الاستيطان
ابتلع فلسطين التاريخية منذ 1948
و6
جنود لحماية مستعمر واحد .
الجدار
العازل طرحه شارون في سيرته
الذاتية عام 1977 .
بقلم
: وائل الخطيب / القدس المحتلة
بعد
إسقاط السلطان العثماني عبد
الحميد عام 1909 سيطر اليهود على
سياسة محمد الخامس بينهم
ايمانويل قره صو واسعد طوتباشي
وحسين جاهد وغيرهم وأداروا
التيار الاتحادي ووجهوا عام 1911
دعوة إلى سرية إلى كل من دافيد
بن غوريون واسحق زيفي لزيارة
تركيا ، وكان اللقاء حاسما بشأن
دفع الهجرات اليهودية إلى
فلسطين وشراء الأراضي هناك
واقترح جاويد بك اليهودي إنشاء
شركات لشراء الأراضي أبرزها :
" انجلو ليفانتين ، ارض
إسرائيل ، الصندوق الثقافي
اليهودي " ، وتمكن اليهوديان
نسيم مازلياخ ونسيم روسو من
إلغاء الجواز الأحمر الذي يعيق
تدفق المهاجرين اليهود إلى
فلسطين وتم ذلك مع وصول طلعت
باشا إلى رئاسة الوزراء عام 1918،
ومنذ 1908 والوعي الفلسطيني يتسع
لحجم المشكلة ولانهار المال
التي جرت في سبيل جرفهم من
ديارهم .
وأول
ردة فعل عربية ضد الهجرة
اليهودية ظهرت سنة 1908 أثناء
انعقاد البرلمان العثماني في
فلسطين والقسطنطينية ، وفي
نيسان – أبريل عام 1920 انطلقت
الانتفاضة الفلسطينية الأولى
ضد الاستعمار اليهودي في القدس
ودامت أربعة أيام قتل خلالها 14
مناضلا ، وبعد شهر واحد من العام
نفسه اشتعلت انتفاضة ثانية دامت
15 يوما في حيفا وقتل خلالها 147
رجلا وجرح 705 ، وفي المسافة
الممتدة من 4 نيسان – أبريل 1920
إلى 30 تشرين ثاني – نوفمبر 1947 أي
قبل نكبة 1948 ببضعة اشهر قتل 7700
وجرح 11650 وسجن 5 آلاف واعدم 115 ،
وفي انتفاضة أيلول – سبتمبر
وكانون الأول – ديسمبر من 1937
سقط اكثر من 4 آلاف ، الأمر الذي
يعني أن الذين واكبوا الهجرات
اليهودية في فلسطين هيأوا
لشعبها الأصيل كل أنواع المجازر
، وهو شعب اضطهد واقتلع وسلخ عن
أرضه بالقوة .
وفتت
هذا الشعب بعد اتفاقية أوسلو
سياسيا وجغرافيا وقانونيا
واصبح قسم منه تابعا لعرب 1948
وآخر قابعا في المخيمات حول
فلسطين وثالث معذبا بين الضفة
الغربية المزروعة بالمستوطنات
وقطاع غزة المحوط بالنار ولكل
قسم مأساته الخاصة به ، من
اختناق الذين يعايشون إسرائيل
إلى مصير التشرد والبؤس لدى
جماعة المخيمات إلى انتفاضتي
الضفة والقطاع وجميع هؤلاء
يعيشون حال يأس من العودة وحق
العودة وقد عبر عن ذلك جدعون
ساعر في " معاريف " قال : "
بالنسبة إلى الإسرائيليين فان
حق العودة هو أمر نظري وهمي ،
أما بنظر الفلسطينيين ولاسيما
الذين نشأوا في المخيمات فحق
العودة حلم وردي 00" وكتب
نتنياهو عن الموضوع عينه، قال
مناقضا ما اقترحه " حزب العمل
" اليوم : " تحظر علينا
العودة إلى حدود 1967 أو إلى أية
حدود قريبة منها ، كذلك علينا أن
نرفض جملة وتفصيلا مطلب البحث
في حق العودة أو التوقيع على
اتفاق يعيد ولو لاجئا واحدا "
أضاف في " يديعوت أحرونوت :
" إن الرفض المطلق لأي تعبير
عن حق العودة يجب أن يكون الشرط
الأساسي في كل اتفاق سياسي سواء
أكان جزئيا أو تسوية دائمة
واعتبر أن " مجرد الإيحاء
بالعودة الفلسطينية إلى ارض
إسرائيل جريمة بحق الكيان
الصهيوني ، لا يجب التراخي
إزاءه" .
