ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 08/06/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نفوذ الإخوان المسلمين  في سورية

تصاعد نفوذ الإخوان المسلمين في سورية والسلطات منقسمة إزاء كيفية التعامل معهم

رجال الدين الرسميون بدأوا يضعون مسافة بينهم وبين الحكومة وينتقدون القومية العربية

أنتوني شديد

يقع مسجد أبو النور في بناية مكونة من تسعة طوابق ومشيدة من الحجر والرخام الأسود، وذات نوافذ مزينة بزخرفة عربية جذابة. وتطل على المصلين داخل المسجد شاشتان تعرضان كلمة ألقاها قبل حوالي عشرين عاما مفتي البلاد الراحل. وعلى طول الأعمدة البيضاء التي تسند سقف المسجد، توجد أربعة أجهزة تلفزيون تعرض شاشاتها نفس المشهد المعروض على الشاشتين الكبيرتين للمصلين الذين ينتظرون لأداء صلاة الجمعة. وأسفل المشاهد توجد إشارة توجه المصلين إلى موقع أبو نور على شبكة الإنترنت، الذي سجل عدد زوار 200 ألف خلال فترة شهر واحد.

داخل مقصورات صغيرة محاطة بستائر كان، هناك مترجمون ينقلون الخطبة من اللغة العربية إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والروسية. وعلى الموقع الإلكتروني توجد الخطبة المذكورة على «دي في دي» في عدد من اللغات الأخرى مثل الاسبانية واليابانية والتركية والصينية. وكما هو الحال في كل الدول العربية، تشهد سورية تكون إعادة تشكل حركة إحياء ديني. علما بأن سورية تعتبر واحدة من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط علمانية. وقد ظلت حركة الإخوان المسلمين في سورية الأكثر ظهورا على مدى عقود من الزمن، وكادت أن تجر البلاد إلى حافة حرب أهلية مطلع الثمانينات قبل أن تتراجع اثر حملة مشددة من الحكومة لا تزال تلقي بظلالها حتى الآن. المؤسسات التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين آخذة في نشر نفوذها في سورية، ولها إمكانيات مالية وإعلامية. وفيما تلتزم الجماعة حذرا واضحا في انتقاداتها، يتمتع من يتولون جانب الدعوة بسيطرة ونفوذ أكبر من الآخرين في مهمتهم الدعوية التجديدية. والحكومة السورية من جانبها حددت الخطوط الحمراء، لكنها ترى في الرسالة المعتدلة للجماعة ما يمكن أن تواجه به الجماعات الإسلامية الأكثر تطرفا، كما ترى في قوة الجماعة حليفا لها في مواجهتها للولايات المتحدة.

المساحة التي بدأت تتمتع بها جماعة الإخوان المسلمين السورية ساهمت في تشكيل قوة لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تفعله في مجتمع يتسم بالتنوع ويبلغ تعداد سكانه حوالي 18 مليون نسمة.

وكثيرا ما وصفت سورية بأنها دولة متأرجحة بين الدكتاتورية والديمقراطية، لكنها أكثر تعقيدا من ذلك ومصيرها أكثر غموضا. والصراع الحالي في سورية صراع بين قوى علمانية ودينية ورموز حكومية ومعارضة من جانب ورجال دين مدعومين من الحكومة وتوجه أكثر تطرفا يعارض الحرب على العراق. كل هذه القوى تشكل هوية البلاد، حيث مستقبل التغيير ـ الذي لا يزال غير محدد ويجري بشأنه جدل حاد ـ بات يحتل مكانا في كل نقاش تقريبا.

حس الانتقال يتسم بقوة واضحة إلى درجة أن الوعاظ المتحالفين مع الحكومة بدأوا يفكرون جديا في سمعتهم وسيرتهم في حال حدوث اضطرابات أو سقوط الحكومة. فعلى الجانب الآخر من الحدود هناك النموذج العراقي، حيث رجال الدين، السنة والشيعة على حد سواء، ظهروا غداة الغزو الأميركي كجهة ومؤسسة ذات نفوذ. سورية، وعلى وجه التحديد عاصمتها دمشق، ظلت أكثر علمانية من أي حاضرة عربية أخرى مثل القاهرة وبغداد، على سبيل المثال. وشهد الجزء القديم من مدينة دمشق نهضة، إذ أن منازلها المميزة بشرفاتها المعلقة عبر الأزقة المتعرجة، أصبحت مطاعم تفتح أبوابها حتى وقت متأخر من الليل لخدمة أصحاب الطبقة الميسورة. إلا أن الصراع على الهوية في سورية يظهر كثيرا في المجالات التي لا تتمتع فيها الدولة بسيطرة تذكر. فالمتدينون رسموا حدودا بينهم والحكومة البعثية التي جاءت إلى السلطة قبل 40 عاما تقريبا باسم القومية العربية العلمانية. وبات الحجاب ظاهرة منتشرة، بوضوح خصوصا خلال العقد السابق، إلى جانب بعض المظاهر الأخرى للتدين مثل الالتحاء والامتناع عن وضع الخواتم الذهبية، فضلا عن أن إعدادا متزايدة من السوريين باتت تتردد على المساجد حتى في الأحياء الأكثر رقيا في العاصمة دمشق.

