الكآبة
و الخوف والقلق
تنخـر
المجـتمع الإســرائيلي
بقلم
: غازي السعدي
في هذا المقال نود تسليط
الأضواء على وضع المجتمع
الإسرائيلي وهموم هذا المجتمع
بعد أربع سنوات على الانتفاضة
فالمجتمع الإسرائيلي يتميز
بالكآبة الناجمة عن أوضاعه
السياسية والأمنية والاقتصادية
فهو لا يشعر بالأمان و لا
بالاطمئنان ويرى أنه يعيش أمام
مستقبل مظلم، حتى أن دراسة
تتعلق بازدياد حوادث الطرق في
إسرائيل، وارتفاع أعداد القتلى
والجرحى نتيجة لهذه الحوادث
أظهرت أنها في معظمها ناجمة عن
الكآبة والهموم النفسية، إذ أن
السائق أثناء قياده السيارة
يفكر بهمومه اليومية وبأسرته
أكثر من تفكيره بالانتباه
والحذر حتى أن الإسرائيليين
يكادون بصعوبة أن يكونوا سعداء
وفرحين بحلول أعيادهم، إذ أن
معظم الأعياد اليهودية إن لم
نقل جميعها، مرتبطة بأحداث
حزينة فالمجتمع الإسرائيلي
مكتظة بالأحداث اليومية
المثقلة والمتقلبة، وهذا يؤدي
بالتالي إلى الضغوطات والتوتر
والإحساس بالاختناق والقلق
للإسرائيليين فهذه الأوضاع
تشكل أحد أسباب الهجرة
الإسرائيلية للخارج فقد أفادت
الإحصائيات الإسرائيلية
الرسمية مؤخراً، انه هاجر من
إسرائيل خلال العقد الأخير أكثر
من ربع مليون إسرائيلي ولو أتيح
للإسرائيليين فرص هجرة أكثر
لبلاد الله الواسعة، لكان عدد
المهاجرين الذين يتركون بلاد
السمن والعسل اكبر بكثير.
لقد أظهرت نتائج
دراسة إسرائيلية تحمل عنوان "وضع
الأمة والمناعة الوطنية"
وعرضت على المشاركين في مؤتمر
هرتسيليا الاستراتيجي متعدد
الاتجاهات، الذي عقد في منتصف
شهر كانون أول أعدت من قبل مركز بحوث الأمن القومي في
جامعة حيفا بإشراف البروفيسور
"غابي بن دور" أن الخوف لدى
الجمهور الإسرائيلي يشكل
الهاجس الأكبر مع أن هاجس الخوف
أخذ ينخفض اعتبراً من شهر تشرين
الأول 2003 كما جاء في ابحث و أن
هذا الانخفاض ناجم عن انخفاض
ناجم عن انخفاض العمليات
الفلسطينية المسلحة
والاستشهادية و توقف المقاومة
إلى حد كبير في تنفيذ عملياتها
داخل الخط الأخضر و الابتعاد عن
أهداف مدنية وهذا سبب كاف
لتراجع الخوف لدى الإسرائيليين.
إن هذه الدراسة
المذكورة استندت على استطلاع
آراء (18) ألف إسرائيلي في تسعة
استطلاعات شمل كل استطلاع ألفي
شخص، من عينات مختلفة و كبيرة،
وكانت عناصر الاستطلاع،
الحصانة الوطنية، النزعة
الكفاحية، التفاؤل، الخوف،
الثقة، وكان من استنتاجات معدي
الدراسة أن تراجع الخوف، كان
بين الرجال فقط، بينما أن الخوف
بقي على حاله بين النساء بل انه
زاد قليلاً بينهن.
أما ما يتعلق
بالنزعة الكفاحية فقد استقر
الحال بين السكان اليهود داخل
الخط الأخضر، فيما ارتفعت
النزعة الكفاحية إلى حد كبير في
أوساط المستوطنين وبخاصة
المتدينين والعقائدين
والأصوليين منهم، وفي الوقت
ذاته فإن النزعة الكفاحية لدى
الجمهور اليهودي داخل الخط
الأخضر أخذت بالانخفاض منذ شهر
تشرين أول 2002 وحتى اليوم وفقاً
للدراسة، وهذا يدل على أن هناك
تمايزاً بين الإسرائيليين
العاديين داخل الخط الأخضر،
وبين الإسرائيليين المستوطنين
في الأراضي المحتلة، وهذا يعود
بنا إلى الخلاف الذي كان قائماً
بين الفئتين قبل العمليات
الاستشهادية وإصابة المدنيين
فاليهود داخل الخط الأخضر،
كانوا يحملون المستوطنين
الأسباب
التي أدت إلى همومهم وبأن فئة
صغيرة تبنت العمليات
الاستيطانية أضرت بمصالح
الأغلبية الإسرائيلية، لكن
الموقف تغير كما أسلفنا في
أعقاب العمليات العسكرية داخل
الخط الأخضر، مما أعطى
للمستوطنين الحجة والرد بأنهم
ليسوا وحدهم المستهدفين بل كل
اليهود في حيفا وليس المستوطنين
وحدهم فوجد المستوطنون ضالتهم
باتساع الانتفاضة التي وصلت في
المراحل السابقة إلى الداخل
الإسرائيلي.
و شملت الدارسة من
خلال استطلاعات الرأي العام،
آراء الجمهور الإسرائيلي في
مؤسسات الدولة،
فقد نالت الأجهزة الأمنية
والجيش و المخابرات والشرطة،
علامة تقدير متوسطة بينما جاءت
المحكمة العليا في المكان
الثاني، أما الكنيست والأحزاب
فقد احتلت المكان الأخير في نظر
الإسرائيليين بتدني الثقة بها،
كذلك الأمر بالنسبة لجميع
المؤسسات الإسرائيلية الرسمية
وهناك قاسم مشترك بين
الإسرائيليين والفلسطينيين فقد
أظهرت الدراسة بأن الجمهور
الإسرائيلي أخذ يميل إلى
التفاؤل بينما أصاب المستوطنين
التشاؤم لكن ما تبينه استطلاعات
الرأي العام الفلسطيني، من خلال
مؤسسات الاستطلاع الفلسطينية
بان هناك ارتفاعاً بنسبة
الفلسطينيين الذين يعارضون
اللجوء إلى السلاح و خاصة داخل
الخط الأخضر ويفضلون انتفاضة
شعبية وان هناك ميلاً للتفاؤل
الحذر بينهم وأخيراً نقولك حبذا
لو قامت الجامعات ومؤسسات البحث
في عالمنا العربي باستنباط هموم
وأمنيات المجتمعات العربية،
لكن الأهم أن تأخذ الحكومات
العربية بعين الاعتبار النتائج
الايجابية والسلبية للدراسات
والتوصيات التي تتوصل إليها
مؤسسات البحث العربية.
جريدة
الرأي - 1/6/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|