تقرير
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
عن
حالـة حقـوق الإنسـان في
ســورية في الفترة
حزيران
(يونيو) 2004 – أيار (مايو) 2005
مقدمة:
شهدت حالة حقوق الإنسان
في سورية في المدة ما بين حزيران
(تموز) 2004 وأيار (مايو) 2005 والتي
يغطيها هذا التقرير انتكاسات
أساسية، وتلاشت الآمال بحدوث
قفزات نوعية في تحسين الواقع
الإنساني السوري وأخضعت البلاد
لحالة من العصبية والانتهاكات
الشديدة، حيث بلغت أسوأ حالاتها
منذ خمس سنوات، عندما استلم
بشار الأسد رئاسة السلطة في
سورية.
ولم تتقدم السلطة في
إلغاء أو تجميد أو تحييد أي من
القوانين القمعية وأدواتها
التي تسيطر على المناخ السوري،
فبالرغم من تسريبات السلطات
السورية المستمرة عن مشاريع
الإصلاح والتحديث ما يزال مشهد
الحياة السورية محكوما بقوانين
الطوارئ والأحكام العرفية لعام
1963، وقانون الإعدام السياسي رقم
49 لعام 1980، وسياسة التعريب
القسري للأكراد، بينما شهدت
محكمة أمن الدولة والمحاكم
العسكرية في هذه المدة تفعيلاً
شديداً وقُدم أمامها أفراد
ومجموعات من المعتقلين أوقعت
بحقهم عقوبات صارمة بدون مبررات
قانونية كافية، وبدون السماح
لهم للدفاع عن أنفسهم.
ولعل من أبرز مشاهد القمع
خلال تلك المدة الحملة العنيفة
التي تعرض لها الناشطون في
الدفاع عن حقوق الإنسان وحركة
المجتمع المدني، والتي بلغت
ذروتها باعتقال المحامي محمد
رعدون وعلي العبد الله وإدارة
منتدى جمال الأتاسي في شهر أيار
(مايو) الحالي.
وشهدت الحالة الكردية
إبان أحداث الثاني عشر من آذار (مارس)
2004 تصعيداً في عمليات الاعتقال
وتقديم المعتقلين للمحاكم
الاستثنائية، ومحكمة أمن
الدولة، ولقي العديد من الأكراد
السوريين حتفهم في القطعات
العسكرية وتحت التعذيب وفي
أحداث غامضة، ثم جاء العفو الذي
لم يكتمل عن 312 منهم، لكن سرعان
ما قامت السلطات باستدراك هذا
العفو بتقديم دفعة منهم
للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة.
وعلى الرغم من إطلاق سراح
دفعتين من معتقلي الثمانينيات
والتسعينيات، إلا أن حملات
مسعورة من الاعتقال غير المبرر
طالت عشرات العائدين إلى الوطن
الذين حصلوا في الغالب على
تسويات لأوضاعهم من السفارات
السورية.
ولم يسلم من الاعتقال
المرحلون إلى سورية لسبب أو
آخر، وتم التعامل معهم في منتهى
القسوة. وشنت السلطات السورية
حملة شديدة على التيار السلفي
واعتقلت عشرات المواطنين في
مختلف المحافظات دون مبرر
قانوني.
ووثقت "اللجنة السورية
لحقوق الإنسان" المعلومات
التي تحدثت عن ارتكاب عمليات
تعذيب في السجون ومراكز
التحقيق، أفضت في العديد من
الحالات إلى الموت أو حدوث
عاهات مستديمة، وأحصت أنواعا
جديدة اتبعتها الأجهزة الأمنية
في التعذيب والمعاملة الحاطة
بكرامة المعتقلين والموقوفين.
وفعّلت السلطات آليات
الاختطاف والتشبيح والمعاقبة
عبر فريق ثالث (مجموعات تعمل
لحسابها) في مساعيها لإرهاب
المعارضين أو إخماد أصواتهم.
وفُصلَ معارضون وأبناؤهم
من أعمالهم الوظيفية في القطاع
العام بسبب عدم حصولهم على
موافقات أمنية تعتبر شرطاً
مسبقاً للعمل.
ولا تزال السلطات السورية
تمنع الحريات الأساسية، فحرية
الصحافة والإعلام مقيدة في
حدودها الدنيا، وحرية التجمع
والاعتصام تقمع بقسوة، ولا يزال
العمل السياسي حكراً على حزب
البعث، وفي نطاق محدود أحزاب
الجبهة المتحالفة معه، وما سوى
ذلك فممنوع، فإما أحزاب غير
مرخصة مضيق عليها، وإما أحزاب
وقوى تستمر السلطات في إبادتها
واجتثاثها.
ولم تتوفر خلال هذا العام
عملية ديمقراطية في الانتخابات
والترشيحات، فكل شيء خاضع
للوائح تقونن هيمنة حزب البعث
على السلطة والإدارة في
المؤسسات والمنظمات النقابية
والرسمية السورية.
أولاً: الأسس
النظرية المسوغة لانتهاك حقوق
الإنسان في سورية
1/1- قانون
استحداث إدارة أمن الدولة
تتعاضد التشريعات
النافذة والقوانين الاستثنائية
في سورية على خلق مناخ عام يساعد
على انتهاك حقوق الإنسان على
أوسع نطاق، فهناك قانون إدارة
أمن الدولة لعام 1968 واستحداث
إدارات أمن ومخابرات متعددة
تتداخل صلاحياتها، وتتدخل
جميعها في شؤون المواطنين
اليومية، وتطلق أيديها في أدق
تفاصيل حياتهم، فشعبة الأمن
السياسي والاستخبارات العسكرية
والمخابرات العامة وأمن الدولة
ومخابرات القوى الجوية والأمن
الرئاسي وسواها تتدخل في نفس
الموضوع لنفس المواطن، وتطلبه
كل هذه الجهات للتحقيق بدون
مذكرة استدعاء أو مذكرة توقيف
صادرة حسب الأصول القضائية،
وإذا انتهى التحقيق مع إحدى
الجهات وسوّي ملفه لديها فلا
يعني أن الأمر قد سوّي لدى
الجهات الأمنية الأخرى.
2/1- حالة الطوارئ
والأحكام العرفية
أتاحت حالة الطوارئ
والأحكام العرفية المفروضة على
البلاد منذ 8 آذار (مارس) 1963
المجال لتقييدات كبيرة للحريات
الشخصية والسياسية والإعلامية،
وحرمت الشعب السوري من التمتع
بحقوقه، وشرعت لانتهاكات خطيرة
لحقوق السوريين على كافة أصعدة
النشاط، بل وضيقت مساحة الحركة
التي يسمح بها الدستور في
الأحوال العادية، وعلى الرغم من
مرور أكثر من اثنين وأربعين
عاماً على إعلان هذه الحالة فلا
يوجد مؤشر على نية السلطة
السورية في إلغائها أو تجميد
الأجزاء الأساسية التي تحد من
حريات المواطنين وتعوق
ممارستهم لها.
3/1- محكمة أمن الدولة
العليا
شهدت محكمة أمن الدولة
العليا ذات الطبيعة
الاستثنائية التي لا تقبل
أحكامها الطعن أو الاستئناف
تفعيلاً هذا العام بشكل لم
تشهده البلاد من قبل، ومثل
أمامها العشرات من المواطنين
السوريين الذين أصدرت بحقهم
أحكاماً قاسيةً وغير عادلة وصلت
إلى الإعدام، ثم خففت إلى السجن
لمدة اثني عشر عاماً، بينما
تراجع دور القضاء العادي على
الرغم من هيمنة السلطة
التنفيذية وسلطات الأمن على
السلك القضائي، وتحويله إلى
أداة تابعة لها.
4/1- الدستور السوري
يحتوي الدستور السوري على
مواد عديدة تسلب الشعب حقوقه،
فالمادة الثامنة من هذا الدستور
تقصر حق الريادة والقيادة في
الدولة والمجتمع على حزب البعث،
بينما تجرد عموم الشعب السوري
من حقوقه، وكل المواد المتعلقة
برئاسة الجمهورية والمحاكم
العليا معدة لتكريس
الديكتاتورية والاستبداد، وأما
المادة (153) فتنسف الدستور من
أساسه عندما تشرع لبقاء وفاعلية
القوانين الاستثنائية (مثل حالة
الطوارئ) النافذة قبل إقرار
الدستور إلى حين إلغائها، ولم
تلغ على الرغم من انقضاء اثنين
وثلاثين عاماً على إقرار
الدستور. وبالتالي يكرس الدستور
السوري لعام 1973 لديكتاتورية فئة
تستولي على زمام الحكم في سورية.
5/1- قانون الإبادة 49/1980
يحكم هذا القانون
بالإعدام على مجرد الانتساب
لجماعة الإخوان المسلمين
المحظورة، ونتيجة لهذا القانون
الجائر أعدم الآلاف في السجون،
وسجن آلاف آخرون لمدد تجاوزت
عشرين عاماً، بينما اختفى عشرات
الآلاف الذين لم تبلغ السلطات
السورية حتى الآن عن مصيرهم أو
أماكن دفنهم، بل ولا تزال
أسماؤهم في قيد سجلات الأحوال
المدنية ضمن الأحياء، وهناك
أعداد أخرى بموجب هذا القرار في
السجون، ولا تزال الاعتقالات
مستمرة لأعضاء في جماعة الإخوان
المسلمين أو أقاربهم أو
المتعاطفين معهم أو من يجرؤ على
إقامة صلات معهم.
ويعتبر
قانون إعدام أعضاء حركة الإخوان
المسلمين من أخطر القوانين
القمعية التي مرّت على الدولة
السورية الحديثة، ولئن كانت
أبعاده السالفة بالغة التدمير،
إلا أن أحداً لا يستطيع أن يتنبأ
بانعكاساته المستقبلية.
6/1- سياسة التعريب القسري
للأكراد في سورية
كان لسياسة السلطات
السورية في انتهاج سياسة
التعريب القسري تجاه الأكراد
السوريين عواقب وخيمة قادت إلى
حرمان مئات الآلاف منهم من حق
المواطنة، ومنعهم من ممارسة
تراثهم اللغوي والثقافي،
وزيادة نسبة الجهل والبطالة،
بينما قمعت مطالبهم باستخدام
القوة المفرطة، ووقع بحقهم جورٌ
فادح، وضرب عليهم سورٌ من
التخلف والجهل، ألجأ كثيرين
منهم إلى الهجرة أو الانحياز
إلى منظمات تطرح فكرة الانفصال
عن سورية، وكان لهذه السياسات
التعسفية وغير المبررة
انعكاسات سلبية وسيئة على
الأكراد في هذا العام بشكل خاص.
