قليلاً
من الشفافية (ياحكومة)
أيمن
الدقر
ويبقى
المواطن يتلقى زيادات في
الرواتب وارتفاعات بالأسعار،
ولا تكاد تسري شائعة أو يعلم عن
زيادة في الرواتب إلا ويقول (الله
يستر) وتبقى الجملة التي يرددها
دائماً: (ما أعطي باليمين سيؤخذ
بالشمال) إذ ليس لكل مواطن دراية
كافية بمعنى اقتصاد السوق، وليس
لكل مواطن معرفة بالطريقة التي
يمكن أن تُحلّ بها الأزمات
الاقتصادية أو الانتقال من
طبيعة اقتصادية إلى أخرى،
والمشكلة أنه منذ أن بدأت
الزيادات في الأعوام الأخيرة
والمواطن يرزح تحت وطأة ارتفاع
الأسعار ولاسيما الخدمات
الضرورية كالكهرباء والماء
والوقود والاتصالات وغيرها،
وحتى اللحظة الحالية لازال
يعاني الأمرّين حتى من ارتفاع
أسعار المواد التموينية التي
قفزت بسبب رفع الدولة يدها
تدريجياً عن السيطرة على السوق
والخروج من عباءة التاجر،
وبالطبع فإن المواطن السوري لم
يعتد سماع تبرير لما يحصل منذ
أكثر من أربعة عقود، ذلك لأن
القائمين على الاقتصاد لم
يفكروا بشرح ما يحدث منذ العقود
الأربعة الماضية حتى الآن،
والشفافية تقتضي أن تصارح
الحكومة شعبها بما يدور سواء
على الصعيد الاقتصادي أو غيره
وما له علاقة مباشرة أو غير
مباشرة بحياته اليومية، فإن
كانت الحكومة تقصد من هذا كله
الإصلاح بهدف الوصول إلى اقتصاد
متين يعود بالنهاية على الوطن
والمواطن بالخير خلال فترة
محددة، فتقوم برفع قيمة الخدمات
لتصبح متناسبة مع كلفتها
ومتقاربة في قيمتها مع نظرائنا
من الاقتصادات الأخرى،
وبالتالي تجد نفسها غير قادرة
حالياً (ربما) على تعويض المواطن
بسيولة متوازنة مع القيم
الجديدة، لذلك نرى أن على
الحكومة شرح هذا الإصلاح
وخطواته وزمن الوصول إلى الهدف
المفترض، فالمواطن السوري
مواطن طيب أصلاً، وينتمي إلى
سوريته، ونتصور أنه سيسرّ فيما
لو تم شرح الحالة الاقتصادية
بصراحة تامة، وسيشعر بالراحة
والاطمئنان على مستقبله
وأولاده من بعده، والمواطن
السوري على استعداد للتضحية
بأشياء كثيرة من أجل وصول
البلاد إلى إصلاح حقيقي، ولكن
على أن يكون محدد المدة،
واضحاً، وجلياً، أما الطرق
ومحدودية المدة فنرى أنه على
الحكومة شرحها ومصارحة مواطنها
بها ليتبادل الثقة معها ويدعمها
من أجل تحقيق الرخاء، ويسائلها
في حال لم يتحقق ما صارحته به.
إن
العيش في فراغ (معلومي) يؤدي إلى
الفوضى والفوضى في النهاية
ستؤدي إلى استشراء الفساد
والسعي للحصول على ما هو ضروري
بأساليب ملتوية تزيد اقتصادنا
أزمات فوق أزماته، ولم يعد
بالإمكان تقبّل كل شيء على أساس
أنه أمر واقع وفقاً لمبدأ (ليس
بالإمكان أفضل مما كان) فإن كان
ليس بالإمكان فحق المواطن أن
يعرف لماذا (ليس بالإمكان) وإن
كان (بالإمكان) فمن حقه أن يعرف
متى وكيف، فقليل من الشفافية
ياحكومتنا، رحم الله أمير
المؤمنين (علي بن أبي طالب) إذ
قال: "لو كان الفقر رجلاً
لقتلته".
افتتاحية
مجلة أبيض وأسود ـ 31/05/2003
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|