تهديدات
اليهود للأقصى من المتطرف
'عتسيون'
إلى 'دافيد عبري'.
مجلة
العصر:16/4/2005
بقلم :محمد زيادة
الخطة التي طرحها الإرهابي "عتسيون"
منذ عشرين عاماً، هي نفسها
الخطة التي طرحها المتطرف
اليهودي "دافيد عبري" زعيم
جماعة "رفافاه" اليهودية
المتطرفة في العاشر من أبريل
عام 2005، وتعتمد على مبدأ الهجوم
خير وسيلة للدفاع، والهجوم يعني
في وجهة نظر عتسيون وعبري
وأمثالهما، لفت الأنظار
والاهتمام بحدث أكبر، ولا يوجد
أفضل من التهديد بنسف المسجد
الأقصى المبارك.
قبل
عشرين عاماً خرج المتطرف
اليهودي "يهودا عتسيون"
على الملأ، ليعلن رفضه لخطة
الانسحاب الإسرائيلي من سيناء
وتسليمها للمصريين، أصحاب الحق
التاريخي فيها، وكانت هذه الخطة
نتاج طبيعي لما أسفرت عنه حرب
أكتوبر عام 1973م، وما استتبعها
من مفاوضات بين مصر وإسرائيل".
الإرهابي اليهودي "يهودا
عتسيون" كان يتزعم تنظيماً
يهودياً متطرفاً يُعرف بـ"التنظيم
السري اليهودي الأول"، وكان
يتضمن غُلاة المتطرفين اليهود
وكبار الحركات الاستيطانية
اليهودية، وأعضاء من البرلمان
الصهيوني "الكنيست".
في هذا التوقيت تحديداً في سنوات
الثمانينات، حاول هذا التنظيم
اليهودي إحراج الحكومة وحثها
على عدم المضي قدماً في تسليم
سيناء لمصر، فدعا عتسيون عبر
وسائل الإعلام المملوكة
للمتطرفين اليهود، وهي كثيرة،
من سماهم باليهود المُخلصين
للدفاع عن سيناء، وحدد لهم خطة
الدفاع.. فماذا كانت هذه الخطة؟
الخطة التي طرحها الإرهابي "عتسيون"
منذ عشرين عاماً، هي نفسها
الخطة التي طرحها المتطرف
اليهودي "دافيد عبري" زعيم
جماعة "رفافاه" اليهودية
المتطرفة في العاشر من أبريل
عام 25!
الخطة تعتمد على مبدأ الهجوم خير
وسيلة للدفاع، والهجوم يعني في
وجهة نظر عتسيون وعبري
وأمثالهما، لفت الأنظار
والاهتمام بحدث أكبر، ولا يوجد
أفضل من التهديد بنسف المسجد
الأقصى المبارك.
والحقيقة أن وسائل الإعلام
الإسرائيلية، نفسها عادت
بالذاكرة للربط بين كلا الحدثين
في تقرير خاص بثه التليفزيون
الإسرائيلي في التاسع من أبريل
الجاري، أي قبل يوم واحد من "مسيرة
العشرة آلاف يهودي" نحو الحرم
القدسي، حسبما أطلقت عليها
جماعة "رفافاه".
تساءل التقرير التلفازي العبري:
هل هي خطة معتادة للمستوطنين
اليهود وكبار الحاخامات لإفساد
أي مخطط سياسي تسعى إليه
الحكومة؟
وبعيداً عن إجابة التليفزيون
الصهيوني، الذي أكد أن هذه
التهديدات بالفعل تهدف لإثناء
الحكومة عن تنفيذ مخططاتها
السياسية التي لا تتوافق مع
آراء المستوطين واليمين
اليهودي المتطرف، فإن ما هو
معلوم، أن نؤكد على أن الانسحاب
الإسرائيلي من غزة وإخلاء
مستوطنات اليهود بها، ومن ست
مستوطنات أخرى شمالي الضفة،
ليست خطة سياسية إسرائيلية بحتة.
