حوار
مع وزيرة المغتربين بثينة شعبان
يكسر
المحرمات
عمر
العمر
أكدت الدكتورة بثينة شعبان وزيرة
المغتربين السورية والتي تعد
بين قلة من المعاونين الأقرب
للرئيس بشار الأسد أن مؤتمر حزب
البعث المقرر في مطلع يونيو
المقبل سيشهد اعلان قرارات
جريئة وسيبحث كل ما تطرحه
المعارضة الملتزمة بالحوار تحت
سقف الوطن.
وألمحت الى اصدار قانون لتأسيس
الأحزاب وآخر لتنظيم
الانتخابات وانهاء مرحلة
الاستفتاءات واتخاذ خطوات توحد
الشعب السوري كله وتعلو فوق
الهفوات الحالية.
واعترفت شعبان بعطب الماكينة
الاعلامية السورية وقصور
الجهاز الدبلوماسي، وقالت نحن
لا نعرف تسويق ما نفعل لكنها نفت
بشدة وجود تمييز اجتماعي على
أساس طائفي أو اثني.
وقالت المسؤولة السورية ان الحديث
عن ارتكاب سوريا اخطاء في لبنان
لا يبرر ضرب العلاقة السورية
اللبنانية، وحذرت المعارضة
اللبنانية من أنها ستكتشف لاحقا
ان من يحرضها ضد سوريا انما يفعل
ذلك في اطار مخطط يستهدف تفتيت
المنطقة الى هويات طائفية
واثنية. وقالت ان اميركا لا تريد
سلاما في الشرق الأوسط وانما
تطلب منا التنازل عن حقوقنا.
وأكدت ان الوضع الحالي في
العراق ليس أفضل مما كان عليه،
وقالت نحن أذكياء ونعرف مكامن
الصعوبات ومكامن الخطر وحان وقت
مواجهة الصعوبات. وفيما يلي نص
الحوار:
ـ الانسحاب السوري من لبنان تأخر
كثيراً، لم؟
ـ لم يتأخر لقد باشرنا في سحب
قواتنا من لبنان منذ العام 2000
دون تدخل من أي طرف من الأسرة
الدولية ودون ان يكون مطلبا من
أي جهة خارجية بما في ذلك فرنسا
وأميركا. مما يدل على أننا كنا
نعمل وفق برنامج.
ـ سألت كلا من وزير الاعلام ونائب
وزير الخارجية وأود أن أسمع منك
اجابة عن لماذا مارست سوريا
انسحابا سياسياً كاملاً من
لبنان عقب اغتيال الحريري؟
ـ حتى قبل الانسحاب العسكري كانت
سوريا رفضت التدخل في
الانتخابات اللبنانية من اجل ان
يقرر اللبنانيون مصيرهم
بأنفسهم واجراء الانتخابات
بالطريقة التي يرونها مناسبة.
المصلحة الوحيدة لسوريا في
لبنان تتمثل في استقراره وأمنه
فقط.
أنا اعتقد أن ما يجري في لبنان
حالياً خطير على لبنان وعلى
سوريا واعتقد ان أي قارئ موضوعي
للأحداث يعلم ان اغتيال الحريري
ثم التخطيط له من قبل من يريد
استهداف سوريا ولبنان فمن
الواضح جدا الآن انه تم قتل
الحريري لزعزعة لبنان وسوريا.
كان لسوريا باع في تهدئة كل
الأزمات اللبنانية أو محاولة
معالجتها بالتدخل السياسي
المباشر. فهل اسدلت دمشق ستاراً.
على المسرح السياسي اللبناني
بعد اغتيال الحريري؟
ـ لم تسدل ستارا ولكن هذا هو مطلب
المعارضة اللبنانية التي يطالب
بعض رموزها بعدم التدخل السوري
مع أنهم يريدون تدخل اطراف اخرى
"فستارفيلد" مساعد وزير
الخارجية الاميركي" مقيم في
بيروت حالياً بأي صفة لا أدري.
قدمنا شهداء من أجل لبنان
الغريب أن سوريا كانت موجودة
وكانت أصوات لبنانية تطالب
باستبعادها، غير أن سوريا لم
تنسحب سياسياً على هذا النحو من
بيروت.
ـ لم تكن المطالب اللبنانية بهذه
الطريقة ولم يكن حجم المعارضة
في لبنان لسوريا بهذا الحجم.
هذا الحجم يساهم في صناعته رموز
معارضة كان لها حلف مع دمشق.
