تسفي
برئيل:
أردتم
الانتخابات فلتأخذوها
"فوز
حماس لم يكن هو الديمقراطية
التي سعت إليها إسرائيل"
القدس
المحتلة - خدمة قدس برس (15/05/05)
في مقاله المنشور في
صحيفة "هآرتس" العبرية، في
عددها الصادر اليوم الأحد،
الخامس عشر من أيار (مايو) 2005؛
يرصد الصحافي الإسرائيلي تسفي
برئيل حجم القلق الكبير
والارتباك الملموس في الجانب
الإسرائيلي، إزاء فوز حركة حماس
في الجولتين الأولى والثانية من
الانتخابات البلدية الفلسطينية.
ويرى برئيل في مقاله
أنّ الفوز المتوقع لحماس في
انتخابات المجلس التشريعي (برلمان
السلطة الفلسطينية)؛ يحمل نذر
قلق كبيرة، ليس للدولة العبرية
وحدها؛ بل للإدارة الأمريكية
وللسلطة الفلسطينية كذلك، على
حد تقديره.
ويستنتج برئيل أنّ
"هذه ليست الديمقراطية التي
سعت إليها إسرائيل، ولذلك يتوجب
التحذير منها، لأنه لكلمة "حماس"
تأثير مخيف وكبير، ومن السهل
التلويح والتذرع بها لإعادة
النظر بفكرة الدمقرطة
الفلسطينية. هذا هو جوهر
المعضلة. تشترط إسرائيل استمرار
المفاوضات بإدخال الديمقراطية
إلى فلسطين، ولكن هذه
الديمقراطية تأتي وفق تصنيف
مُعَد مسبقاً. أما البديل الآخر
فليس وارداً في الحسبان"، كما
جاء في مقاله.
أردتم
الانتخابات فلتأخذوها
بقلم:
تسفي برئيل
تدب الحيرة الشديدة
فجأة. يقترح سيلفان شالوم (وزير
الخارجية الإسرائيلي) إلغاء
فكرة فك الارتباط (خطة الانسحاب
من قطاع غزة) إذا ما اتضح أن حماس
ستفوز في الانتخابات
البرلمانية الفلسطينية. وتقترح
وزيرة الخارجية الأمريكية
كوندوليزا رايس تأجيل موعد
الانتخابات إلى ما بعد تطبيق
إصلاحات في السلطة الفلسطينية،
فهي أيضاً أصيبت بالجزع الشديد
من حماس. وقد أوضح أمين عام
الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد
الرحيم، يوم الخميس في مقابلة
مطولة؛ لماذا يُستحسن إرجاء
الانتخابات التي يُفترض أن تخدم
المصلحة "الوطنية". لقد
التوى وتلوى حول نفسه لدرجة لم
يعد واضحاً فيها في ما إذا كانت
عباراته تهدف إلى خدمة الوطن أم
أن الوطن يخدم الكلمات. والأمر
الذي كان من الممكن التأكد منه
هو أن السلطة أيضاً تخشى من
سيطرة حماس على مقاليد الأمور.
لا تبدو الديمقراطية
فجأة في أحسن صورها. إنها ترفض
ضمان تحقيق النتائج المطلوبة
مسبقاً. الخيط الرفيع الذي أملت
إسرائيل بأن تتمكن من ربط عنق
السلطة بواسطته يلتف حول ساقيها
هي بالتحديد. وتوخياً للنزاهة
والمصداقية؛ نقول إن حق ملكية
"مشروع دمقرطة العالم العربي"
لا يعود لسيلفان شالوم.
فبنيامين نتنياهو هو الذي كان
قد اقترح الدمقرطة الفلسطينية،
كشرط لمواصلة المفاوضات معهم.
لقد سُوقت الفكرة في ما بعد
بنجاح لدى الإدارة الأمريكية،
التي تحاول تصديرها من خلال
حملة قوية للغاية منذ ثلاث
سنوات لدول نازفة مثل أفغانستان
والعراق والسودان ومصر،
والسلطة الفلسطينية بطبيعة
الحال.
