الصهيونية
ليست رواية
بقلم:
يسرائيل هرئيل*
قول يعلون بأن الصراع هنا هو صراع بين
روايتين تاريخيتين للشعبين
خاطىء لان علاقة اليهود
باسرائيل ليست رواية ذاتية
وانما حقيقة ثابتة مطلقة، وهذا
يشمل الجولان ايضا .
"بيان سياسي"، نددوا في اليمين
بمقولة رئيس هيئة الاركان ("يديعوت
احرونوت"، 13/8) إذ صرح بأن "من
الممكن التوصل الى اتفاق يتضمن
التنازل عن هضبة الجولان من
منظور الاحتياجات العسكرية".
هذه ثقافة الجدل الاسرائيلي:
عندما كان من الممكن الفهم من
اقوال موشيه يعلون ان الانسحاب
من نتساريم يعتبر بمثابة رياح
دافعة لأشرعة الارهاب، أثنى
عليه المنددون به اليوم وكالوا
له المديح واستخدموا عباراته
تلك في كفاحهم ضد الاقتلاع.
واولئك الذين يدافعون اليوم عن
تصريحه "المهني" ادعوا
حينئذ ان يعلون هو "نصير
المستوطنين" ورئيس هيئة
اركان سياسي يحاول نيل إعجاب
الليكود من اجل تمديد فترة
خدمته في المنصب.
تصريحه
الأخير لا يقل شرعية عن مقولاته
السابقة. اقواله يمكن ان تنتقد
ومن الواجب ان توجه لها
الانتقادات من نقطة انطلاق لا
ترفض حقه في الإدلاء بها، وان
يكون من المحظور بالتأكيد نسب
نوايا غير نقية له كما فعلوا في
اليمين.
رئيس
هيئة الاركان تجاهل النواحي
التاريخية والاجتماعية
والاستيطانية والتربوية لعملية
الاقتلاع من الجولان عندما تحدث
من المنظور العسكري فقط رغم ان
لهذه النواحي آثارها على الأمن
القومي الاسرائيلي، ومن المؤكد
ان تكون عاملا هاما من التفكير
المبدئي - حتى لرجل الكيبوتس
الذي تتلمذ على القيم الطليعية
وجسّدها، ذلك لانه في السنوات
الأخيرة وفي هذه المقابلة ايضا
كان رئيس هيئة الاركان يؤكد على
أهمية الرواية والمنظور
التاريخي. "المسألة عبارة عن
تصادم بين روايتين تاريخيتين
يهودية وعربية"، قال يعلون
ليارون لندن، وأضاف "ان الامر
يتعلق ايضا بقدرة المجتمعين على
الصمود، وعندما نتحدث عن تطبيق
خطوة من قبيل فك الارتباط عن
غزة، فمن الواجب أخذ هذه الامور
بعين الاعتبار".
الانسحاب
من الجولان يعني تخريب عشرات
المستوطنات التي بُنيت هناك في
الـ 37 سنة الأخيرة، ونسجت فيها
مئات، بل آلاف، الروايات
المحلية - ورواية عليا واحدة
تقول ان أهمية الاستيطان تكمن
في القيم الصهيونية العليا. من
ثمانينيات القرن التاسع عشر
وحتى أحداث عشرينيات القرن
العشرين كانت التجمعات
اليهودية قائمة في الجولان وفي
غزة. فلماذا اذا يتوجب حسب رأي
يعلون أخذ كل الجوانب في قضية فك
الارتباط عن غزة وإهمالها
بالنسبة لعملية الاقتلاع من
الجولان؟.
"الرواية"
هي مفهوم ينتمي لعصر ما بعد
الحداثة تؤكد النسبية والذاتية.
في تاريخ الشعوب لا توجد حقيقة
مطلقة - باستثناء الحقيقة
الفلسطينية طبعا. ومن المهم
العودة والقول: حكاية حياة شعب
اسرائيل في ارض اسرائيل وهجرته
منها وتمسكه بها خلال وجوده في
الشتات ورغبته في العودة اليها
ليست خرافة ولا حقيقة نسبية، بل
انها حقيقة مطلقة حسب كل مقياس
تاريخي واجتماعي، أي انها ليست
"رواية". لا يوجد هنا "تصادم
بين روايتين". قسم من أبناء
الشعب العربي الذين يبلورون
لانفسهم هوية شعب - ونجاحهم
المقنع لاسباب منها اخفاقات
وأخطاء اليهود - ينفون أي صلة
لليهود مع ارض اسرائيل، إلا ان
أحدا باستثناء كارهي اسرائيل من
الداخل والخارج، لا يتعامل
بجدية مع هذا النفي. المؤرخ
البروفيسور بن تصيون دينور أجاد
في الوصف - بن تصيون من حركة مباي
ووزير التعليم الثاني - إذ
قال ان للعرب الذين وصلوا الى
البلاد فقط في القرون الأخيرة
كل الحقوق في دولة اسرائيل،
ولكنهم لا يملكون أية حقوق في
ارض اسرائيل.
اذا
أقمنا ادعاء ملكية ارض اسرائيل -
وعدالة الصهيونية - على الرواية
التاريخية الذاتية وعلى
الحقيقة النسبية غير المطلقة
فسنشعر بالدونية الاخلاقية،
ليس فقط بصدد حقنا في الجولان
الذي كان جزء من ملكوت اسرائيل
طوال قرون - كما أكدت التوراة
وكتبها المقدسة وكما تبرهن
المكتشفات الأثرية في المنطقة -
وانما ايضا بصدد تل ابيب
وبناتها. عرفات قال مؤخرا، كما
نعلم، ان الفلسطينيين هم أحفاد
الفلسطينيين القدماء
والكنعانيين. هذا هو سبب سيطرة
البدو في النقب والعرب في
الجليل والوسط على الاراضي
مشكلين خطرا محدقا على احتياطي
الاراضي اليهودية الأخيرة التي
تعود للشعب اليهودي في ارض
اسرائيل.
*كاتب
يميني ومُنظر المستوطنين
هآرتس
19/8/2004
شبكة
البصرة 21/8/2004
|