ظلت جماعة الإخوان المسلمين السورية تهتم بهذه الجوانب على مدى عقود منذ استقلال سورية، خصوصا وسط أتباع المذهب السني، الذين يشكلون غالبية السكان). إلا أن آلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين السورية قتلوا أو سجنوا أو توجهوا للمنافي، عقب المواجهات الدموية مع الحكومة نهاية عقد السبعينات وبداية عقد الثمانينات.

لا يزال من الصعب التنبؤ بالدرو الذي يمكن أن تلعبه جماعة الإخوان المسلمين في السياسة السورية. فبعض رموز المعارضة نادى بالاتصال بالجماعة كوسيلة لتقوية الصوت المعارض، كما أن الجماعة نفسها نادت من المنفى في أبريل ( نيسان) الماضي، بفتح حوار وطني. والحكومة السورية نفسها حاولت استمالة الجماعة من خلال المناشدة بالمصالحة، لكنها لا تزال منقسمة على نفسها إزاء هذه القضية.

ويقول وزير الإعلام السوري، مهدي دخل الله، الذي يعتبر من الرموز الإصلاحية داخل الحكومة السورية، إنهم يشعرون بالقلق إزاء نفوذ جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف قائلا انه ضد الخلط بين الدين والسياسة، خصوصا في المجتمعات ذات التعددية الدينية مثل سورية ولبنان. وتتمتع مجموعة من رجال الدين حاليا ببعض النفوذ وبتشجيع من الحكومة السورية، التي تسمح له بالوعظ والدعوة. ويتبع هؤلاء بصورة عامة نظرة محافظة إزاء المجتمع، إلا أن رسالتهم السياسية تخضع للقيود المفروضة من السلطة. بيد أن محمد حبش، وهو من رجال الدين المتنفذين، يقول إنه لا يسعى إلى الحديث باسم الله لأن ذلك لا يفيد أحدا، على حد قوله.

ويعتبر حبش عضوا مستقلا في البرلمان السوري ومديرا لمركز الدراسات الإسلامية، ويتبنى رسالة تعددية تثير اهتمام ناشطي وإصلاحيي الإسلام السياسي في مصر وتركيا والأردن.

وقد نجح حبش في الحصول على موافقة الحكومة السورية،، وبتمويل من أفراد الطبقة السنية في المجال التجاري بدمشق، في تنظيم منابر وإنشاء مجموعات دراسات. كما يلقي يوميا كلمة لمدة ساعة لمحطة بث إذاعي خاصة، ويعتزم تقديم برنامج مدته ساعتان على قناة تلفزيون فضائية سورية. ويتحاشى حبش أن يكون جزءا من أي أجندة سياسية، لكنه حاول التوسط لإجراء مصالحة بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين. بعض زملاء حبش، خصوصا الذين يتوقعون تغييرات دراماتيكية في سورية، حثوه على النأي بنفسه عن الحكومة محافظةً على سمعته. ولا يزال حبش متحفظا في انتقاداته للحكومة السورية، لكنه نادى بالتغيير، محذرا الحكومة من إدخال نفسها في ورطة إذا طبقت إصلاحات سطحية فقط. ويعتقد أن الحكومة إذا اضاعت هذه الفرصة، فإن المستقبل سيكون صعبا في سورية.

أما الشيخ أحمد حسون، 55 سنة، عضو البرلمان السابق، فيتهم بتسهيل مرور مقاتلين إلى العراق، إلا أنه نفى هذه التهمة. ويتبنى حسون توجها إسلاميا معتدلا يتحاشى السياسة ويركز على العدالة، لكنه في نفس الوقت ينتقد القومية العربية التي تتبناها الحكومة، رغم أنه يؤيد ما وصفه بـ«محاولة الأسد لإصلاح القيادة التي اعتادت على مدى أربعين عاما على اتخاذ القرارات بنفسها».

الشرق الأوسط 28/5/2005 ـ خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