ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 29/11/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حوار فكري على الهواء بين

حزب البعث العربي الاشتراكي والإخوان المسلمين

د . منير محمد الغضبان*

نشرت هذه المقولات الأساسية حول تطوير حزب البعث , في المركز الالكتروني لحزب البعث العربي الاشتراكي منذ سنتين , فتلقفها كاتب المقال ودرسها دراسة متأنية , وبعث بهذه الدراسة عن طريق المركز الالكتروني للحزب في سورية , وتم الاطلاع عليها , وأرسل منها صورة عن طريق المركز لرئيس الوزراء السابق

وقد تناول التطوير عشر قضايا وهي أولاً : مع المقدمة , ثانياً : في المسالة الفكرية , ثالثاً : الموقف من قضية الوحدة , رابعاً : قضية الحرية , خامساً : الديمقراطية , سادساً : المنظمات الشعبية , سابعاً : الاشتراكية , ثامناً : الموقف من الدين , تاسعاً : موضوع الحداثة , عاشراً : العولمة ._

وفيما يلي تفصيل هذه الدراسة التي أسميتها :

قراءة أولية لبعض المقولات الأساسية حول تطوير حزب البعث

رؤية إسلامية

في المقدمة ذكرتم مبررات التطوير ومفهومه بالقول :

(إن التطور الفكري لا يعني التخلي عن المبادئ الأساسية , وإنما اختيار النهج الأفضل لضمان ترسيخ هذه المبادئ وتحقيقها والابتعاد عن الجمود في فهمها , والتحلي بالقدرة على ترسيخ الوعي المتجدد , إذ أن الجمود الفكري يعني موت الحزب وتراجع دوره )

والتطور الفكري لا يكون أسلوباً , إنما يكون فكراً , والذي يصدق عليه ما ذكرتموه في مقولاتكم الأساسية هو مراجعة النهج من جهة , وشروح وفهوم جديدة للمبادئ الأساسية عندكم , إذ عرفتم النهج بأنه : ( قاعدة السياسة التي يجب على الحزب اتباعها في مسيرة نحو الأهداف الكبرى ) فخلاصة القول : أن المبدأ لايتغير , أما النهج فيتغير , وهذا الطرح يجعل الثقة ضعيفة بمبدأ سميتموه تطويراً لأنه وسيلة تتغير , ولا تعتبر ثابتة بصفتها جزء من المبدأ .

ثانياً : في المسألة الفكرية :

وتعود الثقة بهذا التطور من جديد عند طرح المسألة الفكرية التي عرفتم فيها البنية الفكرية بالقول :

(تشكل البنية الفكرية دائرة متكاملة من المفاهيم والتصورات , ومن المبادئ القيمية والأهداف المحددة , التي يعتقد الإنسان أن تحقيقها ينقذ الأمة ويصون الوطن ويحقق الأمن القومي والوطني والتقدم والرفاه للمجتمع والفرد ) فهل هناك تناقض بين تعريف التطور الفكري , والبنية الفكرية ؟ مجرد تساؤل

ثالثاً : الموقف من قضية الوحدة

يلاحظ أن التطور الفكري في هذه القضية منذ المنطلقات النظرية التي عرفت الوحدة بقولها :

(إن الوحدة العربية قد ألغيت من القاموس ما لم تتم الأمور الأربعة التالية

1- القوى التقدمية الثورية

2- توحيد المنطلقات النظرية لهذه القوى التقدمية

3- توحيد الأسلوب النضالي المؤدي إلى تحقيقها .

4- ينبغي أن يتم اللقاء بين القوى التقدمية على أساس ديمقراطي

وهذه العوائق الأربعة يضاف إليها مبدأ خامس هو أن تكون القوى التقدمية في سدة الحكم , وعندئذ يمكن الوحدة بين القطرين الثوريين ) المنطلقات النظرية للمؤتمر القومي السادس 34

هذا التطوير أتى ببنود أربعة جديدة هي

(أ- التركيز على قضية تعزيز الانتماء القومي

ب- المبادرة بالعمل على تحقيق مناخ عربي يسوده الوئام

ج- طرح مبادرة لإقامة شراكة عربية اقتصادية وثقافية

د- يبادر الحزب والمنظمات الشعبية لتوسيع دائرة الإتصال , وتحقيق هذا المناخ ).

إن هذا عودة إلى مبادئ الحزب الأولى من خلال دستور الحزب الذي يقول : ( العرب أمة واحدة لها حقها الطبيعي في أن تحيا في دولة واحدة , فالوطن العربي وحدة عربية سياسية اقتصادية لا تتجزأ , ولايمكن لأي قطر من الأقطار العربية أن يستكمل شروط حياته منعزلاً عن الآخر ) نضال البعث , ج1 , ص172 وما بعده .

