تسفي
برئيل:
إن
أرادوا الوساطة فليتوسطوا
على
القيادة الإسرائيلية أن تزن
بجدية الوساطة التركية لتحريك
العلاقات مع دمشق
يحث المقال التالي، المنشور في
صحيفة "هآرتس" العبرية
اليوم الأحد، الثاني من كانون
الثاني (يناير) 2004؛ القيادة
الإسرائيلية إلى أن تزن بجدية
موافقتها على وساطة تركيا مع
سورية، قبل زيارة رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان المخطط
لها في نهاية هذا الشهر إلى
الدولة العبرية.
ويرى كاتب المقال، الصحافي
الإسرائيلي تسفي برئيل، أنه "بشكل
عام؛ فإنّ تركيا وإسرائيل هما
دولتان توأمان جداً من معنى
واحد، ولكن في الأصل، لا تستطيع
إحداهن أن تؤثر في قبول إحداهما
الآخر في الجزء من العالم الذي
يهمّها. لا تستطيع إسرائيل أن
تؤثر في مواقف الاتحاد
الأوروبي، ولا تستطيع تركيا أن
تؤثر في مواقف الدول العربية
نحو إسرائيل. ولكن لكل واحدة
منهما سِمة حيوية لصاحبتها؛ إذ
تستطيع إسرائيل أن تمنح تركيا
مكانة هامة سياسياً في المنطقة
لا تتبناها، وأثبتت تركيا أكثر
من مرة واحدة، إنها لن تدع
لعلاقاتها مع إيران وسورية أن
تُملي علاقتها مع إسرائيل"،
وفق تقديره.
وبينما يقرّ برئيل أنه "إذا ما
مكنت إسرائيل تركيا من الوساطة
مع سورية؛ فقد تغضب واشنطن"؛
فإنه يرى بالمقابل أنه يجدر
النظر بجدية كبيرة إلى المساعي
التركية للوساطة بين
الإسرائيليين والسوريين.
إن
أرادوا الوساطة فليتوسطوا
بقلم: تسفي برئيل
بعد يوم واحد فقط من بشارة تركيا
أنه ربما بعد نحو من خمس عشرة
سنة، ستكون دولة أوروبية، خرج
رئيس حكومتها، رجب الطيب
أردوغان، إلى دمشق. هذه في
المحصلة زيارة متبادلة، كما
قالوا آنذاك في أنقرة، ولا
ينبغي أن تغضب إسرائيل. أيضاً من
توقيع اتفاق الشراكة التجارية،
الذي سيزيد حجم التجارة بين
الدولتين لأكثر من مليار دولار؛
اقترحوا على إسرائيل أن لا
تتأثر، فإنّ تركيا تجري معها
صفقات أكبر بكثير.
إلاّ أن سورية، كما قال الممثلون
الإسرائيليون؛ موضوعة على
القائمة السوداء للولايات
المتحدة، وإسرائيل لا. "ولكن
لتركيا مصلحة سياسية في
العلاقات مع سورية، فالمسألة
العراقية هذه والمسألة الكردية
تلك"، كما بين الأتراك، "بينما
أنتم، الإسرائيليون، لا
تُمكنون أبداً من المشاركة في
المسيرة السياسية". لأنكم
أنتم الأتراك سميتم شارون
إرهابياً وسميتم سياسته إرهاب
دولة، بين الإسرائيليون، الذين
أرادوا أيضاً أن يفهموا لماذا
في خلال سنتين، منذ أُقيمت
حكومة أردوغان، لم يجر الأتراك
ولو زيارة واحدة إلى إسرائيل.
