ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 29/03/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صورة البعثي في عيون 

السوريين

حكم البابا

كف السوريون منذ زمن طويل عن النظر إلى "حزب البعث العربي الاشتراكي" باعتباره حزباً سياسياً ينتسب إليه المؤمنون بأفكاره ومبادئه وأهدافه ويناضلون من أجل تحقيقها، مثله مثل أي حزب في المنطقة العربية والعالم، لأن التماهي الذي حصل بينه وبين السلطة بدلّ كل مفاهيمهم عن الأحزاب، فأصبح البعثي الذي لا يزال يوصف في بعض أدبيات الحزب الورقية بـ "المناضل" يعتبر صاحب سلطة مهما كانت مرتبته الوظيفية، فلو وجد مستخدم بعثي في دائرة حكومية يديرها رجل لا ينتسب لـ "حزب البعث" (وهذا حدث افتراضي) سنجد أن المدير يخفض صوته أو يغيّر حديثه عند دخول المستخدم البعثي لتقديم الشاي أو القهوة له. وسنرى مثل هذه الحالة تتكرر بتعبيرات أشد وضوحاً فيما لو كان البعثي يسكن في حي أو بناء ما، حيث نرى جيرانه يتحاشون الاحتكاك معه أو الاشتباك معه في أية قضية أو مشكلة. وكثير من السوريين من غير البعثيين يكتفون بالصمت فيما لو حصل بعثي يقلّهم كفاءةً على فرصة يعتقدون بأنهم أحق بها، ولا تعود مثل هذه التعبيرات الصامته غالباً لهيبة يرونها في البعثي كتلك الهالة التي يرسمها صانعو الأيقونات في العادة حول رأس السيد المسيح أو السيدة العذراء، إنما لتماهيه مع السلطة أو مع أشد وجوهها رعباً والممثلة بأجهزة الأمن. فأغلب مواطني سورية يفكرون بالبعثي على أنه مخبر محتمل ومصدر قلق مؤكد. ولأن مثل هذه الحالة تعتبر ميزة وإمكانية لإثبات الوجود لكثير من ضعاف النفوس، فقد زاد الإقبال على "حزب البعث"، ومرت على سورية سنين منح فيها البعثي رسمياً صورة علنية للسلطة والسطوة (إضافة لصورة المخبر السرية التي صنعها وهم الناس له بإيحاءات لا تخفى منه) من خلال ما سمي بالكتائب المسلحة أو المظليين والمظليات، وأصبح البعثي يمشي بمسدس بارز على خصره أو بدلة مموهة على جسده، ناظراً إلى الآخرين بعدائية متباهية، يبادلونه هم مثلها إنما بأسلوب أضعف الإيمان!

.. ولأنني لم أعش مرحلة نشوء وعمل "حزب البعث" داخل المجتمع السوري في خمسينييات القرن الماضي ، وكل معلوماتي عنها ليست أكثر من مجرد حكايات شفوية ومسامع إذاعية ومشاهد تلفزيونية، لا تستطيع في مجملها أن تجادل الصورة التي عشتها (وعانيتها) للبعثيين الذين أحاطوا بسنوات عمري وحكموا حياتي حتى اليوم، وعاملوني كمواطن من الدرجة الثانية، لأني لم أتدرج في مؤسساتهم التنظيمية من الطلائع إلى الشبيبة إلى الحزب نفسه، فأعطوا "الرفيق" الجالس معي على مقعد الدراسة في الثانوية العامة كمية من العلامات المجانية فقط لأنه خضع لدورات في شبيبتهم الثورية، وسرقوا مني فرصاً وسدّوا في وجهي أبواباً لمجرد أني لست بعثياً، وحين كنت أجادلهم في طلب حقي كانوا يقولون بأن (غريمي) البعثي هو مناضل. وبعنادي الذي لا يتقبل الأمر الواقع دون اعتراض، كنت أبحث عن ماهية وشكل نضال من سرق فرصتي، فأجد أنه لا يزيد عن كونه يحضر اجتماعاً، ويصمت ويوافق ويصفق!

أتحدث في اليوميات المعاشية التي يمشي فيها السوري على الصراط المستقيم في الدنيا قبل أن يمشيه في الآخرة بين جنة "البعث" أو النار، فكيف لو تحدثت في حقوق المواطنة الكاملة التي ينظر إليها السوري غير البعثي الذي يعيش وضعاً سبارتاكوسياً (نسبة إلى سبارتاكوس) بانكسار، حيث ليس من حقه حتى أن يفكر بأن يكون رئيساً للجمهورية أو للوزراء أو للبرلمان أو في أي موقع مسؤولية سيادي يكون فيه صاحب أمر ونهي وفاعلية، حتى لو كان رئيساً لقسم أذنة ومستخدمين، دون أن أغفل جوائز الترضية من المناصب الشرفية القليلة التي تمنح لغير البعثيين من قبيل رسم الصورة التعددية.

هل هذه هي صورة البعثي فقط؟ لا أعمم، وإن كانت الغالبية تعتبر "البعث" سلماً ينبغي صعوده إلى المنصب والسيارة والمال والصفقات والنساء وكل أشكال الترف النضالية الأخرى، فبالتأكيد هناك من البعثيين من انتسب إلى الحزب ليتدبر معيشته ويحمي أمنه الشخصي، ويبعد أذى كتبة التقارير عن حياته، ويضع في بند الأحزاب التي انتسب إليها في الاستمارة الأمنية اللازمة لكل طلب توظيف كلمة: "حزب البعث العربي الاشتراكي". وهناك تمايز بين بعثي مدعوم بسبب قرابة أو عائلة، وآخر منتوف لا يصيبه من "البعث" إلاّ النقد الذي بدأ يوجه للحزب مؤخراً، وبين كل هؤلاء الذين لكل منهم أسبابه الخاصة في الانتساب لـ "البعث"، نتساءل أين بعثي خمسينيات القرن الماضي والذي بفضله وجدت صفة المناضل في أدبيات الحزب؟

واليوم مؤتمر "حزب البعث" على الأبواب، كما يقال، وأمامه استحقاقات لا تحتمل التأجيل، فالبعض يطلب مناقشة مفهوم الوحدة في فكر الحزب، بجعل الحزب سورية مع ما يشبه امتداداً عربياً غير وصائي، تلبية لظروف سياسية فرضها الحدث الخارجي، وهو أمر يمس فكرة وجود الحزب القومية أساساً. والبعض يطلب مناقشة مفهوم الاشتراكية في فكر "حزب البعث"، وإلغاءها في الاقتصاد مع الإبقاء عليها في السياسة، مستفيداً من الخلطة الصينية، تلبية لشراكة لم يعد تجاهلها ممكناً مع الخارج، ولمطالب صار الوقوف بوجهها عبثاً من مليونيرات الداخل الجدد الذين ولدوا ونموا وترعرعوا داخل التربة الاشتراكية، لكني لم أسمع (أي بعض) يتحدث عن الاستحقاق الأهم والداخلي بامتياز، وهو إعادة "البعث" إلى حزب "البعث" والبعثيين، لنرى صورته في عيون السوريين على غير ما هي عليه الآن مليونير وشعاراتي ومرتشي وانتهازي وكاتب تقارير، ولتزال شعارات "البعث" من على أبنية المخابرات ومن فوق رؤوس ضباطها الذين يعطون الانطباع وهم ينكلون بالسوري الذي يقع بين أيديهم، أن "حزب البعث" هو من ينكل بهم.

كلنا شركاء ـ 16/3/2005

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