رد
على السيد نبيل فياض:
من
يعيق التغيير في سورية !؟
علي
الأحمد
*
أود في هذا المقال
ان ابذل جهدا بسيطا في محاولة
للرد على السيد نبيل فياض على
مقال قرأته له منشور في موقع
كلنا شركاء في الوطن عنوانه (من
يعيق التغيير في سورية?!) تناول
فيه بشكل اساسي استحالة وجود اي
بديل حاضر الان للنظام في سورية,
وبحسب راية فانة لا يوجد اي فئة
او تنظيم يمكن ان يكون بديلا
مقبولا عن العباقرة التاريخيين
البعثيين, والذين هم بحسب راية
يتمتعون بكل الصفات السيئة ولا
يجد لهم اي حسنة او مزية سوى
انهم فريدون وحيدون ولا خليفة
شرعية لهم.
اظن ان السيد فياض
لا يعرفني لسبب بسيط اني
بالنسبة إليه غر في الكتابة وغر
في السياسة وليس لدى ذلك الباع
الطويل كما يبدو من خلال
كتاباته انة يتمتع به وذلك
الجلد على المماحكة والمجادلة
والمناطحة ان صح التعبير واسف
ان كان قاسيا.
ولكن ما اريد ان
ابدا بة هو استنتاج لا ادري مدى
صحتة وهو انة لا يوجد في سورية
احد ينال رضا واحترام السيد
فياض, فلا البعثيون ولا
الشيوعيون ولا الاخوان ولا
البوطي, كل هؤلاء لا يعجبوة حتى
الليبراليين وهو منهم كما يقول
لا يعجبونه لان بعضا منهم يكثر (النق)
دون ان يكون لدية بديل مقبول.
ما هو الحل اذا يا
سيد نبيل? هل نستورد الى سورية
شعبا اخر من اليابان او
نيكاراغوا يمكن ان يكون فيه من
ينال رضاك ? البعثيون حسب كلامك
فاسدون انتهازيون جعلوا سورية
دولة تعيش القرن الحادي
والعشرين في مقاييس القرون
الوسطى, اما الشيوعيون فانهم
كانوا جيدين وكنت تتعاطف معهم
وتوزع مناشيرهم ولكن عندما علمت
ان لهم علاقة مع من تصفهم باقذع
الصفات من الاخوان فقد سقطوا من
عينك ولم تعد تنظر اليهم بعين
التقدير لانهم تلوثوا بجرثومة
او بداء اسمة الاخوان كما فهمت
منك.
وكذلك البوطي فقد
قلت فية ما لم يقلة مالك في
الخمر, وربما كانت تلك الاقوال
الوحيدة التى وجدتك منصفا فيها,
وشعرت بالارتياح لان شخصا ليس
من الاخوان تكلم عن البوطي الذي
رفض ان يصنف الاخوان حتى فيمن
ينطبق عليهم حكم المحاربين
وصنفهم تحت فئة ( الذين يسعون في
الارض فسادا) علية من اللة ما
يستحق.
اماكلامك عن
الاخوان, وهذا ما دفعني لمحاولة
الرد عليك والنيل من مقامك
السامي, فلاني عشت بينهم اكثر من
22 عاما, حيث غادرت سورية وعمري
وقتها 18 عام ومازلت للان اعيش مع
الاخوان وعمري الان 42, لم
اغادرهم يوما, لذلك ساتكلم معك
عن خبرة وممارسة شخصية عشتها
يوما بيوم وشهرا بشهر وارجو ان
تكون منصفا وتصدق كلامي لاني لن
اكذب في شيء مما اقولة في هذة
السطور ولا غيرها, لسب بسيط ان
المؤمن لا يكذب, واسال اللة ان
اكون مؤمنا.
اليوم وبعد اكثر من
عشرين عاما مضت على المواجهة
التى حصلت بين الاخوان وبين
النظام في سورية, والتى يعرف
الجميع كيف انتهت بامكان اي
منصف ان يحكم على تلك المواجهة
من خلال الواقع الذي تعيشة
سورية, حيث ما زال نفس الاشخاص
الذين قاومهم الاخوان يدوسون
على كرامة المواطن ويبددون
ثرواتة ويحتقرونة ويذلونه.
بينما يعيش
ابناؤهم واحفادهم واصهارهم
وانصارهم ومن يلوذ بهم في نعيم
وعز ورغد, وعلى الجانب الاخر
يعيش الاخوان اما في السجون او
في البلاد العربية المجاوره, لم
يتخلوا عن دينهم ولا مبادئهم
ولا عن اخلاقهم الاسلاميه,
اغلبهم مثقفون وحاصلون على
درجات علميه, وقسم اخر يعمل في
المهن والحرف الحرة ليكسبوا
لقمتهم حلال ويربو اولادهم على
الخير والفضيله, وقد كسبوا ثقة
ومحبة كل العرب الذين
يستضيفونهم.
