فك
الارتباط بين الليرة والدولار..
للنقاش مراقبون:
الاستقرار
للعملة.. لكن ماذا إن عادت
النقود النازحة؟
علي
حمرة ــ رنا حج إبراهيم
ما آثار وانعكاسات
فك ارتباط الليرة بالدولار على
الاقتصاد الوطني؟ وما المعطيات
الجديدة التي يخلقها فك
الارتباط من خلال اللجوء إلى
وحدات السحب الخاصة التي هي
ببساطة شديدة عملية حسابية
مركبة من أربع عملات رئيسية
الدولار، اليورو، الجنيه
الإسترليني، الين الياباني.
إعلان حاكم مصرف
سورية المركزي منذ أسابيع نية
المركزي فك ارتباط الليرة
السورية بالدولار وربطها بسلة
عملات هي وحدة السحب الخاصة أدى
إلى ارتياح بعض المراقبين إلى
هذه الخطوة، ولكن آخرين
اعتبروها خطوة جيدة إن توافرت
لها الظروف المناسبة وتم أخذ
الاحتياطات اللازمة لتجنب
انعكاسات قد تكون سلبية لا سمح
الله.
ورغبة منا في إيضاح
بعض الأسئلة والقضايا المتعلقة
بموضوع فك ارتباط الليرة
بالدولار واللجوء إلى وحدات
السحب الخاصة اتجهنا إلى
المراقبين والمختصين لفتح هذه
المسألة للنقاش الهادئ والمتزن.
عودة النقود
النازحة
الباحث الاقتصادي
سامر أبو عمار قال: اتخاذ قرار
كهذا بحاجة لاختيار الخطوة
المترافقة مع الزمن وأن يكون
هذا الأمر مدروساً، إذ ينبغي
الانتباه إلى ردود الفعل، فقد
يحصل عودة النقود النازحة خارج
الحدود بحيث يتطلب هذا الإجراء
من القائمين على السياسة
النقدية دراسة حجم الكتلة
النقدية خارج حدود الوطن بشكل
يكفل سلامة وأمان هذا الإجراء
بحيث لا يستنزف الاحتياطي
النقدي من الدولار مقابل عودة
هذه الكتلة النقدية إما بشكل
مقصود وإما على شكل ردة فعل.
ولهذا فإن اكتناز الأموال قد
يكون أمراً مفرحاً للشخص
المكتنز لكن له ضرراً على
الاقتصاد الوطني في النهاية.
ورأى الباحث أبو
عمار أن القيام بموضوع فك
الارتباط مفيد من حيث المبدأ
فعملياً ربط العملة بعملة وحيدة
يجر عواقب ومخاطر العملة
المربوطة بها من انعكاسات
سلبية، لذلك فإن التنويع يشكل
أحد أهم السياسات المالية
لتخفيف المخاطر، ولكن يجب
الانتباه مرة أخرى إلى زمن
اتخاذ القرار، فهناك احتمالات
ثلاثة: الأول خشية أن تؤثر هذه
الإجراءات بشكل إيجابي على رفع
سعر العملة السورية. وقد يقول
قائل: إن هذا الأثر جيد على صعيد
تعظيم الثروة لكن لا بد من
الانتباه لأثر ذلك على الصعيد
الإجرائي والعملياتي حيث إن هذا
سوف يقود إلى تحجيم الصادرات،
وستكون الضربة من الخلف لكل
السياسات المشجعة للتصدير
والاقتصاديون يعرفون ذلك.
السيناريو الثاني
وهو انعكاس الأمر على قيمة
العملة وسيكون ذلك بعكس ما هو
مخطط له من قبل القائمين على
السياسة النقدية، حيث إن الهدف
الأساسي من هذا الإجراء يجب أن
يكون الحفاظ على سعر صرف مستقر
ومستوى عام لا ينعكس سلباً على
المستوى المعيشي للمواطنين،
ويمثل هذا الأمر انخفاضاً لقيمة
العملة وهذا ما قد ينعكس بشكل
سلبي على قيمة الثروة
والممتلكات وهو ما قد يقود إلى
موجة قد لا تحمد عقباها ويعرف
الاقتصاديون ذلك.
أما السيناريو
الثالث فهو ألا يتأثر سعر
العملة وهو ما نتمناه على الأقل
لتوطيد أركان هذا الإجراء ريثما
ترسم السياسة النقدية الخطوة
التالية.