بمعنى آخر؛ الانسحاب
الإسرائيلي من غزة جاء بالفعل
نتيجة الضغوط والخسائر الكبيرة
التي تكبدها الكيان الصهيوني –
بشهادة التقارير الإسرائيلية
ذاتها- على أيدي المقاومة
الفلسطينية في غزة، التي وقف
رئيس الوزراء الإسرائيلي
الراحل "إسحاق رابين"، ذات
صباح وقال "وددت لو استيقظت
من نومي لأجد غزة قد غرقت في
البحر ومُحيت من الوجود".
هذا ما يدعونا للقول إن الخطة ليست
إسرائيلية بحتة، لكن ماذا قالت
الصحف العبرية عن هذه التهديدات
التي رافقت موت بابا الفاتيكان،
وهرول إلى جنازته العديد من
قادة العرب والمسلمين، فيما لم
يتحرك أحد باتجاه المسجد
الأقصى، أو يُكلف نفسه عناء
إصدار تصريح رسمي حول رفض هذه
التهديدات!
* إشعال النيران:
صباح العاشر من أبريل، خرج الكاتب
الصهيوني "دوف جولدشتاين"
بمقال في صحيفة معاريف العبرية،
عبر فيه عن المخاطر التي ستحدث
في المنطقة جراء تنفيذ هذه
التهديدات اليهودية بنسف الحرم
القدسي، قال:" أعطوني
ميكروفون يصل صوته بعيداً..
أريده أن يمزق صداه كل الآذان..
أريد أن يُسمع دويه من أقصي
الأرض إلى أقصاها، أريد أن أصرخ:
لا تُذْكوا اليوم، ولا غداً،
ولا بعد غدٍ ناراً فظيعة في
الحرم القدسي. إن ما يُدبر لعمله
الغُلاة اليوم من المعسكرين،
اليهودي والإسلامي، في الحرم
القدسي، يجب أن يقض مضجع كل
إنسان سوي، سواء أكان يُصلي
لله، أو يردد بخشوع وهبة اسم
الله."
لاحظ هنا أن الكاتب الصهيوني لم
يشأ أن يشير إلى أن التهديدات
نابعة من غلاة المتطرفين
اليهود، فأقحم معهم من سماهم بـ"غًلاة
المعسكر الإسلامي"، ومن
المعروف أن المسلمين هرعوا
للمسجد الأقصى للدفاع عنه ضد
التهديدات اليهودية.
مضى الكاتب الإسرائيلي يقول:"
لا، لم يكن عندي وحي. ولا إشراق.
والله لا يحادثني دائماً. ولكن
إذا كان الله موجوداً كما يؤمن
المسلمون واليهود، فإنني علي
يقين من أنه سيقول اليوم لهما:
لا تُحقروا اسمي. لا تُصيّروا
المسجدين والحائط الغربي ميدان
دماء. أخمدوا نار الغُلو الديني
التي تتأجج في قلوبكم. لقد أدى
هذا الغُلو لسفك دماء كثيرة. لقد
قضي علي شعوب كثيرة بالثكل
وبآلام عظيمة، وقد أمطر لعنته
علي الشعب اليهودي آلاف السنين.
ولم يبرأ المسلمون منه أيضاً."
ويوجه "جولدشتاين" نصائحه
مباشرة للمتطرف "دافيد عبري"
فيقول: "أتسمع يا داود
العبري، يا رئيس منظمة العشرة
آلاف في جبل الهيكل؟ نعم.. إليك
أتحدث.. لا تجلب علينا كارثة. لا
تُشعل نفوس اليهود، الذين
يُحقّرون فتوي كبار حاخامات
إسرائيل علي اختلاف الأجيال.
إنهم، الحاخامات، يحظرون علي
اليهود الصلاة في الحرم القدسي،
وأنت تقودهم إلى نقض فتواهم.
