ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 04/02/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


سورية تواجه مخاطر طائفية وطبقية..

ولا بد من عملية إصلاح وطني لمجابهة الغزو الخارجي

المفكر السوري الطيب تيزيني لـ: الشرق الاوسط

القاهرة: هاني نسيرة

كل شيء تغير، والمفكرون غيروا وجهاتهم أيضاً. المفكر السوري المعروف الطيب تيزيني صاحب نظرية «من التراث إلى الثورة» التي اعتبرت رؤية جديدة في الفكر العربي، سبعينات القرن الماضي يعترف اليوم، أن كتابه الشهير هذا تخطاه الزمن، وأن عنوان المرحلة الجديدة هو «من التراث إلى النهضة»، وهي نهضة تستكمل ما انقطع، آخذة في عين الاعتبار كل التحولات. الطيب تيزيني مشغول بما يحدث في بلاده خصوصاً، ومحيطها العربي. وهنا حوار معه، أجري أثناء زيارة له للقاهرة، حول بلده الذي يعاني اليوم ضغوطاً لا يحسد عليها، وتشخيصه لحال العرب الذي تحتاج معالجته لكل ذي عقل وفطنة.

 

> بماذا تفسر الصعود الأصولي الأخير في المنطقة وما يقال عن الإسلام السياسي وغيره؟

ـ الأصولية ظاهرة مركبة ومعقدة، وحديثي عن الأصولية هنا هو حديث عن الإسلام السياسي الراهن. ولا أريد هنا ان أطيل في تحديد الأصولية لان لها عدة مستويات، مستوى لغوي، مستوى دلالي، مستوى اصطلاحي. أتحدث هنا عن المستوى الاصطلاحي الذي نعني به تلك الحركة الإسلامية التي أعلنت العودة إلى النشوء انطلاقاً من شعارها الكبير الإسلامي وفي ظله لم يتركوا شيئاً للخلاف. فنحن إذا ما واجهتنا أسئلة علينا ان نعود إلى استنطاق هذه الأسئلة وفهمها وفهم أجوبتها ضمن أسلافنا. وعلى هذا الأساس الأصولية تهشم السياقات التاريخية، تهشم التاريخ، وتضع من ثم الحدث مقابل التاريخ. هذه الأصولية السياسية لم تنشأ بوصفها ظاهرة دينية إسلامية اكتسبت دلالاتها من نمو ذاتي فيها فحسب، وانما الأصولية هي أولا نتيجة من نتائج الإخفاق العربي الذي تمثل في تفكك المشاريع العربية الأربعة: القومي، والاشتراكي، والليبرالي، والإسلامي.

الإسلامي هنا الذي لا ندخله في الإسلام السياسي، إسلام أولئك المثقفين المسلمين الذين كانوا يطمحون إلى التنوير الديني، الأصولية هنا امر آخر. اذن هذه الأصولية برزت في داخل المجتمع العربي ولم تنتج مع نشوء العولمة، او بفعل العولمة.

هي إثمار داخلي بسبب الإخفاق الكبير في المشاريع الأربعة. ومن ثم تفكك هذه المشاريع أوجد حالة من الفراغ التاريخي. الإسلام موجود بقوته الهائلة، وهي قوة بمعنى التأثير الشعبي. لذلك نرى ان الأصولية تأتي فعلاً ورد فعل. فعل أراد ان يلتقط الحديث الجديد ورد فعل أراد ان يجيب عن ما اخفق فيه الآخرون.

ولهذا أعبر عن الأصولية بوصفها مشروع أزمة وليست مشروعا لنمو، وكلاهما مختلف عن الآخر، ويرجع ذلك إلى كونها تعود إلى الماضي، وتأخذه من حيث هو، ولا تأخذه من حيث هي، أي ان تغطي على المعيار المنهجي الذي يقف أمام السؤال الكبير كيف نعود إلى الماضي. ما هو هذا المعيار؟ انه الواقع المعاش لاعتبارين، اعتبار أيدلوجي أي اعتبار المصالح، واعتبار معرفي، فمن يعود إلى الماضي، يعود دائماً بإملاء من هذين المستويين.