ثانياً: المعتقلون
تعتقد "اللجنة السورية
لحقوق الإنسان" أن السلطات
السورية تحتجز أكثر من ثلاثة
آلاف معتقل لأسباب سياسية أو
أمنية موزعة في السجون ومراكز
التحقيق، ومصنفة حسب البنود
المذكورة أدناه.
1/2- معتقلو الثمانينيات
أطلقت السلطات السورية
سراح 256 معتقلاً من معتقلي
ثمانينيات وتسعينيات القرن
العشرين بتاريخ السابع عشر من
تموز (يوليو) 2004 واعترفت وكالة
"سانا" الرسمية لأول مرة
بالعدد وبأنهم سجناء سياسيون،
لكن تبين فيما بعد أن أجهزة
الأمن تحفظت على 120 منهم، وأعلنت
في السابع من كانون الأول (ديسمبر)
2004 عن إطلاق سراح 112 آخرين
معظمهم من الإخوان المسلمين،
ومن بين هؤلاء أعضاء في حزب
التحرير وبعثيون معارضون
وشيوعيون وناشطون فلسطينيون.
وقالت إن 20 آخرين أطلق سراحهم في
الفترة بين الدفعتين، لكن لا
يزال في المعتقلات والسجون بضع
مئات من هذه الفئة من المعتقلين
القدامى الذين مضى على اعتقالهم
زهاء ربع قرن.
2/2- معتقلو ربيع دمشق
لا يزال ستة من معتقلي
ربيع دمشق في السجن منذ أربع
سنوات، وهم النائبان السابقان
محمد مأمون الحمصي ورياض سيف،
والدكتور عارف دليلة ووليد
البني وفواز تللو وحبيب عيسى،
بينما أطلق سراح كلٍ من كمال
اللبواني وحبيب صالح في أوائل
أيلول (سبتمبر) 2004 بعد انتهاء
فترة محكوميتهما، لكن أعيد
اعتقال حبيب صالح بفظاظة في
التاسع والعشرين من أيار (مايو)
2005 على خلفية كتاباته وظهوره
على قنوات فضائية عربية. وقد
حكمت محكمة أمن الدولة عليهم من
قبل بالسجن لمدة خمس سنوات،
باستثناء عارف دليلة الذي حكمت
عليه بعشر سنوات، بسبب نشاطهم
في حركة المجتمع المدني، والذي
عُرف بربيع دمشق.
3/2- نماذج من الاعتقالات
العشوائية
شنت الأجهزة الأمنية
السورية هذا العام (حزيران/
يونيو 2004- أيار/ مايو 2005) حملات
واسعة من الاعتقالات طالت
أفراداً ومجموعات وتيارات،
وكانت الأسوأ منذ استلام بشار
الأسد رئاسة الدولة عام 2000،
واستهدفت بالإضافة إلى الإخوان
المسلمين وحزب التحرير أصحاب
التوجهات السلفية، لكنها لم
توفر أحداً من المواطنين
السوريين لأدنى شبهة وأحياناً
بدونها؛ فقد اعتقل الطالب محمد
المحمود بن حسن من المعهد
المتوسط في الرقة في التاسع من
حزيران (يونيو) 2004 على خلفية
آرائه، ونقل إلى شعبة المخابرات
في دمشق، واعتقلت المخابرات
العسكرية أوائل شهر تموز (يوليو)
19 شاباً في بلدة قطنا قرب دمشق
بسبب توجهاتهم الدينية، وهم:
ساري محي الدين بدر الدين، أيهم
أحمد عمران، فادي محمد عبد
الغني، أسامة أحمد عطية، حسن
ديب الزين، رامي أحمد عرفة،
أذكار بندقجي، أرشيد الشيخ،
يحيى بندقجي، طارق نديم شحادة،
أنور بد الدين، إبراهيم صبورة،
قاسم بندقجي، أحمد الشيخ، عمر
نادر، ساري نادر، ومعظم
المذكورين طلاب في المرحلة
الثانوية.
واعتقلت المخابرات
العسكرية في الرابع عشر من
حزيران (يونيو) 2004 عضو المكتب
السياسي لحزب البعث الديمقراطي
"محمد جمعة قوبان" على
الرغم من صدور أمر قضائي
بالإفراج عنه مقابل كفالة مالية.
واعتقل بتاريخ الخامس
والعشرين من تموز (يوليو) 2005
محمد أحمد حمادة من الرقة بعد
استدعائه لمراجعة أحد فروع
الأمن في دمشق بدون معرفة
الأسباب، وفي شهر آب (أغسطس) 2004
اعتقلت أجهزة الأمن في اللاذقية
الطالب الجامعي "محمد علي
طيبا" بدون معرفة سبب
لاعتقاله، وفي الثامن من آب (أغسطس)
2004 اعتقلت السلطات السورية زهاء
ثلاثين شخصاً من قرية حيالين
قرب حماة إثر مظاهرة لأهالي
القرية بعد مداهمة 200 عنصر من
الأمن للقرية بحجة ملاحقة أحد
الخارجين عن القانون، ويدعى
مهدي الفارس، وقد اعتقلت
السلطات 18 مواطناً، منهم معاقون
وأطفال.
وفي تلك الأثناء اعتقلت
أجهزة الأمن في حماة باحثين
ومتخصصين في الدراسات الشرعية،
وهم: عبد الصمد الجاجة، محمد
العمادي، أحمد حجازي، عبد
المنعم الناصر، أمجد عرواني،
بسام الأصفر، محمد حمامة، أحمد
موصلي، طارق لحلح، حذيفة
قزلياش، أحمد مبيض، فارس
العريان، إياد نيربية، فراس
الحمود، عبد الحميد الطباع،
ومعاذ شنتوت.
وفي السابع عشر من آب (أغسطس)
2004 اعتقل المواطن "محمد أحمد
الراعي" من بلدة شيزر لكونه
سلفي التوجه، واعتقل سهيل خضر
الحميدي من الرقة بعد استدعاءات
أمنية متكررة ثم أحيل في الثامن
عشر من تشرين الأول (أكتوبر) 2004
إلى القاضي الفرد العسكري بتهمة
النيل من مقام الرئاسة، واعتقل
سمير رحال عضو "الحزب الشيوعي
- المكتب السياسي" في السادس
عشر من أيلول (سبتمبر) 2004 لدى
مراجعته إدارة الهجرة
والجوازات في اللاذقية
لاستصدار جواز سفر، واستدعي
المواطن "حامد أحمد الخضر"
الذي يعمل في مكتبة "إقرأ"
في الرقة لمراجعة الأجهزة
الأمنية بدمشق حيث تم اعتقاله،
وألقي القبض على مدرس الرياضيات
في محافظة حلب "عبد الناصر
الحميدي" في التاسع عشر من
أيلول (سبتمبر) 2004 لاتهامه
بالتدين، وسجن "راشد المحمد
بن سطام" لمدة شهر لمجرد
حضوره زفاف قريبه الذي لم يرخص
له لإقامة حفل زفاف من قبل
الجهات الأمنية، وعندما حضرت
الشرطة إلى مكان الزفاف توارى
صاحب الدعوة، فما كان منها إلا
أن اعتقلت قريبه وحكمت عليه
بالسجن.
وشنت المخابرات في مدينة
حمص حملة اعتقالات طالت عشرات
الشبان في أحياء حمص القديمة
على خلفية مصرع عنصر أمن قام
بتدنيس حُرمة أحد المساجد، ولا
يزال عدد غير محدد منهم حتى الآن
قيد الاعتقال على الرغم من
معرفة تفاصيل الحادثة
ومرتكبيها.
واعتقل في السابع من شباط
(فبراير) 2005 "محمد سليم شغري"
بدون إبداء أسباب اعتقاله، وفي
الخامس عشر من شباط (فبراير) 2005
اعتقل في حماة "محمد برغوث
الصالح" الطبيب في المشفى
الوطني على خلفية مقال نشرته
صحيفة "قاسيون" الشيوعية
الإلكترونية عن تدني الحالة
الصحية في المستشفى، حيث ظنّت
السلطات الأمنية أن المعلومات
أخذت منه لصداقته مع أسرة تحرير
الصحيفة.
وفي العشرين من كانون
ثاني (يناير) 2005 وفي ليلة عيد
الأضحى، قامت السلطات الأمنية
بحملة اعتقالات في بلدة مضايا
قرب دمشق استمرت عدة أيام
وأسفرت عن اعتقال 16 شاباً قيل
إنها تمت بسبب توجهاتهم السلفية.
واعتقل لأسباب مجهولة في
شهر آذار (مارس) 2005 الطلاب "يوسف
حسن قلاب" و"محمد حسن قلاب"
و"محمد خالد حموش"،
واعتقلت المخابرات العسكرية في
بلدة "بسامس" في إدلب
بتاريخ الخامس من آذار (مارس) 2005
"جهاد حسين بعجر" لمجرد
تعليقه على خطاب رئيس الجمهورية.
واعتقل في شهر آذار (مارس)
2005 أكثر من أربعين طالباً في
اللاذقية بتهمة تشكيل منظمة
سرية، حيث كان هؤلاء الطلاب
يريدون محاكاة برنامج "صناع
الحياة" الذي يبث في قناة "إقرأ"
الفضائية ويهدف إلى استثمار
الوقت والكلفة البسيطة في إنتاج
قضايا نافعة للمجتمع، وقد أطلق
سراح 34 منهم في الثاني والعشرين
من أيار (مايو) 2005 بعد
شهرين من الاعتقال والمعاملة
الحاطة بالكرامة.
ولا يزال أربعة من أهالي
بلدة داريا اعتقلوا في أيار (مايو)
2003 في المعتقل بعد الإفراج عن
زملائهم لعدم توقيعهم على إقرار
خطي بعدم العودة إلى نشاطهم
السابق، وهم هيثم الحموي ومحمد
شحادة ويحيى شربجي ومعتز مراد،
مع أن قضيتهم لم تتصف بأي طابع
سياسي أو تنظيمي.
واعتقلت السلطات السورية
20 آشورياً تظاهروا ضد مقتل
اثنين من الآشوريين، وهما نسيم
إبراهيم ويلدا يعقوب، إثر خلاف
شخصي مع آخرين مدعومين من
السلطة في الحادي والثلاثين من
تشرين الأول (أكتوبر) 2004.