رابعاً : قضية الحرية

لقد كان الحزب جريئاً في حديثه عن الحرية بالنسبة للقضايا الأخرى , فقد اعترف ببعض الأخطاء من جهة , ودعا إلى تغيير أساسي من جهة أخرى , فنلاحظ ما يلي :

1- الانطلاق في الحديث عن الحرية من تاريخ هذه الأمة ( وأبلغ وصف للحرية ما قاله الخليفة الراشد عمر بن الخطاب : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً )

2- يوجب التطوير أربعة أمور , يوحي عرضها أنها مفقودة في الحزب

أ- يجب أن لا يخشى الحزب من الرأي الآخر

ب- (يجب أن لايحد من الحريات العامة والفردية ), لكن هذا القيد عباءة يدخل تحته كل خنق للحرية ( إلا لمقتضيات الأمن القومي والوطني )

ج- يجب أن نصل إلى مرحلة إطلاق الحريات العامة والفردية , سواء بالنسبة لأعضاء الحزب أو العاملين في الدولة وسائر المواطنين

د- يجب الاعتراف بأن الطريقة التي تمارس بها الحرية أحياناً أدت إلى جمود فكري وضعف في الإنتاج والإبداع

خامساً : الديمقراطية

من خلال الحديث عن الديمقراطية والتي يعرفها التطوير بـ ( الإطار الذي يتيح للشعب أن يمارس دوره في تقرير أموره , واختيار ممثليه في المؤسسات الديمقراطية , ومشاركته بفعالية في بناء وطنه وتطوره , وفي رقابة السلطة ومحاسبتها )

وهذا التعريف يصلح ليكون أساساً يجتمع الشعب عليه ويحاسب على أساسه

نلاحظ الشجاعة كذلك في النقد نسبة إلى الأفكار الأخرى , بما يلي :

(1- تم تطوير مفهوم الديمقراطية الشعبية الذي أخذ به الحزب بعد الثامن من آذار ليصبح أكثر اتساعاً بعد الحركة التصحيحية , لاسيما بعد تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية .

2- التطور الملحوظ بعد قرار القيادة القطرية بفتح قوائم الترشيح بالنسبة للمستقلين.)

هذه الإيجابيات , فماذا عن السلبيات , والتي أسمينا ذكرها شجاعة نسبية :

(1- يجب الإقرار أن العملية الديمقراطية لم تكن كاملة , فعلى الرغم من وجود قانون انتخابات يعطي الناخب حق الاختيار , فإن القيادات حلت محل الناخب في اختيار المرشحين , عندما جعلت النتائج تقرر سلفاً بعد إقرار قوائم الترشيح من قيادة الحزب , مما أبقى الشكل ديمقراطياً , لكن المضمون غير ديمقراطي

2- إن الإبقاء على الإطار الحالي للديمقراطية يفقد المؤسسات المنتخبة في المجالس والمنظمات الحيوية والقدرة على الفعل , ومن هنا لابد من إعادة النظر بالصيغ التي يتم بموجبها تشكيل هذه المؤسسات

3- من أهم ما يتوجب عمله في القطر الذي يقود فيه الحزب الدولة والمجتمع

أ- تطوير عمل الجبهة التقدمية وأحزابها بما يعزز فعاليتها بين المواطنين , ويقوي دورها في تعميق الوحدة الوطنية

ب- تعزيز المضامين الديمقراطية في عملية انتخاب مجلس الشعب

ج- تطوير نظام الإدراة المحلية والمركزية والمشاركة الشعبية

د- تعزيز احترام القانون واستقلالية القضاء ).

أما الذي لم يجرؤ الحزب على تناوله هو : مسألة قيادة الحزب للدولة والمجتمع

لا ندري هل تبقى هذه الوصاية على الشعب السوري , وبقوة السلاح إلى قيام الساعة حيث تكون قيادة هذا الشعب بيد الحزب ؟ أليس أبسط مفاهيم الديمقراطية في الدنيا كلها أن يكون الشعب هو القائد لا الحزب ؟ أن تكون الأكثرية في الشعب هي التي تقود الدولة والمجتمع وبعد أربع سنين تعود السلطة للشعب فإما أن يلغي هذه القيادة التي اختارها لهذه الدورة لأنها عجزت عن تحقيق أهدافه , أو يوليها ثقته لأنها مضت قُدُما ًفي تحقيق هذه الأهداف أما أن تكون الدورة أربعين عاماً, فهذا ما لم نعهده في أي نظام ديمقراطي

متى يتطور الحزب , وينهي وصايته عن هذا الشعب الذي بلغ رشده , وأين غدت الحرية إذن ؟

مالفرق بين مفهوم الوصاية التي حكمنا الاستعمار باسمها واحتل أرضنا وخنق حرياتنا , وصادر إرادتنا , وبين هذه الوصاية ؟ هل الظلم العربي قائد ورائد وعظيم , والظلم الغربي سئ ومجرم وزنيم؟

كم كنا نتمنى أن تتجاوز الشجاعة هذه الحدود والمفروضة لنحس بأننا صار من حقنا أن يحكم الشعب لا أن يُحكم

سادساً : المنظمات الشعبية

قال التطوير عنها :

(كما لابد من تطوير بنية المنظمات الشعبية , وتعزيز المضامين الديمقراطية في انتخاب القيادات , والتأكيد على ارتباط هذه القيادات بخلفياتها النقابية بشكل فعلي ومستمر وكل هذا يرمي إلى تعزيز دور المنظمات في الدولة والمجتمع )

ونقول : نعم لا بد من ذلك .

سابعاً : الاشتراكية

تعريف الاشتراكية , تعريف مغر وطيب , لو كان حقاً هو كذلك , إذ يقول التطوير في تعريفها :

(الاشتراكية هي أحد أهداف الحزب الذي يتضمن مجموعة القيم والحلول التي يؤدي تحقيقها إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة , وفي إزالة أسباب الظلم والقهر والاستغلال , وتوفير حياة أفضل لكل مواطن في ظل تكافؤ الفرص , ويحقق التكافل الاجتماعي , كما يضمن إسهام كل مواطن في بناء الوطن وتحقيق ازدهاره وأمله ورقيه )...