ـ أكيد سوريا ساهمت في وضع النظام
اللبناني والذي طلعت منه هذه
المعارضة. كما أن سوريا قدمت لها
الحماية عندما كانت تحتاج إلى
حماية، ذلك أن سوريا تؤمن
بالسلم الأهلي في لبنان. أما ما
يحدث في لبنان حالياً فهو خطير،
إذ يستهدف إحداث فُرقة وسط
اللبنانيين. وتركيبة لبنان تتسم
بالصعوبة لا يمكن لأي طرف
لبناني أن يشكل حكومة منفرداً
ولا يجوز. فلن يبقى لبنان
لبناناً إذا شكل طرف واحد حكومة.
وكانت سوريا حريصة دائماً على هذا
التوازن بين الأطراف اللبنانية
ولم تكن هذه مهمة سهلة. نحن
ضحينا كثيراً وقدمنا آلاف
الشهداء.
أسألك بصفتك مواطنة سورية ومثقفة -
وليس بصفتك مسؤولة - ما هو رد
فعلك تجاه ما يصدر عن بيروت تجاه
دمشق؟
ـ أنا زعلانة لأني أحب لبنان كما
أحب سوريا. زعلانة لاستهداف
عمال سوريين في لبنان واستهداف
رموز سورية بالكلام وكلام غير
لائق فهذا خطأ.
ستكتشف المعارضة اللبنانية يوماً
ما أن من يحرّضهم ضد سوريا ليس
من أجل لبنان أو مصلحته،
والسيناريو واضح في المنطقة،
فالولايات المتحدة لم تجلس
لتفكر في ماذا يريد الشعب
اللبناني والعربي، وتقول إنها
ستأتي لتحقق لهذا الشعب ما
يريده من الحرية والديمقراطية.
الشعوب هي
التي تخطط وتصنع مستقبلها، ولكن
المخطط الأميركي في المنطقة
يستهدف تفتيتها إلى هويات عرقية
واثنية. انظر إلى ما يحدث في
فلسطين، حيث جلس الفلسطينيون
واتفقوا على التهدئة، فماذا كان
جواب إسرائيل؟ بناء مزيد من
المستوطنات.
ـ هل تعتقدين أن ما يحدث يؤشر
لنهاية العلاقات اللبنانية ـ
السورية؟
ـ لا أعتقد ذلك، إن شاء الله،
فالذين يرفضون التعاون مع سوريا
لا يمثلون كل الشعب اللبناني
هناك، كذلك أصوات عاقلة كثيرة
مع سوريا ومع العروبة التي
تجمعنا مع لبنان والمصير
المشترك. أستطيع أن أجزم أن
غالبية الشعب اللبناني سوف
تدافع عن عروبة لبنان وعن
العلاقات السورية اللبنانية
المستقبلية.
السيد الرئيس قال إن هناك أخطاء تم
ارتكابها في لبنان ولكن هل هذا
مبرر لضرب العلاقة السورية
اللبنانية؟
ـ بالطبع لا، فيجب أن نرتفع فوق
هذه الأخطاء ونبقى حريصين. أنا
واثقة أن الشعبين السوري
واللبناني حريصان على هذه
العلاقة، وربما نجد أسساً أفضل
لبناء هذه العلاقة في المستقبل.
هناك كلام متداول في دمشق عن عودة
مئات آلاف العمال السوريين من
لبنان وتعرض عشرات منهم للأذى
البدني بما في ذلك التصفية
الجسدية.. هل لديك أرقام في هذا
الصدد؟
ـ لا توجد أرقام، غير أنك وصفت
المسألة في إطار دقيق، حيث قلت:
تعرض العشرات للقتل كما سمعنا.
أنا أعتقد أن من يقود عمليات
التفجيرات في لبنان هو نفسه
الذي يستهدف العمال السوريين في
لبنان، وهو الطرف الذي لا يريد
الأمن للبنان ولا يريد استمرار
العلاقات السورية ـ اللبنانية.