واعتقلت أيضاً أربعة من
الطلاب العرب الأهوازيين في شهر
أيار (مايو) 2005 ثم أطلقت سراحهم
لمجرد النميمة من أهوازي متعامل
مع السلطات الأمنية.
4/2- الاعتقالات في أوساط
العائدين إلى الوطن
تميز هذا العام بكثرة
الاعتقالات في أوساط العائدين
من المنفيين والمهجرين
القسريين الذين اضطروا لمغادرة
البلاد في ثمانينيات القرن
الماضي بسبب الأحداث الأليمة
التي شهدتها البلاد وما تلاها
من حملات قمع عنيفة، وقد عاد
بعضهم بعد تسوية أوضاعهم عبر
السفارات السورية أو من خلال
اتصالات مع السلطات المختصة في
سورية، لكن أغلبيتهم الساحقة
اعتقلوا لدى وصولهم إلى الحدود
البرية أو المطارات.
فالفتى "مصعب الحريري"
اعتقل منذ حوالي ثلاث سنوات لدى
زيارته البلد لأول مرة بصحبة
والدته، لأن والده متهم
بالانتساب إلى جماعة الإخوان
المسلمين، ولا يزال يحاكم أمام
محكمة أمن الدولة العليا على
الرغم أنه حدث لم يولد في سورية
ولم يقترف ذنباً إلا صلة القربى
بمعارض.
وفي السابع والعشرين من
آب (أغسطس) 2004 استدرجت المخابرات
السورية "عبد السلام السقا"
من حمص، والمقيم في الأردن منذ
أوائل الثمانينيات، إلى الحدود
لاستلام أولاده الذين كانوا في
زيارة مع والدتهم للبلد.
وفي تلك الأثناء اعتقل
"أيمن عرضلي" الذي يحمل
الجنسية الأسترالية لدى وصوله
إلى مطار دمشق الدولي ونقل إلى
"فرع فلسطين" سيء السمعة.
وعلم في شهر تشرين الأول (أكتوبر
) 2004 أن خالد يحيى راعي من
اللاذقية، وهو من مهجري
الثمانينيات، اعتقل لدى وصوله
البلاد في وقت مبكر من العام،
وأطلق سراحه بعد عام من اعتقاله
في آذار (مارس) 2005.
وألقي القبض على "نعمان
الأفغاني" من حلب لدى عودته
لقضاء العطلة الصيفية، وألقي
القبض على طبيب الأسنان محمد
قطيع بعد عودته إلى البلاد
بثلاثة شهور من الولايات
المتحدة، حيث كان يعمل ويحمل
جنسيتها أيضاً.
واعتقل في العاشر من
كانون الأول (ديسمبر) 2004 عمر عبد
الرزاق عكش من حلب، لدى عودته من
الخرطوم، وهو من مهجري
الثمانينيات، واعتقل "عمار
حسين فخري" من حماة بعد أربعة
شهور من عودته من المملكة
العربية السعودية إثر تسوية
خاصة، وقد ترك يدخل البلاد ثم
اعتقل.
واعتقل "ماجد بكري
سليمان" لدى عودته من اليمن
في الثالث عشر من كانون الثاني
2005 للاستفادة من العفو الخاص
بالفارين من الجيش، لكنه لم
يستفد. واعتقل عند الحدود
البرية مع تركيا "أحمد غنام"
من حماة بعد حصوله على ضمانات من
القنصل السوري في تركيا، وقد
زعم القنصل بأنه اعتقاله تم
لتجاوزات أخرى، رغم أن القنصل
يعلم بحصول هذه التجاوزات ما
دامت السلطات السورية تمنع
مواطنيها حقوقهم في الحصول على
جوازات السفر، وقد أطلق سراحه
لاحقاً.
واعتقل لدى وصوله إلى
دمشق "محمود سماق" قادماً
من اليمن، حيث يقيم فيها منذ عام
1981. واعتقل "أحمد ماهر زيدان"
من اللاذقية لدى وصوله في زيارة
من كندا التي يحمل جنسيتها، بعد
حصول والده له على إذن بالعودة،
وقد أطلق سراحه عندما طالبت
السلطات الكندية به. واعتقل في
هذه الأثناء حازم عبد الكريم
الجندي من حمص لدى وصوله إلى
مطار دمشق عائداً من المملكة
العربية السعودية، بعد تسوية مع
السلطات السورية.
وذكرت تقارير موثقة عن
إخضاع المعتقلين للتعذيب، وقد
توفي أحد العائدين وهو "أحمد
علي حسين المسالمة" من حوران
نتيجة للتعذيب، إذ اعتقل لدى
وصوله إلى مطار دمشق ليلة عيد
الأضحى في كانون ثاني (يناير) 2005
على الرغم من حصوله على تسوية
لوضعه مع السفارة السورية في
الرياض، وخضع للمعاملة السيئة
ومنع الدواء، إذ كان يعاني من
مرض خطير في القلب، حيث تدهورت
صحته، مما حدا بالسلطات للإفراج
عنه فأجريت له عملية قسطرة،
لكنه لم يلبث أن توفي نتيجة
لمضاعفات المعاناة في السجن.
ومن المثير أن أجهزة
المخابرات مارست ضغوطات على بعض
أقاربه لعقد مؤتمر صحفي، وطلبت
من صحفيين رسميين حضوره لنفي
بيان "اللجنة السورية لحقوق
الإنسان" حول الحادثة،
ولبيان أن الوفاة كانت طبيعية.
وتحتفظ اللجنة السورية بحقها في
مقاضاة المسؤولين عن موت أحمد
المسالمة.
5/2- اعتقال مرحلين إلى
سورية:
وثقت اللجنة السورية عدة
حوادث ترحيل، حيث اعتقل
المرحّلون فور وصولهم إلى مطار
دمشق الدولي ولا يزالون معزولين
عن العالم الخارجي حتى تاريخ
إعداد التقرير. فقد اعتقل "عبد
الرحمن محمد علي الموسى" فور
وصوله من الولايات المتحدة بعد
اتهامه بمخالفة قوانين الهجرة
فيها، وكان عبد الرحمن غادر
البلاد عام 1982 إبان حملة القمع
الشديد.
ورحل قسرياً من المملكة
المتحدة (بريطانيا) "محمد
أسامة سايس" من حلب في الثالث
من أيار (مايو) 2005 بعد رفض طلبه
اللجوء إليها، وقد اعتقل فور
وصوله إلى مطار دمشق الدولي
بصحبة موظفين من إدارة الهجرة
البريطانية، وكان قد غادر
البلاد مع والديه أوائل
الثمانينيات وعمره لا يتجاوز
خمس سنوات. وبذلك تكون الولايات
المتحدة والمملكة المتحدة
خرقتا المعاهدة التي تحظر
الترحيل إلى دول تمارس التعذيب.
وقد تلقت اللجنة السورية
لحقوق الإنسان تقارير موثقة عن
تعرض معتقلين سابقين للتعذيب
والمعاملة الحاطة بالكرامة،
بالإضافة إلى حجزهما في زنزانات
منفردة معزولة عن العالم
الخارجي في ظروف صعبة جداً.
6/2- إعادة اعتقال مفرج
عنهم
اعتقل في السابع والعشرين
من تشرين ثاني (نوفمبر) 2004
المهندس "عبد الستار قطان"
بعد عودته من أداء مناسك
العمرة، وقد اتهم بإحضار
مساعدات لمفرج عنهم في أمسّ
الحاجة، أمضوا عشرات السنين في
المعتقلات السورية، مع العلم
بأن عبد الستار اعتقل قبل ذلك
بسبب عضويته في جماعة الإخوان
المسلمين بين عامي 1975 - 1977 ثم بين
عامي 1979 - 1995، ولا يزال معتقلاً.
وأعيد اعتقال خالد مصطفى
حجازي من جبلة وصدر أمر عرفي
بتوقيفه لمدة عام لاتهامه
بالثرثرة حول معاملته السيئة في
السجن خلال فترة سجنه السابقة
التي استمرت 19 عاماً. وأعيد
اعتقال حبيب صالح وهو أحد
معتقلي ربيع دمشق في التاسع
والعشرين من أيار (مايو) 2005 لأنه
يمارس حقه في الكتابة والظهور
في بعض القنوات الفضائية.
7/2- استمرار اعتقال
المهجرين العائدين من العراق
استمرت هذا العام حملة
الاعتقالات على المهجرين
السوريين العائدين من العراق
بسبب ظروف الحرب، أو الذين
استدرجتهم السلطات الأمنية،
فقد اعتقل "شايش علي الطيار"
من حماة في السابع عشر من آذار (مارس)
2005 إثر عودته إلى سورية التي
اضطر لمغادرتها إلى العراق عام
1981 إبان حملة القمع الكبرى في
الثمانينيات، وقد انقطعت
أخباره عن العالم بعد اعتقاله.
وقد اختفت أخبار
المواطنين التالية أسمائهم بعد
اعتقالهم أعوام 2002، 2003، 2004 وهم:
سعد مروان عليوي، محمد مروان
عليوي، جمال محمود الوفائي، عمر
أحمد درويش، رضوان أحمد درويش،
معاذ قدور الثامر، محمد قدور
الثامر، أحمد محمد قاشوش، عدنان
نصيف، فيصل علي الحاج سعيد،
بينما حكمت محكمة أمن الدولة
العليا على "محمد أحمد
الأفندي" ثم على "محمود علي
النبهان" في الثامن والعشرين
من آب (أغسطس) 2004 بالإعدام بموجب
القانون 49 لعام 1980 بتهمة
الانتساب إلى جماعة الإخوان
المسلمين، ثم خفف الحكم إلى
السجن لمدة 12 عاماً.
ومن الجدير بالذكر أن
السلطات أطلقت سراح كل العائدين
من غير الإسلاميين، والذين
يضمون بعثيين معارضين، بمن فيهم
الرئيس الأسبق محمد أمين الحافظ.
