ملف المهجرين
القسريين
ماذا
تريد سورية من المغتربين
يعقد في دمشق 9/10/2004 المؤتمر الأول
للمغتربين السوريين والمنحدرين
من أصل سوري، برعاية رئيس
الجمهورية وبمشاركة معظم
الوزارات والجهات الحكومية،
وممثلي القطاع الخاص (الاقتصادي).
وذكرت الوزيرة شعبان أن المؤتمر
سيناقش بكل شفافية ووضوح شؤون
المغتربين، وما يحمله ممثلوهم
من كافة الدول والقارات التي
يتواجدون فيها، منوهة إلى أهمية
القضايا التي ستطرح.
وبغض النظر عن طبيعة الحضور، وعن
دورهم في عوالم الاغتراب يمكننا
أن نتساءل ماذا تريد سورية من
المغتربين؟! إذ على ضوء الإجابة
على هذا السؤال يمكننا أن نقرر
جدية الدعوة ومصداقيتها، كما
يمكننا أن نلحظ مخرجات المؤتمر
ونتائجه.
ولا شك ابتداء ان المغتربين على
اختلاف شرائحهم وانتماءاتهم
ودواعي اغترابهم يشكلون حضوراً
وطنياً في بلاد الاغتراب.
وأهمية مؤتمر مثل هذا تنبع من
إمكانية إجراء التعارف بين
الجاليات والوحدات البشرية
الكبرى، ورسم أفق التحرك الوطني
أمام أعينها، وتصحيح نظرات
البعض عما يجري على أرض الوطن.
أي باختصار إعداد المغترب لتحمل
رسالة وطنية يؤديها في إطار
حياته العامة والخاصة. أهمية
المؤتمر تنبع من الجدية
والمصداقية ولكن حين يتحول هذا
المؤتمر، إلى تظاهرة إعلامية،
التقينا وانفضضنا، فإن هذا
المؤتمر على أهميته كما قلنا لا
يستحق الجهد الذي يبذل من أجله،
ولا الميزانية التي تنفق عليه.
ولكي يدخل المؤتمر في إطار
الجدية لا بد أن يتساءل
القائمون على هذا المؤتمر عن
أهدافهم منه..
لا يخفى أن سورية تمر بضائقتين
تأخذان بعناق بعضهما؛ ضائقة
اقتصادية وأخرى سياسية. فإذا
كان في لقاء المغتربين نوع من
التواصل فإن التواصل العاطفي
الحميمي هو ابن لحظة ليس إلا.
سورية تريد من المغتربين
استثمارات حقيقية تنعش بها
وضعها الاقتصادي المتردي، وهذا
بعض الحق للوطن على أبنائه،
ولكن كيف يمكن لأي إنسان تعب
وشقي في جمع ماله أن يلقيه في
ساعة انفعال عاطفي في بحر من
العماء؟! الارتباط السياسي
والاقتصادي لا يحتاج إلى تنويه
ورائحة الفساد المنتشرة في
الجواء السوري تزكم الأنوف،
والأقاصيص التي تحكى ترتجف لها
القلوب. أليس تنظيف البيت
الداخلي خطوة جدية استباقية لأي
دعوة من هذا النوع حتى تأخذ هذه
الدعوة مصداقيتها؟!
أما الوضع السياسي فسورية بلا شك
تحتاج إلى سفراء ومراسلين
يحسنون صورتها السياسية رسمياً
وشعبياً حيث يعيشون، سورية
سياسياً وأمنياً بفعل عوامل
كثيرة أشبه ببيت سيء السمعة.
وكيف يمكن للمغترب أن يكون
سفيراً مشاركاً في تحسين صورة
بلده وآلاف الحالات الأليمة
تدور حوله في عالم الاغتراب
لسوريين حقيقيين تحاول السيدة
شعبان أن تقفز فوق آلامهم، وأن
تعقد المؤتمرات على جراحهم،
ولكل حالة من هذه الحالات عشرات
الملفات بدء من الحرمان من حق
العودة إلى الحرمان من جواز
السفر إلى الحرمان من الحصول
على الوثائق العلمية إلى
الحرمان من الحق في الأوراق
المدنية الثبوتية..
أي بخور هذا الذي يمكن أن يحجب
معاناة الآلاف من الرجال
والنساء والولدان الشهداء
بلسان الواقع ما تريد الدكتورة
شعبان أن تنقضه بلسان الخطاب؟!
ليكون لمؤتمر المغتربين جديته
ومصداقيته وثمرته ينبغي أن تحكم
البدايات التي تجعل من كل مغترب
حامل هم حقيقي لوطنه.
|