ولا أريد أن أضيف شيئاً من عندي حول هذا الهدف الذي كان من أهداف الحزب منذ تأسيسه وحين لم يكن الحزب في السلطة , لا نستطيع أن نسائل الحزب عن منجزاته , لكن عندما أضحى في السلطة استمر فيها أربعين عاماً , ماذا فعلت هذه القيم والحلول في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة ؟ وفي إزالة أسباب القهر والظلم والاستغلال ؟ وتوفير حياة أفضل لكل مواطن في ظل تكافؤ الفرص؟

أدع الجواب عن هذه القيم والحلول إلى وزير التخطيط السوري , والذي هو وزير الصناعة اليوم ومن أكبر خبراء الاقتصاد في سورية , يجيب بصدد حديثه عن السياسات المالية داخل العهد السابق عن الحزب : ( إن الهوة بين الأجور والأسعار تتسع منذ سنوات عديدة , وقد أدى هذا أو ذاك إلى تدهور القوة الشرائية وانتشار ظاهرة الفقر ,وانحدار الطبقة الوسطى إلى مستوى الفقر, وتقلص الطلب المحلي , وبالتالي ضعفت فرص النجاح أمام الاستثمار الوطني , وحتى أصحاب الدخول العليا إلى الدولة , أصابهم الضرر من جراء انخفاض قيمة النقد وتآكل القيمة الشرائية , فالتخفيض وصل إلى 300% خلال 20 عاماً , وهناك حوالي مليون ونصف مليون يعملون في قطاع الدولة المدني والعسكري , والغالبة الساحقة من هؤلاء لا يكفيها أجرها وبالتالي نحن أمام مشكلة تواجه 6-7 ملايين شخص , وهذا يعني أن اكثر من نصف المجتمع يعاني من فقر حقيقي , ونحن نعلم أن رواتب العاملين في الدولة بشكل عام تكفيهم مدة تتراوح بين أسبوع إلى عشرة أيام , وبقية الشهر يقتصدون إلى ما يصرفون ومن هنا بدت ظاهرة الرشوة والفساد والتي تميز واقع الاقتصاد السوري

وبصدد حديثه عن القطاع الخاص والقطاع العام يقول :

(لقد وقعنا في الماضي في خطأ لأننا اعتبرنا الخاص ممثلاً للإقطاع , والذي يشمل قطاعات طفيلية دورها فبي التنمية هامشي وسيء , وهذا الخلط أدى بنا إلى شطب البرجوازية جملة وتفصيلاً , الأمر الذي أضر كثيراً بعملية التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي , ولكن في ذات الوقت فإن الانتقال إلى الطرف الآخر أيضاً خاطئ ...) مجلة الأموال , العدد يوليو- سبتمبر 2000م , السنة الرابعة

هذا ما قاله الدكتور عصام الزعيم عن وضع الاقتصاد السوري , ووضع الشعب في ظل هذه القيم , وهذه النتائج المرة التي أثرها , فأين هذا من المساواة , والعدالة الاجتماعية , وتكافؤ الفرص , وإلغاء الظلم ؟؟؟

ونقدم شهادة أخرى من كبير خبراء الاقتصاديين السوريين الدكتور عارف دليلة , والذي نشر مقالة في جريدة الثورة الرسمية على عددين وتحت عنوان : تقرير اقتصادي : رياح التغيير الاقتصادي تهب على الاقتصاد السوري

بعد أقل من ثلاثة أشهر على تسلم الرئيس السوري الشاب بشار الأسد مقاليد السلطة , بدأت رياح التغيير والحرية تهب على سورية , حيث تتزايد الانتقادات العامة للطرق الذي يدار بها اقتصاد البلاد

وقد نشرت صحيفة الثورة الرسمية يومي السبت والأحد الماضيين دراسة عن حلقتين للخبير الاقتصادي عارف دليلة انتقد فيها بشدة السياسة الاقتصادية للحكومة السابقة

وكتب دليلة العميد السابق لكلية الاقتصاد في جامعة دمشق , إن النتيجة المنطقية والخيمية لمثل هذه الإدارة الاقتصادية على جميع المستويات هي ما نراه اليوم على الأرض من توقف للتقدم الاقتصادي والاجتماعي منذ عشرين عاماً

وأضاف : إن النتيجة كانت إعادة توزيع الدخل القومي من جيوب 80% من السكان على 2-5% من السوريين الذين يحكمهم القانون وتزايد معدلات البطالة بين الشباب والخريجين الذين ينسبون إلى الاغتراب ...

