بيان
من جماعة الإخوان المسلمين في
سورية
حول
الموقف من القرار
الدولي
رقم (1636) وتداعياته
إلى أبناءِ
شعبنا في سوريةَ الحرّةِ الأبية..
إلى أبناءِ أمتنا العربيةِ
والإسلامية..
لم تَزَلْ
أمتُنا في أقطارها المختلفة،
تعيشُ في دائرة الاستهدافِ
العالميّ، منذُ أكثرَ من قرن..
وهي تحاولُ الدفاعَ عن نفسِها
بما أوتيَتْ من قوةٍ ماديةٍ
ومعنوية، وبما يتهيأ لها من
أسبابِ الدَفْع في معادلات
القوى العالميةِ في مراحلها
المختلفة. ولا نشكّ في أنّ
قطرَنا السوريّ قد وقعَ هذه
الأيام في بؤرةِ الاستهدافِ
الذي يسعى بذرائعَ مختلفة،
للنيل من وجودنا وثوابتنا
وهويتنا..
ولقد أدركَتْ جماعةُ الإخوان
المسلمين في سورية، بشكلٍ
مبكّر، ملامِحَ المأزقِ
المفروضِ على أمتنا، والخطرَ
الذي يتهدّدُ قطرَنا، فدأبَتْ
على تقديم المبادرة إثرَ
المبادرة، لإعادة بناء اللّحمة
الوطنية، وأطلقَت النداءَ
تِلْوَ النداء، ليراجعَ
النظامُ الحاكمُ حساباتِه،
وليبنيَ مواقفَه من موقع
المسئوليةِ التي يتحمّلُها،
على أساسِ مصلحةِ الوطن العليا؛
لا على أساس مصلحةِ فردٍ أو فئةٍ
أو حزب!!.
إلاّ أنّ عَجْزَ الفئة الحاكمة
عن إدراكِ المتغيّراتِ
ومُقتَضياتها واستحقاقاتها،
واستهتارَها بالنداءاتِ
الوطنية، وبمصلحةِ الوطن
العليا، وإصرارَها على سياساتِ
الاستبداد والانفراد بقرار
الوطن وثرواته، وتسلّطَها على
مقدّراتِ الشعبِ اللبنانيّ
الشقيق.. أوصلَ قطرَنا إلى فوهةِ
البركانِ الذي يعيشُ عليه اليوم.
يا جماهيرَ
شعبنا السوريّ.. يا أبناءَ أمتنا
العربيةِ والإسلامية..
إننا نُدْركُ - كما يُدْركُ
جميعُ أبناء أمتنا - أنّ سوريةَ
اليومَ في خطر. وبغضّ النظر عن
جدّية الذرائعِ المطروحةِ
للتدخّل في شؤون قطرنا؛ فإننا
نُدْركُ أيضاً أنّ للخطر
مُقتضَياتِه واستحقاقاتِه. إنّ
الخطابَ الرئاسيّ الأخيرَ
يؤكّدُ أنّ هذا النظامَ لم
يُدركْ بعدُ أبعادَ الخطرِ
المحدقِ بالوطن، ولا حجمَه
واستحقاقاتِه ومُقتضَياتِه،
فهو لا يزالُ مصرّاً على
الانفرادِ بقرار الوطن حاضرِه
ومستقبله. ولا يزالُ مصراً على
عزلِ أبناء المجتمعِ وقواهُ
السياسيةِ عن
المشاركةِ في حماية البلدِ
وتقرير مستقبله،
ولم يستطع الخروجَ من عنجهيةِ
الخطابِ الخشبيّ الذي عوّدَنا
عليه منذُ استيلائه على الحكم،
قبلَ هزيمةِ حزيران 1967 وبعدَها.
إن
استشعارَنا جدّيةَ الخطر،
وإحساسَنا بفَداحةِ تَبِعاته
وتداعياته، يحتّمُ علينا أن
نُعلنَ للرأي العام العالميّ
والعربيّ والسوريّ، حقيقةَ
مواقفِنا من المجرياتِ على
الساحةِ الوطنيةِ السوريةِ في
هذا الظرفِ العصيبِ من تاريخ
بلدنا، لا سيّما بعد أن أدارَتْ
الفئةُ الحاكمةُ ظهرَها لجميع
المبادرات الوطنية، بما فيها
إعلانُ دمشقَ الأخير، ولم
تُقِمْ وزناً لأيّ تطلّعٍ شعبيّ
للمشاركة في الدفاع عن الوطن:
- أولاً: نحنُ
معَ صُمودِ شعبنا وإبائه،
والدفاعِ عن الوطن وحمايته ضدّ
أيّ عدوان، ونرفضُ أيّ مساومةٍ على
الثوابتِ الوطنية: الأرضِ
والانتماءِ والهويةِ والسيادةِ
والحرية..
