ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/04/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


"الاخوان" أول المستفيدين من أي انفتاح سياسي

أحزاب سوريا:

تحديث وإصلاحات... وعراقيل

سعاد جروس

رغم تشكل قناعة لدى السلطة في سوريا بأولوية الإصلاح السياسي لتحقيق إصلاح متكامل, إلا أن مخاوف كثيرة لا تزال تعوق خطواتها الأولى نحو تفعيل التعددية في الحياة السياسية, اهمها ما يتعلق بتوجهات الأحزاب وطبيعتها والتي تريدها السلطة بعيدة عن الصبغة الدينية والعرقية, مما يبرز مشكلة مقلقة حول إمكانية ايجاد تسويات ترضي جميع الاطراف وبأقل الخسائر, ولا سيما مع تنامي التيارات الدينية, ووجود اكثر من عشرة احزاب كردية تطالب بالاعتراف بها كجزء من النسيج الوطني.

ترى ما هي المخارج التي يفكر بها السوريون للوصول إلى حل مقبول؟

أكثر من ثلاثين حزباً سورياً والعديد من التجمعات الاهلية الناشطة في الحقل السياسي السوري تنتظر ما سيتمخض عن المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم, بخصوص اقرار اصدار قانون للأحزاب وتعديل الدستور %تحديداً المادة الثامنة% بما يتيح المشاركة للجميع في رسم مستقبل سوريا, لإعادة وصل ما انقطع مراراً في الحياة السياسية والحزبية, قبل أن تتجمد نهائياً مع صدور قانون الطوارئ.

مثلت عودة العقيد جاسم علوان قائد الحركة الانقلابية الفاشلة للناصريين على حزب البعث العام 1963, حدثاً استثنائياً من حيث دلالتها على النيات الجدية للسلطة السورية لطي صفحة الماضي, وفاتحة لعودة المنفيين او المبعدين السوريين, بعد قرار صدر الشهر الماضي عن وزارة الخارجية السورية لمنح جميع السوريين في الخارج جوازات سفر موقتة تصل إلى سنتين لتسوية اوضاعهم بغض النظر عن اسباب إبعادهم. وفي اليوم ذاته الذي استقبل فيه جاسم علوان نهاراً, كان عشرات من المعارضة السورية ينتظرون ليلاً عودة الفنان التشكيلي يوسف عبد لكي ابرز وجوه حزب العمل الشيوعي الذي اعتقل 1978 1980, قبل مغادرته إلى فرنسا لمتابعة دراسته بداية العام 1981, لتكون عودته الآن هي الاولى بعد 25 سنة دون ان يعرف احد من رفاقه الحزبيين اسباب ملاحقته.

توقف مراقبون سياسيون عند تفاصيل استقبال علوان كمؤشر ايجابي حيال دعوات المعارضة السورية في الداخل والخارج إلى عقد مؤتمر حوار وطني, حيث كان ضابط في الحرس الجمهوري برتبة لواء إلى جانب الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي المعارض المحامي حسن عبد العظيم مع خمسين عضواً من الحزب الناصري في استقبال العقيد علوان في قاعة الشرف, كما جرى ترتيب لقاء له في القصر لدى عودته من القاهرة بعد نفي دام 42 عاماً, علماً انه لولا تدخل الرئيس جمال عبد الناصر لكان علوان في عداد رفاقه الذين اعدموا في تلك الفترة, والتي شملت سبعة عسكريين و12 مدنيا, حسب ما جاء في مذكرات العماد مصطفى طلاس.

ومع ان حسن عبد العظيم اعتبر الحدث خطوة ايجابية الا انه لا يعتبرها كافية, مكرراً دعوات حزبه إلى عقد مؤتمر وطني للمصالحة وفتح قنوات حوار مع جماعة الاخوان المسلمين المحظورة والغاء قانون 49, والذي سبق للجان المجتمع المدني ان دعت اليه.

