من
قسٍّ إنجيلي إلى الرئيس بوش
فخامة
الرئيس/جورج بوش
تحية طيبة وبعد.
ليست
هذه هي المرّة الأولى التي أكتب
فيها إلى سيادتكم عبر صحافتنا
المصرية. لقد سبق أن كتبت إلى
سيادتكم قبل حربكم مع أفغانستان
وكتبت إلى سيادتكم رسالةً أخرى
قبل غزوكم للعراق، وفي كلتا
الرسالتين ذكرتكم بموقف السيد
المسيح الرافض للعنف والداعي
للسلام ولكن يبدو أنّكم تنتهجون
نهجاً آخر غير ذلك النهج الراقي
والسامي الذي دعا إليه
سيدنا المسيح. وهاأنذا أبعث
إليكم برسالة ثالثة بعد أن قامت
قواتكم بانتهاك الحريات وحقوق
الإنسان في سجن "أبو غريب"،
فإنّ ما حدث لا يمكن أن يوصف إلا
بأنّه خسة ونذالة وانحطاط. ونحن
نحمد الله كثيراً
أنّ الآلة الإعلامية الأميركية
هي التي فضحت وكشفت ما حدث من
انتهاكات وليس الآلة الإعلامية
العربية وإلا كنتم شككتم في صدق
إعلامنا واتهمتموه بتزييف
الحقائق وتلفيق الصور. وما قامت
به وسائل الإعلام الأميركية من
فضح انتهاكات حقوق الإنسان
وتعذيب الأسرى العراقيين
بطريقة لا إنسانية ولا أخلاقية
وما طالب به الكونجرس الأميركي
من إقالة وزير الدفاع الأمريكي
دونالد رامسفيلد إنّما يؤكّد
أنّ الدنيا لا تزال بخير وأنّ
هناك الأغلبية من الأمريكيين
داخل الولايات المتحدة
الأمريكية ضدّ سياستكم وضدّ
مواقفكم في الشرق الأوسط وضدّ
المظالم وضدّ
الحروب وضدّ الانتهاكات.
فخامة
الرئيس بوش. دعني أتجرّأ
وأسألكم بصراحة كيف تطالبون
الشرق الأوسط بالإصلاح وقد اتضح
أنكم أنتم أيضاً تحتاجون إلى
الإصلاح؟ كيف تطالبوننا
باحترام حقوق الإنسان وها قد
اتضح للعالم كلّه أنّكم تنتهكون
حقوق الإنسان؟ كيف تطالبوننا
بتطبيق ما لم تقوموا أنتم
بتطبيقه؟ دعني أذكرك بما قاله
السيد المسيح في هذا الصدد (لا
تدينوا لكي لا تدانوا لأنكم
بالدينونة التي بها تدينون
تدانون وبالكيل الذي به تكيلون
يكال لكم ..).
يا
سيادة الرئيس إنّنا بكلّ شجاعة
نعترف بواقعنا ونقول لسنا
كاملين ونحتاج إلى الإصلاح في
أمور ليست بقليلة ولكنكم أيضاً
تحتاجون إلى ذات الإصلاح فقبل
أن تطالبونا بالإصلاح أصلحوا
وطهّروا ونقّوا ذواتكم أولاً.
يا فخامة الرئيس إنّ ما حدث في
سجن أبو غريب هو انتهاك فاضح
وواضح للحريات وهو تعدٍّ سافر
على كرامة الإنسان وعلى آدميته.
فالمسيحية التي تؤمن بها يا
سيادة الرئيس ترفض رفضاً باتاً
كلَّ أشكال العنف وكلّ تعدٍّ
على الحريات وكلّ انتهاك لحقوق
الإنسان.
القس
رفعت فكري سعيد.
راعي
الكنيسة الإنجيلية
بأرض
شريف- شبرا - مصر
(نقلاً
عن مجلة "روز اليوسف"
القاهرية، 21/5/2004).
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|