أنا أبرئ معظم اللبنانيين من
استهداف العمال السوريين،
فمعظم رموز المعارضة تحدثوا ضد
استهداف العمال السوريين، إذن
من الذي يستهدفهم؟
ومن الذي يزعزع أمن لبنان؟ هذا
سؤال مهم. فكما في العراق أطراف
تقوم بعمليات إرهابية ونحن لا
نعرفها ضد المسيحيين وضد
الإسلام وتدعي الإسلام وهي تشوه
صورته وصورة المسلمين في أنظار
الغرب. أعتقد انها مجموعات
إرهابية ضد العروبة أولاً وضد
الإسلام وضد المسيحية وضد
التعايش في المنطقة، ولا يجوز
توصيفها باعتبارها مقاومة
للاحتلال. كما أن هذه المجموعات
موجودة في العراق، توجد كذلك
مجموعات مماثلة في لبنان لا
أعرف هويتها، كما أنني لا أعلم
حقيقة ذلك الطرف الذي يستهدف
أمن لبنان وسلامة العمال
السوريين، ولكن أعرف أهدافه
واستراتيجيته السياسية.
هكذا ردت أولبرايت على حافظ الأسد
إلى أي مدى تذهب استراتيجية هذا
الطرف فيما يتعلق بالشأن
السوري؟
ـ السياسة الأميركية الإسرائيلية
في المنطقة تريد استهداف هوية
سوريا العربية القومية. ذلك ما
يزعج أميركا في سوريا، دعنا
نتكلم بشكل علمي، فسوريا حاربت
إلى جانب الولايات المتحدة في
الخليج، وكانت سوريا تقف ضد
صدام عندما كانت أميركا تقف
معه، وعندما انقلب موقفها ضده،
تعاونت سوريا معها. كل يوم يقول
الرئيس السوري نحن نريد سلاماً
عادلاً وشاملاً.
المجتمع السوري مجتمع متعدد
الأديان مثل المجتمع الأميركي،
فأين هي المشكلة بين سوريا
وأميركا؟ هي مشكلة إسرائيلية
فقط، وهي وقفة سوريا القومية مع
الشرعية الدولية ومع الحق
العربي وضد الاحتلال.
كنت مع الرئيس الراحل حافظ الأسد
في جنيف في مارس 2000، وحين فشل
اللقاء بين الأسد وبيل كلينتون
قال الرئيس الأسد ـ رحمه الله ـ
ونحن نمشي خارج القاعة "الآن
لم نستطع أن نصنع سلاماً، فدعنا
نركز على العلاقات السورية
الأميركية". فقالت السيدة
مادلين أولبرايت، وهي صديقة لي
وموجودة ويمكنك أن تستوثق منها
"لابد أنك تمزح، فعلاقاتنا لن
تكون جيدة ما لم توقع اتفاق سلام
مع إسرائيل". هذا هو بيت
القصيد.
لو قالت سوريا الآن نحن نتخلى عن
جزء من الجولان أو حق المقاومة
أو حق الفلسطينيين أو حق العرب
أو حق الشرعية الدولية فستصبح
سوريا أفضل بلد ديمقراطي في
العالم.
إذن المطلوب من سوريا توقيع اتفاق
سلام مع إسرائيل؟
ـ ليس توقيع اتفاق سلام، نحن نريد
اتفاق سلام نستعيد به أرضنا
وحقوقنا، ولكن المطلوب التخلّي
عن هذه الحقوق.
مدى قدرة سوريا على الثبات في وجه
هذه الحملة الأميركية؟
ـ لدى سوريا خيار الصمود في وجه
هذه الحرب. وأعتقد أن السيد
الرئيس بشار الأسد لديه الرؤية
والاستراتيجية، وهي من خلال
تحصين الوضع الداخلي ومن خلال
المؤتمر المقبل للحزب، حيث سيتم
إعلان قرارات جريئة وجيدة تجعل
الشعب السوري كله وحدة وطنية
متلاحمة متماسكة وتعلو فوق كل
الهفوات الموجودة.
الجبهة الداخلية مأزومة قليلاً،
إن لم نقل كثيراً..
ـ لا.. قليلاً.
والولايات المتحدة تستخدم بعض
عناصر التأزيم الداخلي عناصر
للضغط، من ذلك غياب الحرية
والتعددية الحزبية وتفكيك نظام
الحزب الواحد. البعث نفسه
مستهدف كعقيدة.. فهل سيذهب
المؤتمر في هذا الاتجاه وإلى أي
مدى؟
ـ إذا قالت الولايات المتحدة ان
لديها أناساً في الداخل، فأنا
أقول لا. الآن اجتمع فريد
القادري مع مسؤولين في الخارجية
الأميركية وبعث نداء إلى
المعارضة في الداخل، وأكيد انك
قرأت جواب المعارضة التي قالت
إن التعامل مع أميركا خط أحمر أو
مع إسرائيل ضد البلد. إذن هذه
المعارضة يسعدنا العمل معها ولا
خلاف لنا معها. نحن متفقون على
مناقشة كل ما يخص الوطن وكل ما
يجعل الوطن أفضل. وكل معارضة لا
تراهن على الوحدة الوطنية أو
تسير ضد مصلحة الوطن نرحب بها.