صفحة الماضي

منذ الأربعينيات حتى بداية الستينيات, عدا أحزاب الوطني والشعب والكتلة الوطنية, كان هناك خمسة وعشرون حزباً تعمل ضد الانتداب الفرنسي في النصف الأول من الاربعينيات. بعد الاستقلال, وفي ظل نظام جمهوري برلماني بقي: حزب الشعب والحزب الوطني وبرز الحزب الشيوعي وجماعة الاخوان المسلمين, وحزب البعث والحزب الاشتراكي العربي والحزب القومي السوري الاجتماعي والحزب التعاوني الاشتراكي؛ شاركت جميعها في الانتخابات التشريعية في العام 1947 وكانت النتائج لمصلحة أحزاب اليمين البرجوازية الإقطاعية مثل الحزب الوطني وحزب الشعب. بعد عامين قضى أول انقلاب عسكري عرفته سوريا, قام به حسني الزعيم, على المناخ التعددي الديمقراطي في طور تأسيسه وحُظرت الأحزاب لتعود مجدداً بعد شهور مع انقلاب سامي الحناوي في تشرين الأول %اكتوبر% 1949 رُفع الحظر عنها, باستثناء الحزب الشيوعي والحزب التعاوني الاشتراكي, وتم وضع قانون جديد للانتخابات التشريعية, لكن انقلاب اديب الشيشكلي في كانون الأول %ديسمبر% من العام نفسه ازاح الحناوي وحل البرلمان. في العام 1952 منعت نشاطات الحزب الوطني وحزب الشعب والإخوان المسلمين والتعاوني الاشتراكي, وحزب البعث العربي الاشتراكي. وقام الشيشكلي بتشكيل حزب التحرير العربي الموالي له. كما صك دستوراً جديداً في 21 حزيران %يونيو% 1953, اصبح بموجبه نظام الحكم رئاسياً, بعدما كان نظاماً برلمانياً, وجرى استفتاء على الرئيس في تموز %يوليو% 1953. بعد نجاح الشيشكلي بالاستفتاء, رُفع الحظر عن الأحزاب باستثناء الحزب الشيوعي, وصدر قانون لتنظيم النشاط الحزبي وقانون للانتخابات, وعادت التعددية السياسية عبر مجلس نيابي تمثلت فيه جميع الاحزاب الموجودة. مع قدوم العام 1958 وقيام الوحدة بين سوريا ومصر وُضع حد للتعددية السياسية في سوريا وجمدت الأحزاب كافة إلى أن وقع الانفصال 1961. لم تكن حال التعددية في عهد الانفصال افضل منها في ظل الوحدة, فقد شهد العام 1962 صدور قانون الطوارئ لأول مرة في تاريخ البلاد, بهدف قمع التيار الوحدوي, في فترة كانت مقلقة للغاية. فخلال 18 شهر من الانفصال تعاقبت ست حكومات في دمشق. ورغم الحظر الحزبي, تشكلت في مواجهة الانفصال قوى جديدة تضم حركة الوحدويين الاشتراكيين والجبهة العربية المتحدة, إلى جانب حركة القوميين العرب الموجودة من قبل, وحزب البعث العربي الاشتراكي الذي أعاد تشكيله في أواخر عهد الوحدة. وقد ناضلت القوى الوحدوية ضد الانفصال.

صعود البعث

صعد حزب البعث في 8 آذار %مارس% 1963 وتسلم السلطة ضمن ظرف دولي تنامى فيه صعود قوى اليسار وتمكن من حسم صراعه مع اليمين في سوريا لمصلحته, ليختفي التجاذب السياسي ولتبدأ حقبة تراجع التعددية السياسية, لتغور في العمق بما مهد الطريق لتقدم حكم الحزب الواحد متخذاً صيغته النهائية العام 1971 مع الحركة التصحيحية, ومن ثم انشاء الجبهة الوطنية التقدمية آذار %مارس% 1972, كائتلاف يجمع بين ستة أحزاب يسارية: حزب البعث العربي الاشتراكي%الحزب الشيوعي السوري%الاتحاد الاشتراكي العربي%حزب الوحدويين الاشتراكيين%حزب الاشتراكيين العرب%الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي. ارتضت جميعها حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع, رغم التعارض مع ميثاق الجبهة الوطنية التي تتيح للاحزاب المنضوية المشاركة في القيادة واتخاذ القرار. لكن حزب الاتحاد العربي الاشتراكي بزعامة جمال الأتاسي رفض وانسحب من الجبهة ليعود إلى ممارسة عمله السياسي المعارض بسرية. وهكذا يصبح المشهد مقتصراً على أحزاب معارضة جديدة واخرى قديمة تعمل كأمر واقع مستفيدة من غض نظر السلطة عنها, بمواجهة احزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي أكلها التقادم وحولها إلى ائتلاف لاحزاب منشقة عن بعضها وصل عددها إلى خمسة عشر حزباً بقي منها تسعة داخل الجبهة, تستمد منه عموماً عوامل بقائها استناداً إلى ماضيها, اكثر منه إلى الواقع الراهن لافتقارها إلى قاعدة شعبية, وتقف الآن أمام مفترق طرق, إما أن تُقدِم على تنازلات بمثابة تضحيات مؤلمة لانقاذ ما يمكن إنقاذه, أو تستمر بلعبة كسب الوقت والهروب إلى الأمام رغم نفاد الوقت وانسداد السبل.

