"إسرائيل"
كما لا نعرفها
بقلم:أبو خلدون
في أواخر
الثمانينات أجرى البروفيسور
الصهيوني سوبيل، أستاذ علم
الاجتماع في جامعة حيفا، دراسة
عن الهجرة المعاكسة في “إسرائيل”
والبواعث التي تدفع الكثيرين
إلى التخلي عن “الحلم الصهيوني
بإنشاء إسرائيل الكبرى”
والعودة إلى الشتات. وفوجئ أن
الدافع الرئيسي هو انتفاضة
أطفال الحجارة التي كانت في
أوجها في ذلك الحين، وأن هذه
الانتفاضة لم تدمر الحلم
الصهيوني فقط وإنما دمرت “الإسرائيليين”
من الداخل وحولتهم إلى مجموعات
مرعوبة يسكنها الخوف.
ولاحظ في دراسته
التي نشرها في كتاب أن
الانتفاضة جعلت المجتمع “الإسرائيلي”
يعيش على التوتر، فالطباع حادة،
والعنف اللفظي هو وسيلة
التعامل، بحيث بات الشعب “الإسرائيلي”
أكثر شعوب العالم بذاءة وحدة
طبع واستخداما للألفاظ
النابية، وأضاف البروفيسور
سوبيل: معظم الذين قابلتهم خلال
إعداد الدراسة ولدوا في الخارج
ثم هاجروا إلى “إسرائيل” وقد
أجمع هؤلاء على أن الحياة في “إسرائيل”
لا تطاق، وقالوا: الناس الذين
تقابلهم في عرض الطريق يتمنون
لك يوما سعيدا، أما داخل “إسرائيل”
فإنك تكون محظوظا إذا لم تتشاجر
مع أحد، أو تسمع شتيمة من آخر،
قبل وصولك إلى هدفك.
ومن بين الذين
شملتهم الدراسة سيدة يهودية
هاجرت إلى “إسرائيل” وعاشت
فيها 12 سنة، وعندما بدأت
الكلام، انهارت، وانفجرت
باكية، وبدأت تردد: إنهم نفايات
بشرية، نفايات، وسيدة أخرى ضحكت
بهستيرية عندما سألها
البروفيسور عن سبب هجرتها من “إسرائيل”
قالت: تسألني لماذا؟ لأن الناس
خارج “إسرائيل” يعاملونني
كإنسانة حيثما ذهبت، لا أحد
يصرخ في وجهي، ولا أحد يشتمني
دون مبرر.
ويعترف الصحافي
المعروف زيف شيف إن الفرد “الإسرائيلي”
منهار أخلاقيا ويقول: “إننا
وقحون، وقليلو الصبر، تستطيع أن
تلمس ذلك إذا وقفت في طابور في
بنك، أو بين مجموعة تنتظر حافلة
عامة، ففي كل دقيقة ينظر الواحد
من المنتظرين إلى ساعته ويشتم،
هذا هو أسلوب التعامل بيننا،
وهو الأسلوب الذي نستخدمه في
تعاملنا مع الأجانب” وتقول
الباحثة جويس ستار في كتاب
نشرته حول طبيعة المجتمع “الإسرائيلي”:
“يتحول التوتر الذي يعاني منه
الفرد “الإسرائيلي” إلى نوبات
غضب مفاجئة، فقد تكون داخل
سيارتك في محطة بنزين، وفجأة
تسمع جلبة، وألفاظاً نابية،
وشتائم، لا لأي سبب سوى أن
التوتر انفجر، وعبر عن نفسه”.
ويقول البروفيسور
سوبيل في دراسته إنه كان يتناول
العشاء ذات يوم في أحد مطاعم تل
أبيب، فدخل عدد من السياح من
النساء من غير اليهود، وجلسن
إلى الطاولة المجاورة له،
وأثناء انتظارهن للعشاء بدأن
يتحدثن عن تجربتهن مع الشعب
اليهودي، قالت الأولى، وهي
سائحة إيرلندية: “إنهم مقرفون،
ولا يعرفون الأخلاق، لم أكن
أتصور أنهم وقحون إلى هذه
الدرجة” وردت سائحة من غانا: “إنهم
أكثر بربرية مما قيل لي، لقد
حذروني قبل سفري، وقالوا لي إن
“الإسرائيليين” برابرة،
ولكنني لم أكن أتصور أنهم على
هذه الدرجة من السفاهة”.
وفي عام 2001 نشرت
صحيفة فوروارد الصهيونية دراسة
مطولة قالت فيها: هنالك قناعة
عالمية أن هنالك اهتراء ما في “إسرائيل”،
فتجاوز القوانين هي الهواية
التي يمارسها الجميع على مدار
اليوم، وخداع السلطات يفسره
المواطن بأنه “شطارة”،
والفوضى والوحشية هما الصفتان
اللتان يمكن أن نطلقهما على
النظام الذي يحكم المجتمع “الإسرائيلي”،
حيث المثل الإنسانية غائبة
تماما وعندما تغيب المثل، تغيب
الدولة.
الراصد
للتوثيق الإعلامي _ 29/6/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|