"هآرتس":
كيفية الرد على الأسد
"لإسرائيل
مصلحة حيوية في الحفاظ على أفق
مفتوحة للحوار مع سورية"
في افتتاحية عددها الصادر في
الثامن والعشرين من تشرين
الثاني (نوفمبر) 2004؛ تطالب صحيفة
"هآرتس" العبرية، بالرد
على الرسائل السياسية الصادرة
من دمشق، بشكل لا يؤدي إلى إضعاف
الموقف الإسرائيلي أمام
المجتمع الدولي.
وتشير "هآرتس" في افتتاحيتها
إلى أنّ "الدعوات العلنية
للأسد موجهة للرأي العام
العالمي وللرأي العام
الإسرائيلي على حد سواء. وكلما
كثرت نداءاته؛ هكذا غدت ردود
حكومة إسرائيل تبسيطية وعديمة
الذكاء. فقد علقت إسرائيل الآن
في وضع لا مثيل له في تاريخ
النزاع الإسرائيلي العربي، إذ
تردّ سلباً وتشرح بمعاذير
مختلفة عدم استعدادها لإجراء
مفاوضات سلام مع إحدى جاراتها.
أما في الماضي فقد كان الوضع
معاكساً"، كما تلاحظ.
وتضيف الصحيفة "يمكن قبول
الادعاء بأنّ إسرائيل لا يمكنها
أن تُعنى في آنٍ واحد بمسارين؛
الفلسطيني والسوري. ويجب أن
نفهم أنه في المرحلة الراهنة
توجد أولوية عليا لخطة فك
الارتباط".
ولكن الصحيفة العبرية تخلص إلى
الاستنتاج بأنه "ليس في ذلك
ما يبرِّر الردود المتملصة
لإسرائيل على اقتراحات الأسد.
ففي نهاية المطاف؛ ستجد إسرائيل
نفسها على طاولة المفاوضات مع
سورية"، مشيرة إلى أنّ "لإسرائيل
مصلحة حيوية في الحفاظ على أفق
مفتوحة للحوار، تؤدي في يوم من
الأيام إلى تسوية سلمية".
(بداية
النص)
كيفية
الرد على الأسد
بقلم:
أُسرة التحرير
في نهاية الأسبوع الماضي دعا
الرئيس السوري مرة أخرى إسرائيل
إلى استئناف مفاوضات السلام معه.
هذه المرة؛ فعل بشار الأسد ذلك
في أثناء لقائه في دمشق مع
المنسق الخاص عن الأمم المتحدة
للمسيرة السلمية في الشرق
الأوسط، تيدي لارد لارسن.
ودعوته السابقة كانت في أيلول (سبتمبر)،
في أثناء حديثه في دمشق مع
مارتين إيندك، الذي كان سفير
الولايات المتحدة في إسرائيل
وعضو فريق المفاوضات للرئيس بيل
كلينتون في محادثات السلام.
إنّ الدعوات العلنية للأسد موجهة
للرأي العام العالمي وللرأي
العام الإسرائيلي على حد سواء.
وكلما كثرت نداءاته؛ هكذا غدت
ردود حكومة إسرائيل تبسيطية
وعديمة الذكاء. فقد علقت
إسرائيل الآن في وضع لا مثيل له
في تاريخ النزاع الإسرائيلي
العربي، إذ تردّ سلباً وتشرح
بمعاذير مختلفة عدم استعدادها
لإجراء مفاوضات سلام مع إحدى
جاراتها. أما في الماضي فقد كان
الوضع معاكساً.
والآن تطلب إسرائيل من دمشق وقف
دعمها لمنظمات الإرهاب (المقاومة)
كشرط للشروع في المفاوضات.
ويُقرّ الناطقون بلسان الحكومة
(الإسرائيلية) الزعم بأنّ دعوة
الأسد إلى المفاوضات ليست جدية.
يوجد أساس معقول للافتراض بأنّ
الأسد على علم بأنّ إسرائيل،
المركِّزة الآن بكلها وكليلها
على خطة فك الارتباط عن قطاع غزة
وشمالي السامرة
(شمالي الضفة الغربية)؛ غير
قادرة على الإيفاء بتنازلات
بعيدة الأثر في جبهة أخرى، أي
الجبهة السورية. والدعوة
الأخيرة من الرئيس السوري يجب
فهمها على ما يبدو على هذه
الخلفية؛ فخطوة الأسد لا تعرضه
لخطر المفاوضات الفورية، إذ
سيفحص استعداده للسلام مع
إسرائيل بعملة السلام الكامل
وتطبيع العلاقات.
ولكن؛ لهذا بالذات ملقاة على
إسرائيل مهمة رد الكرة
الدبلوماسية إلى ملعب الأسد.
لهذا بالذات عليها أن تثبت
للأسرة الدولية، وكذلك لمحافل
في البلاد، في قيادة الجيش
الإسرائيلي وفي الاستخبارات
وفي وزارة الخارجية، المتحفظين
من سبل رد حكومة شارون؛ بأنهم
مخطئون.
وفضلاً عن ذلك؛ فإنّ الأسد يعيش
حالة ضغط من الولايات المتحدة
وفرنسا ومجلس الأمن، ومن
المعقول الافتراض بأنه يسعى إلى
التحرر من هذا الضغط. وبالذات
ضعف الأسد والضغط الدولي عليه
كفيلان بأن يشكلا أساساً أفضل
لإدارة المحادثات معه. وإضافة
إلى ذلك؛ فإنّ حقيقة أنّ دمشق
تؤيد الإرهاب (المقاومة)
الفلسطيني، وتتعاون مع حزب الله
ضد إسرائيل؛ هو سبب وجيه للطلب
في أن يتصدر موضوع الإرهاب (المقاومة)
مواضيع المفاوضات؛ وسيكون في
ذلك ما يكشف نوايا الرئيس
السوري.
يمكن قبول الادعاء بأنّ إسرائيل
لا يمكنها أن تُعنى في آنٍ واحد
بمسارين؛ الفلسطيني والسوري.
ويجب أن نفهم أنه في المرحلة
الراهنة توجد أولوية عليا لخطة
فك الارتباط. ولكن ليس في ذلك ما
يبرِّر الردود المتملصة
لإسرائيل على اقتراحات الأسد.
ففي نهاية المطاف؛ ستجد إسرائيل
نفسها على طاولة المفاوضات مع
سورية. ومن الأفضل ألا يحصل هذا
في أعقاب استئناف العنف المسلح.
وحتى من يعارض اليوم الانسحاب
من الجولان؛ يفهم أنّ لإسرائيل
مصلحة حيوية في الحفاظ على أفق
مفتوحة للحوار، تؤدي في يوم من
الأيام إلى تسوية سلمية.
(المقال
بقلم أسرة تحرير يومية "هآرتس"
العبرية، ونشر في عددها الصادر
في الثامن والعشرين من تشرين
الثاني/ نوفمبر 2004)
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (29/11/04)
|