لماذا
يصر بوش على أن الفوقاني
تحتاني
والدائرة مربعة؟
بوب
هربرت *
لفترة تسعين دقيقة على الأقل بدت
الديمقراطية تفعل فعلها.
فالرجلان اللذان كانا يرتديان
بذلتين سوداوين، اتخذا
مكانيهما المحددين. وقد أبعد
المحللون والمحرضون ومستشارو
الاعلام والطفيليون. وبدون
توقفات في البث لأغراض الاعلان
التجاري، استطاع ما يزيد على 60
مليون أميركي إلقاء نظرة نادرة
ومباشرة على المرشحين، في واحدة
من أهم الانتخابات الرئاسية في
تاريخ البلاد.
كان جون كيري متفوقا على
الرئيس بوش في مناظرة الثلاثاء
الماضي، في كورال غيبلز بولاية
فلوريدا. فالرئيس، بدا في موقف
دفاعي وغير مستعد على نحو جيد.
وكانت تعابير وجهه ولغة جسده،
في بعض الأحيان، غريبة. وأصيب
بعض أشد مؤيديه بالفزع، من
أدائه، وأظهرت الاستطلاعات أن
قلقهم كان مبررا.
ولا ريب انه كانت هناك اسباب
كثيرة لضعف حيوية أداء بوش.
ولكنني اعتقد ان هناك عاملا
واحدا قلل، أكثر من أي شيء آخر،
من شأن الرئيس في المناظرة،
وسيظل ينتابه خلال الحملة. وذلك
العامل هو علاقته الاشكالية مع
الواقع. فبوش
رجل غالبا ما يخبرك، وقد يؤمن
بذلك، أن الأعلى اسفل، والمربع
دائري، في حين يقول المنطق شيئا
آخر. وكان هذا واضحا خلال
المناظرة، عندما رد على سؤال
حول الحرب في العراق، حيث قال ان
«العدو هاجمنا ولدي واجب مقدس
لحماية الشعب الأميركي وللقيام
بكل ما استطيع من اجل حمايته».
وبعد لحظات، اوضح كيري
للجمهور وللرئيس من هاجم
الولايات المتحدة بالضبط. وقال
ان «صدام حسين لم يهاجمنا. أسامة
بن لادن هو الذي هاجمنا. القاعدة
هي التي هاجمتنا».
وعندما منح فرصة للرد، وجه
بوش نظرة منفعلة الى كيري قائلا
«بالطبع أعرف ان اسامة بن لادن
هو الذي هاجمنا. أعرف ذلك».
وعلى الرغم من عدم العثور
على اسلحة دمار شامل وعدم وجود
علاقة بين صدام والقاعدة، حاول
بوش تصوير شن الحرب في العراق
ليس باعتباره الشيء السليم
وحسب، وإنما الناجح الى حد كبير.
ولكن تزايد الفوضى والعنف يشير
الى شيء آخر. وحتى عندما كانت
المناظرة قائمة، كانت ترد
تفاصيل عن عمليات تفجير سيارات
في وقت مبكر من اليوم ذاته في
بغداد، أدت الى مصرع عشرات من
العراقيين بينهم ما لا يقل عن 34
طفلا. ومشكلة بوش السياسية، هي
انه بينما يقدم صورة وردية
للأحداث في العراق، يرى
الناخبون على نحو متزايد الواقع
المرير والمأساوي لتلك الأحداث.
ويمكن لرئيس أن يبقى بعيدا عن
الواقع زمنا، ولكن هناك، في
نهاية المطاف، ثمنا سياسيا لا
بد أن يدفعه. فخداع ليندون
جونسون في ما يتعلق بفيتنام،
على سبيل المثال، لم يجر نسيانه
أبدا.
ويريد الرئيس ابلاغنا بأن «الحرية
تنتصر» في العراق، وان
الديمقراطية على الطريق. ولكن
الأميركيين باتوا يدركون ان
العراق، في الواقع، بلد يعاني
من آلام صراع عنيف، تحف به
التفجيرات وأعمال القتل
والاختطاف وقطع الرؤوس ومصائب
اخرى. وقد
يعتقد الرئيس أن الحرية تحقق
انتصارا، غير أن مشاهدي
التلفزيون في الولايات المتحدة
شاهدوا، في عطلة نهاية الأسبوع،
العراقيين وهم يخرجون أجساد
الأطفال من تحت الأنقاض، وهو
مجاز مأساوي ولكنه بليغ عن
سياسة تواجه الدمار.
وعلى أية حال، فإن الواقع لا يمكن
حجبه الى ما لا نهاية. وقد تلقى
قراء «واشنطن بوست» جرعة مزعجة
من ذلك، عبر مقالة رئيسية في
الصفحة الأولى، حول المشاكل
المتزايدة في مجال الرعاية
الصحية والمعونات الاجتماعية
للمحاربين الذين يعانون من
العجز، حيث يعود آلاف من أفراد
القوات الأميركية من العراق
وأفغانستان، مصابين بجروح
ويعانون من مشاكل نفسية.
ان العالم الواقعي هو كعب
أخيل بوش. ولا يمكن أن يبعد نفسه
عنه الى الأبد.
خدمة
«نيويورك تايمز»
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|