ومن
البديهي أن يكون الاستيطان ردا
مباشرا على القول الفلسطيني بحق
العودة فبعد إلغاء إمكانية قيام
دولة على الأراضي المحتلة عام
1967 أو على مناطق من 1948 وبعد
إهمال القرارات الدولية
المتحدثة عن حق العودة " 149
" من قبل إسرائيل تحاول
الدولة العبرية الآن من خلال
جرف الأراضي وزرع المستوطنات
وإقامة الجدار الفاصل أن تمحو
من الأذهان فكرة الدولة
الفلسطينية من هنا عدم جدوى
الحوارات والمفاوضات الجانبية
لأن ما يجري على الأرض يناقض أي
مسعى إلى تفاهم أو توافق أو
اتفاق سلام ، ومبدأ بن غوريون
واضح في هذا المجال : " ما لم
توسع رقعة الاستيطان اليهودية
للأرض فان مساعينا ستنتهي إلى
لا شيء " . وأضاف وهو يتكلم عن
" الوطن الصهيوني الأكبر " :
" انه عن طريق ترحيل السكان
العرب من البلاد بالحسنى أو
بالإكراه يمكن توسيع رقعة
الاستيطان اليهودي في المستقبل
" .
ومع
أن الأراضي المخصصة باليهود في
قرار التقسيم رقم 181 كانت 56%
فإنها بلغت عام 1949 77% بعد
السيطرة على 20 مليون دونم من
الأراضي ، وهذه النسبة زادت
باضطراد من خلال حركة الاقتلاع
والاستيطان من 1949 إلى 1967 إلى
السبعينات والتسعينات ،
ولارئيل شارون دور أساسي في
عمليات التشريد نذكر منها انه
1956 وبينما العدوان الثلاثي قائم
على مصر أنزلت الوحدة 101 إلى
أراضي " البقارة " و "
الغنامة " وهما قريبتان على
بعد 3كلم من الحدود السورية –
الفلسطينية فطوق شارون المنازل
واقتحمها وانتزع سكانها بالقوة
واصعد من بقي حيا في شاحنات
ورماهم في العراء على الحدود
وكانت أوامر بن غوريون :" يجب
مسح هاتين القريتين " فمسحتا
ووضعت اليد الصهيونية على آلاف
الدونمات من الأراضي ، أما
بالسرقة أو بالقوانين المصنعة
أو بقرارات المحكمة العليا ،
وكانت غزة من اكثر المناطق التي
تعرضت أواخر القرن الماضي
وبداية هذا القرن للسرقة
المنظمة فبلغت المساحات
المسلوبة 112605 دونمات .
ووصلت
العنصرية باليهود إلى حد تكليف
ستة من جنود الاحتياط بحراسة
مستوطن واحد ، اسمه يوسي ايالون
يقيم في موقع استيطاني قريب من
مستوطنة " مافودوتان " في
الضفة الغربية وقد اقترحوا عليه
الإقامة في فندق على حسابهم
لمدة أسبوع فرفض لأنه يستمتع
بالمكان ولا يبحث عن غيره ، وثمة
مواقع استيطانية كثيرة يكثر
حراسها ويقل ساكنوها ، ويكفي
التذكر بأن المشروع الاستيطاني
في جبل المكبر في القدس يضم 550
وحدة استيطانية فيما جدار الفصل
العنصري يستنزف ثلث أراضي
قلقيلية ، مع استمرار تهويد
مناطق 1948 بتحويل مقبرة إسلامية
إلى موقف سيارات وجذب الألوف
إلى أراضي حول القدس وداخلها
ويملك الكثير منها يهودا ليفي
ومئير شامير .