إذا كان الواقع الدولي والاقليمي في الخمسينيات والستينيات ساعد على رسم هذا الشكل للنظام السياسي خدمة للمصلحة العليا, فإن هذا الواقع آل إلى الماضي بكل ما فيه, بعد مضي ثلاثة عقود بات الواقع الدولي والاقليمي يتطلب تغيير هيكلية النظام خدمة للمصلحة العليا ذاتها. وبالعودة إلى السنوات القليلة التي سبقت قيام الوحدة ونتائج التجاذب الحزبي بين مختلف التيارات, لا يمكن انكار منعكساتها الايجابية على الواقع السياسي, وكان الحيز الأكبر منه محجوزاً للمد القومي واليساري. فعلى الصعيد الفكري تعمق الاتجاه نحو النظرة العلمية النقدية في مناقشة البنى الاقتصادية والاجتماعية في سوريا, وبرزت ذهينة سياسية جديدة تؤمن بالمشاركة, وتنتقد التسلط والفساد والرشوة بروح معاصرة ومتحررة, وكرست مصطلحات جديدة, بدلاً من قديمة تراجعت وكانت تعكس توجهات القوى السياسية الفاعلة على الساحة, كالاشتراكية والروح الثورية والعقائدية والوطن العربي والتحولات الثورية... إلخ من مصطلحات عممتها الصحافة الحزبية اليسارية وفي مقدمتها صحيفة البعث. وعبر صراع الاحزاب مع بعضها بعضاً, تمكنت خلالها من تحقيق مبدأ الحياد بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي, وتحقيق الوحدة مع مصر, ومقاومة الأحلاف العسكرية الاستعمارية وإقصاء اليمين عن الحكم, وإلغاء الامتيازات والألقاب, وتحقيق التحولات الاشتراكية, وتعميم التعليم, والاتجاه بالدولة إلى دولة عصرية في هيكليتها الاجتماعية والاقتصادية.

بناء على تلك التجربة, يبدو أن التاريخ يعيد نفسه, وإن كان على نحو آخر بعد انتهاء صلاحية الأفكار الثورية, وتراجع التيارين اليساري والقومي, مقابل عودة وصعود التيارات الدينية والليبرالية. وبات من الملح اعادة تفعيل الحياة السياسية واطلاق الحريات الاعلامية بما يكفل تحفيز المجتمع على مواكبة التطور والإصلاح وتعزيز القدرة على مكافحة الفساد ومقاومة التحالفات المقبلة إلى المنطقة, وتحديد الخيارات السياسية تحت سقف المصلحة الوطنية, لرأب الصدع بين المجتمع كحامل أساسي للفكر الحزبي وبين النخب المنافحة عن أفكارها ضمن أحزاب أشبه بجزر معزولة في بحر اجتماعي يخوض معاركه المعيشية اليومية بعيداً عن السياسة. يأمل السوريون اليوم إقرار قانون معاصر للاحزاب ينظم الحياة السياسية, ويمنح الفرصة للاحزاب الموجودة باختبار صلاحية افكارها تعبيراً عن تطلعات الشارع السوري. بمعنى آخر, وضعها على محك العمل السياسي الحر, عمل المأمول منه, إعادة اصطفاف فعلية تبقي على القابل منها للحياة, رغم ما يحمله ذلك من تهديد لمكتسبات احزاب الجبهة.

