المهاجمين
واعتقلت الرابع، وأنها اكتشفت
مخزن أسلحة تابعاً للمجموعة
المهاجمة. وصرح مقربون من السلطة
لوسائل الإعلام بأن هذا الهجوم
من فعل تنظيم "القاعدة"،
لكن الرئيس السوري قال: إنها
حادثة محلية معزولة، وترك
انعدام الشفافية وضآلة
المعلومات الواردة من السلطة عن
حقيقة التحقيقات الجارية حول
هذا الهجوم للشكوك أن تحوم حول
دوافع العملية ومنفذيها
ومصداقية المعلومات التي وردت
عنها. ثم كشفت مصادر مطلعة عن
وقوع مواجهات مسلحة في مدينة
السلمية التابعة لمحافظة حماة
بين مجموعة مسلحة وقوات من
المخابرات العسكرية بعد يومين
من هجوم المزة، عندما حاولت
دورية مخابرات عسكرية اقتحام
منزل تسكنه أسرة معروفة
بتوجهاتها السلفية. وذكرت
الأخبار بأنه قتل شخص من آل
الكيلاني بينما فر شخصان آخران.
ولم تنشر السلطات السورية أي
خبر حول هذا الحادث باعتبارها
المبادئة فيه.
تاسعاً
: الصحافة والإعلام والحريات
الصحفية والإعلامية
لا
تزال وسائل الإعلام المقروءة
والمرئية والمسموعة مملوكة
للدولة، ولا يسمح فيها بنشر رأي
غير الرأي الرسمي الداعم لسياسة
النظام القائم وحزب البعث
الحاكم. فالصحف التي تصدر في
سورية كلها رسمية أو شبه رسمية، وتمثل السلطة
أو أحزاب الجبهة التقدمية
المتحالفة معها. فبالإضافة إلى
صحف "تشرين" و"البعث"
و"الثورة" و"سيريان
تايمز" (بالإنجليزية)، تصدر أحزاب الجبهة
صحفاً ما زالت ضعيفة الانتشار
والتأثير، لم يتعرف الشارع
السوري عليها، مثل صحيفة "الميثاق"
نصف الشهرية (الاتحاد الاشتراكي-
صفوان قدسي)، وصحيفة "النور"
(الحزب الشيوعي – جناح الفيصل)،
وصحيفة "آفاق" (حركة
الاشتراكيين العرب) وصحيفة "الوحدوي"
(حزب الوحدويين
الاشتراكيين). وتبقى صحيفة "النور"
الأكثر انتشاراً بينها، لما
تنشره من مواد تتضمن النقد لبعض
السياسات الحكومية.
وبينما
تسوق مجلة "أبيض وأسود"
الأسبوعية، على اعتبارها
المجلة السياسية المستقلة
الوحيدة، فإنها غير بعيدة عن دوائر
السلطات الحاكمة، فمالكها نجل
وزير الدفاع السوري الجديد.
وكان
وزير الإعلام السابق "عدنان
عمران" ساهم بصورة شخصية في
تعثر صدور صحيفة "الدومري"
الأسبوعية، حتى صدر أخيراً قرار من رئيس
الوزراء السابق بإلغاء ترخيصها
في 31 تموز/ يوليو 2003.
وتذكر
إحدى الدراسات أن خمسة عشر
ترخيصاً لصحيفة ومجلة ألغيت منذ
عام 2000 عندما سمح نظرياً لأول
مرة بصدور صحافة غير حكومية في
البلاد. ومن الجدير بالذكر أن
التراخيص تمنح غالباً لمطبوعات
إعلانية أو علمية أو رياضية أو
ثقافية أو أطفال، وكثير من
التراخيص ألغيت بسبب الشروط
الصعبة والتعقيدات التي توضع في
وجه هذه المطبوعات.
وتخضع
كافة الصحف والمجلات والنشرات
في سورية لقانون المطبوعات
المقيد للحريات الإعلامية، والصادر في أيلول/
سبتمبر 2001 والذي
يخول رئيس الوزراء إلغاء ترخيص
أي مطبوعة بناء على اقتراح وزير
الإعلام ودون إبداء الأسباب (المادة
22).
وما
يزال العمل الصحفي في سورية
بحاجة للحصول على إذن مسبق من
وزارة الإعلام والجهات الأمنية
في سورية، وما تزال تلك الجهات
تمنع الصحفيين من مزاولة عملهم
أو تنزع منهم الترخيص بسبب
تغطيتهم غير المتحيزة للسياسات
الرسمية السورية، ويخضع بعضهم
للاستدعاء، فقد استدعي الصحفي
"ياسين الحاج صالح" الذي
يكاتب صحيفة النهار وصحفاً أخرى
إلى شعبة الأمن السياسي بدمشق
ووجه إليه تحذير شديد اللهجة
وتهديد بأن لا يكتب "مقالات
هدامة" ؟!. واستدعي للتحقيق
مراسل صحيفة الدستور الأردنية،
المواطن الأردني "صهيب التل"
الذي تعرض للاعتقال وأفرج عنه
لاحقاً في 7/11/2003، وتعرض الصحفي
السوري "باسل الرفاعي"
للمضايقة الشديدة وإخلاء منزله
المستأجر من الدولة بالقوة في
أوائل شهر أيلول/ سبتمبر 2003 على
خلفية مقالات نقدية كتبها ضد
الفساد المستشري في محافظة
الحسكة.