8/2- الاعتقالات في أوساط
العائدين من العراق
اعتقلت أعداد كبيرة من
السوريين الذين ذهبوا إلى
العراق عام 2003 للتصدي للغزو
العسكري الأمريكي، مع أن
السلطات السورية هي التي قامت
بتشجيعهم على ذلك، ويسرت لهم
سبل الوصول إلى العراق، لكن بعد
شهور، عاد معظمهم ممن ظل على قيد
الحياة، فتعرضوا للاعتقال
والتحقيق، ولا يزال بعضهم في
السجون حتى تاريخه. ففي أول شهر
حزيران (يونيو) 2004 اعتقل "فادي
فرج" الذي عاد من العراق بعد
الاحتلال الأمريكي، وبعد عدة
أيام اعتقل من حرستا قرب دمشق
"عدنان حسن عفوف" و"علي
محمود عفوف" و"عبد اللطيف
شاكر" بسبب معرفتهم بفادي.
ثالثاً: محكمة أمن الدولة
العليا
لم تسمع البلاد في
تاريخها بانعقاد جلسات "محكمة
أمن الدولة العليا" باطراد
وصدور أحكام عنها كما حدث هذا
العام. وهي محكمة تفتقر إلى
معايير المحكمة العادلة، إذ لا
يحق للمرء أن يطلع على
المعلومات الخاصة به لدى
المحكمة، وليس له حقوق أثناء
الاحتجاز والتقديم للمحاكمة،
وليس له الحق بالاستعانة
بمحامين، ولا يحق للمحامين إذا
وجدوا أن يطلعوا على ملف
المعتقل، ولا يحق للمعتقل أن
يتصل بالعالم الخارجي أو يتلقى
الزيارات، وقد يستغرق أمر
تحويله إلى المحكمة شهوراً
وسنوات، ولا يحق للمتهم إحضار
الشهود لإثبات براءته، وأحكام
هذه المحكمة نهائية لا تقبل
الطعن أو الاستئناف، وتهمها
مقننة ومحددة في كليشهات
وعبارات. ومن أمثلة التهم التي
توجهها هذه المحكمة للمعتقلين
المعارضين بهدف تجريمهم والحكم
عليهم: " نشر أخبار كاذبة"،
و"توهين نفسية الأمّة" و"الانتماء
إلى جمعية سرية" و"الانتماء
إلى عصابة إجرامية" و"اقتطاع
جزء من البلاد وضمه إلى دولة
أجنبية" و"التخابر مع دولة
أجنبية" و"الانتساب لمنظمة
ذات طابع دولي" و"مخالفة
تطبيق النظام الاشتراكي" و"معاداة
أهداف الثورة" و"محاولة
تغيير النظام بوسائل عنفية"...
وحقيقة هذه التهم أنها موجهة ضد
مواطنين مسالمين لم يرتكبوا
مخالفة جنائية ولا جرماً
سياسياً، وإنما هي مزاجية
المحكمة وأجهزة الأمن التي تقف
وراءها، تجاه من يمارس من
المواطنين جزءاً من حريته.
ففي الحادي والعشرين من
حزيران (يونيو) 2004 أصدرت محكمة
أمن الدولة العليا حكماً بالسجن
ثلاث سنوات (خفض إلى سنتين ونصف)
على "عبد الرحمن الشاغوري"
من محافظة القنيطرة لمجرد تصفحه
مواقع إعلامية محجوبة على شبكة
الإنترنت بتهمة نشر معلومات
كاذبة.
وأصدرت في الخامس
والعشرين من تموز (يوليو) 2004
أحكاماً على "هيثم قطيش"
بأربع سنوات سجن وعلى شقيقه "مهند
قطيش" بثلاث سنوات سجن، وعلى
الصحافي "يحيى الأوس"
بالسجن لمدة سنتين بسبب تصفح
مواقع إعلامية محجوبة على شبكة
الإنترنت ومراسلة صحف
إلكترونية معارضة.
وفي الثامن والعشرين من
آب (أغسطس) 2004 حكمت على "محمود
علي النبهان" بالإعدام بموجب
القانون 49 لعام 1980 الذي يحكم
بالإعدام على منتسبي الإخوان
المسلمين، ثم خففت الحكم إلى 12
عاماً فقط، بينما لا يزال الفتى
مصعب الحريري يحاكم أمامها
بتهمة أن والده من الإخوان منذ
ثلاثة أعوام تقريباً، وفي شهر
تشرين أول (أكتوبر) 2004 كشفت
منظمة العفو الدولية أن "أرود
محمد عزت البوشي" مثُل أمام
محكمة أمن الدولة وحكم عليه
بالسجن لمدة 12 عاماً بتهمة
انتساب سابق للإخوان المسلمين،
مع العلم بأن أرود الذي يحمل
الجنسية الكندية عاد بعفو مرتب
مع السلطات السورية.
وحكمت محكمة أمن الدولة
العليا في السادس من آذار (مارس)
2005 على الطالبين "مهند دبس"
و"محمد عرب" بالسجن لمدة
ثلاث سنوات لتنظيمهما اعتصاما
في حرم الجامعة احتجاجاً على
مرسوم حكومي يخص خريجي الهندسة،
وفي حالة هي الأولى من نوعها لم
يصدق رئيس الجمهورية على حكم
المحكمة، لذلك أطلق سراحهما بعد
11 شهراً من الاعتقال غير المبرر.
وفي الثالث عشر من آذار 2005
حكمت المحكمة على الطالب
الجامعي "حسام الدين شقير"
بالسجن لمدة ثلاث سنوات لمجرد
إدانته بالانتساب إلى حزب
التحرير.
ولا يزال "محمد سعيد
الصخري" الذي اعتقل 11 شهراً
إثر ترحيله من إيطاليا يحاكم
أمام هذه المحكمة. هذا عدا عن
جلسات التحقيق والأحكام التي
صدرت بحق الأكراد (تراجع الفقرة
الخاصة بالأكراد).
رابعاً: المعتقلون
السوريون في الخارج
يوجد عدد من السوريين
المعتقلين في الخارج، لم تسع
السلطات السورية للسؤال عنهم
والمطالبة بالإفراج عنهم،
فهناك 14 معتقلاً سورياً في
ليبيا بسبب حضورهم "حلقة ذكر"
لجماعة متصوفة منذ حوالي 11
عاماً، بينما لقي عامل حتفه على
أيدي الشرطة الليبية بسبب خلاف
بسيط مع مواطن ليبي له معارف لدى
الشرطة.
ويعتقل في العراق حالياً
33 مواطناً سورياً من المهجرين
المقيمين هناك بدون أن يقترفوا
إثماً سوى أنهم سوريون وعرب
متهمون حالياً من قبل النظام
العراقي الجديد. ويحتجز في
معتقل غوانتانامو العديد من
السوريين بدون أن تعرف التهم
الموجهة إليهم. بينما يحتجز في
سجون الاحتلال الإسرائيلي
العديد من سكان الجولان السوري
المحتل. وتعتقل السلطات
الإسبانية منذ مدة طويلة أربعاً
وعشرين مواطناً سورياً منهم
الصحفي المميز تيسير علوني،
وعلى الرغم من البراءة الواضحة
لغالبيتهم الساحقة من التهمة
الموجهة إليهم (الارتباط بتنظيم
القاعدة) إلا أن السلطات
السورية ربما كانت محرضاً عليهم
أكثر من كونها مدافعة عن
مواطنيها المظلومين.
خامساً: المفقودون
يتجاوز عدد المفقودين في
المعتقلات والسجون السورية
أكثر من 17000 معتقل إسلامي، ألقي
القبض عليهم منذ أواخر سبعينيات
وأوائل ثمانينيات القرن
العشرين، وفقدت آثارهم في مجزرة
تدمر الشهيرة في السابع
والعشرين من حزيران (يونيو) 1980
التي أمر بها رفعت الأسد شقيق
الرئيس السابق حافظ الأٍسد، وفي
المجازر والإعدامات الجماعية
والموت تحت التعذيب أو بسبب
الأوبئة التي شهدها سجن تدمر في
عقد الثمانينيات وحتى منتصف
التسعينيات، أو الإعدامات
والموت تحت التعذيب في سجن
المزة وصيدنايا وكفر سوسة وفروع
الأمن والمخابرات في المحافظات
ولا سيما "فرع فلسطين للتحقيق
العسكري" سيء السمعة.
ويعتبر هذا العدد، الحدّ
الأدنى لاستقراء شهادات
معتقلين سابقين ومطابقتها مع
الأبحاث الميدانية التي أجرتها
"اللجنة السورية لحقوق
الإنسان"، وقد وثقت اللجنة
أسماء أكثر من 4000 مفقود من
هؤلاء، وبقي آخرون لم يوثقوا
بسبب خوف أسرهم أو بسبب الظروف
الخاصة التي حالت دون التعرف
على أسمائهم.
وتتمثل مأساة هؤلاء
المفقودين في تكتم السلطات
السورية على مصيرهم، فهم لا
يزالون مسجلين أحياء في قيود
السجل المدني في سورية، لكن
السلطات لا تجيب على أي استفسار
حول مصيرهم، بل إنها تعاقب على
مجرد الاستفسار عنهم من ذويهم،
فعلى سبيل المثال لا الحصر
اعتقلت مخابرات إدلب في أيلول (سبتمبر)
2004 أفراداً من أسرتي "مجلاوي"
و"الشيخ" لمجرد السؤال عن
أقاربهم المفقودين منذ
الثمانينيات. وثمة قضايا شخصية
وأحوال مدنية معلقة ومعقدة
تنتظر أن تكشف السلطات عن
مصيرهم.
وقد أقرّ وزير الدفاع
السابق مصطفى طلاس لمجلة "دير
شبيغل" الألمانية في العدد
8/2005 في مقابلة أجرتها معه
الصحفية (سوزانة كوليبل) بأنه
كان يُشنق في فترة الثمانينات
في الأسبوع الواحد، وفي دمشق
لوحدها 150 معارضاً سياسياً،
واعترف لها بأن يده وقعت على
أحكام إعدام بلغت الآلاف،
وهؤلاء كلهم لم يتم مدنياً
التعامل مع حالاتهم، ولم يتم
إبلاغ ذويهم عن وفاتهم.
ويوجد بالإضافة إلى هؤلاء
عشرات البعثيين المعارضين
المفقودين، ومئات الفلسطينيين
من أنصار حركة "فتح"
والفئات الأخرى المعارضة
للنظام السوري، جرى اعتقالهم في
سورية أو اختطفوا من لبنان.
وقد ناشدت أسرة المعتقل
الفلسطيني بسام سمار، الذي
اعتقل في منزله في مخيم اليرموك
عام 1985 وانقطعت أخباره عن
العالم المنظمات الدولية للكشف
عن مصير ابنها. هذا بالإضافة إلى
مئات اللبنانيين الذين
اعتقلتهم المخابرات السورية من
لبنان ونقلتهم إلى سورية، وتقدر
إحدى اللوائح عددهم بـ197 بينما
قالت جهة حقوقية لبنانية إن
العدد يتجاوز 500 مفقود لبناني في
سورية.
