ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 20/12/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كلمة السيد زهير سالم في المؤتمر الصحفي

الذي عقدته جماعة الإخوان المسلمين في لندن

بتاريخ 16/12/2004

للإعلان عن مشروعها السياسي لسورية المستقبل

الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد رسول الله ...

أرحب بكم أيها السادة والسيدات في هذا اللقاء الطيب المبارك. وأعترف أنني لن أكون قادراً في حيز الدقائق القليلة على تقديم إيجاز شامل للمشروع السياسي، الذي نضعه بين أيديكم، ونقدم به مفتاح خلاص، ومرقاة نهوض، لشعبنا العربي السوري. وإنما سأكتفي بعرض بعض الإلماعات التي تلفت إلى الحقائق الكبرى التي قام عليها هذا المشروع ...

فهذا المشروع، في جملته، هو رؤيتنا الإسلامية المتجددة، في إطاريها الزماني والمكاني، لإعادة بناء الفرد والمجتمع والدولة، وإصلاح النظم والمناهج والمؤسسات في قطرنا لوضعه على مدرجة التحرر والنهوض ... هو رؤية مستقبلية، تجسد إصراراً عملياً على نفي الصبغة الماضوية التي يسعى البعض إلى إغراق الإسلام فيها، ومحاصرته في دائرتها. وهو سعي للتواصل والتشابك مع العصر ومع الحضارة ... مع الآخر عقائد ومناهج وسياسات، ومع الوطن المؤسسة والقضية والإنسان، لتثبيت المكانة، وإزالة كل غبش لحق أو ألحق بصورة الذات ...

وبين بعد وطني مرحلي وأفق حضاري عالمي، لم ننس أبداً انتماءاتنا العربية والإسلامي، فنظرنا إلى قطرنا دائماً جزءاً من كل، وفرعاً من أصل ... فكانت الوحدة في أفقيها العربي والإسلامي لنا هدفاً، وكان التعارف الإنساني القائم على الحوار والاحترام لنا مطلباً، وما كان لنا ونحن نرود الأفق الأوسع والأرحب أن نغفل عن وحدة وطنية داخلية، تنسج العباءة السابغة بفتونها وألوانها ... العروبةُ الانتماءُ، والإسلامُ العقيدةُ والحضارة، لُحمة تلك العباءة وسَداتُها ...

كانت ثوابت شريعتنا الربانية - الكتاب والسنة - كما عطاءاتُ الحضارة ببعديها الإسلامي والإنساني، لنا منطلقاً ومصدراً، فأمدت الثوابتُ ثم التجاربُ مشروعَنا بمائه وروائه.

لقد أهدرت أمتنا أكثر من قرن في محاولة نهوض بائسة، محاولةٍ قامت على غير أساس، وزَرَعت في فضاء مستعار، تناست حقائق التاريخ، والمذخور الذي يصنعه الإيمان، وعجزت عن تفجير الطاقات وتوظيفها، فظلت أمتنا أسيرة التخلف والعجز، وأصبحت مضربَ المثل في الذلة والهوان ...

أيها السادة ... أيتها السيدات:

كنا ندرك منذ أمد منا على التفكير في هذا المشروع واقعَنا المثخن بركام التخلف، المقيد بسياسات الرهق. ومن هنا لم نفكر بحلول سحرية ولا بوعود وردية.

كانت رؤيتنا بنتَ وقع قدرنا فيه حاجتنا إلى التعاون الوطني، واللقاءِ على الكلمة السواء، للمساعدة في تسديد الرؤية، والمبادرة إلى تحقيق نقطة الانطلاق، ومن ثَّم للخروج من فضاء الجدل إلى لحظة العمل، وللتوقف عن تقاذف أسباب العجز للقفز فوق الجراح إلى الغد الأفضل والموقف الأجمل.

متفقين مع كثير مما يُرصد في واقع إنساننا الفرد، أكدنا في مشروعنا على ضرورة إعادة بناء الإنسان: بناء يُؤسَّس على العقيدة، العقيدة التي تحارب الخرافة والتواكل والعجز والتعصب والغلو، وتحض على التقوى والعلم والإنجاز والإتقان، وتيسر السبيل بسماحة ويسر ... بناءً يؤسس العقيدة، ويرتكز على المعرفة، ويعمق منطلقات الوعي، ويطلق آفاقه.

ورأينا في الحرية الشرطَ الأساسَ لتفجير الطاقات، وإطلاق الإبداعات، فالفرد الحر المختار المسؤول هو مناط الخطاب ومناط التكليف ومناط الإنجاز.