من حق كل مواطن سوري أن يسعى إلى
الأفضل في بلده.
لا أود أن استبق الأحداث ولكني
أعتقد أن الرئيس بشار الأسد
سيؤكد للمعارضة انه متحمس لهذا
العمل لأنه يقود مسيرة إصلاح
وأنا متفائلة.
السوريون يحبون وطنهم ونحن نعيش
على التسامح ونعتز بالتعايش بين
كل الفئات الموجودة في سوريا
منذ آلاف السنين، نحن نعيش بهذه
التعددية.
حان الوقت لمواجهة الصعوبات
هناك أصوات سورية تشكو من حالة
الطوارئ المعلنة منذ 40 سنة؟
ـ كل شيء قابل للنقاش تحت سقف
الوحدة الوطنية ومصلحة الوطن
وحمايته.
الحوار يتطلب الاعتراف بالآخر..
ـ لا أحد ينكر الواقع الموجود، نحن
أناس أذكياء ونعرف الوضع
القائم، ونعرف مكامن الصعوبات،
ومكامن الخطر، ولكن ربما حان
الوقت لمواجهة هذه الصعوبات.
وأنا أقول لك انه ربما لولا
الضغوط الأميركية والإقليمية
مثل حرب العراق التي ضغطت علينا
لقام الرئيس بشار الأسد بهذه
الإصلاحات قبل سنتين أو أكثر
لأنه أتى على محاربة ملف الفساد.
يوجد معارضون في الداخل وجهات في
الخارج تؤكد انه لن يكون هناك
إصلاح في سوريا نظراً لوجود
مراكز داخل النظام ترفض الإصلاح
ولها مصالح في عرقلته.
ـ من يقول ذلك يجب أن يعلم أن
الرئيس بشار الأسد هو الذي
يقود، ورؤيته ومنطقه
واستراتيجيته هي التي سوف تطغى
وتسيّر الأمور وليس من يعارض
هذه الرؤية.
وبعد خطابه في البرلمان ليس لدى
المواطنين السوريين أي شك أن
الرئيس بشار هو الذي يمسك بزمام
الأمور.
كان هناك رهان مماثل على هذا
الإصلاح بعد خطاب القسم الأول
للرئيس بشار غير انه تعطل مما
يعزز فرصة مراكز القوى داخل
النظام.
ـ في كل نظام يوجد أناس لهم مصالح.
فكيف يمكن التخلص منهم إذاً؟
ـ هذا الكلام ليس دقيقاً فالإصلاح
لم يتعطل.
لم يتم بالوتيرة المأمولة؟
ـ ما هي الوتيرة ومن يحدد هذه
الوتيرة؟ أنا الان وزيرة واحمل
ملف وزارة المغتربين وأنا أكثر
المتحمسين للإصلاح والتطوير
والتحديث وأرغب أن تكون وزارتي
نموذجاً لما رأيته في الغرب
ولكن هناك واقع على الأرض عليّ
التعامل معه.
في هذا الواقع يستشري فساد كثير
وأناس لهم مصالح يشكلون عقبات
وهي أحرص على مصالحها من مصلحة
الوطن.
ـ الرئيس بشار ومجموعة من الناس
المؤمنين بهذا الخط وبالنزاهة
ومحاربة الفساد في هذا البلد
يعملون من أجل إرساء قواعد
سليمة للعمل الحكومي والحزبي
والتعددي ولكل ما يطمح إليه
المواطن السوري، ليس صحيحاً أن
هناك بعض الأشخاص الذين يسيرون
الأمور، فهذا كلام غير سليم
وغير صحيح وغير دقيق.
أنا لم أقل انهم يسيرون الأمور، بل
قلت ان لديهم مصالح تتقاطع
ومسيرة الاصلاح؟
ـ في كل نظام يوجد مثل هؤلاء.
نحن نتحدث عن حقائق على الأرض في
سوريا؟
ـ أنت تتحدث عن حقائق على الأرض،
ولكن هناك عقبات لا علاقة لها
بهؤلاء الناس ولكن الكلام عن
وجود أناس داخل الحكومة يقفون
ضد الاصلاح اختزال سطحي للواقع.
