غي
باخور:
انفصام
الشخصية السورية
اتجاهان
في الحكم السوري للتعامل مع
ضغوط المرحلة الراهنة
يحلل المقال التالي، المنشور في
صحيفة "يديعوت أحرونوت"
العبرية، في عددها الصادر في
السابع والعشرين من كانون
الثاني (يناير) 2005، طبيعة الموقف
السوري في المرحلة الراهنة،
ومدى التحديات والضغوط التي
تستشعرها دمشق حالياً.
وعلى ضوء مضاعفات المرحلة؛ يقدِّر
كاتب المقال غي باخور، أنّ هناك
اتجاهان متبلوران في الحكم
السوري للتعامل معها. ويشرح
باخور المذهب الأول الذي يصفه
بأنه "التقليدي والقديم؛
فيتبنى إيجاد ردع عسكري حيال
إسرائيل والقوات الأمريكية في
العراق، وصيغة "التوازن
الاستراتيجي" للسبعينيات
والثمانينيات. أي بمعنى إخافة
الطرف الآخر بحجم الثمن الذي
سيدفعه".
وعن المذهب الثاني يقول باخور "أما
التيار الأكثر برغماتية في
القيادة السورية، مثلاً كوليد
المعلم المرشح لمنصب وزير
الخارجية، أو رئيس الأركان علي
حبيب، الذي يعرف تماماً كم هو
جيشه غير مؤهل للحرب؛ فيتبنى
إرضاء الأمريكيين والدخول
العاجل إلى نوع من المسيرة
السياسية مع إسرائيل. إنّ هذه
المفاوضات، حتى وان لم تنتهِ في
أي وقت من الأوقات؛ فمن شأنها أن
تمنح قدرة جسر نحو المستقبل،
ومناعة من هجوم أمريكي"، كما
يرد في المقال.
(بداية
النص)
انفصام الشخصية السورية
بقلم: غي باخور
أصبح الخوف في السنتين الأخيرتين
عنصراً سائداً في اتخاذ
القرارات في سورية، بل إنه بات
في الأسابيع الأخيرة على حدود
الفكرة المتسلطة. فالسوريون
مقتنعون بأنه في الأشهر القريبة
القادمة سيقع عليهم هجوم عسكري
من جانب الولايات المتحدة
وإسرائيل. ومنذ سقوط صدام حسين
تخوّف السوريون من أن يكونوا هم
التالين في الدور في سياسة
القوة التي ينتهجها الرئيس جورج
بوش في المنطقة. وإحساسهم
الحالي هو أنّ هذا للتوّ سيصل
إليهم، وخاصة إثر الخطابات
الحازمة من بوش ضد الأنظمة غير
الديمقراطية. كما أنّ تهديدات
إسرائيل بأنّ هجوماً آخر من حزب
الله وسورية سيلقى العقاب
العسكري؛ تعزز تخوفاتهم.
من المعقول الافتراض بأنّ
السوريين يدركون بأنّ هجوماً
أمريكياً سيُشَنّ كمعركة
عقابية على طول الحدود السورية -
العراقية، وذلك للإشارة إلى
السوريين لوقف مساهمتهم في
تشجيع الفوضى في العراق. ومن
المعقول الافتراض بأنهم يفهمون
بأنّ إسرائيل أيضاً ستعمل بشكل
متدرج. ولكنهم يخشون من أنّ
النشاط الأولي سيتطور إلى إسقاط
النظام، ويرون التهديد كتهديد
وجودي.
ورداً على ذلك؛ يدور في سورية،
برئاسة الأسد، مذهبان مختلفان.
الأول، التقليدي والقديم؛ يتبنى
إيجاد ردع عسكري حيال إسرائيل
والقوات الأمريكية في العراق،
وصيغة "التوازن الاستراتيجي"
للسبعينيات والثمانينيات. أي
بمعنى إخافة الطرف الآخر بحجم
الثمن الذي سيدفعه. وهذه هي
الخلفية للسفر العاجل للأسد إلى
موسكو للتزود بالمشتريات
العسكرية، وخاصة الصواريخ، في
ظل غياب قدرة مالية للتزود
بأجيال جديدة من الطائرات
والدبابات. وحسب هذا النهج؛
فإنّ على الردع أن يتضمن أيضاً
تصعيداً موجّها، مثل تشجيع حزب
الله على أن يذكِّر إسرائيل
بوجوده وقدرته على إيقاع الضرر
بها.
أما التيار الأكثر برغماتية في
القيادة السورية، مثلاً كوليد
المعلم المرشح لمنصب وزير
الخارجية، أو رئيس الأركان علي
حبيب، الذي يعرف تماماً كم هو
جيشه غير مؤهل للحرب؛ فيتبنى
إرضاء الأمريكيين والدخول
العاجل إلى نوع من المسيرة
السياسية مع إسرائيل. إنّ هذه
المفاوضات، حتى وان لم تنتهِ في
أي وقت من الأوقات؛ فمن شأنها أن
تمنح قدرة جسر نحو المستقبل،
ومناعة من هجوم أمريكي. ويتعلّق
سؤال هام في هذا السياق بدور
قادة حماس والجهاد الإسلامي
الذين يتخذون من دمشق مقراً
لهم، والجواب عليه غائب.
لا يجد النهجان تعبيرهما في تغيير
حقيقي في السياسة السورية. فلا
توجد إمكانية لمثل هذا التغيير،
عندما تكون أقلية علوية
انعزالية وغير محبوبة تسيطر
بقوة الذراع على الأغلبية
السنية، وخاصة عندما يقع في
العراق المجاور الآن تماماً
التغيير الذي سيحوِّل الأقلية
الحاكمة إلى محكومة. ومع ذلك؛
فإنّ بشار الأسد، لأول مرة منذ
صعوده إلى السلطة؛ يتعيّن عليه
أن يقرِّر على وجه السرعة إلى
أين تسير وجهته: نحو المواجهة أم
التسوية مع إسرائيل وجارته
الجديدة، الولايات المتحدة في
العراق. إنّ كل تأخّر من شأنه أن
يمسّ قبل كل شيء به نفسه،
وبمصداقيته، وبفرص بقائه.
(المقال
بقلم غي باخور، ونشر في يومية
"يديعوت أحرونوت" العبرية
في السابع والعشرين من كانون
ثاني/ يناير 2005)
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (29/01/05)
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|