وأشار الكاتب إلى أن الزيادة الأخيرة في الرواتب شغلت الخزينة 20 مليار ليرة سورية , ورغم إنكار الوزراء الاقتصاديين لأي زيادة أسعار لتغطيتها , فقد أصدروا زيادات سعرية تمثلت في زيادة سعر علبة التبغ وهو أمر ينتج عنه زيادة دخل المهربين 10 مليارات سورية تعادل دخل مليارين فقط للخزينة)

لا نريد أن نستطرد أكثر , فهذا حصيلة حكم الحزب الذي انتهى , وسقطت الوزارة السابقة لفشلها الاقتصادي , وقامت الوزارة الجديدة لمعالجة الوضع الاقتصادي المنهار

أما طروحات دعاة التطور فهي :

(إن هذا التوجه يتطلب ما يلي :

1- تعزيز دور الدولة الاقتصادي

2- تعزيز دور القطاع العام

3- تعيل عمل القطاعات لثلاثة العام والخامس والمشترك

4- تطوير وتحديث السياسات الاقتصادية والتقنية والقوانين)

وإننا لمنتظرون

ثامناً : الموقف من الدين

حزب البعث يولد من جديد

في أربعة تطورات فكرية هامة خلال ثلاثين عاماً وهي :

1- الدستور

2- مقررات المؤتمر القومي الرابع

3- بعض المنطلقات النظرية في المؤتمر القومي السادس

4- الدستور السوري

بينما بقي على جموده منذ عام 1973 إلى عام 2002 وها هي محاولة الإحياء من جديد , وهو التعبير الذي اختاره الحزب لنفسه :

إن الجمود الفكري يعني موت الحزب وتراجع دوره

فما هي القضايا الهامة الجديدة المطروحة في فكر الحزب ؟

يتحدثون عما يجب عليه التركيز في المسألة الفكرية فيقولون :

(أهم ما يجب عليه التركيز في المراجعة الفكرية أن يعزز البعثيون نضالهم لتحقيق مشروع قومي عربي , تمثل مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي حاضنته وقاعدته الأساسية ).

1- الدين في الدستور:

لم يسبق لحزب البعث في أدبياته وفي مبادئه أن تعرض للدين والإسلام بشكل مباشر , ودستوره كما سبق وقلنا لم يذكر الدين ولا الله ولا الإسلام ولا بكلمة واحدة .

2- الدين في مقررات المؤتمر القومي الرابع

لكنه في تطوره الثاني من خلال مؤتمره القومي الرابع , يتناول الدين بصفته السلبية من خلال النقاط التالية

أ- اعتبار الحركات الدينية حركات رجعية

( 3- تقوية الحركات الرجعية وخاصة الدينية منها للوقوف في وجه الحركة الشعبية , وقد ساعدت الظروف التي أوجدها الشيوعيون بانتعاش هذه الحركات )

ب- الرجعية الدينية إحدى المخاطر التي تهدد الانطلاق التقدمية

(يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة

ج- الطائفية الإسلامية

سيكون نضالنا في هذه المرحلة حول تأكيد علمانية حركتنا ومضمونها الاشتراكي لاستقطاب قاعدة شعبية -لاطائفية إسلامية- من كل فئات الشعب وطبقاته

3- الدين في المرحلة الثالثة " المنطلقات النظرية "

أعلن بشكل سافر عن أن عقيدة الحزب هي الإشتراكية العلمية , ويجب التحرر من الماضي كله بما فيه الدين .

أ- تربية المواطن تربية اشتراكية علمية

ب- لكي يمكن خلق إنسان عربي جديد بعقل علمي متفتح

ج- ويتمتع بأخلاق اشتراكية جديدة ," ويؤمن بقيم اجتماعية

4- الدين في مرحلة الدستور من عام 1973-2002

أ- في المبادئ الأساسية للدستور نجد المادة 3 تقول

1- دين رئيس الجمهورية الإسلام

2- الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع

وهو تطور جديد وإن لم يكن تطوراً هاماً , فالفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع مع مصادر رئيسية أخرى , وهذا الأمر قائم في ميثاق الأمم المتحدة التي تعتير الدين والعرف من المصادر الرئيسية للتشريع في الأرض

لكنا سميناه تطوراً لأنه ذكر الدين بصورة إيجابية

ب- كما ذكر في مكان آخر القسم بالله العظيم بينما كان من قبل ( بشرفي ومعتقدي ) وقد سماه القسم الدستوري

ج- وهي تحترم جميع الأديان , وتؤمن بحرية الإعتقاد

المادة 5 1- حرية الاعتقاد مصونة , وتحترم الدولة جميع الأديان

2- تكفل الدولة حرية القيام بجميع الشعائر الدينية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام .

5- الدين في المرحلة الأخيرة اليوم ( مرحلة البعث الجديد للبعث ) حيث تفرد له فقرة مستقلة تعدل صفحتين من سبع عشرة صفحة

وها نحن نعرض هذا الموقف كاملاً كما ورد في ( بعض المقولات الأساسية في تطوير الحزب ) ولن يكون لنا فيه إلا العناوين التي توضح الفقرات المتداخلة , وما عدا هذه العناوين الجانبية , فالكلام كلام الحزب في فهمه المتطور الجديد .

6- الموقف من الدين

1- الدين والتدين هو الذي يميز الثقافة العربية :

(لا شك أن مسألة الدين والتدين تحتل حيزاً خاصاً في مجمل الثقافة العربية بل إن هذه المسألة بالذات تعتبر واحدة من أهم ما يميز الثقافة العربية عن غيرها من الثقافات ويؤكد جوهرها الإنساني وعمق مضامينها الفكرية)

2- الأرض العربية مهد الرسالات السماوية والأمة العربية حاضنتها :

(فالأرض العربية تتميز عن غيرها بأنها مهد الرسالات السماوية والديانات والأمة العربية تتميز في أنها كانت حاضنة هذه الديانات وحاملة لوائها , وناشرة قيمها .