واقع الأمر كما أقوله لك أنا
كوزيرة اخترت سوريين مثقفين من
أفضل الكفاءات أجريت لهم
اختبارات وأتيت بأفضل
المتقدمين للعمل وأحاول على مدى
سنة ونصف السنة تدريبهم على روح
"فريق العمل" والمؤسسية.
هذه نقلة ليست سهلة فثقافتنا...
هذا بالضبط ما نتحدث عنه أي أن
هناك ثقافة متوارثة ومتراكمة
على مدى أكثر من 30 سنة.
ـ لا عمرها ليس 30 سنة وانما من عمر
العرب فعمرها 1400 سنة والتركيز
فيها على الفرد وليس على
المؤسسة. نحن كعرب وليس سوريا
وحدها وانما كل الأمة العربية،
علينا ان نعترف أننا لم نتمكن
حتى الان من بناء مؤسسات كتلك
التي قائمة في الغرب.
أنت نفسك تتحدثين الان كثيراً عن
السيد الرئيس بشار الأسد ولا
تتكلمين عن المؤسسة؟
ـ لا، أنا أقول لك نحن نبني مؤسسات
ولا نعمل كأشخاص سواء في
الوزارات أو مجلس الوزراء أو في
التنسيق والتكامل بين الوزارات
نحن الذين ندعم ونؤمن بالإصلاح
لديك الان 12 أستاذاً جامعياً في
الحكومة. خلال خمس سنوات استبدل
الرئيس بشار أربع حكومات، هذا
لم يكن موجوداً في تاريخ سوريا
ولكن من السهل أن تراقب الصورة
وتفهمها كما تريد غير انك إذا
توغلت في الداخل لمعرفة ما يحدث
في الواقع ستجد حركة الإصلاح،
أنا لا استطيع القول انه يمكن أن
يحدث بوتيرة أسرع ولا أريده ان
يجري بإيقاع أسرع من هذه
الوتيرة.
غير ان الأحداث هي التي تتطلب
التسريع، فهناك من يعتقد ان
المدى الزمني بعيد جداً على
مؤتمر الحزب الذي تبشرين بأنه
سيشهد تحولات جريئة، فهناك ربما
من لا ينتظر حتى يونيو ليرى ما
سيحدث.
ـ لابد من فرض انتخابات من أجل عقد
المؤتمر ألا يريد هؤلاء ممارسة
ديمقراطية ومؤسسات. فمؤتمر
الحزب هو بالفعل مؤسسة
ديمقراطية.
هذا الكلام لن يقنع أي عربي في أي
شارع عربي؟
ـ هم أحرار ولكن فليأتوا ولشاهدوا
بأنفسهم الانتخابات لو كان
الأمر بيدي لدعوت الصحافة
العالمية لمتابعتها.
إذاً التغيير الذي تتحدثين عنه
سيتم فقط داخل حزب البعث؟
ـ لا لا أولاً عندنا الجبهة
التقدمية الوطنية ولدينا أحزاب
منذ السبعينات ولكن الان اعتقد...
هل سيكون هناك قانون لتأسيس أحزاب
وهل سيصدر قانون لتنظيم
انتخابات تعددية؟
ـ لا أود ان استبق الأحداث غير أني
أتصور ان هذا ما سوف يكون.
لابد من إعادة هيكلة الإعلام
هل سيكون ذلك نهاية للاستفتاءات.
-
بدون شك يوجد توجه حقيقي.
ثمة قوانين قاهرة تعرقل الحريات
السياسية.
-
لقد غيرنا في مجلس الوزراء
قوانين ولو تم ذلك في أي بلد آخر
لقالوا ان هناك ثورة قانونية،
حقيقة في كل أسبوع يوجد على جدول
أعمال مجلس الوزراء قانون جديد.
ماكينتكم الإعلامية تشكل احدى
مشاكلكم أليس كذلك وهذه قضية
تحتاج لوحدها ثورة.
-
هذا صحيح.
اذا الى أين نسير على هذه الجبهة
أليس من المفروض توفير منابر
متعددة؟ وفصل الصحف عن الوزارة.
-
صحيح. كل هذا قيد البحث والنقاش.
أنا لا أرغب في الاكتفاء بالبحث
والمناقشة ولكني أطمح الى كشف
خطوات عملية.
-
أكيد بدون شك، اضرب لك مثلاً
عندما ناقشنا قانون العاملين
الموحد استغرق الأمر اشهراً،
فنحن لدينا وضع اجتماعي، فنحن
ربما نكون اكثر دولة تهتم
بالمواطن، فالتعليم مجاني مثل
الصحة والمواد التموينية
الأساسية مدعومة من قبل الدولة..