وفي موقفنا من الفرد، الوجه الآخر للحقيقة الإنسانية، كانت المرأة الشقيق الغائب أو المُغيَّب، أدركنا بُعد الشقة بين واقعنا الاجتماعي والأفق التي تمنحها إياه شريعة قامت على العدل والرفق ... تأسيساً على قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة"، قالوا: هي درجة النفقة أو القوامة، وعلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال" .. أطّر مشروعنا للعلاقة بين الشقيقين في دوائر من التماثل والتكامل والتمايز، دوائر تؤكد المساواة في الكرامة الإنسانية، وفي الأهلية المدنية، وتوفَّرُ حقوق المشاركة في الحياة العامة: الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، في إطار الضوابط العامة، والخصوصيات التي تقدسُ الأمومة وتصونُ الأسرة.

أيها السادة ... أيتها السيدات:

ثم رأينا في المجتمع القوي المتلاحم، المعزَّز بالروابط الإنسانية القويمة أساساً مكيناً لأي إنجاز حضاري. فرسمنا الطريق إلى بناء المجتمع على التكافل والتراحم والتعاون، ورأينا في العدل الاجتماعي فضاء لا يقل أهمية عن العدل السياسي، فكم كانت الوشيجة مُحكمة بين "الجوع والخوف" في صنع آلام الإنسان. فالجائع كما الخائف، إنسان مسلوب الإرادة، مشلولُ القدرة، عاجز عن الإنجاز. فالأمن السياسي المتمثل في الحرية، والأمن الاجتماعي المتمثل في الكفاية، هما المدخل الحقيقي إلى مجتمع ينهض على الإباء ورفض الظلم والخنوع للاستبداد.

كما رأينا في مؤسسات المجتمع المدني التي تقلَّبت في تاريخنا الحضاري في صور ومَجَالِيَ شتَّى، قياماً بالفروض الكفائية التي شرعها الإسلام. هذه الحالة المجتمعية بغض النظر عن المصطلحات، هي "الأمة"، أي الجماعة التي التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الخير، والتي تجسدت في قوله تعالى: "ولتكن منكم أمة ...".

والمجتمع المدني هذا بسمته المعاصرة لم يكن قط بديلاً عن الدولة، وإنما كان دائماً الظلَّ المكمل، حيث غابت أو عَجزَت أو قصَّرتْ، والصوتَ الناصحَ المقوِّمَ حيث مالت أو فرَّطت أو أفرطت.

وكانت إعادةُ بناء الدولة، هي الركيزةَ الثالثة في مشروعنا. لن نتوقف أيها السادة عند الحالة التي تمثلها الدولة القُطرية المستنسخة في واقعنا، فالبلاء أشهر وأكبر من أن يُشار إليه.

في بديلنا الإسلامي نبادر إلى قطع العلاقة بين الدولة الإسلامية أصلاً وبين الدولة "الثيوقراطية"، الدولةِ التي تقوم على ادعاءات الانتماء القدسي أو "العصمة" المزعومة ...

لقد أجمع علماء الإسلام على ان الأمة هي مصدر الولايات. وأكد قرآننا أن الشورى هي أساس الحركة السياسية والاجتماعية في إطار المجتمع المسلم، "وشاورهم في الأمر"، و"أمرهم شورى بينهم".

ومن هنا، فقد رأينا في "الدولة الحديثة" ظلاً للدولة الإسلامية في تجلياتها المعاصرة. فالدولة التي نشدنا في مشروعنا هي تلك الدولة التي تعتبر المواطنة بمفهومها العام مناطاً للحقوق والواجبات، فكم ترددت في عقود المسلمين وعهودهم رائعة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا". وهي دولة تُبنى على دستور مدني، يقرر فصل السلطات، وتبنى على أسس التعاقدية والتعددية والتداولية والمؤسساتية.

أيها السادة ... أيتها السيدات:

لا يخلو كتاب من كتب السياسة الشرعية من التأكيد  على أن أمر الإمامة وهي الموضوعة "لرئاسة الدين والدنيا" إنما يقوم على عقد "إيجاب وقبول" بين الأمة والإمام.

نحب أن نؤكد أننا قد ارتضينا الخيار الديمقراطي خياراً لا رجعة عنه، في أدائنا السياسي الوطني، سيكون الحُكْمُ دائماً لصندوق اقتراع حر ونزيه، وستكون مرجعيتنا الشعبية في مدخلنا إلى برنامجنا السياسي.