ففي عمان مثلا يفضل
المواطن الاردنى ان يؤجر بيتة
لشخص سوري من الاخوان لانة
يحافظ على البيت ويخلية بسهولة
عندما يحتاجة صاحبه, وقد حصل بعض
الاخوان السوريين على الجنسية
الاردنية تكريما لهم على جهودهم
في افتتاح شركة تعمل على تصنيع
لوحات التحكم الالكترونية
الدقيقة وقد اثار ذلك اعجاب
القائمين على غرفة الصناعة في
عمان وشرحوا ذلك للملك حسين
رحمة اللة لانها كانت الوحيدة
في الاردن في ذلك المجال, وفي
اليمن يعمل عدد كبير منهم
اساتذة الجامعات وعدد كبير اخر
مدرسين في المدارس على مدى 20
عاما.
وفي العراق استفاد
الاخوان من العداء المستحكم بين
صدام وحافظ اسد في الثمانينات
واقاموا لهم مراكز ومكاتب ودرس
المئات منهم وحصلوا على اعلى
الشهادات من الجامعات العراقية,
ومازالو حتى بعد سقوط النظام
هناك يحظون باحترام وتقدير
الشعب العراقي لهذة اللحظة
لانهم عاشوا مع هذا الشعب الحلو
والمر طوال حرب ايران التى كانت
تهدف لتوسيع المد الشيعي في
العراق, والتى كانت سورية
الوحيدة التي ساندت ايران ضد
العراق مع انها دولة بعثية لا
تختلف من حيث المبادئ والافكار
عن صدام.
وفي هذا السياق
سأشير الى تكافل الاخوان مع
غيرهم من السوريين الذين كانوا
يعيشوا في العراق والذين تقطعت
بهم السبل في سنوات الحصار
الطويلة, واغلبهم من البعثيين
التابعين للجناح العراقي من حزب
البعث حيث كان الاخوان يقدمون
لهم المساعدة في تلك الظروف
الصعبة مع انهم يختلفون فكريا
مع الاخوان, اما قولك ان الاخوان
مستعدون للتحالف مع الشيطان
لتحقيق اهدافهم, فليس في ذلك عيب
لان الشيطان الحقيقي هو من تريد
انت ان يبقوا, وترى انة لا بديل
للنظام الحاكم ابدا.
وانت بذلك تخالف كل
سنن ونواميس الحياة لان البشر
يلجاؤون الى تغيير كل ما هو فاسد
متعطل لا يفي بغرضه, فانت تهدم
بيتك عندما يصبح قديما مهترئاً
تنفذ المياه من سقفة وتلعب
الريح بنوافذه, تهدمة لتؤسس
اساسا صحيحا لبيت جديد عصري,
وعندما تفشل شركة في عملها يتم
بيعها ويقوم المشترى
الجديد بنسف كل الاسس الفاشلة
التى قامت عليها ويجدد مكاتبها
ومستودعاتها وينشئ قوانين
وانظمة حديثة ليبدا رحلة ناجحة
على انقاض الفشل.
وعندما يهترئ محرك
سيارتك يا سيد فياض, يقوم
الميكانيكي بتفكيك جميع اجزائة
المكونة لة ويرميها في النفايات
ثم يرسلة الى المخرطة لازالة كل
اثار الاهتراء والتاكل وبعد ذلك
يجلب قطعا جديدة حديثة يركبها
في اماكنها بعد تنظيفها ووضع
الزيت عليها. هذة سنن الكون
والبشر في التحديث
والتغيير, والا قلي بربك هل تامل
خيرا وصلاحا من مسؤولين عشعش
الفساد في قلوبهم ونخر عظمهم
بحيث اصبح جزءا لا يتجزا من
تركيبتهم ?
اما قولك ان
الاخوان والاصوليين مرفوضون
على كل الاصعدة في سورية وان
مشروعهم قد ثبت فشله, فلا ادري
على اي استطلاع حر للراي تعتمد
في ذلك, ام انك تكرر بدون وعي نفس
عبارات وكلمات النظام الذي كان
يلقن الاطفال على مقاعد الدراسة
خرافاتة عن الصمود وعن الرجعية
وعن مؤامرات الاستعمار, انك يا
سيد فياض تكرس نظريتهم التى
يبررون من خلالها حكم الحزب
الواحد وحكم القمع بدعوى انة
اما هم او الخراب والدمار
والفشل وكان النساء قد عقمت ان
تلد عباقرة مثل فلان وعلان..
