ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 29/06/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

مجزرة سجن تدمر في ذكراها الخامسة والعشرين

سطور وأرقام ونصوص

بقلم : محمد السيد

السطور  .. (1)

" ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله "

جلل الصمت الغاضب ساحات مدينة التاريخ والحضارة والذكر الطيب ، .. إنها تدمر زنوبيا الملكة المهابة بانية الدولة السورية التي دوخت روما في عزها .. وهاهم الهمج ( من قطعان جيش النظام السوري وسرايا دفاعه ) ليل السابع والعشرين من حزيران " يونيه 1980 " ، يدنسون ذلك الاسم – الفخر – بصغاراتهم ، ودناءات نفوسهم ، وحقارة محتدهم ، وجرائم أيديهم .. وذلك بأن جعلوا من التاريخ الفذ الذي وشى حاضرة الصحراء السورية يوماً بالغار والفخار والعدل عاراً وشناراً .. فقد حوله زعيم انقلاب جاء على دبابة مسروقة من جهد شعب عريق وعرقه ، في السادس عشر من تشرين الأول 1970 إلى قيعان ظلم وقتل وذبح لهذا الشعب ، ممثلاً بأنقيائه وعيونه ، الذين أسرهم الطاغية بلا ذنب اقترفوه إلا أنهم أرادوا لشعبهم حرية اختطفها ، وكرامة داس عليها ، ورأياً قمعه وكبته ، وحماية وقوة لوطن استذل أهله وأهلك حرثه ونسله ، وذلك تحت غطاء ديموقراطية وصفها ( رياض عواد ) أحد المنافقين المتسلقين بأنها : " نسيج وحدها ، ليست نقلاً عن أحد ولا تقليداً لأحد " .. نعم إنها نسيج وحدها لأنها ديكتاتورية فردية استبدادية لا يكاد يوجد مثيل لها في أية أرض أخرى .. بما ارتكبته من مذابح ومجازر جماعية وفنون شيطانية في أساليب ووسائل التعذيب والقتل والإذلال .. كانت نماذجها شاهدة على عقم عقل ويد هذا الحاكم الانقلابي ، الجاحد لحق شعب اشتهر بحضارته وتمدنه ورقي العلاقة بين أبنائه وجمال الحوار بين أبعاده المجتمعية العريقة ...

هذه الشواهد هي التي امتدت من :

ـ تدمر / 27 حزيران ( يونيه ) 1980 ، إذ قام الهمج بمهاجمة قاعات السجن وزنزاناته بالنار فقتلوا ما يقارب الألف أسير من عيون الشعب السوري ، ومن ثم ليضع لهم المقابر الجماعية التي استمر انشاؤها سنوات وسنوات .

ـ إلى مجازر حماة الجماعية والفردية والمقابر الجماعية أيام شباط 1982 .. حيث دمّر المدينة ومعالمها التاريخية ، وقتل من شعبها العريق البطل ( 30 – 40 ) ألفاً دفنوا في المقابر الجماعية .

ـ وإلى مجازر أسواق حلب ومساجدها وحي المشارقة ومجازر جسر الشغور وسرمدا واللاذقية ودمشق وحمص .. وكل المدن السورية إذ لم يسلم من وحشية " حركة التصحيح " !! أحد  في سورية .

أيهـا الباحـث عـن آثارهـم             إن في كل  وريقـاتي أثر

انظر الأرض ثراها منزع           بالدم العاطر منهم والنهر

ولم تقتصر المجازر في ذلك السجن الرهيب على تلك المجزرة الراعبة التي نتكلم عن ذكراها الخامسة والعشرين .. بل ظلّ هذا السجن مجزرة مستمرة ونزيف دم متصل سنوات وسنوات .. ذكرت التقارير الموثقة من لجان حقوق الإنسان أنّ عدد من قتل على أيدي الجلاوزة في السجن /17000/ سبعة عشر ألفاً ما بين قتلٍ تحت التعذيب وقتلٍ بأحكام الإعدام التعسفية التي كانت تصدرها المحكمة الميدانية التي شكلت على منهج رئيس النظام " حافظ الأسد " الذي بينه في خطاب له ألقاه في 12/5/1966 إذ قال :

" إننا مصممون على ضرب أعداء الثورة وسحقهم وتصفيتهم تصفية جسدية نهائية مرة واحدة وإلى الأبد ، ونرجو ونتمنى أن يخوضوا معنا المعركة هذه المرة " .

وعلى ضوء هذا المنهج الفريد العجيب في الزمان والمكان والوحشية الذي تفرد في استخدامه منذ أن أتيح له أن يستبد بالحكم في سورية لحظة انقلابه الأسود الذي سمّاه " الحركة التصحيحية " عام 1970. على ضوء ذلك المنهج جرت فيما بعد كل الممارسات الغادرة التي قصدت تفريغ الساحة السورية – سياسياً ، اقتصادياً ، اجتماعياً – من أي حراك لا يكون على هوى الفرد المستبد الظالم ، بحيث جعل كل المؤسسات من حزب ومن مجلس شعب ، ومن أجهزة أمنية واقتصاد وجيش مرتد عن حماية حدود الوطن في الجولان إلى خوض المعركة مع الشعب السوري ، في خدمة ذلك النهج الأحادي التصفوي الإقصائي المهووس بالكرسي وكل ما يحافظ عليه ويؤدي إلى استمرار البقاء فوقه ، مهما أدى ذلك إلى خراب ودمار مجتمعي سوري كانت من معالمه الوحشية ليلة السابع والعشرين من يونيه ( حزيران ) 1980 ، ذلك الإنقضاض الهمجي لعلوج النظام على الأسرى في سجن تدمر الصحراوي الذين لم يجد النظام لهم تهمة إلا أن كان لهم رأي وقول قد يخالف في توجهاته رأي الذين نصبوا أنفسهم بالقوة حاكمين غير شرعيين في الوطن الحبيب سورية ، مستخدمين جيشاً وسلاحاً دفع الشعب ثمنه من قوته وجهده وعرقه ودمه ، كي يكون حافظاً لحياض الوطن ، ودرعاً له من عوادي الأعداء .. وكانت فئة الانقلابات على موعد مع خيانة الأمانة بالارتداد بهذا السلاح على الشعب دافع ثمنه ..