وهذا الإجراء مهم
جداً لأنه يتيح أمام حاكمي
السياسة النقدية الفرصة
المستمرة لاتخاذ خطوة تالية
وداعمة لتمكين سعر صرف الليرة
وتثبيته عند حدود تلائم السياسة
الاقتصادية الكلية وتسهم في رفع
معدلات التشغيل والعمل.
أهمية ربط الليرة
بوحدات السحب
رأى الباحث عبد
القادر حصرية أن الإجراءات
الحكومية التي تقضي بفك ارتباط
الليرة السورية بالدولار
الأميركي، بعد ارتباط دام
لعشرات السنين وربط عملتها
بوحدات السحب الخاصة خطوة صحيحة
اقتصادياً وتأتي استكمالاً
لخطوات سبق أن اتخذها المصرف
المركزي للتمكن من إدارة سوق
صرف الليرة السورية علماً بأن
العملة السورية مازالت غير
قابلة للتحويل إلا لغايات محددة
مرتبطة بشكل رئيسي باستيراد
السلع. وهذا الإجراء من شأنه أن
يحقق قدراً أكبر من الاستقرار
لليرة السورية ويحميها نسبياً
من التقلبات المفاجئة التي
تتعرض لها العملة الأميركية في
أوقات كثيرة بسبب التقلبات
الناجمة عن التطورات السياسية
العالمية، والعجز في الميزان
التجاري الأميركي، ومن المتوقع
أن يخفف هذا القرار من الضغوط
التضخمية الناجمة عن التغير في
قيمة العملة الأميركية تجاه
العملات الأخرى علماً بأن
الدولار الأميركي يشكل 44% من
قيمة حقوق السحب الخاصة. كما أنه
من المفترض أن فك الارتباط
سيعطي السياسة النقدية في سورية
استقلالية أكبر. والخطوة
السورية ليست الأولى في
المنطقة، فقد سبق أن قررت
الكويت فك ارتباط عملتها
الوطنية بالدولار الأميركي
ويدرس عدد من دول الخليج العربي
الأخرى اتخاذ خطوات مماثلة.
التجارة الدولية
باسل حموي مدير عام
بنك عودة سورية رأى أن معظم
الدول في العالم ربطت عملتها
بالدولار حتى إن هناك بعض الدول
كما في أميركا اللاتينية استغنت
عن عملتها المحلية واعتمدت
العملة الأميركية، والسبب في
ذلك هو قوة الاقتصاد الأميركي،
بالإضافة لكون التجارة الدولية
تتم بالدولار، كما أن النفط
يسعر بالعملة الأميركية وهذا
سبب رئيسي كي تعمل دول العالم
على أساس الدولار إما كعملة
محلية وإما ارتباط به، وإما بحل
ثالث هو وجوده جزءاً من سلة
عملات وهو يشكل جزءاً كبيراً من
السلة.. وأشار حموي إلى أن إيران
فكرت بإجراء بورصة للنفط
الإيراني بعملات أخرى ولم تستطع
لأنه من الصعب تغيير نظام
المدفوعات في البلد وطريقة
العمل.. وأوضح أنه في صندوق
النقد الدولي يدفع الرأسمال على
أساس عملة افتراضية خاصة به
وليست مصدرة، ويعتمد حسابها على
الاقتصاد العالمي وقوة العملات
حيث ترتبط بسلة عملات.. ومنذ أن
اعتمد اليورو بدأت الدول
بالتفكير بربط عملتها باليورو
بدلاً من الدولار وكانت الدول
الأوروبية سباقة في هذا الأمر
وتبعتها الدول المجاورة لها..
وتحدث حموي عن أن عدداً من دول
الخليج سوف يغير نسبة ربط
الدولار بعملته المحلية فقد
أصبح تعامله أكبر من الدول التي
تستعمل اليورو.. وفي سورية،
يعتبر حجم التعامل التجاري مع
الولايات المتحدة الأميركية
ضعيفاً فلماذا نعمل بالدولار؟
كما أن بلداً منفتحاً مثل لبنان
يتعامل أكثر مع أوروبا فلماذا
يربط عملته بالدولار؟
طريقة حساب نسبة
العملات في السلة
سألنا حموي عن طرق
حساب نسبة العملات في السلة عند
ربط عملة ما بها، فأفادنا بأن
هناك عدة طرق للحساب وأسهلها
معرفة كيف يصدر هذا البلد ومع من
يتاجر من الدول الأخرى. وقال: إن
سعر اليورو انخفض في فترة ماضية
فأصبح سعره 85% من الدولار، أما
الآن ومنذ فترة طويلة فيساوي
سعره 1.35 أو 1.38 دولار، كما أن
الجنيه الإسترليني يساوي نحو
دولارين أي إن هناك ضعفاً
للدولار وهناك مبررات كثيرة
للتعامل مع سلة عملات، لا أن يتم
التعامل مع الدولار فقط. أما
الطرق الإدارية والداخلية
لحساب سلة العملات فيجب أن
يحددها المصرف المركزي
بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد
والتجارة والمالية.
