عوزي
بنزيمان: معهد اليهودية الحديثة
"سيرة
المستوطنات حافلة بالقتل
والسلب النهب
والاعتداءات
المخجلة على الفلسطينيين"
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (03/07/05)
يتهم الكاتب
الإسرائيلي عوزي بنزيمان، في
مقاله هذا، المنشور اليوم
الأحد، الثالث من تموز (يوليو)
2005، في صحيفة "هآرتس"
العبرية، المشروع الاستيطاني
الإسرائيلي، بأنه يمثل مصدراً
للشرور.
ومما يقرره
بنزيمان في مقاله أنّ "انقضاض
حليقي الرؤوس في غوش قطيف يوم
الأربعاء الماضي ليس مشهداً
نادراً، سواء لأنّ أشخاصاً
متطرفين غير طبيعيين قد تمكنوا
من البداية من التسلل إلى بعض
المستوطنات في المناطق أو لأنّ
الاحتكاك العنيف مع
الفلسطينيين أدى إلى ظروف تدفع
الحيوان الموجود في داخل
الإنسان إلى الخروج. إنّ سيرة
المستوطنات حافلة بأعمال القتل
والسلب والنهب والاعتداءات
المخجلة على حقوق الجيران
الفلسطينيين والمسّ بكرامتهم
وبمكانتهم"، على حد تأكيده.
ويخلص عوزي
بنزيمان في مقاله إلى الاستنتاج
بأنه "لا مناص من الاستنتاج
بأنّ المشروع الاستيطاني هو
الذي تمخض عن الظروف التي تسببت
بالأعمال الفظيعة التي تقوم
فيها الدولة وبعض الأفراد باسم
حق اليهود في حياة قومية خاصة به"،
وفق تعبيره.
معهد
اليهودية الحديثة
بقلم:
عوزي بنزيمان
الأحداث
الأخيرة في غوش قطيف هي انعكاس
دقيق لرؤية اليهودية عند
المستوطنين؛ ففي البداية
يسيطرون على بيت فلسطيني مهجور،
ومن ثم يثبتون على بابه الوصايا
العشر، ومن ثم يعلنون أنه عقار
يهودي، ليدخلوا بعد ذلك إليه
ويقيمون الصلاة وحلقة الدبكة
والرقص الصوفية، ومن ثم يأخذون
بالتحرش بجيرانهم الفلسطينيين.
هذا العمل الذي يتسبب بالشروع
في إلقاء الحجارة عليهم ومحاولة
بعض الشبان اليهود الانتقام على
ذلك من خلال التنكيل بفتى
فلسطيني فاقد الوعي إلى درجة
الموت.
تتمثل حكاية
السيطرة الإسرائيلية على
المناطق (الضفة الغربية وقطاع
غزة) منذ سنة 1967 في حبة الجوز:
وضع اليد على عقارات وأراض
أجنبية، وتطهير أعمال السلب
والنهب باسم الشريعة اليهودية
وحق الآباء والأجداد، وإنشاء
بؤر احتكاك مع الجيران
الفلسطينيين التي تتمخض بدورها
عن صدامات عنيفة، ومن ثم
استخدام القوة لضمان السيطرة
على العقارات الجديدة
بالاعتماد على أجهزة الأمن
الأكثر قوة في الدولة للقضاء
على المقاومة الفلسطينية لهذا
الظلم الذي لحق بهم.
كما أنّ
اللغة الخطابية المتزلفة
والمتكلفة التي رافقت محاولة
القتل الميدانية الجماعية
للفتى الفلسطيني يوم الأربعاء
الماضي في "تال هيام" -
إلصاق أسماء عبرية توراتية في
العادة على البؤر والمستوطنات
في المناطق (الضفة والقطاع) هو
جزء من عملية التهويد - هي علامة
فارقة للمشروع الاستيطاني
برمته: وقد دعا عضو الكنيست
شاؤول يهلوم الجمهور في البلاد
وفي العالم إلى الاعتقاد بأنّ
الزعران الذين رجموا رأس هلال
زياد المجايدة ليسوا يهودا
متدينين وإنما هم متنكرون في
صورة المتدين. بهذه الروحية
تحدّث أيضاً قادة آخرون لجمهور
المستوطنين الذين بدا بعضهم
مصدوماً بالفعل من ذلك المشهد
الشنيع.