ما فعلته إسرائيل فقط
هو أنها قامت بالوثب على متن
الحافلة المتمايلة التي علق
عليها كل من (السياسي
الإسرائيلي المتطرف المنشق عن
الاتحاد السوفياتي السابق
ناتان) شيرانسكي وجورج بوش
شعارهما الباهت "الديمقراطيات
لا تحارب بعضها بعضاً". ولكن
ماذا إذا سيطرت على مقاليد
الأمور من خلال الديمقراطية
أحزاب دينية متطرفة أو يمينية
متطرفة؟ وماذا سيحدث إذا ما
سيطرت حكومة تسعى لاستعادة كل
أراضي البلاد لنفسها؟.
الديمقراطية كما يتضح
ليست قادرة على أن تحقق كل شيء
كما يبرهن الذعر الملموس البادي
في عيون حكومة إسرائيل والسلطة
الفلسطينية والإدارة الأمريكية.
لا توجد علاقة ضرورية مثلاً بين
الدمقرطة وعملية السلام، وحتى
ما قبل بضعة أشهر كانت إسرائيل
تبذل مساعيها لطمس الفوارق بين
حماس وفتح (من جانب) والتنظيم (المقصود
هي كتائب شهداء الأقصى) وكتائب
عز الدين القسام (من جانب آخر)،
فكلهم إرهابيون حسب تقديرها.
ولكن على شرف فك الارتباط؛ قررت
إسرائيل أنه من الأفضل إبراز
شريك ما حتى يستلم ولو جزءاً من
المسؤولية عن الانسحاب أحادي
الجانب. لقد حصلت فتح من إسرائيل
في هذه المرحلة على شهادة حُسن
سلوك، ولم تعد السلطة سلطة
إرهابية فجأة، كما أن أبا مازن
انتُخب بسرعة في انتخابات
ديمقراطية وتحول إلى رئيس مفضل
عليهم.
المشكلة هي أن السلطة
الجديدة التي يوجد ضمنها أصدقاء
مثل أبي مازن ومحمد دحلان ونصر
يوسف والقدوة؛ تريد ما تتطلع
حماس إلى تحقيقه بالتقريب: دولة
في حدود حزيران (يونيو) (1967) مع
القدس عاصمة لها، ومن دون
المستعمرات والتنازل عن مناطق،
مع إطلاق سراح جميع السجناء.
تتعلق الفوارق بين حماس وفتح
الآن بطابع الدولة الفلسطينية
المستقبلي، أكثر من كونها نوعاً
من التسوية مع إسرائيل. هذا هو
طابع الديمقراطية على الأقل.
هذه ليست الديمقراطية
التي سعت إليها إسرائيل، ولذلك
يتوجب التحذير منها، لأنه لكلمة
"حماس" تأثير مخيف وكبير،
ومن السهل التلويح والتذرع بها
لإعادة النظر بفكرة الدمقرطة
الفلسطينية. هذا هو جوهر
المعضلة. تشترط إسرائيل استمرار
المفاوضات بإدخال الديمقراطية
إلى فلسطين، ولكن هذه
الديمقراطية تأتي وفق تصنيف
مُعَد مسبقاً. أما البديل الآخر
فليس وارداً في الحسبان.
ترجعُنا هذه المسألة إلى مطلب
سيلفان شالوم مرة أخرى بإلغاء
فك الارتباط، إن لم يفز أبو مازن.
تناقض هذه المعادلة في الواقع
المعادلة السابقة؛ فإن لم تكن
هناك ديمقراطية فليست هناك
مفاوضات. وها هو يطل علينا من
بعيد مبعوث يذكر شالوم بأن فك
الارتباط أحادي الجانب، لذلك لا
علاقة لمن سيكون في السلطة
بذلك، لأننا ننسحب وفق رأي
شارون لعدم رغبتنا بعقد اتفاق
معهم.
(المقال
بقلم تسفي برئيل، ونشر في يومية
"هآرتس" العبرية في الخامس
عشر من أيار/ مايو 2005)
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|