انتصار
حماس - ردود فعل أولية
بقلم:
مارك أ. هيلر
جرت
الانتخابات في السلطة
الفلسطينية للمجلس التشريعي في
25 كانون الثاني ونتائجها صدرت
مع اغلاق هذا العدد. في وقت
متأخر أكثر مما يمكن التوسيع
هنا عن المغازي الناجمة عنها.
ومع ذلك فواضح أن نتائج
الانتخابات جلبت معها بعدا من
انعدام الاستقرار. ولمفاجأة
الكثيرين وربما حماس نفسها،
حظيت بنصر مدوٍ على فتح التي
تسيطر على السلطة، إذ جرفت 76 من
اصل 132 مقعدا في المجلس. وهكذا
حلت نهاية أربعين عاما من هيمنة
فتح على الحركة الوطنية
الفلسطينية وصعدت الى السلطة
الحركة الاسلامية التي اختطت
على علمها دمار دولة اسرائيل
والتي تعد منظمة ارهابية في نظر
معظم دول العالم غير العربية.
انتصار
حماس يطرح بضعة أفكار ستبحث
بتوسع في الاعداد التالية لهذه
النشرة. أولها يتعلق بمبادرة
الولايات المتحدة لترسيخ
وتوسيع التحول الديمقراطي في
الشرق الاوسط وشمالي افريقيا.
ويعد انتصار حماس مذكرة صورية
لحقيقة أنه في هذه المنطقة من
العالم، لا تكون هوية المنتصر
معروفة مسبقا الا في المناطق
التي يوجد فيها حكم أجنبي او في
المناطق الخاضعة للنفوذ والضغط
الخارجيين. كما أن هذا النصر
يثبت أيضا أنه عندما تجرى مثل
هذه الانتخابات، فان الفائزين
الاساسيين بفضل احساس النفور
لدى الجمهور من الحكم القائم،
هي القوى الاسلامية التي لا يعد
التزامها بالديمقراطية - نظريا
وعمليا - امرا مسلما به. هكذا حصل
ليس فقط في افغانستان وفي
العراق بل وأيضا في انتخابات
مفتوحة مثلما في مصر بل وفي
الانتخابات لرئاسة البلديات في
العربية السعودية. انتصار حماس
هذا كفيل بالتالي أن يثير شكوك
اخرى بالنسبة لمشروع التحول
الديمقراطي الذي تتبناه
الولايات المتحدة، على الاقل في
كل ما يتعلق بصيغته الحالية.
وينبغي الافتراض بأن هذا
الانتصار سيعزز قوى الاسلام من
حيث هي، ولا سيما في مصر
والاردن، وكذا ستتعزز مكانة
أنظمة قائمة بالنسبة
لاستعدادهم لاتخاذ خطوات اخرى،
بعيدة الاثر، في مجال التحول
الديمقراطي.
الأثر
الأكثر مغزى لهذا الانتصار لا
بد سيبدو ملموسا في الساحة
السياسية الفلسطينية وفي كل ما
يتعلق بالنزاع الاسرائيلي -
الفلسطيني. فرغم أن قيادة حماس
ملتزمة التزاما كاملا
بمبادئها، إلا ان رجالها يدركون
بأن تحقق هذه المبادىء سيعقد
آمالها في تشكيل حكومة وادارة
الشؤون الداخلية والخارجية
للفلسطينيين. وان شئنا قول هذا
ببساطة، فان حماس لن يكون
بوسعها أن تتصرف على أساس
وعودها كما لن يكون بوسعها حتى
أن تمنع انهيار السلطة، إلا اذا
سمحت بتفاعل ما مع اسرائيل
والاسرة الدولية.
حماس
ستضطر الى التصدي قريبا للمعضلة
بين الحفاظ على مبادئها وبين
البرغماتية السياسية وليس
ممكنا لنا أن نقدر مسبقا
خطواتها في هذا الموضوع ويبدو
أن حماس ستمتنع عن اتخاذ القرار
على أمل خلق غموض والتملص من
أقوال واضحة - مثابة الاسلام ذي
الإرث الانساني - كي تكسب الوقت.
ومحاولاتها هذه لن تنجح الا اذا
لم تجبر - عبر العقوبات - على
الاعتراف باسرائيل، التنديد
بالارهاب والتخلي عنه.
ان
انتخاب حماس لا يعني بالضرورة
نهاية المسيرة السلمية، ذلك أنه
لم يكن هناك عمليا مسيرة منذ
ايلول 2000. وانتخابها كفيل بان
يؤدي الى امكانية مسيرة سلمية،
اذا ما دفعت حماس نفسها أو دفعها
آخرون، للاعتراف في غضون وقت
قصير بالمعاني الناشئة عن
مسؤولية تسلم الحكم. واذا لم
يحصل هذا فستضطر اسرائيل بعد أن
تجرى الانتخابات فيها،
استمرارا لمنطق فك الارتباط
المادي والنفسي، للعمل بشكل
احادي الجانب.
مركز
المعطيات والدراسات
الإستراتيجية / أبحاث
إستراتيجية إسرائيلية
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|