كذب
لم يعد ينطلي على أحد
بقلم
: محمد السيد
النظام السوري ما زال ينسج على نول
الخضوع لأمر السيد العالمي
محاولاً الإحتماء في عباءته
التي سماها محاربة ما يسمى
الإرهاب .. ظناً منه أن ذلك قد
يجعله شريكاً لهذا السيد في
حربه الشرسة على كل ما يمت
للإسلام بصلة .
والنظام بذلك الإتجاه النفعي
الغبي لم يدرك أن صلاحيته قد
انتهت ، وأن اليمينيين الجدد
يودون إنهاء كل الأنظمة التي
كانت تتعلق ولو بشعرة بالنظام
العالمي الذي تشكل بعد الحرب
العالمية الثانية ، والذي كان
للإتحاد السوفييتي في إدارته
وتسليك شؤونه حصة وافية ..
إن هذا النظام يبدو كالغريق الذي
تخلى عنه وعن مساعدته كل
المتفرجين من حوله – عرباً
كانوا أم غير عرب – وتركوه
لمصيره المحتوم ، فراح يتعلق
ولو بقشات واهنة تطوف على وجه
التيار الجارف – ولا من مغيث –
فهو تارة يعطي صفقة يده تنازلاً
مذلاً ليهود ، ويدفع من رصيد
الوطن ومن كرامة الشعب السوري
وحقوقه لحساب ذلك .. وتارة يهرول
مسرعاً ليضع نفسه في زاوية
التحرك الغربي الظالم في
المنطقة .. فيخلي لهم مواقعه
ويتنازل عن أوراق كان يظنها في
لحظة ما إضافات قوية في موقفه ،
توسع له مجال مناوراته ، التي
تخلى فيها نهائياً عن الشعب
السوري الذي ظلّ يعاني من
التهميش والقمع والتصفيات
المتلاحقة والاستبداد والإفقار
على يديه مدة تزيد على أربعة
عقود ، ويمّم وجهه باتجاه
الاستقواء بالأمريكي خاصة
والأجنبي عامة ، متناسياً أنه
يفقد بذلك المصدر الأول والأساس
للحفاظ على الوطن ومكتسبات
الوطن ، وحتى المحافظة على
وجوده وسمعته من غدر الزمان
الذي بدا اليوم طوفاناً سوف
يهدم كل هياكل النظام الهشة
المتداعية لأنه لا داعم لها من
الداخل .. والمفارقة الكبرى في
اتجاه الأحداث تتمثل في أن
القادم لهدم هياكل النظام اليوم
.. هو هو الذي دعمه من قبل
للانقضاض على شعبه وللهيمنة
البشعة على شعب لبنان ومصادرة
قراره ... ولن يكون هذا الداعم في
لحظة قريبة في صف المعزين في
سرادق نهايته .. هذا إن وجد أحدٌ
في ذلك السرادق ، حين تحين ساعة
الرحيل .
وها هو النظام اليوم يلقي برميات
يائسة في سلة السيد المتحكم في
إرادة المتخاذلين ، فهو قد رمى
من النافذة الإعلامية بكذبة
كبرى ، حين ادعى أنه فكك في
الفترة الأخيرة مجموعتين
أصوليتين تابعتين للقاعدة في
حمص وفي حلب ... آملاً أن تكون تلك
الرمية أداة فاعلة في تراجع
المحافظين الجدد في أمريكا
وغيرها عن المضي في خطة الهجوم
عليه بغية إسقاطه أو على الأقل
تغييره جذرياً مبدئياً تمهيداً
لترحيله في لحظة مناسبة قريبة .
إن الأمثلة على الكذب فيما يتعامل
به النظام من تحركات إعلامية ،
لتدلّ على أن هذا النظام لم
يتعلم من الدروس الحاضرة في
العراق وفي لبنان .. فهو ماضٍ في
غيّه بالاعتماد على المعادين
ونبذ الرجوع إلى الشعب .. إذ أن
القصة المدّعاة بأن خلية تابعة
للقاعدة في حمص فككها النظام هي
قصة خيالية ، فهي إن دلّت على شئ
فإنما تدل على مدى الإرهاب الذي
يمارسه النظام تجاه شعبه .