سيطلب وزير الخارجية التركي، عبد
الله غول، من الغد؛ استبدال هذا
البينغ بونغ السياسي، الذي طيّر
فيه أردوغان عدة كرات مباشرة
إلى داخل عيني إسرائيل، بلعبة
أكثر ودِّية. فلأنّ ياسر عرفات
قد رحل، و"يجوز" للمسؤولين
الكبار زيارة السلطة
الفلسطينية دون أن يخاطروا
بمقاطعة إسرائيلية؛ يستطيع غول
أن يلعب منصب الحاكم الموضوعي؛
يوم في إسرائيل ويوم آخر في
السلطة.
في السرّ سيهمس (غول) أيضاً لرئيس
الحكومة، وربما أيضاً للرئيس،
ما هي الشروط التي يضعها بشار
الأسد مقابل نقل عظام إيلي
كوهين إلى إسرائيل. كانت هذه هي
المهمة السياسية الأهم التي
فرضتها إسرائيل على أردوغان قبل
زيارته الشهر الماضي إلى سورية.
فإذا كان الردّ مُرضياً؛ فقد
تهز إسرائيل رأسها موافقة إذا
ما طلبت تركيا أن تتلقى مهمة
وساطة أخرى. هذه المرة ستكون
أكثر جدية بقليل؛ بمحاولة بناء
حوار ما بين إسرائيل وسورية. إنّ
سيلفان شالوم ليس معارضاً
للفكرة، فالحديث ليس اتفاقاً
ولا انسحاباً من الجولان
بالتأكيد. وفي الأصل فقط عندما
ينقض البيت الأبيض على فكرة ما
سياسية يبدأ التأثر.
وبشكل عام؛ فإنّ تركيا وإسرائيل
هما دولتان توأمان جداً من معنى
واحد، ولكن في الأصل، لا تستطيع
إحداهن أن تؤثر في قبول إحداهما
الآخر في الجزء من العالم الذي
يهمّها. لا تستطيع إسرائيل أن
تؤثر في مواقف الاتحاد
الأوروبي، ولا تستطيع تركيا أن
تؤثر في مواقف الدول العربية
نحو إسرائيل. ولكن لكل واحدة
منهما سِمة حيوية لصاحبتها؛ إذ
تستطيع إسرائيل أن تمنح تركيا
مكانة هامة سياسياً في المنطقة
لا تتبناها، وأثبتت تركيا أكثر
من مرة واحدة، إنها لن تدع
لعلاقاتها مع إيران وسورية أن
تُملي علاقتها مع إسرائيل.
ولكن ها هنا توجد مشكلة؛ فإذا ما
مكنت إسرائيل تركيا من الوساطة
مع سورية؛ فقد تغضب واشنطن.
سيحاول ترتيب هذه المسألة اليوم
وغداً ريتشارد أرميتاج، نائب
وزير الخارجية الأمريكي. سيقفز
من أنقرة إلى دمشق، لمحاولة
الحصول على موافقة سورية علنية
للعمل ضد المتسللين من سورية
إلى العراق. سيكون لدى غول ما
يقوله لشارون بعد اللقاء مع
أرميتاج، وسيعلم شارون ما إذا
كان يجوز منح تركيا رخصة وساطة.
لأنه يتصل بهذه الرخصة، أو على
الأقل بـ "الاستعداد للتقدير
بتعاطف مشاركة تركيا"؛ الحدث
الأهم، أي زيارة أردوغان إلى
إسرائيل في نهاية الشهر.
يجدر النظر إلى هذا بجدية كبيرة.
لأنّ إسرائيل في السنوات الأربع
الماضية فقدت القدرة على اختبار
الأصدقاء. ربما تكون تركيا هي
الدولة الوحيدة، مع الولايات
المتحدة، التي لا يزال الجمهور
فيها على الأقل يحترم إسرائيل،
حتى عندما تُطلق قيادته سخافات
باردة نحوها. إذاً أهلاً وسهلاً
يا عبد الله غول، وإن شاؤوا
وساطة فليتوسطوا.
(المقال
بقلم تسفي برئيل، ونشر في يومية
"هآرتس" العبرية في الثاني
من كانون ثاني/ يناير 2005)
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (2/1/05)
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|