ألف من الشباب والرجال يمثلون نخب شعبنا المعطاء قضوا في تلك الساعات الرهيبة من الليل الحزيراني المعتم .. وقد كانت أعمدة التاريخ في الشارع الطويل الذي خلفته ملكة الحضارة زنوبيا شواهد دامعة نازفة ، إذ تدور على جوانبها رحى الوحشية ، تطحن الأجساد والأرواح الطاهرة ، التي صعدت إلى ربها شاكية ذلك البؤس الإنساني ، والوحش المنتفخ في نفوس جردت من كل شعور آدمي ، إذ تلقي بحممها على أناس لا ذنب لهم ، عزّل مكبلين ، في وقت أحوج ما يكون الوطن لعقل ويد كلّ منهم .

لقد صدرت الأوامر في قصور الحكم وبصم عليها حزب السلطة ، المدعو مجلس الشعب – زوراً وبهتاناً – وقام عسكر النظام برئاسة رفعت الأسد وناصيف وغيرهما بإعداد وتجهيز المنفذين وإمدادهم بطائرات الهيلوكوبتر التي أقلتهم إلى حيث السجن في الصحراء السورية ، وقد أكد مجلس السلطة المزور على ذلك التوجه الإجرامي ، بإصداره قانون العار ( 49 ) لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام على كل منتم لجماعة الإخوان المسلمين ، وهو قانون لم يشهد العالم مثيلاً له في حقارته ودناءته وغباء مصدّريه وإمّعيتهم وخضوعهم لهوى فرد مجنون بهوس السلطة والاحتفاظ بها مهما كان الثمن ، كما برهن حزب السلطة على إمعانه في متابعة هوى الفرد ، بأن أنزل ميليشياته المسلحة إلى الشوارع والأحياء يحاربون مظاهر التديّن ويتابعون شباب المساجد .. ويعتدون على كرامة الآمنين .. وقد ثبّتت كلّ ذلك الإجرام وسائل الإعلام العالمية في حينه .. فليرجع إليها ..

واليوم ونحن على أبواب الذكرى الخامسة والعشرين لهذه المجزرة الرهيبة ومجازر هذا السجن الراعب التي ظلّت مستمرة سنوات طويلة وراح ضحيتها /17/ سبعة عشر ألف معتقل بالتعذيب وبأحكام الإعدام الميدانية التي كان يجرّ إلى مقاصلها مجموعات من المعتقلين مرتين كل أسبوع .. في هذا اليوم وبمناسبة هذه الذكريات الأليمة التي تحيط بالمواطن السوري من كل جانب .. نستغرب صدور تصريحات تقول : إن شعارات البعث ما زالت صالحة للعمل .. وتؤكد على أن هذا الحزب قائد المجتمع والدولة مستمر في مهمته تلك .. أي أنه تحت غطائه سوف يستمر نهج الوحشية والإجرام والاستفراد بالسلطة تحت شعار : بعداً لقومٍ يؤمنون بأن هذا الوطن يجب أن يكون لكل السوريين على اختلاف مشاربهم ، وقرباً لقوم ائتمروا في جلستهم القطرية العاشرة فلم يخرج منهم إلا تكريس لواقع مقيت حزين أوصل البلاد إلى حالة من الفقر يبلغ فيها متوسط دخل الفرد ألف دولار في السنة ، أي أقل من دخل الفرد في فلسطين في ظلّ السلطة الوطنية .. وإلى حالة من البؤس يكون فيها ما يقارب الثلاثة ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر ، بحيث تكون حصة الفرد أقل من نصف دولار يومياً .. وإلى حالة من العطالة بلغ فيها عدد العاطلين عن العمل /37%/ .. وإلى سياسة خارجية تعيسة جعلت سورية محاطة بكل هذه المخاطر السياسية والأمنية بعد الخروج الذليل غير المأسوف عليه من لبنان ، ونتيجة القراءات المستعلية الرعناء غير المبصرة التي يدير بها كل المتنفذون الوطن السوري المأسور من قبل فئات بدأت تترنح منتظرة ساعة الغروب والأفول والرحيل ... " ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله " .. فالشعب باقٍ والوطن عتيد مقيم ...

إننا في هذه الذكرى الأليمة لنقول : لا ليس بعد .. لم يضع القول الفصل للحق نقاطه فوق الحروف .. حتى تصل العدالة إلى مبتغاها ، وذلك عندما يقدم كل من شارك بالجريمة بالقرار أو بالتأييد أو بالتأكيد ، أو الرضا .. إلى القضاء العادل لينال كل منهم جزاء ما اقترفت يداه ، وإلى أن يحين ذلك اليوم واعتقادنا أنه قريب إن شاء الله .. دعونا نلقي بعض الأضواء على مجزرة السابع والعشرين من يونيه ( حزيران ) 1980 في سجن تدمر من خلال الأرقام ...

يتبع ..

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