غي
باخور: أهمية جديدة لهضبة
الجولان
التنازل
عن الجولان للجانب السوري يمثل
خطراً وجودياً على الدولة
العبرية
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (15/10/04)
يحذر المقال التالي للكاتب
الإسرائيلي غي باخور من مغبة
تسليم الدولة العبرية مرتفعات
الجولان السورية المحتلة إلى
الجانب السوري، في نطاق تسوية
سياسية مفترضة.
فالمقال المنشور في صحيفة "يديعوت
أحرونوت" العبرية؛ يشدِّد
على أنّ الجولان تمثل مجالاً
أمنياً مباشراً للدولة
العبرية، وأنّ التخلي عنها من
شأنه أن يجرّ عواقب وخيمة في
العمق الإسرائيلي.
ومكمن القلق الذي يفصح عنه المقال
هو ما يراه كاتبه من عدم استقرار
وشيك في الحكم السوري، وهو ما
سيجعل الجولان منطلقاً
لاستهداف الدولة العبرية
بهجمات واسعة النطاق.
كما يتوقع الكاتب أن تؤدي استعادة
الجولان إلى استيطان مليون
مواطن سوري فيها، وهو ما يمثل
خطراً وجودياً على إسرائيل،
بحسب تقديرات باخور.
(بداية
النص)
أهمية
جديدة لهضبة الجولان
بقلم:
غي باخور
طُرحت في الأسابيع الأخيرة عدة
ادعاءات، وخاصة من مركز يافي
للدراسات الاستراتيجية، في أنّ
إسرائيل تتجاهل تلميحات الرئيس
السوري بشار الأسد بشأن رغبته
في استئناف المفاوضات معها.
وكان هناك من شبّه ذلك بتجاهل
غولدا مائير لتلميحات الرئيس
المصري أنور السادات قبل حرب
يوم الغفران. ولكن؛ يجدر بالذكر
في كل الأحوال أننا إذا ما
استجبنا لـ "لغز" الأسد؛
فإنه من شأننا أن نقع بالذات في
مشكلة كبيرة.
فلنفترض أننا وافقنا على إعادة
هضبة الجولان إلى سورية، فلا
ريب أنّ الأسد سيردّ على ذلك على
الفور بإسكان مليون سوري على
الأقل في الهضبة، كي يقرِّر
حقائق على الأرض. هكذا كان أيضاً
في لبنان. غير أنّ نظام البعث في
سورية آخذ بالضعف، وحكم سورية
كفيل بأن يكون كحكم العراق، أي
انهيار النظام المركزي ونشوء
الفوضى الطائفية والدينية. وعلى
نحو يشبه العراق؛ فإنّ سورية هي
دولة متعددة الطوائف والأديان
والقطاعات المعادية. ويرفع "الإخوان
المسلمون" في سورية رؤوسهم من
الآن، ومثلهم الأكراد وأقليات
أخرى، وربما حتى القاعدة. ومن
المعقول أنه في غضون زمن غير
بعيد سيقف النظام هناك أمام
إرهاب إسلامي وتهديدات طائفية.
وإذا كان هذا ما سيحصل؛ فإنّ
موجات الإرهاب هذه ستصل مباشرة
إلى المليون مستوطن سوري في
هضبة الجولان وعبرهم إلى
الجليل، إلى مناطق إسرائيل.
يتمسك الداعون إلى إعادة الجولان
إلى سورية؛ بالمقاييس القديمة
لدول عربية سيادية وقوية، مع
جيش مرتب واتخاذ قرارات مرتبة.
وهم لا يأخذون بالحسبان إمكانية
أنّ دول القومية العربية،
وأولاً وقبل كل شيء سورية؛ تسير
نحو انهيار الأنظمة الطائفية
والأصولية، الانهيار الذي من
شأنه أن يكون محملاً بالكارثة.
وعليه؛ أفلا تكفي إسرائيل
القبضة الفلسطينية الموجودة في
داخلها؟.
إنّ الأسد وعصبته التعبة المحيطة
به يعرفان أنه لا فرق كبيراً بين
طغيان البعث الذي كان في العراق
وتوأمه في سورية، فضلاً عن أنّ
هذا التوأم يحتفظ بأسلحة دمار
شامل. إذ لا يمكن للرئيس السوري،
رجل الأقلية العلوية؛ أن يسمح
لنفسه بسلام مع إسرائيل، ولا
حتى بمفاوضات حقيقية. وكل ما هو
مطلوب له هو صورة عن جلسة افتتاح
المفاوضات مع وفد إسرائيلي،
كبوليصة تأمين كي لا تعمل
الولايات المتحدة على إسقاطه.
وحقيقة هي أنه ردّ رداً تاماً
الوسطاء المكلفين من إسرائيل
الذين عرضوا عليه مفاوضات سرية
مسبقة مثلما كان مع مصر والأردن
والفلسطينيين. وعليه؛ فإنّ
إسرائيل بالذات استجابت لـ "التلميحات"
والوضع هو كما هو، لأنّ هذه هي
مصلحة الأسد.
ليس لإسرائيل مصلحة في إنقاذ
النظام البعثي في دمشق.
فالأمريكيون يرونه في إطار محور
الشرّ، وزمنه قد يكون محدوداً.
فلنتركه يتورط مع الولايات
المتحدة والأمم المتحدة إلى أن
يسقط.
يتعيّن على إسرائيل من جهتها أن
تستعد لليوم التالي لنظام البعث.
ومن هذه الناحية؛ فهضبة جولان
إسرائيلية، تفصلنا عن الحرب
والإرهاب اللذين سيشتعلان في
سورية؛ هي حاجة وجودية.
(المقال
بقلم غي باخور، ونشر في يومية
"يديعوت أحرونوت" العبرية
في الرابع عشر من تشرين الأول/
أكتوبر 2004)
|