الجولان
.. الأطماع الصهيونية
التوسعية
استراتيجية ثابتة
بقلم
: فؤاد دبور
قامت الحركة الصهيونية و منذ
نشأتها على عقيدة ثابتة أساسها
الاستيلاء على الأرض
و بكافة الوسائل الممكنة و
في مقدمتها استخدام القوة
العسكرية و حافظ الكيان
الصهيوني على هذه
الاستراتيجية منذ قيامه حيث
العدوان والتوسع واغتصاب الأرض
العربية وتنفيذاً للمشروع
الصهيوني التوسعي فقد رسخ قادة
الكيان الصهيوني وجود
كيانهم عبر إقامة المستعمرات
الاستيطانية على كل أرض عربية
يتم اغتصابها
عبر الحروب و العدوان
على فلسطين
و الأقطار العربية المجاورة
في مصر ، و سورية و لبنان .
فقد احتل الصهاينة إثر عدوان
الخامس من حزيران أراضي في
سيناء المصرية و أقاموا عليها
مستوطنة يهودية تمت إزالتها
بعد معاهدة كامب
ديفيد مع مصر ، و معظم
الجولان العربية
السورية حيث
أقاموا عليها مجموعة من
المستعمرات
الصهيونية بلغت ما يقارب
الأربعين مستوطنة يقطنها حوالي
1.1 ألف مستوطن يهودي و في عام 1978
احتل الصهاينة جنوب لبنان و
البقاع الغربي و تم طردها من هذه
الأرض بعد كفاح
باسل للمقاومة الوطنية
اللبنانية استمر طويلاً .
و بالأمس القريب و تحديداً
يوم الثلاثاء 30/12/2003 أقرت
لجنة وزارية برئاسة وزير
الزراعة الصهيوني في حكومة
شارون الإرهابية
خطة سريعة لبناء 00 منزل في
المستعمرات الاستيطانية
الزراعية في الجولان العربي السوري المحتل من أجل اسكان
حوالي خمسة آلاف مستوطن خلال
ثلاث سنوات و في
تحد وقح عدواني أعلن هذا
الوزير الصهيوني أن حكومة شارون
ترسل رسالة واضحة الى سورية بأن الجولان جزء لا يتجزأ من
دولة إسرائيل و سنواصل تطوير
المستوطنات و هذه
الخطوة الصهيونية ليست
غريبة على طبيعة
الصهاينة و مشروعهم لكل من
يراهن على أية
إمكانية لفتح باب للتفاوض
من أجل السلام مع الصهاينة .
و لم نفاجأ بإقدام حكومة شارون على
مثل هذا العدوان الاستيطاني على
الأرض العربية السورية المحتلة
في الجولان لأن حكومات هذا
الكيان و منذ
قيامه عام 1948 م تلتقط الفرص
وتستثمر الأوضاع لتمرير
مشروعها الصهيوني التوسعي و
أقدمت على خطتها في الجولان في
ظل الأوضاع السائدة الآن في
المنطقة حيث تزداد الضغوطات
الأمريكية على سورية و تقوم
الإدارة الأمريكية و مؤسساتها
بإصدار قانون تحت اسم قانون
محاسبة سورية و حيث تحتل القوات
الأمريكية العراق و اعتقد شارون
و حكومته و عصاباته أن الظرف
الآن مناسب للاستيلاء على
المزيد من الأرض العربية
السورية في الجولان و ترسيخ
الاستيطان و قد شكل انتهاز
الفرص للمتغيرات الدولية جزءاً
أساسياً مناسباً
لسياسات الحكومات
الصهيونية المتعاقبة نظراً
لطبيعة هذا الكيان و أطماعه في
الأرض العربية و دأبت
هذه الحكومات على تجسيد هذه
السياسة لتحقيق
مصالح الصهاينة ومشروعهم
التوسعي .
و لما كان الأمر يتعلق بالجولان
العربي السوري، فإن الأطماع
الصهيونية في الأرض السورية
ليست جديدة فقد ظهرت هذه
الأطماع حتى قبل ظهور الحركة
الصهيونية المنظمة إثر عقد
مؤتمرها في مدينة بال
السويسرية عام 1897 حيث جرى أول
محاولة يهودية لاستيطان
الجولان عام 1887 عندما قامت
مجمهوي يهودية تطلق على نفسها
جمعية بني يهودا بمحاولة
لامتلاك نحو 15 ألف دونم من
أراضي الجولان و في عام 1898 جددت
هذه الجماعة محاولتها
للاستطان في الجولان حيث
قامت بإرسال عشرات العائلات
اليهودية للاستيطان فيها .
و لم يخف
الصهيوني المنظم للحركة
الصهيونية هرتسل أطماع حركته في
الجولان وسهول حوران السورية
حيث أكد في كتابه " الأرض
الجديدة القديمة " على أهمية
المناطق الغنية بالمياه و ضمها
الى رقعة الأرض التي تطمع
الحركة الاستيلاء عليها لإقامة
دولة اليهود و طبعاً المقصود
هنا فلسطين و لا بد من تأمين
المياه و تطوير فلسطين زراعياً
و اقتصادياً عبر سهول حوران .
