ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/08/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحملة الإنسانية من أجل المفقودين في وطنهم سورية

الأستاذ " عدنان منلاّ "

دكتور : عثمان قدري مكانسي

قال أبو خالد " عدنان شيخوني ": سأعرفك على شاب لن تنساه طول حيانك يا أبا قدري .

قلت : وما ميزاته التي تؤهله أن يبقى في ذاكرتي ، فلا أنساه ؟!

ضحك وقال : أظنك ستتنازل له عن رئاسة " جمعية الفول الجامعية " أو تجعله نائبك الأول ، فقدراته في تجهيز " طبق الفول " اليومي فائقة !!! فضحكنا .... نعم ضحكنا لأننا أسسنا جمعية للدراويش من الطلاب الجامعيين تجعل من صحن الفول شعارها ، وتتخذه الطعام المفضل ، أو قل المتاح كل يوم ... وقررت - باعتباري رئيسها - أن لا يدخلها عضو جديد إلا بعد اختباره في وجبة " فولية " طازجة يحضِّرها بيديه ، يحضُرها على الأقل رئيس الجمعية واثنان من مؤسسيها ..... فيكون الحكم صحيحا  واتخاذ القرار صائبا ..... متى يا أبا خالد ؟ . قال : في الوقت الذي تريد .  من هو ياصديقي ؟ قال : سوف تعرفه حين ندخل بيته .

   كنا في اليوم التالي بعد صلاة العشاء، أمام بيته في المشهد - حي الأنصاري - في مدينتنا حلب الشهباء ، في نيسان من عام  1969واستقبلنا بحفاوة تدل على اهتمامه بنا ... شاب من مواليد حلب 1949معتدل القامة ، ممتلىء الجسم ، رخيم الصوت ، حنطي اللون ، دائم البسمة ، حلو المحيّا ، عرفنا بنفسه : عدنان منلاّ ، يدرس الرياضيات في جامعة حلب ، السنة الثانية .

    وحيد أمه التي تعيش في بيت أهلها من آل " الفتّال " إذ توفي زوجها وابنها طفل صعير ، فلم تشأ أن تتزوج بعده ، وتفرغت لتربية ولدها ورعايته . ولم يكن لإخوتها وأخواتها أبناء ، فكان عدنان ولدهم المدلل . ولكنه دلال الواعين الأتقياء ، فنشأ شابا خلوقا ذكي الفؤاد ، أصيل المنبت ، ذا أدب جم ، وحياء واضح .

    ولا تمر أشهر قليلة حتى أراني وثلة من أبناء دعوة الإخوان المسلمين كان منهم :عدنان منلا و محمد أديب صالح ويحيى حاج يحيى وأحمد الخراط  في دورة توجيهية يديرها الأستاذ الفاضل فاروق يطل ، ويساعده فيها الإخوة الأساتذة : محمد مهتدي كسحة  وأحمد جاموس رحمهما الله تعالى ، وفاضل خير الله . ... دامت هذه الدورة سنة ونصف السنة ، نلتقي في رحابها أسبوعيا أربع مرات تقريبا ، لندرس التفسير والسيرة المطهرة والفقه الميسّر والتلاوة والحديث والنظام الحركي لجماعة الإخوان المسلمين .إلى جانب الاهتمام بالروح والبدن ، وكنا في الوقت نفسه موجهي أسر إخوانية  مؤلفة من طلاب الثانوية ، فنطبق ما نأخذه في الدورة على هذه الأسر ، فتكون تدريبا عمليا في هذه الدورة التوجيهية المباركة .

    كان الأخ عدنان منلا - رحمه الله حيا وميتا - ألمعياً ، نابه الفؤاد ، حاضر البديهة ، هادىء الطبع ، لطيف المعشر ، يناقش بأسلوب حضاريٍّ ، ويحور بأدب ظاهر ، وهكذا كان الإخوة في هذه الدورة بالإضافة إلى المحبة التي جمعتنا ، وألّفت بين قلوبنا .

     كنت تراه كثيرا مع الأخ محمد أديب صالح ، وكأن روحيهما كانتا أشد لصوقا وتقاربا . لا يفترقان حتى تراهما معاً على اختلاف في دراستهما ، فمحمد أديب كان يدرس الأدب العربي ، إلا أن الكليتين كانتا متجاورتين مما سهّل لقاءهما المتجدد .

     ويتخرج عدنان عام 1972فيُعيّنُ في إحدى قرى محافظة حلب ، فلا يمنعه الذهاب صباحا والعودة عصرا من تربية أسره الطلابية العديدة على حب الدين والتزام آدابه ، فأحبه تلاميذه والتفوا حوله ، وقبسوا من أخلاقه العذبة وروحه الخلاّقة الشيء الكثير .... ولكن يد الغدر الآثمة تعتقله مع أبناء الدعوة  في حلب من نيسان عام 1979فتزوره أمه في سجن المزة السيء الذكر ، مرة بعد أشهر طويلة ، فلما استصدرت الإذن بزيارته الثانية بعد وساطات كثيرة لم تجده في المزة ، فقد نقل إلى معتقل تدمر الصحراوي الوحشيّ  لتنقطع أخباره هناك بعد مجزرة تدمر المشؤومة في حزيران عام 1980 .

      تزوج من قريبته ، وحين اعتقله الوحوش لم يدر أنها كانت حاملا بابنته ، فرآها حين زارته وابنتها في معتقله في المزة مرة هي الوحيدة ... وأدى الهمّ الكبير الذي ألمّ بزوجته لما أصابه أن يضعف جسمها وتمرض ، فتنتقل العدوى إلى ابنته الرضيعة ، فتصاب بضمور في تلافيف مخها ، فتنشأ نشأة غير طبيعية ...... ويحتضن البيت بعد غياب عميده الطويل أما عجوزا وزوجة صابرة وبنتا معوقة .......

     اللهم ، يا رحمن... يارحيم .. أنت ولي المؤمنين، وأنت الملجأ الحاني  ... أنزل السكينة على قلوبهن ، وكن لهن ولعبادك المظلومين الركن الركين ، واكتب لهم الصبر والجزاء الأوفى .... وأرنا في الظالمين يوما أسود ، وخذهم أخذ عزيز مقتدر ، الله آمين يا رب العالمين .

     وأنت يا أخي الحبيب عدنان كنت الشاب المؤمن الصافي السريرة ، الراضي بقضاء الله ، الراغب في فضله ورضاه ، الساعي لجنته . ولعل الله تعالى علم صدقك ، فابتلاك ، ثم اختارك إليه ... فرحمك الله خيا وميتا ، بل أنت في الحالتين من الأحياء " ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ، بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله ، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون  "

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