تراتيل
على أسوار تدمر
شعر:
يحيى البشيري
الترتيل
السادس
الأخدود
(1)
أسمعتَ بأهلِ الأخدودِ؟
بالنارِ يُؤجِّجُها وَغدٌ
بمئاتٍ منْ خيرِ الناسِ
يَلهو بمصَائرَهُمْ نذلٌ
وَينُوءُ لفقدِهمُ شعبٌ
بِنَزيفِ دماءٍ في بلديْ
(2)
اقرأتَ عن الشَعبِ الأعْزَل؟
تُدميهِ سِياطُ الإرهابِ
أسَمِعتَ بِتَدميرِ المدنِ؟
بالشعب يهاجرُ للأمنِ
بالأسرةِ تُقتَل كي تفنى
بالجثةِ تُربط للسَّحلِ؟
(3)
أسَمعتَ بشعبٍ يَحكمُهُ
جلادٌ يَفْخَرُ بالقتلِ؟
بِحرائرَ تَرسفُ بالقيدِ
بالطفلِ يُهدَّد في المهدِ؟
(4)
أقرأتَ عنِ الوطنِ الدامي؟
عن شعبٍ حُوصِرَ بالرعبِ
ومَدائنَ تُحكمُ بالجوعِ
وحَواجزَ تُنصبُ في الطرقِ
وعِصاباتٍ للإرهابِ ؟
(5)
في كلِ مكانٍ قَد حفروا
للشعبِ أخاديدَ الموتِ
في القرية، في المدنِ الكُبرى
في الحيِ الشعبيِّ النائي
في الطُّرقِ وثُكناتِ الجَيشِ
(6)
في كُلِ مكانٍ من بَلدي
تَلقى سَاحاتِ الإعدامِ
وقضاةِ القتل بلا سَببِ
في محكمةٍ للميدانِ
في كُلِّ مكانٍ مِنْ بَلدي
في كُلِّ مكانٍ مِنْ بَلدي
(7)
أشمَمْتَ نَسائِمَ تكبيرٍ
حَمَلت أشْواقاً للبلدِ؟
للأهَل، ويَا طيبَ الأَهْلِ
للشعبِ وأكْرِم بالشعبِ
(8)
أسمعتَ بِنكبةِ قرطبةٍ
تَرويها أمواجُ البَحرِ
عَنْ شطٍ يَشكو للشطِّ
هولَ التفتيش عن الفكرِ؟
عن حرفٍ زُخرفَ بالخَطِّ
عَن ديوانٍ، عَن مكتبَةٍ
وبَقَايا مِنْ ألقِ السحرِ؟
عن آياتٍ تُتْلى هَمساً
ورُكَيعَاتٍ عنْدَ الفَجرِ؟
(9)
أتقومُ مَحَاكِمُ تفتيشٍ
بالشامِ، ويَأتي الإفْرَنجُ؟
ويَعيشُ الناسُ بلا رأيٍ
وتُصادرُ أشْعَار الحُبِّ
وتُراقبُ نَبَضاتُ القلبِ
هل تَذكرُ أسماءَ اللهِ؟
(10)
أَسمعتَ بِساحةِ إعدامٍ؟
ضَمَّت عَشَراتٍ مِنْ بَلدي
أسمعتَ بمحكمةٍ تَقضي
بدقائقَ دونَ مُراجعةٍ
بالقتلى تحُمَلُ أجساداً
أكداسُ البعضِ على البعضِ ؟
بقوافلَ تمضى حاملةً
جُثثاً فيها نبضُ القلبِ
بدماءٍ ترسمُ مأساةً
للحزنِ بلوحاتِ الأرضِ ؟
(11)
لم نَسمع في الوطنِ الأكْبَر
من قالَ: الشامُ بمعتقلِ
لم نسمع صوتاً أو همساً
أو شخصاً جاء يُواسينا
أبكلِّ مكانٍ في وَطَني
أفواهٌ غصَّت خَائفةً؟
أو تختمُ بالشمعِ الأحمَرْ؟
(12)
أُعليكَ أيا وطني الأكبر
أن تَحني الجبهةَ في ضَعةٍ
وتهونَ لأحذيةِ العَسْكَر
أنْ تحسَبَ صَمتَك مِنْ ذهبٍ
فالصمتُ لمثلكَ لا يُرضى
بل صمتكَ ذنبٌ لا يُغْفَرْ
من أقصى الأرضِ لأقصَاهَا
تَرضى بالذنبِ وبالمُنْكرْ ؟!!
فبِكُلِ مكانٍ قَد حَفَروا
للشعبِ أخاديدَ الموتِ
صبراً يا أهل الأخدودِ
فبتدمُرَ أُخدودي الأكْبَرْ
|