وكشفت
صحيفة " هآرتس " أن جدار
العزل العنصري يتطابق مع أفكار
رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون
وطروحاته التي نشرها عام 1977 مع
انتصار حزب الليكود في
الانتخابات وتسلمه السلطة في
إسرائيل للمرة الأولى والغاية
من الجدار هي السيطرة على مناطق
تتحكم بالضفة الغربية ومنع
إقامة دولة فلسطينية في
المستقبل .
وتحدى
شارون الرأي العام الدولي واقنع
أمريكا بضرورة الاستمرار في
أعمال البناء فأوقفت واشنطن
تحفظها ، وكان شارون تحدث مع
المسؤولين الروس عن " حق
إسرائيل في السيطرة على أجزاء
ارض إسرائيل ( فلسطين التاريخية
) " وعنى الخليل وبيت لحم
والقدس الموحدة وقال افيغدور
ليبرمان أن شارون لمس تفهما
كبيرا وأكد بوتين انه " صديق
إسرائيل " وسمع رئيس وزراء
إسرائيل يؤكد أن خريطة الطريق
" إذا تحولت إلى قرار دولي
ملزم ستعرقل عملية السلام "
ووصلت طموحات شارون إلى حد زرع
أربعمائة ألف مستوطن في القدس
الشرقية والضفة والقطاع .
واليوم
ومع المواقف الجديدة لحزب العمل
والتي يدعو فيها إلى دولتين
وفقا لحدود 1967 على أن تكون
الدولة الفلسطينية منزوعة
السلاح والقدس مشتركة ، فان
تجارب رابين وبيريز وبعض اللذين
صنفوا أنفسهم معتدلين خارج
صقورية المتطرفين لم تؤد إلى
نتيجة عملية على صعيد سلام
الشرق الأوسط وحل القضية
الفلسطينية وقد لحظ جيمس بيكر
في عهد بوش الأب كيف أن إسرائيل
تعيش النفاق الحقيقي إذ تشارك
في مفاوضات السلام وتقوم في
المرحلة عينها بمصادرة أراض
فلسطينية ومياه فلسطينية
وببناء المستوطنات واحتلال
الأراضي ، وحاول بيكر أن يوقف
الملايين التي تمنحها الولايات
المتحدة لإسرائيل لكن جماعات
الضغط الصهيوني ظلت بالمرصاد
وردت بدعم كلنتون في انتخابات 1992، من هنا تجاهل
الرئيس بوش الابن الجدار
والمستوطنات وكل ما ترتكب
إسرائيل من فظاعات !
ولم
يكتف الأمريكيون بذلك بل قدمت
عضو مجلس النواب الجمهوري عن
فلوريدا اليانا روس لتنن وهي
راعية مشروع " قانون محاسبة
سوريا " مشروع قرار أخر إلى
المجلس يطالب المجتمع الدولي
بالاعتراف ب " الوضع الصعب
" الذي واجهه اللاجئون اليهود
وهم في الدول العربية ويحض
وكالة الأمم المتحدة لغوث
اللاجئين " الاونروا " على
إعداد برنامج لتوطين
الفلسطينيين في أماكن وجودهم
حيث كانوا ، وقد عمل المشروع رقم
311 ودعمه النائبان
الديموقراطيان فرانك بالوني
وهيرولد تالر ويتم السعي لضمان
تأييد اكبر له من قبل النواب
وثمة حملة أطلقها " التحالف
الوطني من اجل إسرائيل " ويضم
جماعات متصهينة من اجل جعل
توطين الفلسطينيين خارج أرضهم
التاريخية ولا سيما في الأردن
ولبنان وسوريا والعراق وغيرها ،
ونسي هؤلاء أن اليهود تركوا
بملء إرادتهم أواخر الأربعينات
وباعوا أملاكهم ولم يقتلعوا من
بيوتهم شأن الذي يجري في فلسطين
المحتلة .
المصدر
: صحيفة الحوادث – آذار 2004
|