- ثانياً: نحنُ
معَ أهلنا وإخواننا في لبنانَ
وفلسطيَن والعراق..
معيّةَ أخوّةٍ ومحبةٍ وتعاون،
لا معيّةَ استعلاءٍ واستتباع،
أو بذرٍ للفتنة والشقاق.
- ثالثاً: إنّ
من مصلحةِ الوطنِ التعاملَ
الإيجابيّ مع إرادةِ المجتمع
الدوليّ
ومع القرارِ الدوليّ رقم
(1636)، والتعاونَ الكاملَ مع
لحنة التحقيقِ الدولية،
إسقاطاً لكلّ الذرائع، وسعياً
للكشف عن الحقيقةِ في جريمةِ
اغتيالِ الرئيس رفيق الحريري.
- رابعاً:
نرفضُ رفضاً قاطعاً أن يَتَماهى
أيّ فردٍ بالدولة أو بالمجتمع، مهما كان شأنُه أو موقعُه، أو أن يتترّسَ
بالوطن أو بالشعب. وبغضّ النظر
عن الإدانةِ أو البراءةِ في
قضية اغتيال الرئيس الحريري،
فإننا نرفضُ أن يَعتَبِرَ أيّ
شخصٍ نفسَه رمزاً للوطنيةِ أو
السيادة.
فمصلحةُ الوطنِ والدولةِ والمجتمع،
مُقَدّمةٌ دائماً على مصلحة
الفردِ كائناً مَنْ كان.
- خامساً:
نؤكّدُ رفضَنا لأيّ عقوبةٍ
سياسيةٍ أو اقتصاديةٍ تُفرَضُ
على سوريةَ الدولةِ والمجتمع. وينبغي على المجتمعِ الدوليّ،
والأشقّاءِ والقادةِ والنّخَبِ
في الدول العربية.. أن يميّزوا
بين الفئةِ الحاكمةِ وسياساتها
وجناياتها من جهة، وبين الدولةِ
والمجتمعِ السوريّ من جهةٍ
أخرى، وأن يبحثوا عن آلياتٍ
خاصة، تطالُ الجُناةَ أو
المشبوهين. ليجنّبوا شعبَنا
الذي عانى طويلاً من الاستبداد،
معاناةً أخرى يدفعُها ضريبةَ ما
فعلَ الجُناة، فليس بينَ أبناء
شعبنا من يُدافعُ عن قاتلٍ أو
مشبوه.
إنّ هذه الفئةَ الحاكمةَ لا
تمثّلُ الشعبَ السوريّ، ولا
تعبّرُ عن مصالحه، فقد عزلَتْ
نفسَها عن المجتمع وقواهُ
ومؤسّساتِه، وجاءَ الخطابُ
الرئاسيّ الأخير، ليكرّسَ هذه
العزلةَ بكلّ أبعادِها. وإننا
باسم جماعة الإخوان المسلمين في
سورية، وما تمثّلُه من رصيدٍ
وطنيّ، نرفضُ أن يَدْفَعَ
شعبُنا ومجتمعُنا ثمنَ
مغامراتِ المغامرين.
- سادساً: ندعو
القوى الحيةَ والنّخَبَ
السياسيةَ السورية، إلى حوارٍ
وطنيّ، لتوسيع دائرة إعلان دمشق للتغيير الديمقراطيّ،
وتجنيبِ شعبِنا الويلاتِ التي
قد تجرّها عليه سياساتُ النظام،
وللخروج من المأزقِ الذي أوصلت
البلادَ إليه، كما ندعو إلى
الحوارِ مع المجتمعِ الدوليّ
والقوى الفاعلةِ فيه، لتوضيحِ
ملامحِ الخارطةِ الداخليةِ
والبديلِ الوطنيّ الديمقراطيّ،
ونَزْعِ كلّ صورِ الزّيْفِ
والتخويفِ التي مارسَها
النظامُ لتشويهِ سُمْعةِ
المجتمعِ السوريّ، وتصويرِ
قواهُ الوطنيةِ بصورةِ
المهدّدِ للاستقرارِ وللسّلمِ
الأهليّ.. فالحوارُ هو السبيلُ
الأقومُ لبناء علاقاتٍ أفضلَ مع
هذا العالم.
وإذا كنا قد أصرَرْنا - ولا نزال
- على رفضِ الاستقواءِ
بالأجنبيّ، أو السيرِ في ركابِ
مشروعاتِه على اختلافِ
أطروحاتها؛ فإننا نوضّحُ أنه لا
بدّ من التمييزِ بين حوارٍ
يَهْدِفُ إلى الدفاعِ عن الوطنِ
(الثوابت والإنسان)، وبين
استقواءٍ يَهْدِفُ إلى جَلْبِ
العدوانِ على الوطن.
لندن في 14 تشرين الثاني (نوفمبر)
2005
جماعة
الإخوان المسلمين في سورية
|