ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 04/07/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

مفارقات تدمرية

في الذكرى الخامسة والعشرين لمجزرة تدمر

ثائر معتوق

thair_matouq@hotmail.com

عجيب أمرك يا تدمر ، فقد حوت جنباتك المتناقضات والأضداد ، فماضيك مشرق ، وحاضرك مظلم ، ماضيك رمز للحضارة ، وحاضرك رمز للدمار والخراب ، ماضيك رمز للحصانة والمنعة وكرامة الإنسان ، وحاضرك رمز للعبودية والانتهاكات بشتى صورها وأشكالها ، ماضيك رمز للحياة وحاضرك رمز للموت والفناء .

فقديماً كنت عاصمة للحضارة والمجد والبناء والعطاء والازدهار  ، وحديثاً صرت عاصمة للانحطاط والرعب والظلم والقهر والغدر، كان الإنسان فيك عزيزاً مكرماً ، فصار مقهوراً مغدوراً به ، كانت تسودك القيم الأصيلة وأخلاق الفرسان ، فأصبحت تسودك شريعة الغاب ، وأخلاق العبيد ، في الماضي كان يقطنك الإنسان المصون الكرامة  ، فأصبحت تقطنك اليوم الذئاب الآدمية والضواري والوحوش البشرية ، أجل .. الذئاب الآدمية والوحوش البشرية ، تلك التي راحت تنهش أجساد الضحايا البريئة في رابعة النهار ، في غيبة الضمير والقيم النبيلة ...

فيك يا تدمر أقيمت حضارة بقي الكثير من آثارها إلى يومنا هذا لتكون شاهداً على تلك الحضارة العريقة الأصيلة ، والمجد المؤثل ، وفيك يا تدمر يقبع السجن الرهيب[ سجن تدمر الصحراوي] الذي شهد أفظع مجزرة عرفها الإنسان في العصر الحديث ، على يد شرذمة من العصابات الطائفية الحاقدة والبعثية المارقة ، شرذمة من قطاع الطرق وشذاذ الأفاق ، مذبحة أقيمت بحق ثلة مؤمنة من أبناء سورية الأبية ، لا ذنب لها إلا أن قالت ربنا الله ، ورفضت الظلم وارتهان الإنسان والوطن ، ونهب خيرات البلد والإفساد في الأرض ، تلك الثلة التي أخذت ظلماً ، وقضت غدراً ، وثوت محتسبة تشكو إلى ربها ظلم جلاديها، ومستحلي دمائها بغير حق ...

أجل يا تدمر على رمالك الذهبية كانت لزنوبيا وجيوشها صولات وجولات للدفاع عن الحمى والكرامة ـ كرامة الإنسان ـ تلك التي أصبحت مضرب المثل عبر التاريخ ، ورمالك ذاتها ارتوت بدماء الضحايا الأبرياء العزل ـ إلا من الإيمان بالله تعالى ـ في العصر الحديث فأصبحت وصمة عار في جبين الطغاة والجلادين ، وسفاكي الدماء ، بعدما تحولت إلى مدافن للمئات من الأبرياء في صبيحة يوم كانت ثوانيه أياماً ، ودقائقه أعوامًا ، عندما أقدمت تلك الزمرة المارقة على ارتكاب تلك الجريمة النكراء ، والمجزرة الشنيعاء ، حين راحت الوحوش الآدمية تطلق نار رشاشاتها وقنابلها وعتادها الجهنمي على أناس محجوزين في زنازينهم ، قد أغلقت عليهم الأبواب الحديدية ، ولم تستثن أحداً منهم ، رغم صيحات الاستغاثة ونداءاتها ، فقضى المئات منهم ، في ساعة أو بعض ساعة ، لا لجرم ارتكبوه ولا لذنب فعلوه ، أجل ! إنه الحقد الدفين في قلوب تلك الزمرة الفاسدة المفسدة التي تسلطت على البلاد والعباد في غيبة الرقيب وغفلة الشرفاء والأحرار، إنها الفعلة التي يندى لها جبين الإنسانية، وجبين كل من في قلبه ذرة من رحمة ، أو في ضميره ذرة من شفقة ، أوفي وجهه ذرة من حياء ، مجزرة دبرت بليل ، بأمر من علية القوم (بل سفلتهم)  وفق سياسة التطهير الإثني ، والحقد الدفين غير المحدود ، وعلى ملء أسماعهم وأبصارهم ، بل لقد قام بعضهم بالإشراف على تنفيذ فصولها ، حتى تم فصلها الدرامي الأخير، فأزهقت الأرواح البريئة ، ومزقت الأجساد الطاهرة ، واستبيحت الحرمات ، وانتهكت كرامة الإنسان في وضح النهار ، ودونما خوف أو وجل ، ودونما حياء أوخجل .  

أجل يا تدمر، أنت أم المفارقات ، فالأرض هي الأرض , والمكان هو المكان ، ولكن الإنسان غير الإنسان ، وعلى أرضك توالى عدل وظلم ، كرامة وقهر، حرية وعبودية ، أنس ووحشة ، بشر وذئاب ، عمار وخراب ، خصب وجدب ...

وأخيراً يبقى السؤال الذي ينتظر الإجابة : هل ثمة من حساب لتلك الأيادي المجرمة الآثمة ، وقصاص من مرتكبي تلك الجريمة النكراء التي تعد بحق من أفظع الجرائم الإنسانية في العصر الحديث ؟

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