لكن تقرير التنمية البشرية يقول
ان نظامكم التعليمي متخلف وكذلك
النظام الصحي.
-
هذا كلام غير أمين وغير صحيح.
اذا ما تقارن بين المواطن السوري
والمواطن في أي بلد آخر فستكتشف
أيهما لديه رعاية صحية أفضل.
يزعم التقرير نفسه ان النظام
الصحي في موريتانيا متقدم على
النظام الصحي في سوريا.
ـ هذا غير سليم وتقرير التنمية ليس
منزلاً من السماء، أعود واستكمل
كلامي عن قانون العاملين الموحد
في الفقرة 137 تسريح العامل من
الخدمة حيث ناقشها مجلس الشعب
وأقر انه يحق لرئيس مجلس
الوزراء تسريح العامل لأسباب
خطيرة طبعاً. 20 محامياً اعترضوا
على القرار.
وقالوا في رسالة لمجلس الشعب ان
هذا لا يجوز، فعاد مجلس الشعب
وناقش الفقرة وتم تعديل الفقرة
على نحو يضمن حق المواطن ولا
يتركه عرضة لتوقيع مجلس الوزراء.
أزمتنا اننا لا نعرف كيف نسوق ما
نفعله، ولو استطعنا تسويق ما
نفعله دون زيادة لكانت صورة
سوريا أفضل مليون مرة لدى الشعب
السوري وفي الخارج.
لماذا لا تستطيعون تسويق ما
تفعلون؟
ـ لابد من هيكلية مختلفة للإعلام.
هل هذه الهيكلية واردة في التوجه
المرتقب؟
ـ طبعاً نحن جماعية أذكياء نعرف
أمراضنا وحريصون على شعبنا.
غير انكم تركتم أمراضكم تتراكم
وتستشري حتى أصبحت سلاحاً في
أيدي الآخرين.
ـ ليست أمراضنا هي التي سلاح في
ايدي الآخرين انما نقاط قوتنا
هي سلاح في ايدي الآخرين.
عروبتنا فقط هي المستهدفة،
الآخرون لايريدون معالجة
أمراضنا.
رغم الوضع السيء الذي كان فيه
العراق والذي لا يقارن بوضع
سوريا إلا ان العراقيين يقولون
ان الوضع القديم كان افضل مما هو
عليه حالياً، كان في وسع الطلاب
الذهاب الى المدارس. فكان هناك
أمن. ومن أتى الى العراق وعمل
"أبو غريب" وقتل 280 استاذاً
جامعياً وعلماء العراق وسرق
بابل ونينوى لم يأت حرصاً على
الشعب العراقي ولن يأتي حرصاً
على الشعب اللبناني ولن يأتي
حرصاً على الشعب السوري وانما
هناك مصالح اقتصادية
وجيوسياسية في منطقة الشرق
الاوسط لاسرائيل والولايات
المتحدة.
طرحت أطراف معارضة في الداخل فكرة
تداول السلطة بطريقة ديمقراطية.
ـ لايوجد هناك ممنوعات من الممكن
الحوار مع كل الأطراف.
هناك معارضون يقولون ان النظام
يرفع مثل هذه الشعارات في سبيل
البقاء ذلك انه اصبح في الرمق
الأخير.
-
هذا أيضاً كلام غير صحيح لماذا
يكون النظام في الرمق الأخير
وما هو البديل لهؤلاء، أليس
البديل هو الحريات
والديمقراطية والتماسك الوطني
أم ان نصبح مسيحيين وشيعة وسنة
واكراداً وأرمن وشركساً أم
البديل ان تكون سوريا وطناً
قوياً للجميع؟
هذا ما يريده الرئيس بشار الأسد
والحكومة بأسرها.
الكلام عن التمييز الطائفي غير
صحيح
غير ان أطرافاً من المعارضة تشكو
من ممارسات التمييز الطائفي،
وتقول ان هناك تمييزاً
اجتماعياً مبنياً على أساس
طائفي.
ـ هذا كلام غير صحيح بالمطلق.
ألا يعاني الاكراد من مثل هذه
الممارسات؟
ـ غير صحيح.
بالإضافة إلى الأكراد هناك من
يقول ان السلطة والمصالح في
قبضة فئة طائفية محددة من
المجتمع.
ـ ما هي هذه الفئة؟
العلويون.