صيغة جديدة

من جانب آخر, قد لا يكون حزب البعث واحزاب الجبهة هم وحدهم المطالبون بإيجاد صيغة جديدة لأهدافهم ومنطلقاتهم النظرية, بل غالبية الاحزاب الموجودة على الساحة السورية, والتي تعاني باستثناء حزب البعث من غياب بنية تنظيمية فاعلة رغم وجودها كتيارات فكرية في الشارع, وهناك من يستثني ايضاً الحزب القومي السوري الاجتماعي الناشط في السنوات الاخيرة, حيث سُمح له بحضور اجتماعات الجبهة الوطنية بصفة مراقب. في حين تشهد الأحزاب الشيوعية صراعات داخلية تترجم إلى انشطارات عديدة كباقي الأحزاب العريقة التي عرفتها البلاد, حتى لتبدو ظاهرة الانشطار الحزبي ظاهرة سورية بامتياز, بحيث بات معها كل حزب يُميز باسم أمينه العام. ولم تستفد من طروحات تفعيل أحزاب الجبهة من الداخل وتدعيم بنيتها الفكرية والتنظيمية وتخصيب أدائها السياسي والنضالي, التي بدأت منذ تسلم الرئيس بشار الاسد القيادة في سوريا, في محاولة لجعل الحالة الموضوعية تأخذ ضرورتها من خلال التفعيل وليس من خلال البحث عن تشكيلات سياسية مستحدثة أو مضافة.

وفي دائرة الجدل الحزبي, هناك من يرى ان "صدور قانون الاحزاب لن يغير كثيراً في واقع تلك الاحزاب, إذ لا توجد على الساحة احزاب حقيقية, وإنما بقايا أحزاب قديمة. وأي قانون سيصدر راهناً سيكون مُفَصلاً على مقاسها, وبالتالي سيكون ضيقاً جداً في المستقبل القريب". هذا ما ينبه إليه الكثير من الناشطين السياسيين, مستقلين ومعارضين, مطالبين بمناقشته بمشاركة كل الأطياف السياسية, حتى لا يأتي قانون الأحزاب الجديد كقانون المطبوعات الموصوف بقانون العقوبات, دون إغفال حقيقة أن مجرد صدور القانون لن يحل أزمة العمل السياسي, فالقوانين وحدها لا تجلب الديمقراطية لأي مجتمع, ومن الخطأ اعتبار غياب القانون سبباً لانعدام الحريات السياسية والديمقراطية, حتى لو كان عدم توافر قانون للأحزاب واحداً من أهم مظاهر التخلف السياسي؛ والذي تسعى الاحزاب إلى تداركه عبر تأكيد النهج الديمقراطي سواء القديمة منها أو الجديدة, ويكاد لا يخلو اسم حزب سوري من كلمة "الديمقراطي" التي درجت وأصبحت لازمة في تسميات الأحزاب؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر %الحزب الوطني الديمقراطي% الذي تأسس أواخر عقد الثمانينيات حسبما أفاد أمينه العام كريم الشيباني؛ اختار النهج الديمقراطي ليس انطلاقاً من تعريف جديد, بل من ضرورة الأخذ به في عصر لا يمكن أن يقبل بحزب سياسي يؤمن بالرأي الأوحد واللون الأوحد. ونذكر من الاحزاب الديمقراطية %حزب الديمقراطي الحر% الذي لم يعمر طويلاً, ومن ثم %الحزب الديمقراطي السوري%, كذلك %التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة في سوريا% الذي اعلن عن تشكيله العام 2001 وأوصل إلى مجلس الشعب خمسة مرشحين. %الحزب التقدمي الكردي الديمقراطي% و%التحالف الديمقراطي الكردستاني%, وأيضاً %التجمع الوطني الديمقراطي% الذي يضم خمسة احزاب منها حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي, المؤسس في العام 1964 بزعامة جمال الأتاسي, أضاف العام 2001 وبدوره "الديمقراطي" إلى اسمه ليميز نفسه عن الحزب المنضوي في الجبهة الوطنية, وليؤكد تبنيه النهج الديمقراطي. حيث عاد ليمارس نشاطه العلني مع بداية الانفتاح الذي جاء به عهد الرئيس بشار الأسد؛ وحتى حزب البعث الحاكم يفكر بإضافة كلمة الديمقراطي إلى اسمه ليصبح "حزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي". وقد قال كريم الشيباني انه منذ اكثر من خمسة عشر عاماً اقترح اعادة النظر بأحزاب الجبهة وتغيير اسمها من %الجبهة الوطنية التقدمية% إلى %الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية%.