إنهم مُشفقون علي سلامة الشعب،
ويحذرون من ثورة النفوس، ومن
خطر سفك الدماء، وأنت تُشعل
النار قرب حاويات مليئة بالمواد
المتفجرة. إنهم يحاولون تقصير
الفتائل الحساسة وأنت ورجالك
تنوون اليوم إذكاء النار فيها.
بدلا من أن تُشعل النار في الشرق
الأوسط يجدر بك أن تتمسك بدعوة
الآلاف وعشرات الآلاف إلى
الهدوء".
* مزاعم يهودية:
وأجدني لا أستطيع الخروج من مقال
جولدشتاين لمقال آخر، فقد جمع
في مقاله النصائح لليهود
والمسلمين على حد سواء، لكن
للأسف، فقد كانت نصائحه
للمسلمين مغايرة تماماً
للحقائق، فهو يُنادي مفتي
القدس، الذي يزعم أنه لم يستطع
حفظ اسمه من خلال المقابلة
التليفزيونية في التاسع من
أبريل، فيقول جولدشتاين:"
اعذرني يا مفتي القدس، الذي لم
أحفظ اسمك في مقابلتك
التلفزيونية. لكنني سمعت كيف
تُثير النفوس. أنت لا تحترس من
النار. أدعوك ألا تغلق أذنيك،
فانك ستنتهي إلى أن تتحمل تبعة
ثقيلة. ستنفجر حاوية المتفجرات.
ستهدم الحرب الدينية الاحتمال
الضئيل لإقرار العلاقات بين
الإسرائيليين والفلسطينيين علي
أساس السلامة العقلية. يجب
علينا أن نمنع سفكاً آخر للدماء.
ناشدتك الله: هل تؤمن حقاً، وراء
نزوات اللسان وإرادة إعجاب
الخاضعين لك ومُجاوريك علي
المائدة، إن اليهود الأسوياء
يريدون الاستيلاء علي المسجدين
في الحرم القدسي، أو أن
يهدموهما، أو منع أتباعك من
الصلاة هناك؟ إنك تلعب بالنار.
قف.. قف الآن. اليوم. لكن غداً قد
تتأخر".
وينتقل الكاتب الصهيوني إلى الزعم
بأن حكومته تحرص على حرية
التدين والعبادة أكثر من أي
دولة أخرى في الشرق الأوسط! ( لم
يذكر الكاتب مذبحة الخليل التي
نفذها الإرهابي "باروخ
جولدشتاين" ضد المصلين
المسلمين وهم ساجدون عام 1994
والتي استشهد فيها عشرات
المسلمين، ولم يذكر تحويل
حكومته للعديد من المساجد إلى
معابد يهودية، وتحويل أخرى إلى
نوادي قمار يهودية، ولم يذكر
كذلك هدم العديد من المساجد،
ولم يذكر عدم سماح حكومته
للمسلمين فيما تحت سن 45 عاماً
بحقهم في الصلاة بالمسجد الأقصى
.. الخ".
فقط يذكر الكاتب الصهيوني أن
حكومته سمحت للمسلمين بالصلاة
في الحرم القدسي، ومنعت أصحاب
حركة "رفافاه" و"أمناء
الهيكل" من الصلاة في الحرم
عملاً بالأولويات التي تنادي
بتضحية أحد الأطراف "مؤقتاً"
من أجل ضمان حق أفضل هو احتمال
العيش بسلام.
هنا يؤكد "دوف جولدشتاين" بأن
الحكومة الإسرائيلية تتعامل مع
قضية الحرم القدسي بمنطق
الأولويات، وليس بمنطق الحقوق،
ما يعني أنه في وقت آخر ربما ليس
بعيدا، وأظنه غير بعيد، ستتعامل
الحكومة الإسرائيلية مع القضية
ذاتها على أنها الأولوية الأولى
لها، ووقتها سيتراجع هذا الكاتب
أو غيره عن الزعم بأن: "الرب
يطالب اليهود والمسلمين بوقف
القتال على الحرم، وسيقول ما
تُحفز عليه تعاليمهم التي
حرفوها في التوراة.
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|