3- الدين الإسلامي عبر عن قيم الأمة العربية :

(ويظهر التمازج الحقيقي بين العرب والأديان في أبهى صوره عبر الدين الإسلامي الذي أكد بوضوح على القيم التي آمن بها العرب عبر تطورهم التاريخي , وهي قيم التسامح والمحبة والدعوة للخير والعمل وتحقيق العدالة الاجتماعية , والمساواة في المجتمع ومناهضة الظلم والطغيان , ومقاومة العدوان والاحتلال والدفاع عن الكرامة , وهو ثورة على التخلف والتعصب والفرقة والتشرذم ودعوة للوحدة والتضامن )

4- الإسلام حول القيم إلى قوة محركة وموحدة :

هذه القيم حملتها كل الديانات إلا أن الإسلام حولها إلى قوة حركت الأمة العربية , ووحدتها , وحرضت طاقاتها الحضارية , وجعلتها واحدة من إحدى أهم الأمم وأكثرها شأناً عبر عصور متوالية , ثم وصل دور الأمة إلى مرحلة الجمود عندما تفككت الدولة الواحدة وسادت التناقضات بين الكيانات , وجاء الغزو الصليبي والاستعمار الغربي الذي عمل على تمزيق العرب وإضعافهم عبر استهداف هويتهم الثقافية والحضارية , خدمة لمشاريعه في السيطرة والهيمنة .

5- الدين مكون أساسي من مكونات الشخصية العربية :

إن مشروع النهضة العربية يؤكد على التواصل بين الأصالة والتحديث , بين التراث ومتطلبات العصر , فإن هذا يشمل أيضاً الموقف من الدين باعتبار الدين مكوناً أساسياً من مكونات الشخصية العربية .

6- بين الاستغلال والتحامل وإساءتهما للدين :

(وعلى هذا الأساس يميل الإنسان العربي نحو التدين , وتظهر محاولات لاستغلال هذا الميل , ودفع الناس إلى مواقف ليست من الدين في شيء , وفي المقابل نرى بين بعض التقدميين والقوميين من يقفون موقف المتحامل على الدين نتيجة انتقاداتهم لتحجر عقول بعض مستغلي الدين والمتاجرين به , إن هذين الموقفين : استغلال ميل الناس للتدين , وما يقابل ذلك من تحامل على الدين هما موقفان يسيئان إلى الدين وإلى القومية والتقدمية في الوقت نفسه , ولا بد من معالجة هذه المظاهر والإشارة إلى خطر تفاقمها وتصاعدها وتهديدها للوحدة الوطنية )

7- الفكر القومي يؤكد على الترابط والتكامل بين العروبة والإسلام :

(وهذه المعالجة ضرورية وممكنة , وخاصة أننا نشهد تعزيزاً مستمراً للفكر القومي الذي يؤكد على الارتباط بين العروبة والإسلام في أذهان عامة الناس , والذي يعمل على ترسيخ هذا الترابط بشكل منظم عبر التربية والإرشاد والإعلام وغير ذلك من مكونات بناء الإنسان .

وتحقيقاً لهذه المهمة يجب إعادة التأكيد على العلاقة التكاملية بين العروبة والإسلام , ومواجهة كل المحاولات الرامية إلى وضع حواجز بينهما وإظهارهما في مظهر متناقض وفي حالة عداء , وتتطلب هذه القضية التأكيد على ما يلي :

1- احترام الأديان , وحرية التدين لكل المواطنين

2- إن الإسلام بوصفه تعبيراً عن جوهر الثقافة العربية الإنسانية كان العامل الرئيسي في نهوض العرب , وانتقالهم إلى عصر الفعل والوحدة , حيث أسس العرب استناداً إلى قيم الإسلام , حضارة إنسانية راقية لا يزال العالم مديناً في تقدمه وتطوره , المبني على الأسس التي وضعتها , وقيم الإسلام التي تم ذكرها تمثل قاسماً مشتركاً بين كل العرب من مسلمين ومسيحيين.

3- وبما أن قيم الإسلام تعبير عن جوهر الثقافة العربية الواسع فإن محاولات استغلال الإسلام لخدمة أغراض سياسية لبعض الجماعات تسيء إليه , وتضيق من أطره الواسعة , وقيمه الشاملة , وهذا يؤدي إلى تفتيت الوحدة الوطنية للشعب والأمة ..

كما أن التطرف والتعصب والدعوات الطائفية والمذهبية والقبلية والإقليمية تتنافى مع الأديان وقيمها , وعلى وجه الخصوص مع جوهر الإسلام وقيمه التي تدعو إلى الوحدة والتسامح والنضال ضد الظلم والعبودية والاستغلال والتفاهم والتشارك .

4- إن حزب البعث العربي الإشتراكي إذ يؤكد نهجه العلمي يشير إلى أن هذا النهج لا يتعارض مع القيم الحقيقية للأديان كما يؤكد أهمية تعزيز تلك القيم وخاصة تلك التي تدعو إلى النضال ضد الظلم والاحتلال والاستغلال , وتحض على العمل والكرامة وتحري الإنسان , وتحقيق العدالة الاجتماعية , والمساواة بين المواطنين , والتسامح والدعوة إلى الخير , والوحدة الوطنية , وتدعو إلى الدفاع عن الوطن , وتحرير أرضه المحتلة , وتكاتف الجميع في مواجهة الطامعين بأرضنا وأمتنا , وفي التعامل مع تحديات العصر ومتطلباته

5- وحزب البعث العربي الاشتراكي يواجه ويعارض الاتجاهات التي تنادي باستخدام الدين وسيلة لتحقيق المصالح الخاصة , وإظهاره بمظهر العائق في طريق تطور الأمة وتقدمها , وتحويله إلى أحزاب تجعل منه أداة للتفريق بين الناس .