فالقصة وما فيها
وفي حقيقتها أن رجلاً من
المخابرات السورية دخل إلى أحد
المساجد في حمص وهو سكران وراح
يهين إمام المسجد ويعتدي على
المصلين ، ويشتم الإسلام ويتفوه
بكلمات نابية تجاه دين الأمة ..
وداس على المصحف ومزّقه ، ثم
اعتدى بالضرب والتعذيب على
الإمام و بعض المصلين .. ودارت
معركة في حرم المسجد بينه وبين
الذين يدافعون عن أنفسهم (
الإمام والمصلين ) .. وكانت
النتيجة إصابات وجروح ومقتل ذلك
الأحمق السكران المعتدي .. وعلى
إثر ذلك قامت السلطات الباغية
باعتقال البريئين من أهل الحي
ومن رواد المسجد ، ونسجت من
خيالها قصة وجود خلية تابعة
للقاعدة اكتشفتها – زوراً
وبهتاناً – ثم قامت بإهداء تلك
القصة الملفقة إلى الإعلام مع
قصة مشابهة في حلب .. لعل هاتين
القصتين تدخلان في جعبة الشفاعة
للنظام لدى أصحاب القرار في
البيت الأبيض ، فيكف عن إصراره
على تقويض وتفكيك النظام
بالتدريج ..
يبدو أن النظام بهذه الممارسات
الفجة لا يعلم أنه قد فات الأوان
على مثل هذه " التلحيقات "
السمجة التي تأتي من الماضي
المقيت للنظام ، فهي ليست من
العصر ، ولا تدخل في مناسبات
الوقت .. فقد قدّم النظام عشرات
الآلاف من الوشايات بشعبه
لمخابرات المحافظين الجدد
ولكنها لم تجدِ نفعاً لهدف
النظام ، ولم ينل عليها سوى بضع
كلمات مديح تفوّه بها بوش وغيره
زادت في فضح ممارسات النظام
المتخلية عن الشعب وكرامته
وتوجهاته .
إنه لم يبق أمام النظام إلا خيار
واحد وحيد ... هو العودة إلى
الشعب ، ليعيد له كل حقوقه
وحريته وتعدديته ، ويضع نفسه في
خدمة هذا الخيار بكل شفافية
وإقبال .. وبالسرعة الفائقة التي
لا تؤجل الأمر إلى مؤتمرات
قطرية أو قومية موضوع لقاء جميع
مفردات الشعب السوري دون
استثناء حول مائدة مستديرة ،
ليضعوا ملامح مستقبل سورية
المبني على دستور ينفي تميز أحد
أو حزب أو فئة ، كما يرفض
الاستبداد والفردية ، ويؤسس
لحياة نيابية حرة وقيام أحزاب
حرة وحياة سياسية متحركة متعددة
المشارب والتوجهات ... ومؤسسات
مدنية تخدم توجهات الشعب
ومتطلباته الوطنية والسياسية
والاجتماعية والاقتصادية
بعيداً عن الخوف والوجل أو
المداهنة والانحيازات الفئوية
والفردية والمطامع الشخصية ..
وأخيراً نقول : إنه هذا أو الطوفان
الذي قد يأتي – لا سمح الله –
على الوطن والمواطن .. فينظر
النظام فلا يجد إلا حصاد الهشيم
الذي صنعه بنفسه عندما أعرض عن
شعبه والتجأ إلى الغير ..
ليستقوي به في دعم ممارساته
الاستبدادية ، وسياساته في
النهب والسلب والتخريب
والإفقار والقمع والقتل
والتهميش ...
موقع
جماعة الإخوان المسلمين في
سورية 4/4/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|