معضلة حزبية

ومثلما لازم النهج الاشتراكي سابقاً الطروحات التقدمية, يبدو اليوم النهج الديمقراطي خيار جميع الاطياف السياسية, وبالنسبة الى الأحزاب خارج إطار السلطة يعد مطلباً أساسياً لتحقيق التعددية السياسية, فيما يشكل استحقاقاً للحزب الحاكم إذا أراد الاستمرار. مع انه لا يزال يرفض مشاركة الاحزاب ذات الصبغة الدينية أو العرقية, ليقف بمواجهة الأحزاب الكردية السورية العاملة ضمن الاراضي السورية, ومن جانب آخر, معارضاً لدعوات مشاركة جماعة الاخوان المسلمين المحظورة بموجب القانون 49 الحوار الوطني. وهي المادة التي تطالب غالبية الأطياف السياسية خارج السلطة بإلغائها.

وفيما يخص الاحزاب الكردية, أكد فيصل بدر العضو القيادي في حزب "اليكيتي" ان معظم الاحزاب الكردية ملتزمة بضرورة إيجاد حل للقضية الكردية ضمن اطار الوحدة السورية, مع المطالبة بالاعتراف بالقومية الكردية كثاني قومية في البلاد. وأشار بدر إلى ان حزب اليكيتي يعتبر امتداداً لأول حزب كردي تأسس في سوريا في العام 1957, وقد أعاد تشكيل نفسه في العام 1996 بعد تجمع احزاب كردية عدة. وهو يعمل مع باقي الأحزاب الكردية إلى جانب الأحزاب السورية المعارضة الأخرى على تفعيل لجنة تنسيق مشتركة تدعو السلطة لإجراء حوار ديمقراطي وطني, لم يتم التجاوب معها حتى الآن. ويرد فيصل بدر على ما يقال عن قانون يستبعد الصفة العرقية, بمطالبة حزب البعث بالتخلي عن صفته القومية كحزب عربي, منوهاً إلى ان التناول الصحيح للقانون يجب أن ينطلق من الاقرار بالأمر الواقع.

مصادر مستقلة ناقشت هذا الطرح من وجهة نظر مختلفة, إذ لا تخوف من الاحزاب الكردية كونها جزءاً من النسيج الوطني السوري. لكن مجيء قانون يعترف بأحزاب ذات صبغة عرقية قد يفتح الباب على مصراعيه أمام التحزبات الفئوية الاخرى من غير الاكراد, وبدل ان تظهر احزاب ذات صبغة وطنية تجمع الشعب تحت اهداف وطنية عامة, قد تظهر أحزاب ذات صبغة فئوية بأهداف محددة ما قد يؤثر في وحدة المجتمع السوري.

هذا ينطبق أيضاً على الصبغة الدينية التي ناهضتها قوى اليسار وبعض قوى اليمين للتخلص من الطائفية عبر العقود الماضية. وقد اقترح زعيم الحزب الوطني الديمقراطي كريم الشبياني ان تأتي التيارات الدينية بأسماء معاصرة لأحزابها كالاصلاح والتنمية, إذ يرى ضرورة بالغة في اعادة صيغة المشهد السياسي بما يضمن تمثيل كل التيارات في سوريا بما فيها التيار الديني.

ولعل إلغاء الطائفية على الاقل ظاهرياً احد انجازات التيار اليساري, الذي افاد من ميل المجتمع السوري إلى الاعتدال ونبذه التطرف, والتمسك بهذا التوجه قد يسهم في تفسيرعدم تجاوب السلطة لغاية الآن مع مساعي فتح حوار مع الاخوان المسلمين, بالاضافة إلى ما افاد به قيادي في احد احزاب الجبهة, من ان السلطة لم تتجاوز بعد أحداث الثمانينيات الدامية, متوقفاً عند النداء الأخير الذي وجهه الاخوان المسلمون السوريون لعقد مؤتمر وطني يضم الاطياف كافة بأنهم لم يحددوا موقفهم بوضوح من الضغوط الاميركية على سوريا, مكتفين بالاشارة إليها دون تسميتها بصراحة, مع انهم عبر تاريخهم الحزبي الطويل كانوا في مقدمة المناهضين للسياسة الأميركية والغرب. وشكك القيادي الحزبي الجبهوي بنيات الاخوان خصوصا أن إخوانهم في العراق %الحزب الاسلامي% شارك في مجلس الحكم الانتقالي في بداية الاحتلال الأميركي للعراق متسائلاً, لماذا لم تشكل عدم المشاركة في انتخابات الحكومة العراقية سبباً لاعلان الاخوان المسلمين السوريين موقفاً واضحاً من الضغوط الاميركية, ما يفتح باب التوجس من مستقبل علاقتهم مع أميركا.