كما يؤكد على خطورة كل محاولة للعزل بين الإسلام من جهة والعروبة والقومية والتقدم من جهة أخرى بغض النظر هل جاء ذلك من الذين يدعون بأنهم في جانب العروبة أو التقدم أو الاشتراكية

إن الإدعاء بوجود تناقض بين العروبة والإسلام يتنافى مع المنطق والوعي الصائب , ومعرفة التاريخ , وفهم الجوهر التكاملي للوجود العربي .

إن هذه القضايا تتطلب معالجة مستمرة على أساس وعي حقيقي متفهم يسهم في الاستفادة من توجه الناس نحو الدين عبر تأكيد قيم الدين الحقيقية وخاصة النضال والكفاح ضد العدوان والظلم والاستغلال بكل أنواعه , ولقد أثبتت هذه القيم فعاليتها في جنوبي لبنان , وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة إذ برزت القيم الحقيقية للدين كواحد من أهم محرضات النضال والكفاح والشهادة من أجل عزة الوطن , واستعادة حقوق الأمة )

ما هو سر إغفال الشريعة ؟

لقد تقدم البعث شوطاً كبيراً في موقفه من الإسلام , ويكاد يكون بمثابة انقلاب في طروحه الرسمية .

والانتقال من تجاهل الإسلام كلية وتبني غيره , أو ذكره من الجانب السلبي فقط إلى

1- إحترام عقيدته

2- تبني قيمه .

3- اعتباره جوهر الثقافة العربية والإسلامية .

4- اعتبار الإسلام والعروبة مترابطان متكاملان لا ينفصلان

5- محاربة كل محاولة لإيجاد التناقض بين العروبة والإسلام

6- اعتباره من أهم محرضات النضال والكفاح والشهادة من اجل عزة الوطن

7- اعتباره المحرك والمكون للأمة العربية في الماضي

8- الأمة العربية هي حاضنة الديانات وحاملة لوائها وناشرة قيمها بين البشر

9- لا تعارض بين النهج العلمي والقيم الحقيقية للأديان وخاصة الإسلام

10- اعتباره العامل السياسي الرئيسي في نهوض العرب وانتقالهم إلى عصر الوحدة , وتم تأسيس الحضارة العربية الإنسانية استناداً على فيم الإنسان ومبادئه.

11- قيم الإسلام تمثل قاسماً مشتركاً بين كل العرب من مسلمين ومسيحيين

نقول : إن هذا ليس انتقالاً فقط , بل هو نقلة كبرى في تاريخ الحزب , لقد قطع الحزب نحو الإسلام ثلثي الطريق , ووقف عند الثلث الأخير .

الإسلام عقيدة وشعائر وشريعة

لقد تم احترام العقيدة والعبادة , والأخلاق , أما الشريعة فكأنها غير موجودة البتة

الملاحظة الأولى :

نُذكّر الحزب بموقع الشريعة في الإسلام أولاً من الإسلام الذي يثنون عليه ومن نص القرآن :

1-  " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " سورة الجاثية 188

2-  " ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون " سورة المائدة 44 , ".... ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " سورة المائدة 47 , " .... ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " سورة المائدة 46

3-  " فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً , ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة , ولكن ليبلوكم فيما آتاكم ..." سورة المائدة /48

4-  " وأن احكم بينهم بما أنزل اله , ولا تتبع أهواءهم , و احذرهم أن يفتنوك عما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم , وإن كثيراً من الناس لفاسقون " سورة المائدة /49

5-  " أ فحكم الجاهلية يبغون , ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " سورة المائدة 49 .

6-  " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك , وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً . فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً " سورة النساء , الآيات 60- 63.

7-  " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم , ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " سورة النساء , الآية 65

8-  " ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين . وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون , وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين . أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون " سورة النور , الآيات 47-50

9-  " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " سورة النور , الآية 51 .

10  " فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم , ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله , إن الله لا يهدي القوم الظالمين " سورة القصص , الآية 50

الملاحظة الثانية:

الإسلام كل لا يتجزأ , فلو آمن الإنسان بثلثيه وأعرض أو رفض الثلث الأخير , أو اقتنع بأن ما عنده خير مما عند الله , فلا يعتبر مؤمناً كامل الإيمان .

الملاحظة الثالثة :

نحن لا نطالب الحزب أن يتبنى الشريعة الإسلامية - وإن كنا نتمنى ذلك- لأنه لو فعلها لصار حزباً إسلامياً , وهو يصر على أنه حزب قومي , والعلاقة بين القومية والإسلام تكامل , كما يعرض الحزب, وليس شيئاً واحداً , وهذا ما أبرزه الحزب في تطويره الفكري والحديث عن موقفه من الدين.

الملاحظة الرابعة :

نعتقد أن على حزب البعث القومي على أقل تقدير - إن لم يتبن الشريعة فلا أقل من أن يشير إلى شمولها وسعتها وعدلها وقدرتها على استيعاب مشاكل العصر ,ودورها التاريخي على الأقل في حكم الأمم بهذا الدين وعظمة عدالته من خلال شريعته .