ما وحدة السحب
الخاصة؟
الخبير المالي عبد
القادر حصرية عرف وحدة السحب
الخاصة special drawing right التي ستستخدم لربط
الليرة السورية بها بأنها عملية
حسابية يستخدمها صندوق النقد
الدولي في عملياته وتحسب قيمتها
باستخدام سلة من أربع عملات
رئيسية تشمل الدولار بنسبة 44%
واليورو بنسبة 34% والجنيه
الإسترليني بنسبة 11%، والين
بنسبة 11% وتتحدد قيمة وحدة حقوق
السحب الخاصة يومياً. وتبلغ
قيمة وحدة السحب الخاصة حالياً
1.51 دولار أميركي بينما كانت في
العام 2001 تساوي 1.26 دولار. وتجري
مراجعة العملات المكونة للسلة
كل خمس سنوات لضمان تمثيلها
للعملات المستخدمة في
المعاملات الدولية والتأكد من
أن الأوزان المحددة للعملات
تعكس أهميتها النسبية في النظم
المالية والتجارية العالمية.
الدكتور خالد
الزامل مدرس في كلية الاقتصاد
قال: قد يكون فك ارتباط الليرة
السورية بالدولار أمراً ملحاً
وقد يكون قرار فك الارتباط في
مصلحتنا إذا ما عمل المصرف
المركزي على الحد من الضغوط
التضخمية على الاقتصاد الوطني
وإذا ما أحسن نظام سلة العملات
التي ستعمل على امتصاص أثر
التقلبات في سعر الصرف، لكن من
جهة أخرى فإن الارتباط له أثر
على الصادرات المقومة بالدولار
وعلى رأسها النفط التي تنعكس
ارتفاعاً في أسعار السلع
الداخلية بدفع التكاليف وحول
وحدات السحب الخاصة قال الزامل:
تعتبر حقوق السحب
الخاصة نقداً دولياً جديداً
لدعم موجودات احتياطات معاهد
الإصدار في الدول الأعضاء
لصندوق النقد الدولي، ولتلبية
حاجات نمو المبادلات الدولية،
فيتم خلق هذا النقد الدولي
الجديد من قرار عن مجلس الحكام
في صندوق النقد الدولي بأكثرية
85% من الأصوات.
وأضاف: تملك حقوق
السحب الخاصة يعطي حائزها حق
الحصول لدى بقية المشتركين
الذين يتم تعيينهم من قبل
الصندوق، مبلغاً بالعملات
القابلة للتبديل فعلاً،
وبالتالي فإن الصندوق لا يزود
بالعملات، إنما المشتركون
فيها، وعليه فإن الصندوق لا
يكون هنا دوره إلا مراقباً
تجارياً وأشار الزامل إلى أنه
في بداية كانون الثاني في العام
2006 حدد صندوق النقد الدولي هيكل
وحدات السحب الخاصة بواقع 44%
للدولار الأميركي و34% لليورو و11%
لكل من الين والجنيه الإسترليني.
تساؤل أخير
رغم أهمية خطوة ربط
العملة المحلية بسلة عملات فإن
بعض الدول الخليجية ومنها
السعودية فكرت بفك ارتباط
عملتها بالدولار ولم تستطع
نظراً لكون معاملاتها في سوق
النفط العالمي بالدولار..
والسؤال الذي يطرح نفسه، إذا
كان نحو 50% من عائدات الميزانية
لدينا هي من النفط وتأتينا
بالدولار، كما أن مستورداتنا من
مادة المازوت أو النفط بشكل عام
نستوردها بالدولار، فكيف يمكن
حل هذه المسألة؟
الاقتصادية
3/7/2007
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|