و جاء من بعده أكثر من صهيوني
ليؤكد على أهمية منابع المياه
في سورية و لبنان حيث ذكر
الصهيوني فريشفايزر في كتابه
حدود الأمة أنه لما كانت
المنظمة الصهيونية تهدف الى جمع
أكبر عدد
ممكن من اليهود في أرض محدودة
المساحة أصبح
من الواجب وضع المخططات للري
على نطاق واسع و لما كانت
الموارد المائية في فلسطين
محدودة فلا بد من توسيع
المخططات الصهيونية لتشمل
الأراضي الواقعة في الشمال و
الشمال الشرقي
من فلسطين أي يجب أن نصل الى
منابع نهر
الأردن و الليطاني و ثلوج ومياه
نهر اليرموك و هذا ما ذكره أيضاً
الصهيوني هوراس في كتابه "
الصهيونية و السياسة العالمية
" حيث أكد على أن مستقبل
فلسطين بأيدي الدولة التي تبسط
سيطرتها على الليطاني
واليرموك و منابع نهر الأردن .
و هذا كله يؤشر على حقيقة الأطماع الصهيونية و مخططاتهم التوسعية في
الجولان و جنوب لبنان و مزارع
شبعا المحتلة ، و التي بدأت
فعلاً على أرض الواقع و قيام
حكومات
الكيان الصهيوني بمشروع
تحويل نهر الأردن و الاستيلاء
على مياهه مما دفع بالقادة
العرب الى عقد مؤتمر القمة
الأول في القاهرة في 17/11/1964 حيث
تم وضع خطة عربية لاقامة مشروع
عربي للحفاظ
على المياه و لما بدأ العمل
في هذا المشروع عام 1965 قامت
طائرات العدو
بتدمير
المعدات و منع العرب من
تنفيذه وتم تتويج هذا الصراع
على المياه و الأرض
بقيام العدو الصهيوني بشن
حرب الخامس من حزيران عام 1967
و الذي أسفر
عن احتلال معظم الجولان العربي
السوري ومنابع
المياه في لبنان ، و ما أن توقف
هذا العدوان
و استقر الصهاينة في الأرض
المحتلة حتى باشرت الحكومات
الصهيونية في اقامة المستعمرات
الاستيطانية في الضفة الغربية
و غزة والجولان
حيث شرع الصهاينة في
استغلال ثرواته المائية و
الزراعية و الطبيعية و في الوقت
نفسه دمرها مدينة القنيطرة
بالكامل و العديد من قرى
الجولان العربية
من أجل طمس هويته العربية
السورية و إضفاء الصفة اليهودية
عليه .
و بلغت ذروة التهويد للجولان
بإصدار الكنيست
الصهيوني قراراً باعتبار
الجولان جزءاً
من الكيان الصهيوني و ذلك في
14/12/1981 م لكن
المواطنين العرب السوريين
أصحاب الأرض في الجولان ،
ردوا على هذا العدوان بضم
أرضهم بالتمسك بهويتهم العربية
السورية و أكدوا للعالم
أجمع ان الجولان جزء من أرض
سورية وأنهم
مواطنون سوريون و رفضوا و بشكل
قاطع أي مساس بحقوقهم في أرضهم و
انتمائهم لعروبتهم
و لوطنهم سورية .
لقد اعتبرت الحركة الصهيونية
وكيانها الغاصب توفير
المياه جزءاً من احتياجاتها
الأمنية و رفعت شعار
" دولة اسرائيل من النيل
الى الفرات " و لما كانت
هضبة الجولان السورية و منابع
الأنهار التي تمر منها حيوية
للصهاينة حيث تشكل هذه المياه ثلث ما يحتاجه
الصهاينة من المياه فقد تمسكت
حكومات الصهاينة
المتعاقبة بالجولان و إذا
كانت حكومة باراك قد وافقت على
الانسحاب من هضبة الجولان فقد
وافق على الانسحاب من هضب
الجولان فقد اشترطت حصولها على
المياه و تمسكت بشاطئ
بحيرة طبرية من أجل المياه و
اعتبرت المياه جزءاً أساسياً من
رزمة الترتيبات الأمنية للكيان
الصهيوني و تنكرت حكومات الكيان
الصهيوني لكل
قرارات هيئة الأمم المتحدة
و مجلس الامن التي أدانت اقامة
المستعمرات الاستيطانية سواء
أكان ذلك في
الضفة و قطاع غزة أم في الجولان
و اعتبرت الأمم المتحدة كل
الإجراءات التي قامت بها هذه
الحكومات باطلة و غير شرعية
و يجب التراجع عنها لأنها مثل
هذه الإجراءات تخالف ميثاق
الأمم المتحدة و احكام القانون
الدولي و اعتبرتها عائقاً
أساسياً و هاماً في اقامة
السلام العادل في المنطقة .
و نقول ، أن الأرض جوهر الصراع مع
الصهاينة وعندما تقوم حكومات
الكيان الصهيوني بالاستيلاء على الأرض و
إقامة المستعمرات الاستيطانية
عليها فهذا
يعني استمرار
الصراع لأنه لا يمكن أن
يتحقق السلام
ما دامت هناك أرض عربية مغتصبة و
حقوق عربية مغتصبة سواء أكان
ذلك في فلسطين
أو الجولان
او لبنان .
و على
شارون وعصاباته الذين ينتهزونه
الفرص و يحاولون استثمارها ضد
الأرض السورية عليهم أن يدركوا
بأن سورية ليست ضعيفة بل قوية
بحقها المدعو من العرب و من
الشرعية الدولية و المجتمع
الدولي ولن تفرط
سورية بذرة تراب من أرضها
المحتلة مهما اشتدت عليها
الضغوط
الأمريكية كانت أم صهيونية
و ليعلم شارون
و أمثاله من الصهاينة و
شركاؤهم في الإدارة الأمريكية
أن الأرض العربية ستعود
الزمان أم قصر و أن مقاومة
الاحتلال الصهيوني و أطماعه
التوسعية سوف تستمر و لن تتوقف إلا
بتحيق استعادة الأرض
من الصهاينة
الغاصبين .
الدستور
– تشرين أول 2004
|