الملاحظة الخامسة :

كما أننا لا نعذر الحزب القومي الذي يطور نفسه باتجاه الدين , وقد خطا تلك الخطوات , وانتقل تلك النقلة أن لايختص - القرآن الكريم- بفقرة تتناسب مع عظمة هذا الكتاب ودوره في حفظ وحدة الأمة , وأنه كتاب العربية الأول

مهما كان دين العربي الذي ينتمي إليه , وأن الأمة انبثقت من القرآن

" وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون "

والحزب الذي يدرك دور اللغة في مقومات القومية , هو أولى من يشير إلى عظمة هذا الكتاب في الحفاظ على لغة الأمة ووحدتها

الملاحظة السادسة:

الفكر الشيوعي فكر ملحد , يتناقض في جذوره العقائدية مع حزب البعث الذي تبنى التدين والإيمان به , وله شريعته المنبثقة عن عقيدته , وسمح له أن يشكل حزباً يعرض نظريته الاقتصادية , ولم يُقل عنه أنه سيمزق وحدة الأمة وهو يدعو إلى الأممية , واعتُبر شريكاً للحزب طيلة حياته السياسية , ولم يتعرض لخطر طارئ ولا لخطر مبدئي

الملاحظة السابعة :

الحزب القومي السوري أعيد له اعتباره بإعادة هيكلته الحزبية , وانضم إلى الجبهة التقدمية بصفته مراقب , رغم انطلاقه من النظرة القطرية والإقليمية ولم يحظر من البروز لمبادئه , إنما لصراع سياسي بينه وبين الحزب منذ اغتيال العقيد عدنان المالكي وله شريعته المنبثقة من الليبرالية والفكر الرأسمالي , ولم يقل أنه يمزق وحدة الأمة ويفتتها

الملاحظة الثامنة :

يبقى أعجب وأغرب موقف أن يحظر على دعاة الإسلام تشكيل حزب سياسي بحجة تمزيق وحدة الأمة

نسائل الحزب القومي المشبع بالإسلام والمعتز به

يحق لكل ناعق ولكل صاحب نظرية بشرية اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية من صنع البشر وأهوائهم أن يكون له حرية التعبير عن أفكاره وقناعته من خلال حزب سياسي , ولا يحق لمن أخذ شريعته من الله سبحانه أن يكون له هذا الحق في التعبير عن قناعاته وفقهه من خلال حزب سياسي ؟؟؟

أفحكم الجاهلية يبغون , ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون "

الملاحظة التاسعة :

نعلم الدندنة التي تثار ويحتج بها على السماح لحزب إسلامي , أن الطوائف الأخرى سوف تطالب بالأحزاب وتقع التفرقة الطائفية , وهو كلام ظاهره الرحمة وباطنه العذاب

إن كل الديانات وخاصة النصرانية , ليس عندها شريعة تقدمها إلى الناس وتعرض تطبيقها عليهم , ولذلك فهي تحقق هدفها من خلال منابرها الخاصة لعقائدها وعباداتها .

أما الإسلاميون فليسوا كذلك , الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة , وحين يتقدم الإسلاميون للمشاركة بالحياة السياسية من خلال حزب رسمي , ولن يتقدم الحزب السياسي في برنامجه السياسي إلا من خلال شريعة الله تعالى التي ارتضاها لخلقه

فهل يستقيم السماح لشرائع البشر وحظر شريعة الله ؟

الملاحظة العاشرة :

إن كل الشرائع والبرامج السياسية المقدمة من الأحزاب شرائع نظرية لم تتم تجربتها من قبل بينما شريعة اله تعالى ما زالت تحكم هذه الأمة خمسة عشر قرناً , ولم تلغ من حياة الناس إلا بعد زوال الخلافة الإسلامية , وسيطرة التيارات العلمانية على السلطة , وكل ما ذكر من قيم الإسلام التي يعتبرها الحزب جوهر حضارته وجوهر ثقافته إنما هي ثمرة تطبيق هذه الشريعة العادلة التي نعم في ظلها كل الناس على اختلاف مشاربهم وأديانهم , فهي أهم جزء من تاريخنا الحضاري العربي الذي نفخر به على الأمم , وبقدرة قادر وبجرة قلم تصبح محظورة مع دعاتها , ولا يسمح لها أن تبرز في تنظيم سياسي يوضح قواعدها , ويشرح أحكامها , ويطبق قوانينها على الواقع المعاش , ويدافع عنها أمام الذين يعلنون الحرب عليها

إن الديمقراطية لا تسمح أبدأ حظر قطاع كبير من الأمة عن عرض برامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحجة أنه حزب ديني , فالديمقراطية الغربية التي تلقيناها تبيح الأحزاب الدينية , وكثير منها يحمل اسم الطائفة لا الدين.

ولا مبادئ الحرية التي تسمح بحرية الرأي والتعبير وتشكيل الأحزاب والتظاهرات , تقبل حظر دعاة تطبيق شريعة الإسلام .

