تورط
واشنطن ... مع إسرائيل
تشارلي
ريس*
كان ذلك في عام 1996 وكان بيل
كلينتون رئيسا للولايات
المتحدة وكان يحاول جاهدا دفع
عملية السلام في الشرق الأوسط
إلى النجاح. في ذلك العام نفسه
قدم ثلاثة يهود من المحافظين
الجدد ورقة عمل سياسية لرئيس
الوزراء الإسرائيلي في ذلك
الوقت بنيامين نتنياهو.
كان أولئك المحافظون الجدد اليهود
ريتشارد بيرل ودوجلاس فيث
ودايفيد ورمسير. واقترحت ورقتهم
على نتنياهو أن يتخلى عن عملية
السلام ويرفض مبدأ "الأرض
مقابل السلام" ويقوي دفاعات
إسرائيل لمواجهة سوريا
والعراق، وقالت الوثيقة التي
قدموها "يمكن أن يتركز هذا
الجهد على الإطاحة بصدام حسين من السلطة في
العراق - وهو هدف استراتيجي
إسرائيلي هام بحد ذاته"، كما
اقترحت الورقة أن تستخدم
إسرائيل ذرائع لهجمات وقائية.
إذا كان كل هذا يبدو مألوفا - ويجب
أن يكون كذلك - فذلك لأن بيرل
وفيث وورمسير انضموا إلى
المحافظين الجدد الآخرين في
إدارة بوش، وكان بيرل أكثرهم
تأييدا للحرب على العراق
والتحريض عليها، وكان هناك
ذريعتان لتلك الحرب: هجمات 11
أيلول، مع أن صدام حسين لم يكن
له علاقة بها، وأسلحة الدمار
الشامل الوهمية.
وبالمناسبة فإن نتنياهو تخلى عن
العملية السلمية، وبكلفة 200
مليار دولار وحوالي 1000 قتيل
أمريكي، حققت إسرائيل "هدفها
الاستراتيجي بحد ذاته" وهو
الإطاحة بصدام حسين من السلطة،
وما لم تكن إسرائيل قد دفعت
لبيرل وصحبه ثمنا لمشورتهم، فإن
ذلك لم يكلف إسرائيل شيئا من
الناحية المادية أو روحا واحدة.
وعلاوة على ذلك إذا كنت تتذكر جيدا
فإنك ستتذكر أن إدارة بوش كانت
تعد العدة لمهاجمة سوريا، وهو
البلد الآخر الذي سماه بيرل
وصحبه كهدف لإسرائيل، لولا أن
المقاومة العراقية انفجرت بعنف
في وجه الاحتلال الأمريكي.
وكانت قد فرضت بالفعل عقوبات
اقتصادية على سوريا، بالرغم من
حقيقة أن سوريا كانت تتعاون
معنا في الحرب على "الإرهاب"
بحسب تقييم استخباراتنا، الهدف
الآخر للإسرائيليين - آسف
لإدارة بوش - هي إيران.
إذا كنت تريد معرفة المزيد عن
هؤلاء المحافظين الجدد فإنني
أوصي بقراءة كتاب "أسرار
وأكاذيب" للكاتب ديليب هيرو و"ذريعة
للحرب" للكاتب جيمس بامفورد.
عندما بدأ الرئيس بوش في الحديث عن
الإرهاب كان يقول: "إرهابيون
يمكنهم الوصول إلى كافة أنحاء
العالم" للتمييز بين القاعدة
والمنظمات المحلية التي لها
أهداف محلية، ذلك التعبير لم
يناسب الإسرائيليين ومؤيديهم
من الأمريكيين. أرادوا أن يكون
أعداء إسرائيل هم أعداء
الولايات المتحدة، ولذلك كان
يجب التخلي عن التمييز، وتمت
إضافة أعداء إسرائيل إلى
اللائحة الرسمية للمنظمات
الإرهابية.
المشكلة هي أن حماس والجهاد
الإسلامي هما منظمتان
فلسطينيتان تحاربان من أجل
الاستقلال، صحيح أنهما
تستخدمان أساليب إرهابية،
مثلما كانت المنظمات اليهودية -
عصابة ستيرن وإرجون - تفعل عندما
كانت تحارب الاحتلال البريطاني
في فلسطين. لكن هدف هاتين
المنظمتين هو الاحتلال
الإسرائيلي، وليس الولايات
المتحدة.
حزب الله منظمة لبنانية استخدمت
أيضا أساليب إرهابية، بما في
ذلك هجمات ضد أمريكيين في لبنان
عندما اعتقدت أننا نساعد
الإسرائيليين في احتلالهم
للبنان. ولكن هناك أيضا فإن حرب
حزب الله هي ضد إسرائيل.
لقد فقدت الأمل منذ زمن بأن يستيقظ
الأمريكيون ويرفضوا استغلال
حكومتهم من قبل بلد أجنبي. لقد
كان اللوبي الإسرائيلي ناجحا في
تسمية أي انتقاد لإسرائيل, مهما
كان مبررا, على أنه عداء للسامية
لدرجة أن معظم الأمريكيين
يفضلون دفن رؤوسهم في الرمال.
وبالتأكيد فإن السياسيين
الأمريكيين ومعظم وسائل
الإعلام خائفون من اللوبي
الإسرائيلي, مما يدل على جبنهم
أكثر مما يدل على قوة اللوبي
الإسرائيلي نفسه.
إذا كان هذا الوضع يلائم
الأمريكيين فليفعلوا ما يشاءون
وليدفعوا الدم الأمريكي
والثروات الأمريكية لمصلحة
إسرائيل. ولكن علينا فقط أن
نتذكر كأمريكيين أن الولايات
المتحدة لها مصلحة شرعية واحدة
في الشرق الأوسط, وهي شراء النفط
الذي يريد كل من يمتلكونه أن
يبيعوه. ولا يهم إذا اشتريناه من
دكتاتور "اشترينا الكثير من
صدام" أو من حكومة ديمقراطية.
ولا يهمنا إذا كان البلد الذي
يبيعنا النفط يحب أو يكره
إسرائيل
كل هذه الفوضى, بما في ذلك الحرب
على العراق والهجمات الإرهابية,
هي نتيجة تورط الحكومة
الأمريكية مع إسرائيل. إنه وضع
خطير لن يتم إصلاحه إلى أن يجد
الأمريكيون الشجاعة ليفتحوا
نقاشا صريحا ونزيها حول سياستنا
الخارجية, في الشرق الأوسط.
*كاتب
أمريكي
القدس
ـ30/9/2004
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|