أبراهام
تيروش:
الاستفزاز
المستقبلي
قوى
إسرائيلية تستعد لتنفيذ هجمات
كبرى ضد المقدسات الإسلامية
ستلجأ
أطراف إسرائيلية إلى تنفيذ
عمليات مروِّعة بحق المواطنين
الفلسطينيين، وقد تستهدف هذه
القوى المقدسات الإسلامية في
القدس، لإشعال فتيل مواجهة
عارمة، بغية إحباط خطة الانسحاب
أحادي الجانب الذي تعتزم
الحكومة الإسرائيلية المضي فيه.
هذا ما يحذِّر منه الكاتب
الإسرائيلي أبراهام تيروش، في
مقاله المنشور في صحيفة "معاريف"
العبرية، في عددها الصادر في
الثلاثين من آذار (مارس) 2005.
ويطالب
تيروش بقوة بأن يتولى جهاز
الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"
الإحباط المبكر لأية هجمات
مفزعة على هذا النحو، ليس بسبب
طبيعتها الإرهابية، وإنما
لأنها ستعود بخسائر على الدولة
العبرية وصورتها في العالم.
ويؤكد
أبراهام تيروش أنّ "الحديث
ليس عن نص سينمائي متخيّل.
فبتخوف بعيد؛ إنّ الحديث هو عن
خطر ملموس، مخيف، مقلق جدا،
لجهاز الأمن العام، كما هو
معروف. عبء ثقيل يلقى على كاهله،
مسؤولية يصعب حملها تقريباً،
وذاك منع عمليات إرهابية يهودية
بدخول البذور المتطرفة، التي قد
ينمو منها ذلك السوء، والحصول
على استخبارات جيدة عن مخططاتها"،
وفق ما جاء في مقاله.
الاستفزاز
المستقبلي
بقلم:
أبراهام تيروش
لقد انتصر شارون أول أمس انتصاراً
عظيما في التصويت في الكنيست
على قانون استفتاء الشعب.
يُتوقع أن ينتصر شارون انتصاراً
عظيما، هذا المساء أو في الغد،
في التصويت على الميزانية.
ستواصل حكومته البقاء، لا توجد
انتخابات، وهو ماضٍ لتحقيق
رؤياه ولتنفيذ الانفصال. وكما
هي العادة في مواقعنا؛ يسارعون
إلى تتويج مختلف النجاحات
بألقاب تشريفية عظيمة. الآن
يوجد أيضا نشيد مدح "شارون
المنتصر الكبير".
"الانتصار هو سُكر خطر"، كما
كتب آحاد هاعام (من أبرز منظري
الصهيونية في القرن التاسع عشر).
وفي الحقيقة؛ فإنّ إنساناً
جدياً مسؤولاً لن يُسكره هذا
الفوز، حتى لو أخضع به خصومه
الذين يكرههم. لأنّ هذا الفوز
ليس نهاية الحرب، بل بدايتها.
إنه يضعنا على مداخل فترة خطرة
جداً في تاريخ دولة إسرائيل،
وقد تكون الأخطر. إنّ من يؤيد
الانفصال أيضاً من سويداء قلبه؛
ينبغي أن يكون قلقاً، لا أن
يحتفل بالانتصارات.
تخرج الحرب الآن إلى الشوارع، كما
أعلن رؤوس معارضي الانفصال،
وستزداد شدة. "سنشعل الشوارع"،
كما يهدِّد عضو الكنيست تسفي
هندل، أحد سكان غوش قطيف،
ويتحدث الجميع عن إخلاء
المستعمرات، في تموز (يوليو) من
هذا العام، كفاجعة كبيرة، وكخطر
فظيع، يختبئ في داخله حرب
أشقاء، وتمزقاً لا يمكن رفوه في
الشعب، وعن مشاهد عنيفة وعن سفك
دماء.
لقد بالغ عضو الكنيست آريه ألداد
في القول. ففي رد على رفض اقتراح
قانون استفتاء الشعب؛ قضى أول
أمس، بلهجة هادئة ولكن مضمونها
لاهب: "حكم شارون اليوم
بالموت على أناس كثيرين"،
ولقد اقترح السيطرة على الحرم
القدسي. وهي واحدة من المقولات
الزائدة التي تأتي من جهة
اليمين المتطرف. لأنّ السؤال
الذي يُطرح فوراً هو؛ ما هو حكم
من يحكم على الناس بالموت بلا
محاكمة؟ وتوجد في ثنايا اليمين
"أعشاب ضارة"، ويوجد
الكثير منها، ممن يؤمنون بأنهم
يعرفون الجواب، بل سيحاولون
تقديمه.
