ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 14/04/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لماذا يجب أن نغير؟!

ميشيل كيلو

هل التغيير واجب لان الرئيس الأميركي بوش استحسنه أو أمر به ، أم لأن الوضع العربي يستدعي التغيير ويتطلبه ؟.

ثمة حقبة تاريخية بدأت في خمسينيات القرن الماضي ، وترسخت في سبعينياته ، بدا واضحا لكل مراقب حصيف أنها تخلق شروطا جديدة لتبدل دولي قد يؤدي إلى نتيجتين تاريخيتين حاسمتين هما :

- سقوط النظام الاشتراكي والمعسكر السوفييتي ، إن هما فشلا في التكيف مع مستجدات العالم ، الرأسمالي أساسا ، وأخفقا في تطوير أبنيتهما وآليات اشتغالهما .

- عودة علاقة استعمارية من نمط جديد بين المركز الرأسمالي المتقدم ومحيطه المتخلف ، إن بقيت طرق تنمية وإدارة العالم الثالث السياسية والاجتماعية والاقتصادية موزعة بين نموذج داخلي يقوم على حكم أسر وطوائف وديكتاتوريات ، أو حكم حزب واحد وخلطة اشتراكية / قومية ذات نموذج أيديولوجي هجين ومغلق .

في خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي ، لم تكن أميركا ترفع لواء الديموقراطية بل كانت نصير الاستبداد الرئيس في العام وداعيته ، وخاصة في البلدان المسماة نامية ، ولم تكن تفكر ولو مجرد تفكير بإسقاط المعسكر الاشتراكي باختراقه ديموقراطيا ، لاعتقادها أن هذا محال، ولأنها خشيت أن تفضي محاولتها إلى حرب نووية تدمر أراضيها وقوتها دون لأن يفضي بالضرورة إلى تحرير شعوب الدول الدائرة في الفلك السوفييتي . فضلا عن أن أميركا كانت تعترف رسميا ، منذ مؤتمر يالطا عام 1945 ، بعدم جواز تغيير نظام هذه الدول تحت أي ظرف وفي أي حال .

هكذا ، مر العالم الرأسمالي بحقبة تغير بنيوي بدلت البيئة العالم والدول ، وجعلت بقاء الآخرين ووضعهم يرتبط بالتغيير ، وفرضت عليهم أحد بديلين : إما المسارعة إلى إجرائه ، أو التعرض لعواقب وخيمة ستترتب على توازنات قوى ترجح أكثر فأكثر لصالح النظام الرأسمالي / الأميركي . وإذن ، فإن الحاجة إلى التغيير لم تنبع من مطالبة أميركية ، رئاسية كانت أم غير رئاسية ، بل ترتبت على تطورات موضوعية استثمرتها أميركا لقلب موازين القوى الدولية ، دون أن تنشر ولو من بعيد الديموقراطية في العالم ، أو تذكرها بين أهدافها .

واليوم ، يوجد ثمة من يخبرنا أن أوضاعنا ستتغير ، ليس لأنها بحاجة إلى تغيير بسبب تبدل ظروف العالم وعلاقاته وتوازنات قواه ، بل لأن الرئيس الأميركي أمر بتغييرها ، كأننا لا نخضع كبقية خلق الله لتطورات العالم وتوازنات القوى القائمة فيه ، ولسنا بحاجة إلى إجراء تغيير يأخذ الواقع المتغير بعين الاعتبار ، فيصون مصالحنا فيه ، ويحمي أوطاننا من تأثيراته المدمرة ، وكأن التغيير يصير إلزاميا بمجرد أن يصدر أمر أميركي بصدده !.

من الغريب أن وجهة النظر الأخيرة يتبناها طرفان يبدوان متناقضين بل ومتعاديين ، يمثل أولهما أميركا ، وثانيهما النظام العربي . تتفق أميركا مع النظام العربي ، أو يتفق النظام العربي مع أميركا - لا فرق - على أن التغيير مطلب خارجي ، وإن اختلف الجانبان حول مبرراته ، فبينما تعتقد أميركا أنه ضروري لامتصاص الاحتباس الإرهابي الموجود في العالم العربي والإسلامي، يؤمن النظام العربي أنه يستهدف إثارة البلبلة وإشاعة الاضطراب، لغرض في نفس يعقوب الأميركي . تقول النظم : إن المطالبة بالإصلاح لا مبرر موضوعي لها ، وإنها محاولة لاختراق بلدانها ، وإن من يؤيد من مواطنيها الإصلاح ، مطلق إصلاح ، مشبوه وعميل ، كأنها ليست نظما تقادمت وفشلت وعجزت عن حل أية مشكلة من المشاكل التي وعدت بتخليص شعوبها منها ، ولم تتحول إلى نظم استبدادية/ إرهابية ألحقت ضررا رهيبا بأوطانها ، جوفها من الداخل وكشفها تجاه الخارج ، أو كأنه ليس هناك من يطالب بالإصلاح بقصد التخلص - لوجه الله والوطن ولمصلحة أبنائه - من أخطاء وعيوب قاتلة لصيقة بأبنية النظام ذلك ، وكأنه لا يمكن أن يوجد نمط من الإصلاح خليق بتحصين البلدان التي تطبقه ضد سقوط يبدو وشيكا وحتميا تحت احتلال أو نفوذ الأميركيين وغيرهم من الطامعين والمتجبرين الأجانب ، أو كأن الإصلاح لا يمكن أن يكون موجها إلا ضد الداخل، وليس له فعل أو تأثير على الخارج، أو كأنه لا يزيل عيوب ونواقص يرتبط بإزالتها إنقاذ الوطن ، وحماية استقلاله وحريته ، وتعزيز منعته !.