ـ هذا كلام غير صحيح وغير سليم
وغير منطقي أبداً انظر في أي
مستوى من السلطة وزراء، سفراء،
مدراء عامون أليس هذه هي السلطة
خذ أي شريحة تريد وادرس من فيها
ثم أحكم. كان لسوريا اثنان من
الرؤساء الأكراد. أنا ذهبت إلى
موسكو لأشرف على انتخابات
للمغتربين، فطلع رئيس الجالية
كردياً بالانتخابات عصام آل رشي
ونائبه كردي وأنا أقول عنه سوري.
مرة زارني في الوزارة مطران قال
انه جاء ليعبر عن امتنانه نظراً
لاهتمامي بوائل ـ أحد العاملين
في الوزارة ـ واقسم بالله
العظيم أنني لم أكن اعرف ان وائل
مسيحي.
هذا السؤال عن الدين لا نسأله نحن
في سوريا وهو عيب وغير مؤدب، نحن
مواطنون في هذا البلد وإلا لما
استمرت سوريا عشرة آلاف سنة لو
كانت تميز بين مسيحي ومسلم، هذا
منطق في اسرائيل حيث يهربون
المسيحيين العرب من القدس
الشرقية ومن فلسطين لانها دولة
قائمة على الدين تريد ان تحول
الشرق الأوسط إلى دويلات قائمة
على الدين والعرق، والتحدي
أمامنا كعرب هو ألا نقبل هذا
المنطق.
هل تعرض المسيحيون في العراق
للاستهداف في تاريخهم؟ لا حتى
وصل الاحتلال الأميركي ولم
يتكلم أي عراقي عن مسيحي ومسلم.
الصابئة مازالوا يشتغلون الفضة
في العراق. نحن لسنا شعوباً تأتي
لتمحو ما قبلها. نحن شعوب تأتي
لتعيش مع من قبلنا وبعدنا لأننا
نؤمن بالإنسانية، أما القادمون
إلينا هم الذين يحاولون محو
حضاراتنا.
آلياتنا لا ترقى إلى مستوى الأداء
أنتم في البعث استهدفتهم محو بعض
المحطات من التاريخ العربي؟
ـ نحن لم نمح أي فقرة.
أليس لديكم توجه ضد فترة حكم
المماليك باعتبارها عصر
الانحطاط في التاريخ العربي.
ـ لم نمح شيئاً.
أهملتم آثارها عمداً؟
ـ أين هذه الآثار المهملة.
في بعض أحياء دمشق شاهدت بعيني
أثاراً مملوكية مهملة؟
ـ لدينا آثار كثيرة مهملة إسلامية
ومسيحية لأننا لا نجد المصادر
المالية اللازمة للاهتمام
بالآثار، كما ينبغي وليس لأننا
ضد أي فترة تاريخية. نحن نفخر
بكل حجر في سوريا وكلنا عاشقون
لسوريا منذ بدء التاريخ إلى
اليوم.
ولم إهمال التراث إذاً؟
ـ ليس لدينا الإمكانات، الآخرون
لا يتركوننا وحالنا، نحاول منذ
سنوات التركيز على الآثار، ونحن
دولة ذات إمكانات محدودة ولا
نزال نخصص 60% من موازنتنا للجيش.
لنقل أننا فتحنا حواراً مع
المعارضة وانفتحنا ديمقراطياً
وكافحنا الفساد فهل يشكل هذا
مصداً آمناً ضد الهجمة الشرسة
فلا تحتاج إلى مظلات خارجية؟
ـ ماذا تقصد بمظلات خارجية؟
أقصد البحث عن أصدقاء للمساندة.
ـ لدينا أصدقاء كثر ولا أحد يرفض
وجود أصدقاء إلى جانبه ولا توجد
دولة لا تعمل من أجل كسب
الأصدقاء. نحن لا نزال نسعى لكسب
الولايات المتحدة نفسها.
لماذا فقدتم فرنسا؟
ـ هذا يمكن ان يحدث.
انتم لا تسعون إلى إصلاح ما يتعرض
للإفساد، فكما تركتم لبنان
تركتم علاقاتكم مع فرنسا؟
ـ اتفق معك نحن لا نبذل من الجهد
المفترض.
لماذا يحدث وانتم أناس أذكياء؟
ـ نحن أذكياء ولدينا إمكانات
وكلنا لا نبذل الجهد الكافي
إعلامياً وسياسياً.
