تراتيل
على أسوار تدمر (4)
شعر:
يحيى البشيري
الترتيل
الرابع
في
السجن الجماعي
(1)
مَن أنت أُخيَّ وَ مَا العملُ ؟
- أنا
فردٌ مِن هذا الشعبِ
قد جاءوا بي بدلاً مِنهُ
عمَّنْ ؟
عَن شخصٍ قَالوا أعرِفُهُ
(2)
- مَن
أَنتَ أخيَّ: وما العملُ ؟
-
شُرطيٌ مِنْ حَرسِ السِجْنِ
أُدْخِلتُ لأني لَم أضربْ
أشيَاخاً مِنْ أهْل العلمِ
(3)
- مَن
ذاكَ الواقفُ يرتجفُ ؟
-
أحدُ الضباطِ مِنَ الجيشِ
مَنْ ضَاقَ بِهم سجنُ المزَّة
سنواتٌ عشرٌ قد مرتْ
في السِجْنِ عليه وَلَمْ يَخضَع
مِنْ قَبْل أتَتْه أوامِرُهُم
أن يُخلي نقطتهُ الأولى
ويعودَ إلى الخطِّ الخلفي
فأصرَّ على وَقف الزَحْفِ
مادام بِه عَزمٌ يدفَعْ
(4)
- مَن
أنتَ بُنَيَ، وما العملُ ؟
- أنا
تلميذٌ في الإعدادي
في السِجْن أبي وأَخي الأكْبر
أترى في الزاويَةِ الأُخْرى
إنسَاناً يمشى في القيدِ ؟
هو أستاذي في المدرسةِ
بالأمس أتاه الجلادُ
واثنانِ بمنتصَفِ الليلِ
وأعادوه عندَ الفجرِ
بجروح جفَّ بها دَمُهَا
وجروحٍ غائرةٍ تجري
(5)
مَن ذاك الجالسُ لا يغفو ؟
هو أستاذٌ في الجامِعةِ
لَمْ يفعل ذَنباً أو جُرماً
لكن في غضبةِ آذارٍ
إذ هَبَّتْ وانتفضت حلبُ
احتجَّ على عَسفِ العسكر
وتَبَخْتُرهم في القاعاتِ
(6)
- مَن
أنتَ ؟ وعلامَ
الدمعُ
ما قُدِّر كان، لِم اليأسُ؟
- أنا
عضوٌ في حِزبِ الحكمِ
أدَّيتُ الدورَ كَما قالوا
فَخُذلتُ وعاداني الناسُ!
(7)
- من
أنت، أُخيَّ وما العملُ ؟
- أنا
عُضوُ نقاباتِ العَمل
في المَزَّةِ بعضُ أصيحابي
ورِفاقي العشرةُ قد مَاتوا
أنا ما استُدعيتُ لمحكمةٍ
لم أُبصر وَجْهاً للقاضي
وبتدمرَ لم يُعرفْ جُرمي
قد امكثُ خَمساً أو عَشراً
فالسجنُ احبُ إلى قَلبي
أن أُقنعَ نفسَي بالظُّلمِ
(8)
- أَو
تدري مَن ذَاك الآتي
بالحبوِ يسيرُ وبالزحفِ ؟
فلاحٌ يَرفض سَمْسَرةً
للحُكمِ فعومل بالعسفِ
وأولئكَ عَشرةُ طلابٍ
أُخذوا مِن قاعاتِ الفَحصِ
والصامتُ في صبرٍ وأسىً
رجلٌ من أهلِ القانونِ
والآخرُ جَرّاحُ القلبِ
أوَ يُفعلُ ذاك بمختصِّ ؟!!
(9)
لا ترفعْ صوتكَ قد جاءوا
وحَذارِ حَذارِ مِنَ الصوتِ
إن يسألْ مَنْ منكم صلّى ؟
فالكلُّ يجاوِبُ بالصمتِ!
(10)
- هَل
فيكمْ مَنْ دَرَسَ الذَّرَةْ ؟
- في
المَهجع أكثرُ مِنْ عَشَرة
-
عَجباً أتعادون الثَوَرةْ ؟!!
-
أعداءٌ للبَاغي نَحنُ
أمناءُ نُدافعُ عن فِكْرةْ
لا يُلغي موقفنا السجنُ
(11)
أنْتُم في السِجنِ أذلاءُ
لا صوتَ يُجيب على الشَتمِ
أنتم عملاءٌ أنذالٌ
لا صوتَ يَردُّ على اللؤمِ
نحن العظماءُ الأبطالُ
حرّرنا القطرَ مِنَ الدينِ
وخرافاتٍ مِنْهَا الصَومُ
والقَائدُ أعظمُ إنجَازٍ
ما اللهُ ؟ ومَا هذه القيمُ ؟
لا تَرفَع كفًا للهِ
بدعاءٍ ، لَن تُتلى آيَة
(12)
لا صوتَ يُجيب على الشتمِ
لا صوتَ يردُّ عَلى اللؤمِ
لكنَّ سؤالاً في الذِهنِ
لا يَخْشى مِنْ هَولِ السِجنِ
أو يُفْعل في أسْرى الحَربِ
أفعالٌ يأباها البَشَرُ؟
|