إن التحدي الأكثر أمام شعوبنا في الأقطار العربية أجمع، وفي قطرنا بشكل  خاص، هو إنجاز آلية حضارية وعملية لتداول السلطة. حيث نُصرّ على أن يكون سلم الديمقراطية ذا اتجاهين، دون أن يتاح لأحد أن يُعلِّق هذا السلَّم أو أن يتجاوزه.

أيها السادة ... أيتها السيدات:

تمثل الحرية الاقتصادية مع صنويها السياسي والاجتماعي بعداً ثالثاً من أبعاد إطلاق مناخ الإنجاز، وتفجير الطاقات. وقد كانت للإسلام قواعده وأسسه الاقتصادية المتميزة ... الرؤية الاقتصادية التي طرحها مشروعنا لم تكن تعديلاً في النظام الاقتصادي الرأسمالي، فالحرية في مجالِيْها كافة - في رأينا - ليست رديفاً لحالة الفوضى أو الإباحة أو السُّعار، ورؤيتنا الاقتصادية أيضاً ليست بديلاً عن إخفاق النظام الاشتراكي أو عن رأسمالية الدولة، أو دولة الرفاهية. رؤيتنا الاقتصادية تعبير عن قواعد نظام أصيل، يلبي متطلبات العصر ويستجب إليها بمرونة، وهو في الوقت نفسه بعيد عن استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ... نظام يلبي متطلبات السوق في إطار المصالح العامة.

أيها السادة ... أيتها السيدات:

لقد كان الاستبداد والفساد العائقين الأساسيين اللذين سدَّا في وجه أمتنا سبل النهوض، وحالا بينها وبين تنفيذ إرادتها في صنع الحاضر والتأسيس للمستقبل. ومن هنا، فقد أكد مشروعنا على ضرورة التكاتف لإطلاق مبادرة وطنية لتطويق الفساد واجتثاثه، وهي مبادرة لا يمكن أن يقوم عليها إلا نفوس طاهرة وأيد متوضئة.

أيها السادة ... أيتها السيدات:

لقد أجاب مشروعنا على الكثير من التساؤلات، وعالج العديد من القضايا والتحديات، ووضَّح الطابع المدني للشريعة الإسلامية، البعيد عن الطقوس والأسرار المقدسة، وأكد على وسطيتها ويُسرها واعتدالها، فهي شريعة تضع الإصْر، وتضيق دائرة الحظر، وتوسع دائرة العفو، وتترك مساحات واسعة للاجتهاد البشري في تحقيق المصالح ودرء المفاسد.

وتحدث عن الوطن بخلفيته الحضارية والدعوية والسياسية والاستراتيجية، وحدد مواقف إيجابية من قضايا العولمة وأسلحة الدمار الشامل والنمو السكاني، كما طرح رؤى لتحرير الجولان المحتل.

عالج قضايا التعددية الإثنية والمذهبية والدينية من منظور يجمع ولا يفرق ... توقف عند السلطات الثلاث، فطرح برامجه لإصلاح القضاء كما إصلاح السلطتين التشريعية والتنفيذية ... تناول إصلاح النظم والمناهج، واعتبر الإصلاح الدستوري وسيادة القانون المدخل الأساس إلى كل إصلاح، وأعلن الأهداف العامة للنظام السياسي الذي يسعى إليه، والمتمثلة في الأمن والمساواة والعدل والحرية.

نَبَذَ العنف، ودعا إلى الحوار ... أدان الإرهاب، وطالب بتعريف حقيقي له، يميز بين المقاومة والإرهاب، وشدد على إدانة إرهاب السلطة، وإرهاب القوي، وانتصر لقضايا الشعوب المظلومة، ولا سيما الأشقاء في فلسطين، وطالب بحل يقوم على الحق والعدل والشرعية لمعالجة ملف القضية الفلسطينية.

وجال مشروعنا على قضايا التربية والتعليم والإعلام والثقافة والجيش والدفاع، عالج قضايا الشباب كما قضايا البطالة والفقر والأمية والقصور في عالم الإبداع والإنجاز.

أيها السادة ... أيتها السيدات:

مشروعنا بين أيديكم، وحسبنا في هذه العجالة أن نكرر قول الله تعالى: "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب".

لندن في 16/12/2004

زهير سالم

عضو قيادة جماعة الإخوان المسلمين في سورية

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