مقابلة
مع القيادي في حماس الشيخ حسن
يوسف
لا
يمكن القضاء علينا
داني
روبنشتاين
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (15/04/05)
يتضمن
التقرير التالي، المنشور بقلم
الصحافي الإسرائيلي داني
روبنشتاين، المختص بمواكبة
الشؤون الفلسطينية، في صحيفة
"هآرتس" العبرية، في عددها
الصادر في الرابع عشر من نيسان (أبريل)
2005؛ مقابلة مع القيادي في حركة
حماس، المقيم في رام الله،
الشيخ حسن يوسف.
يتطرّق
التقرير إلى النمو الكبير في
شعبية حركة حماس، عشية
الانتخابات المزمع إجراؤها في
المجلس التشريعي الفلسطيني،
وقبيل جولات إضافية من
الانتخابات البلدية في الضفة
الغربية وقطاع غزة. كما يشير
التقرير إلى الفرص والتحديات
السياسية التي تواجهها حماس في
المرحلة الراهنة والمقبلة.
ويرتكز
التقرير إلى مقابلة يتضمنها مع
الشيخ حسن يوسف، الذي طرح عليه
روبنشتاين أسئلة متعلقة بهذه
القضايا التي ترتبط أساساً
بالدور السياسي لحماس في هذه
المرحلة.
لا
يمكن القضاء علينا
بقلم:
داني روبنشتاين
في أحد استطلاعات الرأي العام
لمركز "المستقبل" أجري في
غزة قبل أسبوعين؛ قال 52 في
المائة من المفحوصين إنهم في
الانتخابات القريبة للمجلس
التشريعي الفلسطيني سيصوتون
لحماس. و13 في المائة فقط من
المفحوصين في هذا الاستطلاع
قالوا إنهم سيصوتون لحركة فتح.
لقد قال الدكتور عاطف عدوان، رئيس
المركز، إنه يعلم أن نسبة تأييد
حماس في غزة أعلى من نسبة تأييد
الحركة في الضفة. وقد قال كثيرون
في المناطق (الضفة والقطاع) ممن
اطلعوا على نشرة "المستقبل"؛
إن هذه معطيات مدهشة، ويمكن
جداً أن لا تكون موثوقة، لكن لا
معارض في أن الميل السياسي
الموجود اليوم في المناطق (الضفة
والقطاع)؛ هو معاقبة حركة فتح
وتأييد حماس في الانتخابات من
أجل ذلك. فكل استطلاعات الرأي
العام التي تجرى اليوم في الضفة
وغزة تشير إلى هذا الميل. في
غضون يومين أو ثلاثة يُفترض أن
يُكمل المجلس التشريعي قانون
الانتخابات الجديد، وإذا ما
انتهى التشريع، وهو شيء غير
واضح أبداً؛ ستُجرى الانتخابات
للمجلس التشريعي الفلسطينية
بعد ثلاثة أشهر، في 17 تموز (يوليو).
يعرف الشيخ حسن يوسف من رام الله،
الذي يُعد الشخصية البارزة في
حركة حماس في الضفة الغربية،
هذه المعطيات بالطبع. وهو على
علم كرفاقه في القيادة بحقيقة
أنه توجد فجأة إمكانية معقولة
جداً لأن تنجح حماس جداً في
الانتخابات وتصبح الحركة
السياسية الكبرى في الجمهور
الفلسطيني. ماذا ستفعل حماس
آنذاك؟ كيف ستتصرف؟ هل ستقيم
حكومة؟ هل ستطلب إجراء مفاوضات
مع إسرائيل؟.
في مقابلة مع صحيفة "هآرتس"؛
يقول الشيخ يوسف إنه "ما يزال
من السابق لأوانه الإجابة على
هذه الأسئلة. نحن في قيادة حماس
اتخذنا قراراً مبدئياً
بالمشاركة في الانتخابات والآن
نجري مشاورات ومباحثات في كل ما
يتعلق بذلك. ما زال من غير
الواضح في أي نهج ستجري
الانتخابات، ولم نقرر نحن أيضاً
إن كنا سننافس في الانتخابات
بقائمة واحدة للحركة أو بشراكة
مع قوائم أخرى، وربما نطلب من
أفراد مستقلين (أي ليسوا أعضاء
في حماس - روبنشتاين) أن ينافسوا
باسمنا".
- ما الذي يؤثر في تقديراتكم؟
- عوامل كثيرة، اجتماعية وسياسية.
