الطريق
إلى الديمقراطية العربية
بقلم
: مادلين اولبرايت*
لقد أصابت إدارة
بوش في دعمها لعملية التحول
الديمقراطي في منطقة الشرق
الأوسط بيد ان السؤال المهم هو
كيفية التعامل مع هذه العملية
البالغة الحساسية هناك ، ففيما
لو تشددنا و لجأنا الى المزيد من
الضغط فسوف نتهم بالسعي الى فرض
تصوراتنا و نموذجنا عليهم ، و
فيما لو فشلنا في الضغط في هذا
الاتجاه بما يكفي ، فسنتهم
حينها بأننا ندعم الحرية و
التحول الديمقراطي في أي مكان
عدا العالم العربي ، و عليه فان
كنا نحرص على تحقيق أي قدر من
النجاح في هذا المسعى ، فان
علينا ان نجد طريقة ما نوازن بها
التزامنا و تمسكنا بالمبادئ
الديمقراطية في ذات الوقت الذي
نبدي فيه قدرا عاليا من الفهم و
الاستيعاب لتعقيدات العالم
العربي .
خلال الأشهر
القليلة الماضية ، كنا قد
ترأسنا فريق عمل مؤلف من
الخبراء الدوليين تحت رعاية و
تنظيم مجلس العلاقات الدولية ،
و ذلك لبلورة سياسات و توصيات
خاصة بالسياسات الخارجية
الأمريكية و ذهب تقريرنا
المعنون " في دعم الديمقراطية
العربية : لماذا – و كيف ؟ "
الى القول انه لو اتيحت الحرية
للعرب حرية التعبير عن مظالمهم
على نحو سلمي و صريح فانه من
الأرجح الا يكون خيارهم كما
يرجح اختيارهم الى بناء مجتمعات
مفتوحة و مزدهرة ، كما أوصى
التقرير أيضا بأنه و في أثناء
بنائنا للمؤسسات الديمقراطية
في العالم العربية فان عليما ان
نضع في الاعتبار انه ليس ثمة
رادع و لا ضرورة لإحداث
التغييرات المفاجئة ، و لا
المسببة للصدمة في الواقع
العربية و عليه فان من الواجب ان
ينصب هدفنا على تشجيع النمو و
التحول التدريجي و ليس الانقلاب
الديمقراطي الثوري المفاجئ على
الرغم من الوضوح و الفصاحة
الذين عبرت بهما إدارة بوش عن
التزامها بما تؤمن به من مبادئ
ديمقراطية ، الا ان الواجب
عليها ان تترجم ذلك الالتزام
على نحو واقعي ملموس و فاعل . على
خلفية الاضطرابات الأمنية و
السياسية التي تشهدها بلدان مثل
العراق و لبنان الى جانب ما يدور
الآن في قطاع غزة .
و مما لا شك فيه ان
الدول العربية ستتولى وضع
القواعد الخاصة بها للمشاركة
الديمقراطية . و على الولايات
المتحدة ان تكون منفتحة في
المدى الذي تختاره للتأثير على
هذه العملية ، ضمن ذلك ينبغي على
واشنطن ان تدعم أي مجموعة او حزب
سياسي . يؤكد التزامه بالمبادئ و
الخيارات الديمقراطية .
و لما كان يجري
كثيرا تصوير الولايات المتحدة
على نحو غير عادل في الإعلام
العربي ، فان
السبيل الى تغيير هذه الصورة
الأمريكية السلبية في قنوات
الإعلام العربية ، ليس اللجوء
الى معاقبة الصحفيين و
الإعلاميين العرب او ممارسة
الضغوط عليهم ، بقدر ما يتمثل
هذا الطريق في توسيع رقعة قنوات
الإعلام المستقل هناك .
وفي العالم العربي
مثلما هو الحال في أي مكان آخر
في العالم فان بناء الديمقراطية
يتطلب هنا أيضا إدارة الحوار
الداخلي حول الهوية الوطنية و
المصالح و الأهداف و المقاصد .
*
وزيرة الخارجية الأمريكية في
عهد الرئيس بيل كلنتون
لوس
انجلوس تايمز
جريدة
الرأي - 11/06/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|