على افتراض
أنّ بعض قادة المستوطنات
اليهودية في المناطق (الضفة
والقطاع) بحاخاماتهم وممثليهم
السياسيين لا يتكلفون عندما
يقولون إنهم قد ملّوا تصرّف
شبيبة الجبال الدموي وأتباع
كهانا الذين احتشدوا في الفندق
المهجور في نافيه ديكاليم؛
فهنالك إمكان على ما يبدو
لتنبيههم لعدة حقائق: أنّ
المشروع الاستيطاني قد تحوّل
إلى معهد لليهودية الحديثة،
فهذا خط الإنتاج الذي يخرج منه
اليهودي الجديد أو الإسرائيلي -
العقائدي - الجديد.
فباسم القيم
القديمة جاء المستوطنون إلى يشع
(الضفة والقطاع)، وفرضوا رأيهم
على حكومات إسرائيل الانبطاحية
- بأجيالها المتعاقبة - وسيطروا
على أراض ليست لهم، فقد كانوا
يستلبون السكان الفلسطينيين
حقوقهم وأملاكهم. والدولة التي
انجرّت خلف هذه الحيل؛ مدت
فوقهم في وقت لاحق مظلتها
الراعية، واضطرت إلى الدفاع
عنهم بوسائل عسكرية وحيل زائفة
قانونية. على هذا النحو تشكل
الجيش اليهودي في الخليل عام 1968،
وعلى إثره الجزء الأعظم من الـ
122 مستوطنة و105 بؤرة استيطانية
غير مرخصة.
العملية التي
كانت من أساسها زائفة مشوّهة من
الناحية السلطوية، وحمقاء من
الناحية السياسية وغير أخلاقية
من الناحية الإنسانية تمخضت عن
ديناميكية ذات نتائج يعتبر
المشهد الذي أثار فرائص شاؤول
يهلوم في الأسبوع الماضي.
ليس انقضاض
حليقي الرأس في غوش قطيف يوم
الأربعاء الماضي مشهداً
نادراً، سواء لأنّ أشخاصاً
متطرفين غير طبيعيين قد تمكنوا
من البداية من التسلل إلى بعض
المستوطنات في المناطق أو لأنّ
الاحتكاك العنيف مع
الفلسطينيين أدى إلى ظروف تدفع
الحيوان الموجود في داخل
الإنسان إلى الخروج. إنّ سيرة
المستوطنات حافلة بأعمال القتل
والسلب والنهب والاعتداءات
المخجلة على حقوق الجيران
الفلسطينيين والمسّ بكرامتهم
وبمكانتهم.
ويغض تقرير
تاليا ساسون بأمثلة الخروق
القانونية التي ارتكبها قادة
الجمهور والمستوطنون
والمتعاونون معهم في جهاز
الدولة (العبرية) وفي المستوى
السياسي (الإسرائيلي) الأعلى.
إنّ أجواء الإهمال والتفريط هذه
هي اشتقاق من الخطيئة القيمة،
غريزة الاستيطان، وأرض خصبة
لتربية الدوافع والحوافز
الدموية، كما عبّرت عن نفسها في
مذبحة مغارة الماكفيلا في الحرم
الإبراهيمي، وفي قتل الفلاحين
البسطاء، وفي اغتيال إسحاق
رابين، وفي محاولة القتل
الجماعية (لفتى فلسطيني) في غوش
قطيف.
ليس هذا
الوصف مقبولا من المستوطنين،
الذين يعتبرون استيطانهم في
الضفة الغربية وفي قطاع غزة
حقاً للشعب اليهودي على أرض
الآباء والأجداد. ويُفسَّر
التناقض الكامن بين دوافعهم
والنتائج الدموية المفسدة من
قبلهم، من خلال الادعاء بأنها
أعمال شاذة يقوم بها بعض
الهامشيين والأعشاب الضارة. هذا
هو خطؤهم: فحتى عندما يذكرون
إسهام الفلسطينيين في الصراع
وحتى عند الحذر من التعميم؛
فإنه لا مناص من الاستنتاج بأنّ
المشروع الاستيطاني هو الذي
تمخض عن الظروف التي تسببت
بالأعمال الفظيعة التي تقوم
فيها الدولة وبعض الأفراد باسم
حق اليهود في حياة قومية خاصة به.
(المقال
بقلم عوزي بنزيمان، ونشر في
يومية "هآرتس" العبرية في
الثالث من تموز/ يوليو 2005)
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|