وتقوم
"الجمعية السورية
للمعلوماتية" و"المؤسسة
العامة للاتصالات" في سورية
بالتحكم بشبكة الإنترنت في
سورية، وتضم قائمتها السوداء
عشرات الآلاف من المواقع
الإلكترونية الإخبارية
والإنسانية وسواها، وخصوصاً
تلك التي تكون سورية في دائرة
اهتمامها، فقد حجبت على سبيل
المثال موقع "أخبار الشرق"
المتخصص في الأخبار السورية،
ومن قبله حجبت موقعي "إيلاف" و"مكتوب"،
وحجبت موقع "صحيفة الرأي
الإلكترونية" الصادرة في
باريس عن "الحزب الشيوعي-المكتب
السياسي"، ثم حجبت في 21/3/2004
موقع "كلنا شركاء في سورية"،
وحجبت في شهر أيار/ مايو
الماضي المواقع الكردية (قامشلو
دوت كوم وعامودا دوت كوم وعفرين
نت)، ولا تزال تحجب منذ سنوات
عديدة موقع "اللجنة السورية
لحقوق الإنسان"، لكنها عادت
في نيسان/ أبريل الماضي ورفعت
الحظر عن موقع "هوت ميل".
وتعتبر منظمات دولية مدافعة عن
حرية الصحافة سورية مقيدة لحرية
الإنترنت، بل ذهبت منظمة "المادة
19" (Article
19) إلى
حد تصنيف السلطة في سورية ضمن
الأنظمة العشرة الأكثر عداءً
للإنترنت وتقييداً
لاستخدامها،، حتى أن كثيراً من
المواطنين السوريين لم تتح لهم
فرصة تصفحها مرة واحدة في
حياتهم، فمشتركو الإنترنت في
سورية لا يتجاوز عددهم ثمانين
ألف مشترك- من أصل ثمانية عشر
مليون سوري. بل إن "عبد الرحمن
الشاغوري" الذي اعتقل في
أوائل عام 2003 بتهمة تصفح موقع "أخبار
الشرق" وطباعة وتوزيع بعض
مواده مثل في 14/12/2003 للمحاكمة
أمام محكمة أمن الدولة العليا، ثم نقل إلى سجن
صيدنايا، مما يوحي أن فترة سجنه قد تطول،
ثم أصدرت محكمة أمن الدولة
العليا في 20 حزيران/يونيو
الجاري عليه حكماً بالسجن لمدة
سنتين ونصف.
وفي
11/5/2004 ألقت السلطات الأمنية
القبض على "فائق المير" في
الشارع في مدينة اللاذقية بسبب
حيازته على نسخة من صحيفة "الرأي"
الإلكترونية،
ثم اعتقلت صديقه "محمد جمعة
قوبان" لمجرد الاتصال به على
هاتفه الجوال قبل أن تخلي سبيله
في 10/6/2004 إثر اتهامه بتوزيع
أخبار كاذبة وإثارة التفرقة بين
عناصر الأمة، ومن الجدير بالذكر
أن قوبان سجن في السابق لمدة 17
عاماً. وفي 9/6/2004 طلب من الكاتب
الصحفي جهاد نصرة المثول أمام
فرع الأمن الداخلي للتحقيق في
كتابات ومقالات ناقدة يكتبها،
وقد أخلي سبيله بعد تلقيه تحذير
صريح وتهديد مبطن بعواقب ما
يكتب.
أما
محطات الإذاعة
والتلفزة والقناة الفضائية فهي
مملوكة حصراً للسلطة وتتبع "الهيئة
العامة للإذاعة والتلفزيون".
وقد اعتقل "عبد الرزاق سليم" مراسل قناة "العربية"
الفضائية أثناء تغطيته لأحداث
القامشلي في 15/3/2004 ثم أُفرج عنه، بعد عدة أيام إثر مصادرة أشرطة
التسجيل والتصوير، وتحذيره.
عاشراً:
حرية التجمع السلمي
تداعت
جهات سياسية معارضة ومدنية
وحقوقية للقيام باعتصامات
للتعبير عن رأيها في القضايا
المستجدة على ساحة البلد، لكن
السلطات السورية لم تسمح لأي
اعتصام سلمي أن يمر بسلام بل
تعاملت مع المعتصمين بقسوة
ومنعت الاعتصامات وقامت
باعتقال وتقديم بعض المشاركين
للمحاكمة أمام محاكم عسكرية
واستثنائية غير قانونية. فلقد
قمعت السلطات السورية
الاعتصامات الطلابية في جامعتي
دمشق وحلب للمطالبة بأمور يرون
أنها من حقهم كطلاب المطالبة
بها مثل إلغاء المرسوم رقم 6
القاضي بإحلال الدولة من
التزامها بتوظيف المهندسين بعد
تخرجهم. وقمعت السلطات الأمنية
بقسوة الاعتصام الذي دعا إليه
نشطاء حقوقيون ومدنيون لإنهاء
حالة الطوارئ في سورية في
الثامن من آذار / مارس الماضي،
وكانت تظاهرة قام بها أطفال
أكراد برفقة ذويهم قد قمعت أمام
أحد مكاتب الأمم المتحدة بدمشق
قد فرقت بعنف واعتقل عدد من
الآباء المشاركين، وفي الحادي
والعشرين من حزيران / يونيو
الجاري لم تسمح السلطات الأمنية
في دمشق بحدوث اعتصام في دمشق
تضامناً مع السجين السياسي
ومطالبة بإطلاق سراح المعتقلين
السياسيين، وعمدت إلى تفريق
القادمين وضربهم وإهانتهم.
وما
تزال السلطات السورية تمنع قيام
منتديات أو ترخيصها على الرغم
من غض الطرف عن نشاط بعض
المنتديات مثل منتدى جمال
الأتاسي، ولم تسمح بترخيص إلا
منتدى وحيد لعضو مجلس الشعب
محمد حبش المقرب من جهات رسمية
وأمنية.
اللجنة
السورية لحقوق الإنسان
27/6/2004
|