 

> دعوت مع عدد من المثقفين السوريين لإدماج الإخوان المسلمين في الحياة السياسية في سورية، ألا ينطوي هذا الاستقطاب على قدر من التعسف؟

ـ لا.. بل هذا عبء يقع على المثقفين السوريين ودعاة الإصلاح السياسي أنفسهم بأن يجذبوهم نحو الأرضية المدنية والديمقراطية، وظني أنه ممكن ويمثل تقدما لهذه الجماعة في سورية، حيث ينمو الخطاب بشكل كبير وواضح، عن الإخوان في مصر التي تشهد استقطابا حادا بعد الصعود الأخير لهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث ما زالوا أقرب للأرضية الدينية منهم للأرضية المدنية، وعل من الممكن أن نلقي باللوم في ذلك على النخبة المدنية المصرية ذاتها.

 

> ما موقفك من إعلان دمشق الذي وقعت عليه مجموعة من الأحزاب والمثقفين السوريين، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه سورية الآن؟

ـ تجاهل الإعلان لمسألة احتكار الثروة في سورية ونهب أموالها وتهريبها للخارج مما أدى لتدويل هذه الأموال وعودتها، إما في صورة مساعدات أميركية زائفة، أو قنابل ومدافع إسرائيلية. وأنا أنتقد من ثم تركيز الإعلان على احتكار السلطة السياسية فقط في هذا الشأن. وفي رأيي تواجه سورية حاليا ثلاثة مخاطر: أولها فتنة طائفية يتم اللعب عليها من الداخل والخارج، وثانيها حرب طبقية ملونة طائفيا، وثالثها محاولات الغزو الخارجي للبلاد. مشيراً إلى أن الحل في مواجهة هذه الأخطار يجب أن يكون في خطوتين: أولاهما الاستجابة للشرعية الدولية، وثانيهما الانخراط في عملية إصلاح ديمقراطي وفتح ملفات مهمة كملف المعتقلين السياسيين لتحقيق مصالحة داخلية. لذلك أنا أدعو إلى عدم الرهان على الخارج. الرهان يجب أن يكون على قوى الداخل بمن فيهم القوى البعثية التي تدعو للإصلاح والتغيير، مع الأخذ في الاعتبار التغييرات في خطاب جماعة الإخوان المسلمين في سورية، وقبول قسم كبير منها للتعددية، كما لا يجب أن نغفل أن الجماعة نشأت في سورية كحركة ثقافية مفتوحة. وما يتخذه الإخوان الآن ليس رهانا على الخارج بتحالفهم مع معارضي السلطة في المنفى، ولكنه فضح للنظام الذي كان سنده في الخارج دائما، وتعريته أمام الخارج ليس اعتمادا عليه، ولكن إعطاء مساحات من الفعل للداخل السوري في ظل نموذج لدولة أمنية مغلقة.

 

> مشروعك الذي تبلور في كتاب «من التراث إلى الثورة» ماذا تبقى منه الآن؟

ـ الحديث عن كتابي «من التراث إلى الثورة» في هذه المرحلة يدعوني للتساؤل في ما إذا كان هذا العنوان ما زال محتفظا براهنيته المعرفية والسياسية والثقافية، وله ضرورة تاريخية الآن، خاصة أنه ككل عمل فكري يعكس لحظته، وإن كان يتضمن كذلك ما قد يغطي لحظات أخرى لاحقة. ورأيي بعد عقد ونصف العقد من التفكير، أن هذا العنوان، ينسحب ليفسح الطريق الآن إلى عنوان آخر هو «من التراث إلى النهضة». فمرحلة بداية السبعينات كانت تحتمل مشروع الثورة، بيد أنه الآن في سياق التحولات وخصوصا مع نشأة النظام العالمي الجديد، إضافة لتعاظم آفاق ثورة المعلومات، هناك توجه جديد للخارطة الفكرية والسياسية العربية، التي أخذت تنحو نحوا مختلفا. ومن موقع البحث النظري تبين لي أن مشروعا للنهضة ربما أصبح هو العلامة الأولى للعصر العربي الراهن وليس مشروعا للأيدلوجية الثورية.