وأثيرت خلال هذا العام
قضية الضابط "فرحان الزعبي"
المفقود منذ ثلاثين عاماً وقضية
"مزيد التركاوي" المفقود
منذ سبعة عشر عاماً بتهمة
الانتماء إلى حزب البعث
الديمقراطي و"محمود الزعيم".
سادساً: محنة الناشطين في
الدفاع عن حقوق الإنسان
والمجتمع المدني
تزايد عدد المجموعات
المدافعة عن حقوق الإنسان هذا
العام، وتعاظم نشاطها، وفي نفس
الوقت مارست السلطات السورية
ضغوطاً واسعة عليها لإرهابها
وثنيها عن نشاطها، ودفع نشطاء
حقوق الإنسان ثمناً غالياً في
كثير من الأحيان.
ولا يزال المحامي أكثم
نعيسة، يحاكم أمام "محكمة أمن
الدولة العليا" بعد إطلاق
سراحه بكفالة مالية في السادس
عشر من آب (أغسطس) 2004 بعد أربعة
أشهر على اعتقاله.
وفي التاسع من آب (أغسطس)
2004 رفض طلب ترخيص "المنظمة
العربية لحقوق الإنسان في سورية"
وفقاً لقانون الجمعيات
والمؤسسات الخاصة.
وفي الخامس من أيلول (سبتمبر)
2004 اعتقل الناشط الإنساني "عبد
الكريم ضعون" على خلفية تقرير
مهني عن فقدان الشروط الصحية في
السجن الذي يعمل فيه، ثم أخلي
سبيله في الثاني عشر من كانون
الأول (ديسمبر) 2004 ليمثل أمام
المحكمة وهو مطلق السراح.
واعتقل الناشط في جمعية
حقوق الإنسان "سليم السليم"
من حمص في الرابع والعشرين من
شباط (فبراير) 2005 ولم يطلق سراحه.
واختطف الناشط في حقوق
الإنسان "نزار رستناوي" من
حماة في الثامن عشر من نيسان (إبريل)
2005 ولم تعترف السلطات الأمنية
باعتقاله إلا بعد مشاهدة سيارته
المختطفة معه في أحد فروع الأمن
بعد عشرة أيام من اختفائه.
واعتقل الكاتب والناشط في
منتدى جمال الأتاسي "علي
العبد الله" ليلة الخامس عشر
من أيار (مايو) 2005 بسبب تلاوته
رسالة وجهها علي صدر الدين
البيانوني المراقب العام
للإخوان المسلمين إلى المنتدى
حول برنامج الإخوان السياسي
والوطني.
ثم اعتقل بصورة فظة في
الرابع والعشرين من أيار (مايو)
2005 كافة أعضاء هيئة إدارة منتدى
الأتاسي الثمانية لعدم تخليهم
عن زميلهم علي العبد الله، وهم:
رئيسة المنتدى "سهير الأتاسي"،
"ناهد بدوية"، الكاتب
الصحفي "حسين العودات"،
مدير المنتدى "حازم نهار"،
"جهاد مسوتي"، "محمد
محفوض"، "عبد الناصر كحلوس"،
"يوسف جهماني"، وقد أطلق
سراح أعضاء المنتدى الثمانية
بعد ستة أيام في الثلاثين
من شهر أيار (مايو).
واعتقل المحامي "محمد
رعدون" رئيس "المنظمة
العربية لحقوق الإنسان في سورية"
في الثاني والعشرين من أيار (مايو)
2005 على خلفية نشاط المنظمة في
الدفاع عن حقوق الإنسان ثم أحيل
إلى محكمة أمن الدولة، وتم
استجوابه بتهمتي الانتماء إلى
منظمة ذات طابع دولي وتوزيع
أخبار كاذبة، وأعيد اعتقال "حبيب
صالح" في التاسع والعشرين من
أيار (مايو) 2005 بسبب كتاباته
ومشاركاته في القنوات
الفضائية، وهو من معتقلي "ربيع
دمشق" الذي أفرج عنه منذ بضعة
شهور بعد انتهاء محكوميته.
ومنع كثير من الناشطين من
السفر، فلا يزال المحامي "هيثم
المالح" الرئيس السابق
لجمعية حقوق الإنسان في سورية
ممنوعاً من السفر، ومنع المحامي
"أكثم نعيسة" رئيس لجان
الدفاع عن الحريات الديمقراطية
وحقوق الإنسان ثم سمح له
بالسفر، وقائمة الناشطين
الممنوعين من السفر تنوف على
المائة وتسعين، حسب الأرقام
الموثقة.
سابعاً: الممنوعون من
السفر
تشمل قائمة
الممنوعين من السفر خارج البلاد
لأسباب سياسية، عشرات الآلاف من
السوريين، تتكون أساساً من
المطلق سراحهم من السجون،
والمعارضين السياسيين، وأقارب
كثير من المعارضين، وبعض
الناشطين في حقوق الإنسان
والمجتمع المدني، بالإضافة إلى
فئات أخرى.
ويستتبع
المنع حرمانهم من جوازات السفر
أو تأشيرة المغادرة، ووجود
أسمائهم على الحدود، بالإضافة
إلى الاستدعاءات المتكررة إلى
الفروع الأمنية للمراجعة
والتحقيق.
ثامناً:
معاقبة أقارب المعتقلين
وإرهابهم
اعتادت
السلطات الأمنية السورية اتباع
سياسة معاقبة أقارب وأصدقاء
المعارضين السياسيين، وتنوعت
طرق وأساليب العقوبة، فأحياناً
تلجأ إلى الاستدعاءات الأمنية
إلى شُعب الأمن والمخابرات
للاستجواب والتحقيق، كما حصل
لأفراد من أسرتي الشيخ ومجلاوي
في محافظة إدلب في صيف وخريف
العام 2004، وفي حالات أخرى تمنع
الأقارب من السفر، كما حصل
عندما استدعى أوائل العام 2005
العقيد حافظ سلطان مدير شعبة
المخابرات العسكرية في
السويداء مواطنين من حوران،
وأبلغهم بمنع السفر لمجرد
قرابتهم لمعارضين سياسيين.
ويستتبع ذلك سحب جوازات السفر
والتراخيص الممنوحة، والطرد من
العمل، كما حصل للعديد من
الأطباء في مشافي دير الزور
أوائل العام 2005.
واتخذت
معاقبة أقارب المعتقلين صورة
الضغط لعقد مؤتمر صحفي لنفي ما
لقيه المعتقل على أيدي عناصر
المخابرات، كما حصل لأسرة أحمد
علي المسالمة عندما أجبر شقيقه
وابن شقيقته على عقد مؤتمر صحفي
في سورية في أيار (مايو) 2005 لنفي
ادعاءات اللجنة السورية لحقوق
الإنسان بوفاته نتيجة التعذيب
وحرمانه من تعاطي الدواء.
ولجأت
السلطات الأمنية إلى أساليب
العنف و"تشبيح" أسر
المعارضين، حيث تعرض منزل
المعتقل عارف دليلة لهجوم عصابة
مدعومة من الأمن جرى تسليح
أفرادها بالعصي والسكاكين، مما
أدى إلى جرح ابنه شادي بجروح
بليغة نقل على أثرها إلى
المستشفى، وإصابة أخته بكدمات
وتعرضها لشتائم وتهديدات،
بينما أوقف شقيقه غازي بدلاً من
العصابة الإجرامية التي تقف
وراءها جهات أمنية.
تاسعاً : المهجرون
والمنفيون: الأعداد والتوزع
يعيش خارج سورية عشرات
الآلاف من المنفيين الطوعيين
والقسريين منذ ربع قرن أو يزيد،
بسبب القمع الشديد الذي شهده
عقد الثمانينيات، والملاحقات
التي لم تنته حتى الآن، والتي
كان من نتائجها الحاضرة اعتقال
عشرات العائدين من هؤلاء إلى
الوطن، وصدور أحكام عليهم
بالسجن لمدة 12 عاماً.
وقد تكاثر المهجرون
والمنفيون ليشملوا ثلاثة أجيال
إلى الآن، الآباء والأبناء
والأحفاد. واستمرت السلطات
السورية في ملاحقتهم، وفي
محاولة القبض عليهم أو الكيد
لهم بشتى السبل، تارة بالتعاون
الأمني مع بعض الأنظمة
المماثلة، وتارة بتقديم
أسمائهم بزعم أنهم "إرهابيون"،
وتارة باستدراجهم للعودة بقصد
اعتقالهم، وأخرى باختيار
الحلقات الضعيفة فيهم
لاستخدامها لإثارة الفتن في
أوساطهم أو التجسس عليهم.
واستمرت السلطات في منع
المنفيين من الحقوق المدنية،
وخصوصاً حرمانهم من جوازات
السفر وتسجيل حوادث الزواج
والولادات في السجلات المدنية،
مما كان لذلك أسوأ الأثر على
حياتهم وطرق معيشتهم
ونفسياتهم، وأدى هذا المنع
الظالم إلى حرمان كثيرين منهم
من العمل والتعليم والعلاج.
وحاولت السلطات السورية
تحريض بعض الدول عليهم بتقديم
تقارير تفيد بأن هؤلاء
المواطنين السوريين يستخدمون
جوازات سفر غير نظامية، إلا أن
هذه الدول التي تعرف حقيقة
الأمور راعت قضايا هؤلاء
المهجرين قدر الإمكان، بدون أن
يؤثر ذلك على علاقاتها بالسلطة
السورية.
وعاشت أعداد كبيرة من
هؤلاء المهجرين في دول عربية،
في الأردن والعراق ودول الخليج
واليمن، وهاجر فريق آخر منهم
إلى أوروبا والأمريكيتين
وأستراليا، ويتعرض المقيمون
منهم حالياً في العراق إلى
مضايقات شديدة بسبب الأوضاع غير
المستقرة هناك، وقد اعتقلت
أعداد منهم لمجرد أنهم سوريون (
تراجع الفقرة الخاصة بالمهجرين
في العراق)
وتوجد أعداد أخرى أقلّ
عدداً من هؤلاء، اضطروا لمغادرة
البلاد بسبب معارضتهم للسلطة في
سورية، منهم مجموعات تنتمي إلى
التيارات الليبرالية والشيوعية
واليسارية والبعثية والناصرية،
ويقيم بعضهم مراكز دراسات وصحف
وجمعيات حقوقية.
