في
العراق وسوريا ولبنان
والخليج;
الطائفية قنبلة موقوتة
عادل
أبو طالب
حذف السنة في العراق فتح الباب حول
دور الأقلية في العالم العربي
كما فتح طريقا ممهدا للعب بهذه
الورقة من قبل القوي الخارجية
والتدخل في شؤون المنطقة ... فهل
محاولة حذف السنة في العراق
تدخل في هذا الإطار .... ؟
ولأن الساحة العراقية هي الساحة
الأسخن في هذا المجال نبدأ بها
بصورة يوضح معالمها المفكر
العراقي صلاح نصراوي ويستهل
الحديث عنها قائلا : إن الطائفية
هي مصطلح مثلها مثل أي مصطلح آخر
, وهي فكر أو أيدلوجيا تعكس رأي
الجماعة , فبالتالي هي تكون ضارة
بقدر ما تحمل من جوانب سلبية ,
فالطائفية عندما تتحول إلي
نعرات معادية للطوائف الأخري
بالتأكيد ستحمل بذور الفتنة ,
لكن بإمكانها أن تكون مجرد
تعبير عن هوية , ووعاء للتعبير
عن هذه الهوية , بشكل لا يحتم
التصادم مع المذاهب والطوائف
الأخري , خاصة الهوية الأم عند
الطوائف .
الدليل علي ماسبق أن هناك إصرارا
واضحا وقويا من قبل الطوائف
والمذاهب في كل هذه الدول
العربية , في العراق , و الخليج ,
و لبنان , علي التأكيد علي
الانتماء الوطني والهوية
العربية .
ففي الخليج اثبت انتصار الثورة
الإسلامية في إيران , ومحاولات
تصدير الثورة في المنطقة وأيضا
الحرب العراقية - الإيرانية ...
اثبتت فشل كل محاولات الاختراق
وزعزعة الوحدة الوطنية لدول
الخليج , وإصرار شيعة الخليج علي
هويتهم الوطنية وانتمائهم
العربي , وتكرر الأمر مرة أخري
بعد الحرب بالعراق . أو ما يسمي
ببزوغ نجم الشيعة ... إذ أن كل
قادة الشيعة في العراق يصرون
علي الحفاظ علي الوحدة الوطنية ,
وثانيا الانتماء العربي للعراق
, مما يفند كل الإدعاءات أو
المخاوف مما يسمي بالهلال
الشيعي واحتمال ظهور أو بروز
انعكاسات سلبية .
ويضيف بأن هناك جيوبولوتيك شيعيا
جديدا أفرزته الحرب الأخيرة في
العراق , وهو أتساع دور الشيعة
العراقية في الحياة السياسية ,
إلا أن هذا هو مجرد تعبير كمي
لمصالح الشيعة الذين يملكون
الأغلبية في العراق , بالإضافة
إلي أن الشيعة شأنهم ككل
الطوائف الموجودة في العالم
العربي فهم غير موحدين سياسيا
وفكريا , لأنهم منتمون لمدارس
فقهية وسياسية وانتماءات
اجتماعية وعشائرية متباينة , ما
يجعل من الصعب أن يلتقوا علي
برنامج أو هدف سياسي معين ,
اللهم إلا علي ضرورة أن يكون لهم
دور سياسي ككتلة موحدة توازي
حجمهم السكاني .
و نفس الشيء ينطبق علي لبنان
فالكتلة الشيعية اللبنانية غير
موجودة هناك حزب الله , حركة أمل
, تيار سياسي عريض غير منتمي أو
غير مؤدلج , وهناك مراجع دينية
شيعية متعددة بالإضافة إلي أن
شيعة لبنان اثبتوا خلال السنوات
الماضية أنهم رأس الرمح في
العمل الوطني في لبنان مما
أكسبهم دعم وتأييد جميع الطوائف
اللبنانية من السنة والدروز
والمسلمين .
أن الحديث عن المقاطعة السنية أو
تهميش العرب السنة في العراق
ينطوي علي مبالغات كثيرة ولا
يعكس الواقع العراقي , صحيح أن
العرب السنة هيمنوا علي السلطة
وأجهزة الحكم لسنوات طويلة إلا
أن ذلك كان بسبب ديكتاتورية
الحكم والأنظمة الشمولية , التي
حكمت وهيمنت وسيطرن علي العراق .
