هل
نذهب إلى الحج؟
أيمن
الدقر
يقف الصحفي السوري
حائراً كيف سيكتب، وبأي أسلوب
سيتناول موضوعه، أيستعمل الرمز
أم الإيحاء أم المباشرة؟ فجميع
الأساليب قد تصل به إلى الطريق
المسدود، فهو وبكل بساطة مقيد
بسلسلة من العبارات التي تحمل
مفاهيم فضفاضة، يمكن تفسيرها
كيفما يرى المفسر.
يخشى الصحفي اليوم
أن يبدي رأياً يؤخذ على محمل (سوء
النية)
الواردة في القانون
ذاته، فيضطر إلى:
1ـ كتابة مادته
بطريقة السرد القصصي.
2ـ اللجوء إلى طريقة
الترميز واستعمال مفردات أو
جملاً تحتمل أكثر من تفسير(كقانون
المطبوعات تماماً).
3ـ تقديم المادة بطريقة الخبر وبحياد كامل.
4ـ نسب رأيه أوتحليله الشخصي لبعض
المجريات إلى جهات غير مسؤولة (وكل
ماسبق لايندرج تحت اسم العمل
الصحفي)
5ـ إبداء رأيه بصراحة ووضوح مما قد يعرضه
للمساءلة تحت وطأة (قانون
المطبوعات) وقد يؤدي هذا بمؤسسة
توزيع المطبوعات إلى سحب
مطبوعته من الأسواق دون أن تبدي
أي تبرير.
6ـ أن يبحث عن عمل آخر أهم مايميزه إجادة
الصمت.
قد يقول قائل: الله (يطعمكم)
الحج والناس(راجعة) فقانون
المطبوعات السوري أشبع نقاشاً
وانتقادات، وما كتب عنه يساوي
عدد مواده مضروباً بعشرات
الآلاف ولافائدة.
ولكن....
طالما نوقش
القانون، ولم تتحرك وزارة
الإعلام حتى الآن باتجاه تعديله
أو استبداله بآخر، هل نعتبر أن
الموضوع برمته أصبح منسياً؟!
إن مجرد صدور قانون
للمطبوعات كان ومازال مؤشراً
إيجابياً، بعد أن عُطِّل العمل
بالقانون القديم منذ بداية
الوحدة بين مصر وسوريا، ولكن
هذه الإيجابية أصبحت الآن بحاجة
إلى إعادة النظر فيها ليكون
القانون أكثر فعالية ومسايرة
للتطورات السريعة التي نمر بها
جميعاً، أو أنه بحاجة إلى شرح
دقيق لما ورد في مواده، هذا إن
لم تُرِدِ الحكومة تعديله، فعلى
سبيل المثال:
(المصلحة العامة)
التي وردت في القانون والتي
يعود تقديرها للسيد رئيس مجلس
الوزراء، أليست بحاجة إلى شرح؟
ولماذا تبقى كلمة المصلحة
العامة تسبح في الضباب؟
(إقلاق الراحة
العامة أو تعكير الصلات الدولية..الخ)
كيف يمكن فهمها أو ضبطهما؟
لو قلنا مثلاً إن
الدولة (س) تستضيف قواعد أجنبية
على أراضيها، تنطلق منها قوات
لضرب دولة أخرى شقيقة وبرهنّا
على ذلك، فقامت الدولة(س)
بالاحتجاج لحكومتنا على ما
كتبنا، هل نكون قد عكّرنا
الصلات الدولية؟
إذا قلنا أن فلاناً
قد ارتشى، فهل نحتاج إلى (إيصال)
بالرشوة نبرزه كي لانتهم بالقدح
والذم، ويحكم علينا بالحبس؟
إن القوانين وضعت
لخدمة الإنسان وليس العكس،
ولذلك يجب تعديلها وتطويرها
باستمرار تبعاً لنشوء الحاجات
أو تطورها، فهل (يطعمنا) الله
الحج حتى وإن كان الناس راجعين؟
مجلة
أبيض وأسود
|