وقد حاولت السلطة السورية
هذا العام تحسين صورتها بالسماح
لأفراد بالعودة، مثل الرئيس
الأسبق محمد أمين الحافظ (84
عاماً)، الذي كان لاجئاً في
العراق (أرغم على البقاء عند
الحدود عدة أشهر قبل السماح له
بالعودة) والضابط الناصري جاسم
علوان الذي كان لاجئاً في مصر،
والفنان التشكيلي الشيوعي يوسف
عبدلكي، لكن الاعتقالات الأخرى
التي كانت تحدث بالجملة
للعائدين أعطت صورة معاكسة، بل
أطلقت منظمات حقوق الإنسان
السورية نداءات تحذر من العودة،
بينما لم تغير السلطات نهجها،
ولم تسقط القوانين القمعية، مثل
قانون الطوارئ، والقانون 49/1980.
عاشراً : حقيقة التعميم
رقم 17 الصادر عن وزير الخارجية
أصدر وزير الخارجية
السوري التعميم رقم 17 في السابع
عشر من آذار (مارس) 2005 إلى جميع
البعثات الدبلوماسية السورية
بمنح جوازات سفر لجميع
المواطنين السوريين في الخارج
ومن في حكمهم لمدة سنتين (المدة
الطبيعية لجواز السفر ست سنوات)
بغض النظر عن الأسباب التي كانت
تحول دون ذلك.
وأوضحت مذكرة صادرة من
مكتب الوزير أن منح الجواز لا
يسقط أو يلغي المطالبات
المختلفة بحق المواطنين. ثم
تبين بأن بعض السفارات طلبت من
المتقدمين دفع رسوم اغتراب من
عام 1991 وهو تاريخ سن قانون رسوم
الاغتراب وحتى عام 2004 وهو عام
إلغاء القانون، وهذا يتطلب دفع
مبالغ كبيرة لا قبل لكثير من
المهجرين بها، لا سيما أن نسبة
منهم عاطلون عن العمل بسبب
أوضاع الغربة والحرمان من
الوثائق المدنية.
وقد طلب من المتقدمين
بالطلبات مراجعتهم بعد عدة شهور
للحصول على جواز السفر، واللجنة
السورية لحقوق الإنسان لم توثق
سوى حصول عدد ضئيل من المواطنين
على وثائق السفر، بناء على هذا
المرسوم حتى تاريخ الفراغ من
إعداد هذا التقرير.
حادي عشر: مأساة المطلق
سراحهم من السجون
منذ أوائل التسعينيات من
القرن الماضي وحتى الآن، أطلق
سراح بضعة آلاف من المعتقلين
السياسيين، غالبيتهم الساحقة
من المعتقلين الإسلاميين، إلا
أن الإفراجات شملت معتقلين
آخرين ممن نالهم بطش السلطات
الأمنية، فلقد أفرج عن أعضاء في
النقابات المهنية والعلمية،
وناشطين في حقوق الإنسان،
والأحزاب السياسية، مثل حزب
البعث الديمقراطي المعارض،
وحزب التحرير، وحزب العمل
الشيوعي، والحزب الشيوعي -
المكتب السياسي، وبعض الناشطين
الفلسطينيين.
وكل معتقل يطلق سراحه
يمنع من حقوقه المدنية، إما
بنفس المدة التي حكم بها أو لسبع
سنوات على أقل تقدير، ويدمغ على
الأوراق الثبوتية بأنه محكوم
عليه بالمدة التي حكم بها، بحيث
تكون عائقاً أمام أي فرصة عمل،
ولا يسمح له بالسفر أو العودة
إلى عمله، إذا كان من موظفي
الدولة أو القطاع العام، ولا
يسمح له بالتملك أو تأسيس شركة،
أو أن يكون شريكاً في عمل ولا
يسمح له بتلقي مساعدات، وقد
اعتقل في كانون أول (ديسمبر) 2004
المهندس عبد الستار قطان بتهمة
إيصال مساعدة مادية لأحد المفرج
عنهم ولا يزال معتقلاً حتى
تاريخ إعداد التقرير.
ويطلب من المفرج عنه
الحضور دورياً إلى مراكز الأمن
أو المخابرات ويُضغط عليه من
أجل التعاون مع أجهزة الأمن
وتقديم تقارير بحق أصدقائه
وأقاربه ومعارفه، والواقع أن
كثيراً من المطلق سراحهم يعيشون
حياة مأساوية يلاحقون فيها حتى
في حوانيت بيع الخضار، فقد وثقت
اللجنة السورية هذا العام حادثة
مطلق سراحه يحمل شهادة دكتوراه
اضطرته ظروف المنع إلى أن يعمل
عاملاً في محل بيع الخضار، لكن
عناصر المخابرات لم تتركه وشأنه
بل لاحقوه وأصبحوا يرتادون
المحل لأخذ ما شاؤوا من الخضار
مجاناً، حتى اضطر صاحب المحل
للاستغناء عن خدمة عامله
الدكتور!.
ثاني عشر: الحالة الكردية
بعد أحداث 12 آذار (مارس) 2004 تفاقمت
المشكلة التي يعاني منها
الأكراد السوريون بعد أحداث
الثاني عشر من آذار (مارس) 2004،
وكان من الواضح أن سياسة العصا
الغليظة، هي لغة السلطة في
التعامل مع المواطنين الأكراد.
فقد وصل عدد القتلى إلى
العشرات خلال مباراة بكرة القدم
بين فريقين من دير الزور
والقامشلي، والحوادث التي تلت
ذلك، بينما بلغ عدد المعتقلين
بالآلاف. وشملت الاعتقالات
المناطق الشمالية والشمالية
الشرقية من البلاد، كما امتدت
إلى دمشق وحلب اللتين تضمان
عدداً من الأكراد السوريين.
وأطلقت السلطات بعد عدة
شهور سراح دفعات من المعتقلين،
لكنها احتفظت ببضع مئات منهم
لتقديمهم للمحاكمة، وبالفعل
فقد أحالت إلى المحاكم العسكرية
بدمشق وسواها العشرات من
المواطنين الأكراد، من بينهم
ثمانية أحداث أكراد أحيلوا إلى
قاضي التحقيق في بلدة رأس العين
في الثامن من حزيران (يونيو) 2004
وهم: أحمد شكري سعدون، بهزاد
جميل، خضر سعيد، خليل بن أحمد،
سيامند آل رشي، علي سعيد،
كانيوار محمد، محمد علي مجو.
وفي السابع عشر من شباط (فبراير)
2005 مثل 18 معتقلاً كردياً أمام
المحكمة العسكرية بدمشق، ومثلت
دفعة ثانية تضم 23 معتقلاً
الرابع والعشرين من الشهر نفسه
أمام القاضي العسكري بدمشق،
واستجوبت دفعة ثالثة من 23
معتقلاً كلهم من المالكية
والقحطانية في محافظة الحسكة في
الثالث من آذار (مارس) 2005 أمام
المحكمة العسكرية بدمشق، ومثل
في السابع عشر من الشهر نفسه أمام
قاضي الفرد العسكري بدمشق 22
معتقلاً من بلدة رأس العين شمال
شرق سورية.
وفي السابع والعشرين من
حزيران (يونيو) 2004 أدانت محكمة
أمن الدولة العليا سبعة أكراد
اعتقلوا قبل عام لمشاركتهم
بمظاهرة أمام مكتب اليونيسيف
التابع للأمم المتحدة بدمشق
وحكمت عليهم بالسجن لمدة خمس
سنوات، لكنها خففت الحكم بحق
أربعة منهم إلى عام واحد، وهم
حسين رمضان، وسولار صالح، وعامر
مراد، وهوزان محمد أمين، وأمرت
بالإفراج عنهم باعتبارهم أتموا
هذه المدة في السجن، بينما خففت
الحكم بحق الثلاثة الباقين، وهم
خالد أحمد علي، وشريف رمضان،
ومحمد مصطفى إلى عامين، وأمرت
بالتحفظ عليهم لإتمام المدة.
وفي التاسع والعشرين من
آب (أغسطس) 2004 أصدرت
محكمة أمن الدولة العليا
أحكاماً بالسجن على الكرديين
"فرحات علي" و"إبراهيم
النعسان" لمدة خمس سنوات، ثم
تم تخفيفها إلى ثلاث سنوات.
وفي الثلاثين من آذار (مارس)
2005 صدر عفو رئاسي بإطلاق سراح 312
معتقلاً كردياً، لكن السلطات
الأمنية لم تفرج إلا عن حوالي 160
معتقلاً، وسرعان ما أحالت بعضهم
إلى محكمة أمن الدولة وفي الرابع
والعشرين من نيسان (إبريل) 2005
حوكم شيفان عبده المعتقل على
خلفية أحداث 12 آذار (مارس) أمام
المحكمة المذكورة.
واستمرت الاعتقالات
العشوائية في أوساط الأكراد هذا
العام، فقد اعتقلت أوائل شهر آب
(أغسطس) 2004 أسرة كردية مكونة من
أب وثلاثة أبناء واثنين من
أبناء الأعمام في بلدة المالكية
شمال شرق سورية على يد
الاستخبارات العسكرية، ونقلوا
بسيارات عسكرية خاصة قدمت على
وجه السرعة من دمشق لإحضارهم
للتحقيق.
واعتقل في الأول من شهر
آذار (مارس) 2005 المواطن الكردي
مسلم الشيخ حسن عضو الهيئة
القيادية لحزب الوحدة
الديمقراطي الكردي في سورية،
عندما أوقفت حافلة نقل متوجهة
من مدينة حلب إلى منطقة عين
العرب واحتجز منها ونقل إلى "فرع
فلسطين للتحقيق العسكري" في
مدينة دمشق، وقد أطلق سراحه بعد
سبعة أسابيع.
وفي العاشر من أيار (مايو)
2005 اختطف الشيخ الكردي المعروف
"محمد معشوق الخزنوي"، وقد
نفت وزارة الداخلية أن يكون
موقوفاً عندها، لكن بصمات
اعتقاله كانت تشير إلى وجوده
لدى أحد الأجهزة الأمنية.
