ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/07/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

تراتيل على أسوار تدمر

شعر: يحيى البشيري

في السابع والعشرين من شهر حزيران ( يونيو ) 1980 في المدينة الصحراوية تدمر وفي غفلة عن عيون الرقباء …

صعدت أرواح مئات الشباب المؤمن إلى ربها ، فلقد تجمع الحقد والظلم مع كل صفات الغدر والخسة في نفوس عصابات طائفية مجرمة، ثم أقبلوا ببنادقهم ورشاشاتهم يقتلون الإيمان والحياة والخير، يقتلون مئات من شباب سورية المسلم المعتقلين في ذلك السجن الرهيب، سجن تدمر الصحراوي. وبين مصدق ومكذب سمع المواطنون في سورية الخبر كما سمع به العالم كله ثم جاءت الأنباء تلو الأنباء تؤكد وقوع المجزرة لمن لم يصدق بعد بأن في الكون حاكماً ديكتاتورياً يجرؤ على قتل سبعمئة شاب من خيرة الناس ديناً وعلماً وخلقاً، لا لشيء إلا لأنهم رفعوا أصواتهم ضد الحكم الديكتاتوري الطائفي المتعصب، ولأنهم أرادوا أن تعيش بلادهم في ظل حكم عادل ودستور يُستمد من عقيدة الأمة ومن تطلعات الشعب السوري الحر حتى تعود إلى سورية نعمة الأمن والاستقرار ومستوى المعيشة اللائق بكرامة الإنسان .

الترتيل الأول

القدوم

 (1)

في اليومِ الأول

لمْ يطرقْ بابي

أحدٌ غيرُ السجان

ليطلّ بوجهٍ لم يعرف

إنساناً ، لا عُدِمَ الإنسان

ورمى بِبقايا من خبزٍ

وغطاءٍ مزّق… كالأكفان

ستظلُ بسجنك مجهولاً

ويغطي ذكراك النسيان

خمساً، عشراً، بل قل مئةً

لن تخرُجَ يوماً لا تسأل

أحداً، عن تدمُرَ، قد نُسيتْ

فالسجن بتدمر ليس له

وصفٌ، واسمٌ أو شكلُ مكانْ

 (2)

لم أشعر أني في السجنِ

لم اشعر أني في الكفنِ

لكن أحسستُ بلا ألمٍ

أني أحيا بك يا وطني

(3)

من قبل السجنِ

أنا أحيا خلفَ القضبانْ

في البيتِ أعيشُ على وهمي

وبمدرستي

وبفكري جفَّتْ أفكارٌ

والصَمتُ ينوء بحنجرتي

قد صُودر فكرى من زمنٍ

أو حُوصِر ما بين الجدران

أيعيشُ بلا ماءٍ سمكٌ

أيكفُ القلب عن الخفقان ؟

 فكرى : سمكٌ، قلبٌ، عصفورٌ

قُصَّ جناحاه، ويَحنُّ، يحنُّ إلى الطيران

 (4)

في الشارعِ لي ظلٌ أعمى

يمشى خلفي يتعقبـُني

يدري أوقاتَ مواعيدي

ومكانَ البيتِ ومدخلَهُ

وخروجي في وقتِ الفجر

كم رقمي في دور الخُبزِ

وبماذا أقضي أوقاتي

(5)

أحياناً يتركني الظلُّ

فيتابِعُني ظلٌ آخر

فأحِسُّ بأني أختنقُ

وتضيقُ في وجْهي الطرقُ

فأروح أفتِّش في لهفٍ

عن زاويةٍ، عن بيتِ صديق

في كل مكانٍ لي ظلٌ

وأنا من هذا الظل أضيقْ

(6)

لو أنَّ السجنَ غدا ورقاً

وحجارتُه تغدو مِزقاً

لو أنَّ القضبان احترقت

أو ذابت أو كانت شمعاً

لو أني أرحل في يُسْرِ

لو أنَّي أرجعُ من سفري

وأعودُ أعودُ إلى سجني

مهما بَعُدَت أوهامُ خيال

فأنا في السِجن بذاكِرتي

لكنَّ خيالي كالأطفال

(7)

لو يوماً يُفتح ليَ البابُ

لخرجتُ أهيم بلا فكرٍ

ونشرت بشوقٍ أجنحتي

وسكِرتُ بلا خمرِ السكرِ

وشدوتُ أناشيدَ البُشرى

وفتحتُ شراعي للبحرِ

وأعودُ أعودُ إلى سجني

مهما بَعُدَتْ أوهامُ خيال

فأنا بالسجن بذاكرتي

لكنَّ خيالي كالأطفال

(8)

ماذا لو عدْتُ إلى أمي

بجناح الشوق على البُعدِ

ماذا لو أني أسمعُها

هل أنتَ بخير يا ولدي

ماذا لو قُبلتها طُبِعت

بحنان الأم على الخدِّ ؟

وأعودُ أعودُ إلى سِجني

مهْما بَعٌدَتْ أوْهامُ خَيال

فأنا في السجْن بذاكرتي

لكنَّ خيالي كالأطْفَال

(9)

لو سرجاً شَدَّتْ ليَ الريحُ

لركبتُ على متن الريحِ

وأتيتُ إلى باب البيتِ

وطرقتُ طرقتُ على بابٍ

أضناهُ سهادُ التبريحِ

وعبرت أزقةَ حارتنا

ولثمت هِلالَ القنطرةِ

(10)

لو كنتُ شعاعاً من شمسِ

لو كنتُ ضياءً من نورِ

لعبرتُ أزقَّة حارتِنا

ولثمتُ شِفاهَ المنثورِ

وهتفتُ بأشرعةِ الغربة!

لن أرحلَ فامضي للقعرِ

وأعودُ أعودُ إلى سِجني

مهْما بَعٌدَتْ أوْهامُ خَيال

فأنا في السجْن بذاكرتي

لكنَّ خيالي كالأطْفَال

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