ويؤكد نصراوي بأن المقاومة
العراقية الحالية هي ليست
مقاومة ذات هوية سنية , بقدر ما
هي مقاومة لجماعات من داخل
السنة التي خسرت السلطة والثروة
, التي هيمنت عليها خلال هذه
السنوات , وبالتأكيد هي بقايا
فلول نظام حزب البعث السابق .
بالتالي هذه الشريحة معنية داخل
الجسد السني العربي في العراق ,
ولكنها ليست كل السنة , الدليل
علي ذلك هناك زعامات سنية كبيرة
شاركت بالانتخابات , وحصلت علي
مقاعد في الجمعية الوطنية .
أضافة إلي أن زعامات سنية بدأت
الأن تنخرط في العملية السياسية
, وأخري أبدت استعدادها .
ويوضح نصراوي بأن المشكلة الحقيقة
هي أن السنة العرب بسبب الضغوط
والتهديدات التي يتعرضون لها ,
عجزت عن أن تؤسس مرجعية سياسية ,
تطرح رأيها في إطار العملية
السياسية هذه .
و حالما يزاح سيف الرعب والإرهاب
المسلط علي رقبة السنة , مثلما
هو مسيطر علي جميع رقبة
العراقيين , سيكون من الواضح أن
السنة سينخرطون في هذه العملية
بشكل واسع , وسوف يحتلون مكانهم
الذي يليق بهم كمواطنين وشركاء
في إعادة بناء بلدهم المدمر .
مشكله الأقليات في الوطن العربي
يصفها نصراوي بأنها ' براميل
بارود ' لابد أن تحل ويزال خطرها
قبل أن تتفجر , واذا كان ذلك هو
الوضع في العراق بكل ما يحملة من
مخاطر , فهو في لبنان لا يقل عن
ذلك , ففي رأي نبيل عمرو عضو
المجلس التشريعي الفلسطيني ,
فإن الأزمة الطائفية في لبنان
هي الأخطر - حيث يوجد تدخل خارجي
والوضع في لبنان مازال - رغم وقف
الحرب الأهلية منذ سنوات - هشا
ولم يتجذر , مما يزيد المخاوف من
استغلال خارجي لما يجري في
لبنان .
ويضيف بأن الأبواب هناك ما زالت
مفتوحة حتي الآن , لذلك أشعر
بقلق ... ولكن في المقابل فالصراع
السياسي حلوله أسهل وأقرب بكثير
من الصراع الطائفي , وفي لبنان
دائما تتطور الصراعات من طائفية
إلي سياسية , وهو يعبرعن تقدم ,
وهذا ما نلمسه الآن ونأمل أن
يستمر بهذا الاتجاه .
ونأتي إلي سوريا - ومازال الحديث
لنبيل عمرو - فالوضع القائم في
سوريا الآن استثنائي , أي غير
طبيعي , لأن العلويين حكموا
سوريا بشعارات قومية وشعارات
وحدوية في لبنان وشعارات الصراع
ضد إسرائيل والتمسك بالأهداف
الوطنية للأمم العربية وعبر جيش
قوي سوري وحزب قومي هو البعث
السوري .
الآن في حال لم تعد هناك حرب للجيش
القوي , وانسحب من لبنان , و طرحت
قضية حقوق الإنسان
والديمقراطية الفعلية داخل
سوريا , في هذه الحالة فان الوضع
الطائفي سوف يرجع ويأخذ وضعه
الطبيعي , بلد تسكنه الغالبية
العظمي سنة ولكن البلوك الرئيسي
فيه هو البلوك السني .... إذن من
ينظر للوضع الطائفي لا بد له ان
يضع هذا في الاعتبار أمام أي
تطورات في سوريا .
أيضا لبنان استقر طائفيا عبر
اتفاق الطائف وعبر المشاركه
السياسية .
الأردن ليست لديه هذه الإشكالية
وكذلك الفلسطينيين ويظل النشاز
الفعلي الكبير في العراق علي
سبيل المثال في العراق أقلية
سنية تحكم أغلبية شيعية مع قوي
أخري .
وما أريد أن أقوله عندما ندرس هذا
الموضوع علينا أن ندرس الوضع
الطائفي بقواه الحقيقية
البشرية والاقتصادية , في
العراق السنة تمتلك القوة
الاقتصادية والمليارات وكذلك
الأمر في سوريا السلطة وشعارات
الحزب والقوي العسكرية .
الأهرام
العربي
03/04/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|