وفي هذا العام لقي بعض
المواطنين الأكراد الذين يؤدون
الخدمة العسكرية مصرعهم في
قطعاتهم العسكرية، فقد توفي
الرقيب المجند قاسم حامد في
قطعته العسكرية في الكسوة جنوب
دمشق متأثراً بطلقات نارية في
رأسه وأنحاء أخرى من جسمه،
وبينما قالت السلطات السورية
إنه حاول الانتحار أثناء
الحراسة الليلية قال زملاؤه في
الخدمة إنها عملية مدبرة من
آمريه المباشرين بسبب مواقفه
المؤيدة للقضايا الكردية. وقتل
المجند الكردي محمد شيخ محمد
نتيجة إطلاق عيارات نارية عليه
في قطعته العسكرية في منطقة
القطيفة في شهر تشرين أول (أكتوبر)
2004 لنفس الأسباب.
وقتلت وجرحت المخابرات
مساء الثامن والعشرين من شباط (فبراير)
2005 خمسة
من عائلة كردية واحدة، حيث
توفيت الأم وجرحت ابنتها
وحفيدتها وزوج إحدى بناتها،
عندما فتحت دورية مخابرات سورية
النار على سيارة الأسرة بينما
كانت قرب القامشلي ليلاً، فقتلت
على الفور المواطنة "عزيزة
بدران إبراهيم يزيدي" وجرحت
ابنتها "نورا" التي أصيبت
بخمس طلقات، وزوج ابنتها نورا
واسمه "عبد الكريم"
وحفيدتها "شيرين" التي
أصيبت بسبع طلقات، وزوج إحداهن
ممن كانوا برفقتها.
ومات عدد من المواطنين
الأكراد نتيجة للتعذيب على يد
أجهزة الأمن والمخابرات
السورية، فقد توفي "أحمد معمو
كنجو" من رأس العين بعد
اعتقال تعرض فيه للتعذيب والضرب
الشديد ترك في رأسه جرحاً بطول 10
سم، أحيل على أثرها إلى مستشفى
الأمراض العقلية، وقد حصلت
وفاته نتيجة للنزف البطيء في
الدماغ بسبب الضربة. وتوفي تحت
التعذيب المواطن الكردي "أحمد
حسين حسين" بعدما اعتقلته
المخابرات العسكرية في الحسكة.
ومات المواطن الكردي "حنان
بكر حنان ديكو" الذي اعتقل في
السادس عشر من أيلول (سبتمبر) 2004
نتيجة التعذيب الشديد الذي تعرض
له في فرع الأمن العسكري بحلب،
وقد سلم لأسرته في حالة ميؤوس
منها ثم ما لبث أن مات متأثراً
من أهوال التعذيب الذي أخضع له.
ووردت تقارير في شهر
كانون الأول (ديسمبر) 2004 بتعرض
الأكراد المعتقلين في سجن عدرا
على خلفية أحداث 12 آذار (مارس) 2004
للتعذيب والمعاملة الحاطة
بالكرامة، مما دفع بعضهم لإعلان
الإضراب عن الطعام.
وفي نفس الشهر وردت أنباء
عن اعتقال أحداث أكراد يعاني
أحدهم "شورش إبراهيم حاج قاسم"
من التهاب حاد في الكبد، وقد
تعرضوا جميعاً للضرب والتعذيب
أثناء التحقيق معهم.
ولا يزال الأكراد محرومون
من ممارسة حقوقهم الثقافية
والتراثية خلافاً للأقليات
العرقية الأخرى في سورية، ولا
يزال قرابة ربع مليون منهم بدون
جنسية، وعلى الرغم من حديث
السلطة عن عزمها منح الجنسية
السورية لنحو 100 ألف كردي سوري
فاقد الجنسية، إلا أنها لم تقم
بأي خطوة فعلية في هذا الطريق
حتى تاريخ الفراغ من هذا
التقرير.
وفي خطوة تنتهك حرية
التجمع والعمل السياسي، استدعى
مسؤول أمني في خريف 2004 ممثلي
سبعة أحزاب كردية وطلب منهم أن
تبادر أحزابهم إلى حلّ نفسها
وتتوقف عن النشاط السياسي.
ثالث عشر: الحريات
الصحفية والإعلامية
صنفت منظمة "مراسلون
بلا حدود" الحريات الإعلامية
في سورية بين الأسوأ في العالم،
إذ نالت سورية المرتبة 155 من بين
167 دولة، في الوقت الذي لم ينل
استطلاع رأي محلي حول أداء الصحف الرئيسة (تشرين
والثورة والبعث) أجري أواخر
أيار (مايو) 2005 إعجاب الشريحة
التي استطلعت آراؤها، إذا لم
تتجاوز النسبة التي أحرزتها
صحيفة البعث 18 في المائة، من
الفئة التي حرص الاستطلاع أن
تكون مقربة من النظام، بينما
حظيت صحيفة تشرين بأكبر نسبة
لكنها لم تتجاوز 47 في المائة.
ويحتكر النظام السوري
وسائل الإعلام بأنواعها
المقروءة والمسموعة والمرئية،
ولا يسمح بامتلاك صحف أو إذاعات
أو فضائيات.
ويمنع النظام نشر أو بث
مواد مستقلة في وسائل الإعلام
التي يسيطر عليها، ولا يسمح في
وسائل الإعلام هذه بالترويج أو
الحديث الإيجابي عن أخبار أو
أفكار معارضة. ومع أن النظام سمح
لبعض المجلات والصحف الإعلانية
أو الرياضية بالنشر، لكنه عمد
إلى إغلاق كثير منها، الواحدة
تلو الأخرى، بموجب قانون
المطبوعات لعام 2001 والذي يعطي
رئيس الوزراء صلاحية إلغاء
ترخيص أي مطبوعة بناء على
اقتراح وزير الإعلام بدون إبداء
أسباب، وقد أعلن منذ حوالي
شهرين عن إغلاق أربع صحف لم يسمع
عنها من قبل.
ولذلك لجأ الصحفيون
والكتاب السوريون إلى نشر
مقالاتهم التحليلية والنقدية
في بعض الصحف اللبنانية، مثل
النهار والسفير، بينما يكاتب
آخرون صحفاً في دول الخليج، من
بينها الكويت والإمارات وقطر.
وبما أن مزاولة العمل
الصحفي يحتاج إلى إذن مسبق من
وزارة الإعلام والجهات
الأمنية، فإن العمل الصحفي لا
يزال حكراً على المؤيدين
للنظام، وحتى هؤلاء فقد تعرضوا
للفصل أو الإيقاف المؤقت بسبب
ما اعتبره مراقبو الإعلام
والأمنيون خروجاً عن الخط
الإعلامي المرسوم، وهذا ما جرى
لأحد مقدمي البرامج المعروفين
في التلفزيون الرسمي مؤخراً،
نضال زغبور. والمطلوب من
العاملين في أجهزة الإعلام
السورية أن يمارسوا رقابة ذاتية
على أنفسهم، وكل من يخرج عنها
يجد نفسه إما مفصولاً من عمله أو
معتقلاً أو مضطراً لمغادرة
البلد إلى المنفى.
وخلال هذا العام حدثت
استدعاءات أمنية واعتقالات
للعديد من الصحفيين والكتاب
بسبب تقييد الحريات الإعلامية،
بل وحظر بعض جوانبها بالكامل.
فقد استدعي الكاتب الصحفي
جهاد نصرة من اللاذقية للتحقيق
في الفرع 251 التابع للمخابرات
العامة في دمشق أوائل شهر
حزيران (يونيو) 2004 ثم اعتقل لمدة
ستة أيام. واعتقل الكاتب نبيل
فياض لمدة 33 يوماً، واستدعي
الكاتب الصحفي حسن الصفدي (72
عاماً) من حمص للتحقيق في فرع
الأمن السياسي، وعندما تمنع من
الحضور قاموا باعتقاله في
الثالث عشر من أيلول (سبتمبر) 2004
من منزله بصورة فظة، وقاموا
بتفتيش المنزل والعبث
بمحتوياته.
واعتقل الكاتب الصحفي علي
العبد الله في الخامس عشر من
أيار (مايو) 2005 وقد أحيل إلى
محكمة أمن الدولة، واعتقل
الصحفي حسين العودات لمدة ستة
أيام وأطلق سراحه في الثلاثين
من أيار (مايو) 2005
وسعت السلطات السورية إلى
الحصول على أحدث التقنيات
لمتابعة شبكة الإنترنت
ومتصفحيها في سورية، ولحجب كل
المواقع المعارضة، وفي آخر يوم
من عام 2004 رفع الحجب لمدة ساعات
بينما كانت السلطات تحدث تقنية
الحجب، واستطاع مستخدمو
الإنترنت في سورية لأول مرة
مشاهدة المواقع الإخبارية
والإنسانية المحجوبة، لكن
سرعان ما عاد الحجب.
وقد صدر حكم محكمة أمن
الدولة العليا على عبد الرحمن
الشاغوري في حزيران (يونيو) 2004
بالسجن لمدة سنتين ونصف بسبب
تصفحه مواقع إخبارية معارضة،
ولنفس السبب ولمراسلة مواقع
إلكترونية محجوبة في سورية حكم
على هيثم قطيش بالسجن أربع
سنوات، وشقيقه مهند قطيش بالسجن
لمدة ثلاث سنوات، والصحفي يحيى
الأوس بالسجن لمدة سنتين.
رابع عشر: حرية التجمع
والاعتصام
قمعت السلطة في سورية هذا
العام، كل الاعتصامات التي قام
بها نشطاء حقوق الإنسان
والمجتمع المدني والتيارات
السياسية، لكن القمع اتخذ
طابعاً مختلفاً، إذ استبدلت
السلطة تكتيك التدخل السافر
لرجال الأمن والمخابرات لتفريق
الاعتصامات، باستخدام عناصر
"اتحاد الطلاب" في
الجامعات وعناصر من "حزب
البعث" و"اتحاد شبيبة
الثورة" لمهاجمة المعارضين
بواسطة العصي والسكاكين، بينما
تقوم قوى الأمن بلباس مدني
بتأمين الحماية لهم.
ففي الحادي والعشرين من
حزيران (يونيو) 2004
قامت عناصر الأمن بقمع
اعتصام سلمي دعت إليه مجموعة من
المنظمات الأهلية وأحزاب
المعارضة بمناسبة يوم المعتقل
السياسي السوري في ساحة عرنوس
وسط دمشق.
وفي التاسع من شهر كانون
أول (ديسمبر) 2004 منعت السلطات
السورية اعتصاماً في ساحة
الشهبندر في دمشق قام به
معتقلون سابقون وناشطون في مجال
حقوق الإنسان ومتعاطفون
للمطالبة بالإفراج عن
المعتقلين.
