وقائع
عذراً
كان خطأ في الاسم :
حكاية
رجل اعتقل 20 عام في السجن خطأً
مضى
على خروجه من السجن زمن طويل
وإلى
الآن يرى نفسه غريباً
( غ- ج ) من إحدى قرى
مدينة السويداء.كان مزارعاً
بسيطاً يستمتع بمناظر قريته كما
يقول ويسترجع معها حكاية والده
في ثورته ضد الاحتلال الفرنسي.
عبر حكايات القرى
المجاورة ومدينة السويداء كان
يسمع بقصص الأحداث والمشاكل
التي كانت تحيط بدمشق وباقي
المحافظات السورية.وكان يردد
دائم دعاء والده بان تبقى
البلاد خيراً لأهلها وناراً على
محتليها.
في أحدى ليالي عام
1983 وبينما كان يساهر ابنته
الرضيعه ويضاحكها.دخلت
سياراتين محيط إرضه ولم يشعر
إلا ورجال يحملون السلاح فوق
رأسه.
طلبوا منه الخروج
معهم وعندما سألهم عن السبب
لكمه أحدهم في وجهه.
سيق الفلاح المسكين
إلى خارج المنزل وعندما لحقت به
زوجته وسط بكاء طفلته,صرخ أحد
المسلحين بوجه الزوجه وأمرها
بأن لا تنظر من النافذه وإلا سوف
يقتلها.
يقول ( غ - ج ) نظرت
لابنتي وهم يقودونني.كانت تبكي
وتصرخ,اما انا فحزنت عليها ولم
يخطر ببالي أبداً ان يطول غيابي
لعشرين عاماً.
ويكمل.. اخذوني إلى
مكان لا اعرف موقعه ولا حجمه كل
ما اعرف انهم اغلقوا عيناي
وساقوني إلى مكتب صغير.
هناك تعرضت للضرب
والتعذيب.. علقت على سقف الغرفه
وانهال علي أكثر من خمسة أشخاص
بالضرب حتى أغمي علي.
اذكر انهم طلبوا
مني معلومات عن تنظيم وخلايا
وذكروا مصطلحات لم أفهم منها
شيء.لكن النهاية كانت دائماً
بالضرب والجلد.
بعد شهور على ما
اعتقد دخل علي أحدهم بدى عليه
المسؤولية.وطلب مني ان اوقع على
مجموعة اعترافات.وعندما سألته
عم معنى تلك الكلمات في الورقة
نادى أحد الجلاديين وقال له :
اشرح لصديقنا تلك الكلمات.ويا
ليته لم يشرح.
بعد شرح الجلاد
وقعت على تلك الورقة.وتم نقلي
إلى مكان لا أعرفه.إلا إن هذا
المكان بات منزلي ومكان اقامتي.ومع
جدرانه سجلت حكاية عمرها 20
عاماً.قضيتها في السجن دون أن
اعرف السبب والغاية.
ساعات وايام .اسابيع
وشهور..سنين وعقود مرت وانا
انتظر ليقولوا لي السبب..
هناك في المعتقل
كان الشوق يأكل أحشائي وكل ليلة
كنت اداعب ابنتي في احلامي
واضاحكها.وفي كل صباح ارسم لها
بسمة جديدة تشابه تلك البسمة
التي ودعتني بها ليلة اعتقالي.
مضت تلك السنين لم
تكن قصيرة بقدر ماكانت تعني لي
الحكم على بالموت قبل قدر الموت.
بعد 20 عاماً ناداني
أحد اضباط وقال لي سنفرج عنك
اليوم بعد عفو ومكرمة من السيد
الرئيس.نظرت إليه وبالكاد كنت
افتح عيوني من عتمة السجون..وسألته
: انا بأي ذنب سجنت.ولماذا أقمت
هنا.
ابتسم ممازحاً لقد
كان خطأ في الأسماء.هناك تشابه
بين اسمك واسم احد الملاحقين من
فرعنا..واكمل:
لا بد أنك ستعذرنا
فنحن كنا في حالة طوارئ والخطر
من كل جانب.
نظرة إليه وكادت
دموعي ان تنهار من هذا الظلم.لكني
كنت انتظر تلك اللحظة لأعود
للابتسامة التي ودعتني بها
ابنتي.
خرجت من السجن
ودموع القهر تأكلني وشعوري
ينتابه الحنين لأسرتي والحقد
لجلادي السجون..
لحسن الحظ أن اسم
المدينة واسم القرية لم يتغير..لكني
عندما وصلت قريتي لم اجد فيها,مرح
الاطفال واصوات الرجال.لم اجد
فيها طبول النصر وزفات الاعراس.
كانت القرية شاحبة.والسهول
صفراء.والابتسامة ضائعه.لكني
استمريت في البحث بذاركتي عن
ازقة المنازل حتى وصلت لمنزل..منزل
كان بابه اسود ومن حديد واذكر ان
احد زاوية الباب كانت مخلوعه..
تأكدت انه باب
منزلي وقرعت الباب.
فتاة رائعة الجمال
فتحت باب منزلي.نظرت إليها
احاول ان اشتم رائحتها.حاولت ان
اسرق منها ابتسامه,لكنها كانت
عابسة وباتت عينها تتهيأ للهجوم
لو أني اخطأت في الكلام او في
النظرات.
نادت لأمها بغضب,فوصلت
تؤام الروح.. نظرت إلي وكان
قلبها يخفق مثل قلبي..
سمعت نبضها,وكأن
الحياة عادت له بعد انقطاع.انهالت
وضمتني في حضنها وتقبل بي باكيه
وتصرخ باسمي.وبالحظة شعرت بفتاة
العشرين التي كانت تتحداني
بنظراتها تنهار أمام قدامي
باكية مقبلة. صارخة كذئبة فقدت
رضيعها..
دخلت المنزل كانت
الوسادة في مكانها,خزانة الخبز
فارغة,,
سألتني زوجتي لماذا
انسجنت ؟؟ قلت لها : كنت منظم في
حزب يعادي اهداف الثورة ويحرض
على الفتنة.وقد ألقي القبض
علينا قبل التحرك المدعوم من
قوى الخارج..
لم تفهم زوجتي تلك
العبارات..فتذكرت أنني ايضاً لم
افهم هذه العبارات عندما وقعت
عليها قبل 20 عام,,
الحركة
السورية القومية الاجتماعية
12-7-2007
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|