من المهم لنا، مثلاً، أن لا
يتضرر أبناء الشعب الفلسطيني من
فوزنا بالانتخابات. أجل؛ لقد
أصبح معلوماً للجميع ما هو موقف
إسرائيل من حماس وما هي مواقف
الآخرين منا. بناء على ذلك؛
لدينا قلق بالتأكيد من أن
إسرائيل، وربما آخرين أيضاً؛
سيفرضون عقوبات على
الفلسطينيين لأنهم انتخبوا
حماس. سيقولون "قررتم انتخاب
حماس ولذا فإننا سنزيد من
الحصار عليكم وسنصعب حياتكم".
هذا بالتأكيد تقدير يجب علينا
أخذه بالحسبان لأن القلق على
شعبنا يقوم في رأس أولوياتنا.
من مؤسسي حماس
يُعد حسن يوسف ناطق التيار
المعتدل في حماس. إنه في الخمسين
من عمره، ولد في قرية الجانية
المجاورة لرام الله ويكنى أبا
مصعب باسم ابنه البكر الذي
يصاحبه ويعمل إلى جانبه. لقد
أنهى دراسته للقب الأول في
المعهد الإسلامي بجامعة القدس،
وأكمل دراسته للقب الثاني في
جامعة بيرزيت. في شبابه انضم إلى
حركة "الإخوان المسلمين"،
ومع إقامة حركة حماس في عام 1988؛
كان من مؤسسيها ومن أوائل
أعضائها. إنه يسكن في رام الله،
متزوج وأب لتسعة أبناء. مكث ست
سنوات في السجون الإسرائيلية،
ونصف سنة في سجن فلسطيني، في
المقاطعة. وكان لسنة واحدة
مبعداً في مرج الزهور في جنوب
لبنان، مع أربعمائة ناشط من
حماس آخرين طُردوا إلى هناك
إبان ولاية رئيس الحكومة (الإسرائيلية)
إسحق رابين.
في السبت الأخير نجح الشيخ حسن
يوسف في التسلل داخل المدينة
القديمة في القدس ودخل مع مئات
كثيرة من مؤيدي حماس إلى المسجد
الأقصى. لقد نام هناك في الليل،
وقاد يوم الأحد المظاهرة
الكبيرة في باحات المسجدين ضد
ما دعاه "محاولات المتطرفين
اليهود لتدنيس المقدسات
الإسلامية".
في طريق عودته إلى رام الله أُوقف
عند حاجز للجيش الإسرائيلي
بالقرب من الرام، واتُهم بدخول
غير شرعي إلى القدس، فلم يكن
لديه تصريح من الإدارة. بعد زمن
قصير سُرح ونشر في وسائل
الإعلام العربية والفلسطينية
دعوة للمسلمين، في الأساس في
القدس وإسرائيل، لمواصلة إظهار
الوجود في الأقصى قدر
استطاعتهم، لأن الخطر ما زال
قائماً ولا يمكن أن يجلس
المسلمون مكتوفي الأيدي.
لقد حظيت الصور من المظاهرة في
الأقصى والأقوال التي قالها
يوسف فيها حظيت بنشر واسع، خاصة
بسبب الاستعداد الإسرائيلي من
أجل محاولات حركة اليمين "رفافا"،
عشرة آلاف، لإصعاد آلاف اليهود
في جبل الهيكل في ذلك اليوم نفسه.
لقد طلب أحد رؤساء حركة فتح في
شرقي القدس تحويل الانتباه إلى
أنه قد رُفعت على المسجد الأقصى
في يوم الأحد الأعلام الخضراء
لحركة حماس فقط. لم يكن هناك أي
علم لمنظمة
التحرير الفلسطينية، ولم يكن
وجود لأي ناشط فلسطيني معروف
غير ناشطي حماس. يُكثرون الحديث
في الجمهور الفلسطيني مؤخراً عن
أن حركة حماس هي الوحيدة التي
يرونها في الشارع. أما سائر
الحركات، وفي رأسها فتح؛ فقد
اختفت ببساطة.
إطار ديمقراطي
يقع مكتب الشيخ يوسف في رام الله
في المدخل الجنوبي للمدينة، في
مبنى تجاري حديث فخم "برج
الشيخ"، فيه حوانيت تجارية،
ومقهى عصري، وحوانيت أدوات
تجميل. وهو موقع غريب قليلاً
لزعيم حركة شعبية ذات طابع
زُهدي. "ما الذي توقعت،
أتلتقينا في مكاتب بائسة، في
خربة أو في غار؟"، كما يقول
يوسف، "نريد أن نكرم ضيوفنا
وأن نستقبلهم في مكان مناسب، لا
في خربة".