لم يحصل ابدا ان تم
تجربة الاخوان في الواقع العملي
حتى تحكم على تجربتهم, ولست ممن
يطلع على خفايا النفوس والقلوب
حتى تقول ان الشعب يرفض الاخوان,
ان هؤلاء الاخوان جزء من هذا
الشعب ولا تخلو قرية ولا حي ولا
قضاء في سورية الا ومنة شخص او
ضحية او شهيد او سجين من الاخوان,
وقد عشت وعملت مع سوريين من
الاخوان من درعا جنوبا الى دير
الزور و الميادين شرقا ومن جميع
مدن الساحل وحلب وحماة وكل قرى
ادلب تقريبا.
وهم في معظمهم شباب
دارسون ومتعلمون وفي احدى
المرات حضرت احصاء المئة واحد
منهم لمعرفة المستوى العلمي
لهؤلاء المئة فكانت على النحو
التالي: 23 في المئة جامعيون, 32 في
المئة حاملين شهادة البكالوريا
ولم يتمكنوا من اتمام دراستهم
بسبب الاحداث والملاحقة وقد
أكمل معظمهم بعد ذلك في المنفى 12
في المئة حاصلون على الاعدادي
والابتدائي واخيرا 3 اشخاص او
اربعة اميون, وكانو من معظم مدن
سورية تقريبا.
ومعروف ان القسم
الاعظم ممن شاركوا في التصدي
للسلطة في الثمانينات كانوا من
طلاب الجامعات ونقابات
المحامين والاطباء التى قام
النظام بحلها في ذلك الوقت, فلا
ادري من اين تفتقت افكارك تلك ان
الاخوان مرفوضون على كل الاصعدة,
اليسوا ابناء هذا الشعب, الم
يكونوا جميعا يعملون ويشاركون
في بناء سورية لولا انهم لم
يقبلوا ان تتحول الى دولة
طائفية يتحكم بها اشخاص.
لو قدر لتجربة
الاخوان النجاح والوصول الى
السلطة لما كانت سورية اليوم في
ذيل الامم في كل الميادين
الاقتصادية والعلمية واحترام
حقوق الانسان, اما قولك ان
الاخوان يركبون الحمار ثم
يقتلونه بمجرد وصولهم الى هدفهم
فليس لة اي سند من الواقع ولا من
التجربة لان الاخوان لم يتآمروا
يوما على اي جهة تحالفوا معها او
دخلوا معها في عهد وعليك ان تسوق
الامثلة على غدر الاخوان بمن
تحالف معهم وان لا تطلق الكلام
هكذا من دون ادلة.
وللرد على تساؤلك
كيف السبيل للخروج من عنق
الزجاجة التي حشرنا فيها
النفعيون المتسلقون, فالحل بسيط
جدا, ويكمن في ان يقنع اللصوص
بما سرقوة لحد الان وان يتركوا
البقرة التى ما انفكوا يسرقون
حليبها, وينصرفو الى اوروبا
واميركا حيث تتكدس مسروقاتهم
ليعملوا على تنميتها
واستثمارها في الحرام كما فعل
لأحدهم الذي يملك الان
استثمارات ضخمة في دول متعددة.
هذا هو الحل يا سيد فياض.
باختصار وعلى حد
فهمي المتواضع فانت يا سيد فياض
متاثر من حيث تدري او لا تدري
بما كان يقولة البعثيون
الحاقدون على الاخوان, لا لشيء
الا لان الاخوان نازعوهم على
تلك البقرة المسكينة التي
خطفوها في غفلة من اهلها, حاول
الاخوان انقاذها من مختطفيها
وقدموا في سبيل ذلك اغلى
التضحيات وبذلوا اعز الدماء
واطهرها ولم يندموا على تلك
الدماء لانها ازهقت في سبيل
غاية نبيلة وسامية.
ولا اكتمك فان تلك
الدماء اتت ثمارها من خلال ما
تراة من مقاومة الفلسطينين
لليهود وما فعلة حزب اللة في
لبنان, مع الاختلاف بين الاخوان
وحزب اللة المدعوم من سورية
ولكن الروح التى فجرها الاخوان
في حماة عام 1982 وفي حلب وكل
المدن السورية من استعداد لبذل
الروح رخيصة في سبيل الله.
هذة الروح هي التى
الهمت كل الابطال الاستشهاديين
المقاومين اليوم في فلسطين
والعراق وفي كل مكان يقف فية
الاسلام شامخا قويا في وجة
الطغيان والاحتلال والبغي. طبعا
كل هذا الكلام لا يروق لك, اعرف
ذلك ولكن هذا الكلام هو الواقع
الملموس المحسوس اليوم شئت ام
ابيت يا سيد فياض.
*
كاتب
سوري - لندن
السياسة
|