 

> ما أهم ملامح هذا المشروع الجديد وأسئلته ؟

ـ إنه ينطلق من سؤال ذي طابع وجودي هو: هل يستمر العرب بوصفهم تجمعات وطنية أو قومية، قادرين على أن يبقوا فاعلين في تاريخ قادم؟ لقد كان السؤال السابق في المشروع الثوري قائما على مسألة التقدم التاريخي بينما يقوم مشروع النهضة على سؤال الهوية التي يحيط بها الخطر. الهوية تبرز هنا بمثابة رافعة حاسمة، نظرا لأنها توجد الآن تحت قبضة حديدية وقادرة على الفعل هي النظام العالمي الجديد، الذي يسعى إلى ابتلاع الطبيعة والبشر، وإلى هضمهم وتمثلهم ومن ثم تقيؤهم سلعا. هوية السوق يراد لها أن تكون البديل الأوحد للهويات القومية والوطنية. تم اختراق مشروع الثورة واستنفاده، وبقي مشروع النهضة القديم مرة أخرى، ولكن في شكل جديد لا يصح أن يخرج عن سقف يجمعنا مع الآخرين، ولا ننغلق فيه على أنفسنا. ومن ثم فلا يصح ان نُحيل قضايانا الداخلية إلى فعل خارجي، ولكن يمكن أن نحيله إلى جدلية الداخل والخارج، هذه الجدلية التي تعني ان الداخل هو الذي يملي على الخارج كيف يؤثر فيه. الإشكالية، إذن تبدأ في الداخل. لكن مع إخفاق المشروع النهضوي في القرن التاسع عشر، أي في مرحلة تحول النظام الرأسمالي إلى المرحلة الليبرالية ثم الاستعمار، أصبحت العلاقة مختلفة بعض الشيء بين الطرفين ـ طرفى المعادلة ـ الداخل والخارج، في تلك المرحلة اصبح الخارج قادراً على ان يسترق الداخل.

 

> ما الفارق بين مشروع النهضة ومشروع الثورة في رأيك، بعد هذه المراجعة المهمة؟

ـ إن هذا التحول عندي من مشروع الثورة ـ حيث كان حسن حنفي يصفني بأنني فيلسوفها بينما هو فقيهها ـ إلى مشروع النهضة لفوارق أساسية بين المشروعين تبرز في مقدمتها ما يتصل بالحوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية لكل منهما، فمشروع النهضة مشروع الجميع، الشعب والأمة ككل، أما مشروع الثورة فهو مشروع طبقة. وإن كان يحمل إمكانية تحوله للشمول.

 

> ما هي أهم ملامح الوضعية العالمية والعربية الجديدة، وما هي تحدياته؟

ـ أتى النظام العالمي الجديد، والبنية العربية مبتلعة من الدولة الأمنية. فهذه الدولة الأمنية التي أتت على أكتاف الفكرة الثورية ابتلعت الإصلاح الليبرالي الذي سبقها، مما جعلنا في حصار من قوى وسياسات كبرى وفي نفس الوقت أنظمة ودول مغلقة، حاصرت إمكانيات شعوبها وطاقاتهم الإبداعية. وهذه الحالة من الحصار تشكل لدينا، نخبا مثقفة وشعوبا، سؤالا وجوديا كبيرا، كيف نكون حتى يبقى كياننا، وبالتالي تتحول الإجابة من فكر المجابهة والثورة إلى فكر الإصلاح الذاتي ودمقرطة الدولة الأمنية في العالم العربي.

 

> كيف ترى سورية في ظل هذا المشهد ؟

ـ سورية الآن هي المثال الأكثر تعقيدا في واقع الحال، ويمكنني أن ألخص حالة سوريا ـ كذلك ـ في سؤال كبير هو: هل هناك نظام سياسي في العالم يرفض الاستقواء بشعبه ليبحث عن استقواء بالآخرين؟ نحن محاصرون من النظام الذي يحكمنا.. كما أجدني أعيش حالة من الإملاء الخارجي المفتوح والحصار الكبير لأي مشروع إصلاحي وطني ديمقراطي. وهنا تبرز الإشكالية الأخرى الأكثر خطورة وهي التي تتمثل في السؤال التالي:

من الذي يفتح النظام السوري المغلق؟ شعب مكبل أم خارج يسعى لابتلاع الداخل، ونظام يعتقد أن اللعب لا يكون إلا مع الخارج وعليه!

الشرق الأوسط 01/02/2006

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