إنه يتكلم العربية المبهرة بكلمات
عبرية تعلمها في السجن. اللقاء
مع صحفي إسرائيلي هو من جهته
لقاء مع خصم، أو حتى مع عدو. لكنه
يقول "أنا دوماً أنظر إلى
الإنسان الذي ألتقيه قبل كل شيء
كإنسان".
- يتحدثون عن دخول حماس إلى إطار
منظمة التحرير الفلسطيني، كيف
تتقدم الأمور؟
- نحن نتحقق من الموضوع. عندما تريد
شراء منزل، وأن تدخل للسكن فيه،
فإنك تختبره قبل كل شيء. ربما
يجب تغيير شيء ما، أو أنه يُحتاج
إلى إصلاحات وترميمات. إن
البرنامج السياسي والاجتماعي
لمنظمة التحرير وبرنامج حماس
يختلف أحدهما عن الآخر، والأمور
معروفة.
يقصد يوسف بأقواله تلك أن منظمة
التحرير الفلسطينية قد اعترفت
بإسرائيل وبمبدأ دولتين وغيرت
الميثاق الوطني الفلسطيني، في
حين أن حماس تواصل تأييدها
المبدئي لإقامة دولة فلسطينية
على كل أرض فلسطين، لأن الأرض
كلها وقف إسلامي لا سلطة لأحد أن
يتخلى عن ذرة تراب منه. أي أن
دولة إسرائيل لا حق لها في
البقاء.
يختار يوسف أن ينظر إلى الجانب
العملي: "جرى الحديث عن أن هذه
مسألة تمثيل في المؤسسات، لكن
الموضوع أكثر تعقيداً. توجد فيه
أطراف أفكار وسياسات يجب التحقق
منها. إن حركة حماس منظمة جدا.
لدينا مؤسسات الشورى، وهي تشتمل
على ممثليها من أربعة مراكز
الحركة: قطاع غزة، والضفة
الغربية، والخارج، وممثلين عن
ثلاثة آلاف ناشط من حماس في
السجون الإسرائيلية. وإضافة إلى
ذلك؛ فلدينا مستشارون خارجيون،
وفي هذه المؤسسات نتخذ القرارات
على نحو ديمقراطي".
إنه يتحدث بلسان دبلوماسي، حذر.
ومع ذلك كله، وفيما يتعلق
بالأحداث الأمنية الأخيرة؛
فإنه يتهم إسرائيل بأنها تُدير
ظهرها لجهود "التهدئة"
التي اتفقت عليها الفصائل
الفلسطينية في القاهرة.
- من المقبول اعتقاد أن الجمهور
الفلسطيني في الضفة وغزة يؤيد
حماس لا بسبب طريقها السياسي؛
بل بسبب أن الفلسطينيين قد
ضاقوا ذرعاً بالفساد السلطوي
لحركة فتح. هل توافق؟
- المزاعم الموجهة إلى السلطة وإلى
فتح ليست في موضوع الفساد فقط.
عندما يتم الحديث عن حركة حماس
فإن للناس ثقة بنا. يرون
مؤسساتنا مؤسسات تعمل على أساس
النزاهة والاستقامة، مؤسسات
تقدم المساعدة الحقة للسكان.
هذه المؤسسات معروفة. إنها
مؤسسات مجتمع ورفاه وتربية،
يعمل فيها مخلصون يخدمون
الجمهور.
فيما يتعلق بالمواقف السياسية
لحركته؛ يختار الشيخ يوسف
الكلمات بعناية: "يجب القول
إننا لا نعيش في فراغ. نحن لسنا
معزولين عن الواقع، بل نعيش
داخل الشعب ونعرف الواقع جيداً.
إننا نقرأ جيداً الوضع في
البلاد، وفي المنطقة وفي
العالم، ونحن موصولون جيداً
بالواقع ونختبره. على خلفية
الفحص عن الواقع؛ لدينا مجال
مناورة، ونحن قادرون على الكشف
عن مرونة. يجب أن ندرك أن حماس
ليست منظمة بيروقراطية سياسية
تطلب السيادة. هدفنا خدمة
الشعب، ومن هنا قوتنا. يمكن
القضاء على السلطة بالقوة. كما
قُضي على سلطة صدام حسين في
العراق. أما نحن فلا يمكن القضاء
علينا".
(التقرير
والمقابلة بقلم داني
روبنشتاين، ونشر في يومية "هآرتس"
العبرية في الرابع عشر من نيسان/
أبريل 2005)
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|