ثمة إذن نوعان من التغيير : واحد يرتبط بعيوب النظم الذاتية وبتبدل حاضنتها الدولية والإقليمية ، وبما يجب أن تفعله كي تحرر نفسها من نقاط ضعف قاتلة ، نشأت في سياق تطور الحكم وأخطاء إدارته المتراكمة والخطيرة ، فهو ، إذن ، نمط مطلوب ولازم وحتمي ولا بد من تحقيقه ، وإلا انهار كل شيء . وأخر تطالب به أميركا لأغراض ومقاصد خاصة بمصالحها واستراتيجياتها ، يتذرع بالديموقراطية والإصلاح كي يزعزع النظم والدول ، لا علاج له غير القيام بإصلاح شامل ، يتم التوافق عليه وطنيا ويتوافق مع المصلحة الوطنية العليا ، فيسحب أوراق الضغط من يد واشنطن ، ويقوي البلدان التي يتم فيها ويمنحها الزخم اللازم لإحباط ما يحاك ضدها من مؤامرات ، ويستهدفها من خطط وتهديدات .

وفي حين لا يرتبط النوع الأول بأميركا ، التي ترفضه وتقاومه، مع أنه - والأصح: لأنه - إصلاح ديموقراطي وطني من شأنه حشد طاقات الشعب المعطلة ووضعها في خدمة الاستقلال والسيادة ، وتعزيز قدرة الدولة والمجتمع على الدفاع عن الوطن ، يقترن النوع الثاني بسياساتها واستراتيجياتها ، التي لا سلطة عليها لشعوبنا ومجتمعاتنا ، ولم يستشرها أحد فيها ، وتأخذ شكل أمر قطعي يطلب إليها الامتثال لإصلاح تجهل أبعاده ومدلولاته ومراميه، وإن كانت على يقين من أنه سيخدم دولة عظمى أجنبية، دأبت على التنكر لحقوقها، ودعمت الاستبداد في بلدانها ، بينما تجاهلت الملايين من أبنائها وبناتها ، الذين أمضوا حياتهم في السجون والمنافي ، أو قضوا على يد جلادي هذا الاستبداد ، الذي خدم أميركا خلال فترة طويلة ، وحين عجز عن حمايتها من الأصولية بدأت تسحب ثقتها منه ، وتتنكر له وتدعو إلى الديموقراطية ، وصار على ضحاياه اعتبار أنفسهم مرتزقة لديها ، من واجبهم المسارعة إلى تنفيذ أمرها ، دون النظر إلى مصالح أوطانهم ، ودون أن يحق لهم اتخاذ موقف خاص من سياساتها وأهدافها ، أو يحق لهم تذكر ما فعلته بهم خلال نيف ونصف قرن من تأييد ومساندة الاستبداد والدكتاتورية .

يتصارع هذا النوعان من الإصلاح ، اللذان يتجسدان في خطين متناقضين . بينما تتخذ معظم النظم العربية موقفا عدائيا تجاه دعاة الإصلاح في بلدانها وتعمل لإجراء مساومة على الخط الثاني مع صاحبته : أميركا ، ونراها تلعب دورا مضادا حتى لمبدأ الإصلاح الوطني والشامل ، وتصف دعاته بأشنع النعوت ، بحجة كاذبة وباطلة هي أنهم يطالبون بالنوع الأميركي منه . بهذه السياسة الوضيعة تقوض النظم فرص إصلاح وطني فيه نجاة بلدانها من الأخطار الخارجية والغزو الأجنبي ، وتسعى إلى ملاقاة أميركا في منتصف الطريق أو في تسعون بالمائة منه ، وتبدي رغبتها في تحقيق ما تريد ، إن هي ضمنت وجودها وواصلت دعمها .

لهذا كله ، تبدو المنطقة وكأنها تشهد صراعا محتدما بين قوى ثلاثة : قوى الإصلاح الوطني الشامل ، والنظم المستعدة للتواطؤ ، لكن أميركا لم تقبل بعد التفاهم معها ، وأميركا ، التي تعتقد أن الوطن العربي يشبه تفاحة نضجت وحان قطافها ، وأن عليها فعل ذلك قبل أن تنجح قوى الإصلاح الوطني في فرض ما تصبو إليه من تغيير ، سيفوت عليها الفرص أو يجعل بلوغها أكثر صعوبة وتكلفة .

كيف سينتهي هذا الصراع ؟. سؤال يتوقف جوابه على ما سيفعله في الفترة القصيرة القادمة كل مواطن عربي ، ما دام فشل الإصلاح الوطني الشامل ، وتفاهم النظم مع أميركا ، يعنيان سقوطنا ووقوع أوطاننا تحت استعمار أميركي / صهيوني هو ، دون أي شك ، أكثر أنواع الاستعمار وحشية ، التي عرفها التاريخ !.

كلنا شركاء ـ 04/04/2005

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