قولوا
نعم للأسد
بقلم: دوف غولدشتاين
سورية
ضعيفة، وجيشها قديم، واقتصادها
يتعثر. لقد أمرها مجلس الأمن
للأمم المتحدة أمرها بإخلاء
جيشها من لبنان، وإبعاد قيادات
منظمات الإرهاب (المقاومة
الفلسطينية) عن نطاقها ونزع
أسلحة المنظمات العسكرية. أن
سورية معزولة في العالم العربي
أيضا، وهي تكتسب في نظر
الولايات المتحدة موقع دولة
معادية.
وهذه
بالضبط سورية، التي مع زعيمها
بشار الأسد ملزمة إسرائيل
بإدارة مفاوضات لتحقيق السلام.
يبعث الرئيس السوري المرة تلو
الأخرى إلى إسرائيل بنداءات،
شبه يائسة، للعودة إلى طاولة
المفاوضات لتحقيق السلام. وقد
أبدى الأسد مؤخراً استعداداً
للسلام في حديث مع ثلاثة
سياسيين أمريكيين زاروا دمشق.
أحدهم، مارتين إندك، الذي كان
سفيراً للولايات المتحدة في
إسرائيل، نقل دعوة الأسد إلى
علم رئيس الوزراء شارون وقيادة
الحكم في إسرائيل. لا يمكن
للجواب غير الرسمي للقيادة
السياسية الإسرائيلية "الوقت
ليس ناضجاً"؛ إلا يثير
التساؤل. هذا تجديد خطير ومثير
في مفهوم إسرائيل لمنظومة
علاقاتها مع الدول العربية.
فطوال
السنين مدت إسرائيل يدها للسلام
لكل دولة عربية مستعدة لإدارة
مفاوضات سلام معها. وبردها
العنيد دعوة الرئيس السوري؛
تتخذ إسرائيل في العالم صورة
الدولة التي تفضل وضع الحرب على
الفرصة لتحقيق السلام. محظور
عليها تفويت فرصة من الدرجة
الأولى لوضع حد لحالة الحرب مع
دولة عدوة متطرفة كسورية.
وبالذات؛
فإنّ سورية ضعيفة ومنعزلة وقلقة
من عقوبات الأمم المتحدة
والولايات المتحدة؛ هي ناضجة
لتحقيق سلام مع إسرائيل بشروط
معقولة. فهذه في أساسها السياسة
الحكيمة، أي استغلال ضعف العدو
لإرغامه على التنازل في الشروط
الأكثر يسراً. ومع سورية قوية
ولديها جيش حديث وتتمتع بدعم
عربي واسع وتوجد في علاقات ودية
مع الولايات المتحدة؛ يكون من
الصعب، وربما من المتعذر؛ تحقيق
السلام.
إنّ
الحقيقة هي أن ثمن السلام مع
سورية باهظ. ولعلّ هذا هو السبب
الذي يجعل إسرائيل ترد دعوات
الأسد. وحتى في الظروف الأفضل لا
يمكن للرئيس السوري أن يكتفي
بأقل من استعادة الجولان. ولكنّ
هذه التضحية الكبيرة ملزمة
لإسرائيل بالنظر فيها بتعابير
الكلفة قبالة المنفعة، فمعنى
السلام مع سورية سلام فوري مع
لبنان. والسلام مع سورية معناه
السلام مع كل الدول التي لها
حدود مع إسرائيل. السلام مع
سورية معناه نهاية النزاع مع
الدول العربية. السلام مع سورية
تكمن في داخله فرصة معقولة لنزع
سلاح حزب الله ووقف دعم سورية
لمنظمات الإرهاب (المقاومة)
الفلسطينية، والتي تتخذ
قياداتها مقراً لها في دمشق
وتبعث بأذرع الإرهاب (المقاومة)
إلى إسرائيل. أن السلام مع سورية
سيضعف شراكتها مع إيران، والتي
من شأن خطرها على إسرائيل أن
يكون حرجاً. السلام مع سورية
سيعزل الفلسطينيين ويضعفهم. فهم
سيبقون الجهة العربية الوحيدة
الرافضة لصنع السلام مع إسرائيل
في شروط معقولة للطرفين.
إنّ
إسرائيل ملزمة بأن تفحص بحذر كل
اقتراح للرئيس السوري. فقط شيء
واحد محظور عليها عمله؛ أن ترد
رداً باتاً دعوة الأسد لمفاوضات
السلام. ليس العالم وحده لن يفهم
ذلك، فنحن أيضاً لن نفهمه. وكأنه
من الأفضل أن تبقى الألفا صاروخ
سوري التي تغطي كل سنتيمتر من
الأراضي الإسرائيلية، بعضها
مزود بسلاح كيماوي أو بيولوجي،
ملتصقة بفوهات أجهزة إطلاقها.
(المقال
بقلم دوف غولدشتاين، ونشر في
يومية "معاريف" العبرية في
الثامن من أيلول/ سبتمبر 2004)
قدس
برس
|