اقتنعنا بوجود مشكلة في ماكينتكم
الإعلامية واستوعبنا العلة فهل
توجد مشكلة كذلك في ماكينتكم
الدبلوماسية؟
ـ لا توجد مشكلة، ونحن نبذل جهوداً
ولكن الأمور المتراكبة علينا
عديدة وكبيرة: هناك قوة عظمى
تسخر إعلام العالم ضدنا، هذه
مشكلة حقيقية. إمكاناتنا لا
توازي الإمكانات عبر الأطلسي.
انتم لا تسعون إلى المنابر
المتاحة بالشكل الذكي؟
ـ المشكلة ليس في السعي وإنما
اعتقد ان المسألة تكمن في "الماكينزيم"
آلية العمل لدينا مختلفة ولم
تبلغ مستوى آلية العمل.
آلية العمل مختلفة أم متخلفة؟
ـ دعنا نتكلم لغة دبلوماسية بدلاً
عن الكلام الجارح. فالمستوى لم
يصل إلى مستوى آلية العمل
الأوروبي حقيقة. هناك توجد آلية
عمل فعالة "فظيعة" سواء
إعلامية أو دبلوماسية، ولكن هذا
لا يعني أننا لا نعمل. نحن نعمل
من أجل تحسين آلياتنا وتطويرها
ونعرف كيف نفعل ذلك.
لدينا 6 آلاف طبيب في ألمانيا
وحدها
أنت تشرفين على بناء وزارة ناشئة
فهل لديك أرقام واحصائيات عن
أماكن تواجد وثقل المغتربين
السوريين؟
ـ أنني أبني قاعدة معلومات.
ليس لديك حالياً أرقام متوفرة
يمكن التزود بها.
ـ لا، لم يحن الوقت بعد، هناك من
يقول بوجود 15 مليون مغترب من أصل
سوري ولكن بناء قاعدة معلومات
ليس بالمهمة السهلة اذ تتطلب
وقتاً ونحن بدأنا بالفعل.
هل حصلت على مؤشرات؟
ـ يمكن القول ان لدى سوريا ثروة
هائلة، المجال الطبي الذي يشكل
نقطة قوة الاغتراب السوري. لسبب
ما يبدع السوريون الاطباء حيثما
ذهبوا.. في ألمانيا وكل مكان
يوجد سوريون مهيئون على مستوى
عال ويشكلون شرائح محترمة، أنا
شخصياً مهتمة بهذه المسألة.
هل لديك أرقام في هذا الموضوع؟
ـ يوجد لدينا في ألمانيا وحدها
حوالي ستة آلاف طبيب متخصص،
لذلك أشعر أن لدينا ثروة هائلة
علينا استثمارها، وطموحي ان
اركز على انشاء قرى ومدن طبية في
سوريا بحيث تصبح المدينة الطبية
للمنطقة العربية بما في ذلك
السياحة الطبية. هذا احد
التوجهات، هناك توجهات سياسية،
فالمغتربون
السوريون يشكلون نواة لوبي
للمغتربين العرب.
أين هي مناطق الكثافة لتواجد
السوريين المغتربين؟
ـ في البرازيل، ويقدر عددهم
بأربعة ملايين، وكثير منهم في
مواقع حساسة ويشكلون بؤراً
للوبيات سياسية كما في الولايات
المتحدة وفي ألمانيا.
أين هي أماكن البؤر المضادة
للنظام السوري؟
ـ لا توجد مثل هذه البؤر. فريد
الغادري قضى سنوات يعمل ويحاول
وليس معه الآن اكثر من خمسة
اشخاص.
كم عدد السوريين في الخليج؟
ـ ليس لدينا أرقام محددة، ولكن
يوجد هناك كذلك ثقل سوري، في
السعودية والإمارات خصوصاً من
اصحاب رؤوس الأموال، وسفارتنا
تعمل على انجاز قاعدة بيانات
دقيقة.
متى أعود لزيارة هذه الوزارة لأجد
أرقاماً محددة في هذا المجال
هذا إذا ظللت أنت فيها؟
ـ انا واضعة خطة بحيث يكون لدي
قاعدة بيانات في غضون سنتين.
أنا لست متفائلاً ببقائك في هذه
الوزارة لسنتين؟
ـ إن لم أكن هنا سأكون في الجامعة
وستجدني أتحدث اللغة نفسها عن
الهم نفسه.
أنا أقصد انتقالك الى موقع وزاري
آخر بعد المؤتمر المرتقب؟
ـ ليس لدي طموح في موقع حكومي.
البيان
06/04/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|