انفراج هادئ

إلا ان حزبياً بعثياً كان له وجهة نظر مختلفة تماماً, تقبل بالحوار مع الاخوان المسلمين, وحسب تعبيره, الأخوان اليوم يطرحون فكرهم بعقلية منفتحة؛ ورأى انهم سيكونون في مقدمة المستفيدين من الانفراج السياسي إذا حصل, فقد تعلموا من تجربتهم ومن الخطأ الكبير الذي ارتكبه التيار المتشدد فيهم, ومن المحتمل جداً ان يحصدوا قوة تعاطف في الشارع تستند إلى التدين الشعبي. وأشار الحزبي البعثي إلى غياب الخريطة السياسية عن سوريا بعد الثمانينيات, إذ لم يعد هناك احزاب تفرض تيارات تسيطر على الرأي العام, سواء أكان من احزاب الجبهة أو المعارضة, ما عدا حزب البعث كونه حزب سلطة وصل إليها عن طريق "الجيش" الفئة الاجتماعية الاكثر تجانساً, وهم الوحيدون الآن الممسكون بمفاصل المجتمع والجيش والأمن ومؤسسات القطاع العام. ولا يمكن التكهن بما سيحمله المستقبل إذا ما اختل وضع القطاع العام وسمح بدخول القطاع الخاص على نحو اوسع, فيما يخص ظهور تيارات جديدة وتشكيل احزاب. لذا حتى لو رفعت الاحكام العرفية فمن المرجح ألا تظهر سياسات حقيقية عدا الإسلاميين كونهم يشكلون التيار الاوسع. ولذلك يعتقد المصدر البعثي ان النظام في سوريا ما زال غير قادر على إحداث انفراجات حادة لما فيها من خطورة كبيرة عليه, وما قد ينجم عن مؤتمر الحزب لن يتعدى الانفراج الهادئ وتقليص صلاحيات الحزب الحاكم, كالتخلي عن قوائم الجبهة في انتخابات مجلس الشعب وجعلها اكثر ديمقراطية. المشكلة حسب رأيه ان سوريا مركز الأزمة ومن غير الواضح بعد تفاعلاتها وما قد تؤدي إليه, ومراكز القرار منذ أكثر من عقدين لا تزال تلحق بالحدث دون التمكن من السيطرة عليه. اليوم مع اشتداد الضغط الخارجي, من المرحج تأجيل حل بعض القضايا الداخلية, كون المرحلة الراهنة تتطلب تعاملاً استراتيجياً لا مرحلياً.

على النقيض من ذلك اعتبر المحامي حسن عبد العظيم الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي, ان هذه المرحلة الخطرة تتطلب انفراجاً حقيقياً ومبادرات سريعة وجريئة تبدأ من اصدار عفو عام عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي, وإنهاء حالة الطوارئ, وعودة المنفيين إلى الوطن, وإنهاء ملف المفقودين والتعويض على ذويهم, والبدء بحوار وطني سياسي بين القيادات السياسية للاحزاب والقوى الموجودة فعلياً في السلطة والمعارضة والعمل الجاد على إعادة نظر شاملة في الدستور على ضوء متغيرات كثيرة حصلت خلال المرحلة الماضية. بالإضافة إلى ضرورة توفير الظروف والشروط المناسبة للحريات الديمقراطية وتأكيد حقوق الإنسان, بما في ذلك حرية الاحزاب في العمل السياسي وحرية الاعلام وكل متطلبات الحوار الوطني المعمق, لتبقى صيغة المؤتمر الوطني هي الاطار الافضل لهذا الحوار.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