وفي التاسع من آذار (مارس)
2005 حاولت بعض التيارات السياسية
المعارضة والمجموعات الحقوقية
الإنسانية الاعتصام أمام قصر
العدل للاحتجاج على حالة
الطوارئ المستمرة منذ 42 عاماً
فواجهتها عناصر من اتحاد الطلاب
والشبيبة الثورية بعبارات
التخوين والشتم والضرب بالعصي
والأحزمة وعزلت المعتصمين في
جماعات صغيرة أو أفراد
لتفريقهم، وتكرر نفس الأسلوب
بشكل أكثر فظاظة في التاسع
والعشرين من أيار (مايو) 2005
عندما قام ناشطون مدنيون
وسياسيون ومواطنون بالاحتجاج
على موجة الاعتقالات الأخيرة ضد
نشطاء حقوق الإنسان ومنتدى
الأتاسي والعائدين من المنفى.
خامس عشر: السجون
والتعذيب
1/15- السجون والمعتقلات
لكل سجن أو معتقل أو مركز
تحقيق في سورية سمعة يتميز بها
عن غيره، فـ "فرع فلسطين
للتحقيق العسكري" لا تقل
سمعته السيئة عن سمعة "سجن
تدمر الصحراوي" الذي أغلق
قسمه السياسي في خريف عام 2001،
ففي هذا الفرع الموجود في قلب
العاصمة دمشق زنزانات كالقبور،
وفيه أدوات تعذيب جهنمية
ومحققون لا يعرفون الإنسانية،
وقد يمكث فيه المعتقل شهوراً
وسنين دون تهم محددة، ولا
يستطيع ذووه الحصول على أي
معلومات بشأن ظروف اعتقاله.
ويعني تحويل المعتقل إلى
"سجن صيدنايا العسكري" غرب
دمشق، أنه نزيل طويل الأمد،
وعليه أن يوطد نفسه على سوء
المعاملة والتعرض للتعذيب، وفي
هذا السجن يحتجز ما بقي من
معتقلي ثمانينيات وتسعينيات
القرن الماضي.
ويحول إلى "سجن عدرا"
شمال دمشق، المعتقلون
السياسيون الآخرون الأقل
خطورة، حسب التصنيف الأمني، مثل
معتقلي ربيع دمشق والمعتقلين
الأكراد.
ويشبه "سجن كفر سوسة"
في دمشق إلى حد كبير سجن عدرا،
أما "فرع المنطقة" بدمشق
فيشبه إلى حد كبير "فرع
فلسطين"، وإن كان لم يصل إلى
جهنميته ولا تطول فترة الإقامة
فيه.
أما "فروع الأمن
والمخابرات في المحافظات"
فهي ممالك مستقلة يتصرف فيها
المسؤولون والمحققون الأمنيون
في حريات الناس وأجسامهم
وحياتهم كما يشاؤون، وهم غير
مسؤولين عما يفعلون بقوة
القوانين السرية التي تعفيهم من
المسؤولية أثناء أداء الخدمة.
هذا بالإضافة إلى السجون
المدنية، التي تستخدم أجنحة
خاصة للمعتقلين السياسيين، أو
المعتقلين الأكثر خطورة، حيث
تتعاون فيها هذه الأجهزة مع
جهات أجنبية لتحقيق
أهداف محددة، مثل مزاعم "الحرب
على الإرهاب". وتتخذ أحياناً
أماكن سرية في الأرياف والضواحي
لاحتجاز مواطنين سوريين وغير
سوريين، لا تود السلطات الإفصاح
عن اعتقالهم والكشف عن أماكن
وجودهم.
2/15- التعذيب
وثقت اللجنة السورية
لحقوق الإنسان استخدام بعض
أساليب التعذيب، وهو أمر روتيني
ومنهجي تمارسه سلطات الأمن
والمخابرات السورية في السجون
ومراكز التوقيف والتحقيق. وهناك
شهادات لمعتقلين أفرج عنهم هذا
العام تحدثوا عن تعرضهم للضرب
بكبلات الكهرباء وعصي الخيزران
وأعقاب البنادق في أنحاء
أجسامهم، والإمساك بالرؤوس
وضربها بعضها ببعض، مما ألحق
إصابات دماغية ونزيف حاد من
الأنف، ونزع أظافر القدمين،
والصعق بالصدمات الكهربائية
على اليدين والقدمين والأماكن
الحساسة في الجسم، وأمر
المعتقلين بخلع ملابسهم كاملة
وهم يعدون من الواحد إلى
الثلاثة، ثم ضربهم على أجسادهم
إذا لم يكملوا خلع ملابسهم
أثناء العدّ.
هذا بالإضافة إلى
المعاملة المهينة والحرمان من
أبسط الحقوق، مثل حرمان
المعتقلين من الخروج للتنفس،
والإهانة المباشرة، والشتم
بأقذع الألفاظ، والزج في أماكن
قذرة، واستخدام أدوات ملوثة
بالأوساخ، والحرمان من
النظافة، وتلويث الطعام عمداً،
والحرمان من الزيارات، ومنع
الكتب والدفاتر والأقلام، وعزل
المعتقلين في زنزانات انفرادية.
وقد توفي" أحمد كنجو
معمو" في شهر آب (أغسطس) 2004 بعد
تعذيبه وضربه على رأسه حتى
الجنون لدى جهاز الأمن السياسي
في رأس العين، وفي الإطار ذاته
توفي " أحمد حسين حسن" في
فرع المخابرات العسكرية في
الحسكة، وقد شاهدت أسرته الندوب
وآثار التعذيب والحروق في أنحاء
جسده.
وفي الحادي والثلاثين من
أيار (مايو) 2005 تحدث تقرير عن
تعذيب الأمن العسكري لـ"منهل
فوزي" من قرية القحطانية في
الحسكة، حيث ضرب ضرباً مبرحاً
أدى إلى كسر فكه وإصابته برضوض
في القفص الصدري. وقد وثقت أسماء
13 مواطناً سورياً – على الأقل-
ماتوا تحت التعذيب خلال هذا
العام، منهم 11 كردياً.
وفي آخر رصد لحوادث
التعذيب المفضية إلى الموت لهذا
العام، لقي الشيخ محمد معشوق
الخزنوي مصرعه على يد خاطفيه،
وكان قد اختطف في العاشر من أيار
(مايو) 2005 من دمشق إلا أنه أعلن
عن وفاته وقت الفراغ من هذا
التقرير صباح الأول من حزيران (يونيو)
2005 وتم تسليم جثته إلى ذويه
وعليها آثار تعذيب في أنحاء
جسمه، ومع أن وزير الداخلية
تنصل من مسؤولية وزارته عن
اختطاف الشيخ الخزنوي، إلا أن
البصمات والدلائل تشير إلى أن
اعتقاله ومصرعه تم على يد أحد
أجهزة الأمن السورية.
3/15- أجهزة وأسماء تقف وراء
الاعتقال والتعذيب
وقعت الحكومة السورية على
اتفاقية منع التعذيب عام 2004،
لكن التعذيب يمارس بصورة واسعة،
ووفق منهجية روتينية بحق
المعتقلين السياسيين والسجناء
الجنائيين، وعلى البالغين
والأحداث، في مختلف السجون
السورية.
وفي هذا العام وثقت اللجنة
السورية لحقوق الإنسان حوادث
تعذيب أفضت في بعض الحالات إلى
الوفاة، وقد ثبت تورط أجهزة
أمنية رئيسية فيها، وهي: المخابرات العسكرية التي كان يرأسها
اللواء "حسن خليل" حتى أحيل
على التقاعد في شهر شباط (فبراير)
2005، ونائبه وخلفه في رئاستها
اللواء "آصف شوكت"، وتعتبر
المخابرات العسكرية من أشرس
جهات الأمن والمخابرات السورية
استخداماً للتعذيب والعنف ضد
المعتقلين. وشعبة الأمن السياسي
التي كان يرأسها اللواء "غازي
كنعان" حتى تعيينه وزيراً
للداخلية في آب (أغسطس) 2004 ثم
خلفه في رئاستها اللواء "محمد
منصورة"، والمخابرات العامة (أمن
الدولة) التي يرأسها اللواء "هشام
بختيار"، والفرع الداخلي (251)
فيها الذي يرأسه اللواء "بهجت
سليمان"، بالإضافة إلى
مشاركة وزارة الداخلية تحت
إشراف اللواء "غازي كنعان"
ومن قبله اللواء "علي حمود".
المحتويات
مقدمة
أولاً: الأسس
النظرية المسوغة لانتهاك حقوق
الإنسان في سورية
1/1- قانون استحداث إدارة أمن
الدولة
2/1- حالة
الطوارئ والأحكام العرفية
3/1- محكمة أمن الدولة العليا
4/1- الدستور السوري
5/1- قانون الإبادة 49/1980
6/1- سياسة التعريب القسري
للأكراد في سورية
ثانياً: المعتقلون
1/2- معتقلو الثمانينيات
2/2- معتقلو ربيع دمشق
3/2- نماذج من الاعتقالات
العشوائية
4/2- الاعتقالات في أوساط
العائدين إلى الوطن
5/2- اعتقال مرحلين إلى سورية:
6/2- إعادة اعتقال مفرج عنهم
7/2- استمرار اعتقال المهجرين
العائدين من العراق
8/2- الاعتقالات في أوساط
العائدين من العراق
ثالثاً: محكمة أمن الدولة
العليا
رابعاً: المعتقلون
السوريون في الخارج
خامساً: المفقودون
سادساً: محنة الناشطين في
الدفاع عن حقوق الإنسان
والمجتمع المدني
سابعاً: الممنوعون من
السفر
ثامناً:
معاقبة أقارب المعتقلين
وإرهابهم
تاسعاً : المهجرون
والمنفيون: الأعداد والتوزع
عاشراً : حقيقة التعميم
رقم 17 الصادر عن وزير الخارجية
حادي عشر: مأساة المطلق
سراحهم من السجون
ثاني عشر: الحالة الكردية
بعد أحداث 12 آذار (مارس) 2004
ثالث عشر: الحريات
الصحفية والإعلامية
رابع عشر: حرية التجمع
والاعتصام
خامس عشر: السجون
والتعذيب
1/15- السجون والمعتقلات
2/15- التعذيب
3/15- أجهزة وأسماء تقف وراء
الاعتقال والتعذيب
|