ولكن مع كافة التحفظات من قول عضو
الكنيست ألداد، ومن المبالغة
التهديدية فيه: "أناس كثيرين"؛
لا شك أنّ هناك حقيقة في أساس
تقدير أنّ إخلاء المستعمرات
سيكون مصحوباً بدرجة ما، بسفك
دماء. في زمن الإخلاء؛ سيكون
الكثير من السلاح في غوش قطيف.
في أيدي السكان وتابعيهم، وفي
أيدي من يُجلونهم، وهم الجنود
والشرطة، حتى لو لم يكن في أيدي
أفراد الخط الأول. سيكون هناك
أيضاً، بالرغم من القيود التي
ستُفرض على الدخول إلى غوش
قطيف؛ الكثير من الناس. يتحدث
المستوطنون عن مائة ألف. تكفي
طلقة واحدة، ولو كانت بانفلات
رصاصة، من هذه الجهة أو تلك،
لإشعال حريق وللتسبب بفقدان
السيطرة وبكارثة. زيادة على
ذلك؛ يُتوقع أن يكون هناك،
أناس، ليسوا من سكان غوش قطيف،
سيأتون من أجل إطلاق النار
عمداً.
يوجد للتقدير الكئيب أساس
بالتالي، ولكن مع ملاحظتين.
فأولاً؛ لم يكن استفتاء الشعب
ليلغي هذا الخطر. لأنّ الجهات
المجنونة، التي تخطط لمعارضة
عنيفة، والتي لا تتورّع عن
استعمال السلاح الحي، والتي
ستتسبب بالضرورة بسفك الدماء؛
لم تكن في الأصل لتقبل بحسم
الشعب، لو كان ذلك مؤيداً
للانفصال.
وثانياً، وهذا هو الأساس؛ يغشانا
خطر أكبر، وهو أسبق أساساً، من
ذلك الذي قد يتحقق ويسقط
الضحايا زمن الإخلاء. وهذا هو
خطر أولئك الذين يخططون لإفشال
الإخلاء قبل بدايته، بعمليات
تظاهرية مجنونة على أهداف
فلسطينية جماعية، على شاكلة
باروخ غولدشتاين (منفذ مذبحة
المسجد الإبراهيمي في الخليل في
سنة 1994)، و/ أو على أهداف إسلامية
مقدسة، مثل مسجدي الحرم القدسي،
مع افتراض أنّ إصابة رئيس
الحكومة غير ممكنة تقريباً بسبب
الحراسة المكثفة له.
ستُظهر هذه العمليات إسرائيل في
العالم مجرمة حرب، وستدفعها إلى
دوامة فظيعة، وإلى تورّط دولي،
وتتسبب في زعزعتها وتجديد
الإرهاب في المنطقة.
ليس الحديث عن نص سينمائي متخيّل.
فبتخوف بعيد؛ إنّ الحديث هو عن
خطر ملموس، مخيف، مقلق جدا،
لجهاز الأمن العام، كما هو
معروف. عبء ثقيل يلقى على كاهله،
مسؤولية يصعب حملها تقريباً،
وذاك منع عمليات إرهابية يهودية
بدخول البذور المتطرفة، التي قد
ينمو منها ذلك السوء، والحصول
على استخبارات جيدة عن مخططاتها.
إنّ هذا ليس سهلاً، ويُضاف إلى ذلك
أيضاً أنّ تجربة الماضي تكشف
لنا على أنّ الكارثة قد تأتي على
يدي فرد واحد، غير متصل بأي
جماعة. لكن ساعة "الشاباك" (جهاز
المخابرات الإسرائيلي الداخلي)
قد حانت. إنّ مصير الدولة في
يديه أكثر مما كان في أي وقت
مضى، ولا يجوز له أن يفشل. لا
تحسدوه.
(المقال
بقلم أبراهام تيروش، ونشر في
يومية "معاريف" العبرية في
الثلاثين من آذار/ مارس 2005)
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (01/04/05)
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|