و لامبادئ القومية العربية الأصيلة تقبل منع فصيل كبير من الأمة يدعو إلى الإسلام وتطبيق شرائعه من عرض وجهة نظره على الأمة , وترك الأمر لصناديق الاقتراع تختار من تقتنع ببرنامجه .,

إنما العلمانية وحدها فقط , هي التي تمنع دخول الدين في السياسة وذلك انطلاقاً من الواقع الخطأ الذي نشأت فيه , من واقع الكنيسة التي أرادت أن تحكم باسم الله وبالنيابة عنه .

أحرام على بلابله الدوح حلال للطيور من كل جنس

إنها دعوة حرى إلى أن يكون التطور والتطوير في الحزب حياً وفعالاً وهو يتحدث عن الحرية والديمقراطية والدين والحداثة والعلمانية

ولا يترك قنبلة موقوتة في قلب الأمة , هي منع دعاة الإسلام وتطبيق شريعة الإسلام من التعبير عن رأيهم ,, من خلال حزب سياسي بطرح برنامجه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من خلال شريعة الله , وإذا كان الحزب صادقاً في تحذيره من خطورة كل محاولة للعزل بين الإسلام من جهة والعروبة والقومية والتقدم من جهة أخرى , فالأحرى به أن لا ينشئ هذه العزلة , ولا يفرضها , ولا يفتح المعركة مع الإسلام , ولا أقل من أنه إن لم يقبل هذه الدعوة الحرى فليفتح باب الحوار فيها , والحوار هو الذي يقرب المتباعدين ويصلح المتخاصمين , ويحقق ما يعجز الحظر والمنع السلطوي عن تحقيقه .

تاسعاً : موضوع الحداثة

من الناحية النظرية , أشعر أن الموقف سليم تماماً , من الحداثة حسب تعريفاتها التي قدمها التطوير , وأصدق وصف للموقف من الحداثة ما قاله :

" وقد بنى الغرب حضارته المعاصرة على أساس الحداثة لكنه في تركيزه على المنهج العقلي أهمل الجوانب الثقافية والأخلاقية والقيمية , وغيرها من الجوانب الإنسانية مما أدى توجيه أفضل مافي العلم نحو انتاج وسائل الدمار وتلوث البيئة وبناء مجتمعات يسيطر فيها القوي على الضعيف والغني على الفقير , مع امتداد ذلك إلى المستوى العالمي "

ويختم رأيه بقوله

(إن رسالة العرب تتلخص في إعادة الحداثة إلى نسقها الطبيعي والابتعاد عن العقل النفعي , وإعادة ربط المنهج العقلي بالمعايير القيمية والإنسانية على اعتبارها هي القيمة العليا وليس قيم السوق وأخلاقية البضاعة , وهذا يعتبر واحداً من أهم المضامين والمنطلقات الفلسفية لمشروعنا القومي العربي المعاصر)

عاشراً : العولمة

وما قلناه عن الحداثة نقوله عن العولمة فنلتقي معهم في التقييم لها جملة وتفصيلاً في الحديث عن إيجابياتها وسلبياتها وخاصة في الإشارة إلى أخطر سلبياتها " ومن السلبيات أيضاً مسألة الغزو الثقافي , إن العولمة تعزز هذه الظاهرة وتقوي من محاولات الهيمنة الثقافية وفرض نمط من التفكير والقيم والتقاليد وطريقة الحياة , وكل مضامين الثقافات الأخرى , وعدم الاعتراف بما تمتلكه الأمم الأخرى وخاصة العريقة منها وفي مقدمتها الأمة العربية من إرث ثقافي غني وطريقة حياة وتفكير متميز , وتحاول قوى الهيمنة عبر الغزو الثقافي إحلال ثقافة جديدة بديلاً عن الثقافة والهوية الخاصة لكل امة "

وهذا كلام مقبول ضمن الفهم السابق الذي طرحه التطوير الحزبي عن الدين الذي تجعل الإسلام الهوية الثقافية والمرتكز الأساسي للثقافة بجوار المنطلق القومي بصفتهما متكاملان لا متضادان .

حادي عشر : خاتمة ..

بمقدار ما نؤيد التطوير في " الصيغ الواردة التي تم إقرارها فتشكل منطلقاً لتطوير الحزب وتطوير مسيرته "

بمقدار ما نرفض صيغة الحزب القائد للدولة والمجتمع في القطر العربي السوري

نحن مع الشعب القائد , ولسنا مع الحزب القائد

نحن مع الرسول القائد , ولسنا مع أي قائد سواه لا ينطلق من نهجه ولا يتبع هداه

نقول أخيراً : ما هو مدى إمكانية الحوار حول المختلف والمؤتلف في التطوير

هذه الدراسة بادرة أساسية لإلغاء التناقض بين التيارين القومي والإسلامي

ونحن حريصون على هذه الروح الجديدة , ولتكون نواة الأخذ والرد , وأنتم تقرون معنا بان كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم صلى اله عليه وسلم

وإلى لقاء جديد ..

كتبت هذه الدراسة وكنت حريصاً جداً عليها لأني صاحب كتاب " الحركات القومية الحديثة في ميزان الإسلام "

وأنا أول من يجب عليه أن يعيد النظر في كل عرض جديد , لأن الحق هو الهدف وليس الهوى.

والله نسأل أن يكتب لأمتنا وضعاً جديداً وحياة جديدة تهزم عدوها وتستعيد موقعها على سرة الأرض من خلال حوار موضوعي جاد ومسؤول

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

* باحث سوري إسلامي -ومراقب عام سابق للإخوان المسلمين

(كلنا شركاء) : 17و18/11/2004

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